على وقع اشتعال الجبهات في الشمال السوري، والتي تشهد تقدّماً للجيش السوري مدعوماً بالطيران الحربي الروسي في حلب وريف اللاذقية،

 

واختراقات للمجموعات المسلحة في حماه، تنشغل الدوائر الديبلوماسية في التحضير لاجتماع فيينا، الهادف الى إيجاد حل سلمي للازمة السورية، والمتوقع انعقاده يوم السبت المقبل.

 

وإذ بدا اشتعال جبهات القتال في الميدان السوري بمثابة ورقة تفاوضية يسعى كل طرف لاستخدامها في الاجتماع الدولي لتعزيز خيارات التفاوض، فإن الجمود الميداني انعكس بدوره على الاصطفافات الدولية، بين معسكر تقوده الولايات المتحدة والسعودية ويستهدف بحث مصير الرئيس بشار الأسد، وبين معسكر تقوده روسيا وإيران اللتان تطالبان بأن تكون الأولوية لقضية الإرهاب.

وبالرغم من ان المناخ العام يوحي بأن العملية التفاوضية ليست سوى خطوة في مسيرة الألف ميل للحل، بالنظر الى تناقض الأجندات السياسية، فإن الجانب الروسي، المسلّح بـ «عاصفة السوخوي»، يصر على أن لقاءات فيينا أصبحت الآلية الرئيسية للتسوية السورية، وأن المشاورات بشأنها لا ينبغي ان تقتصر على بحث مصير الأسد، وهو ما اكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم امس، في وقت دعت ايران، على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، الى ان يشكل موضوع الإرهاب الأولوية في اللقاءات الدولية.

وفي تصريحات الى الصحافيين بعد محادثات أجراها مع نظيره الأرمني إدوارد نالبانديان في يريفان، قال لافروف إن «بعض شركائنا يحاولون قصر جميع المناقشات على المطالبة برحيل الأسد، وهذا ما يؤدي الى تحريف المناقشات عن مسألة التسوية»، مشيراً الى ان هؤلاء «الشركاء» الدوليين يحاولون التهرب من العمل الحقيقي ومن المفاوضات الواقعية، ويقتصر تحركهم على «دعوات عامة إلى رحيل الأسد، باعتبار أن ذلك في حد ذاته سيؤدي إلى حل جميع مشاكل سوريا تلقائياً».

وأضاف لافروف أن «صيغة فيينا أصبحت اليوم رئيسية، ولو لم تكن الوحيدة لمفاوضات التسوية بين الأطراف الخارجية»، مُقرّاً في الوقت ذاته بأن «تلك اللقاءات ليست إلا بداية عملية طويلة وشاقة».

واعتبر لافروف ان الأطراف الخارجية يجب أن تقوم بدور رئيسي في توفير الظروف الملائمة لوقف إراقة الدماء وحمل جميع السوريين، بمن فيهم الحكومة وأطياف المعارضة كافة، على الجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق.

وشدد لافروف على أن أطراف النزاع السوري يجب أن تنطلق من الاهتمام بمستقبل دولتهم، وليس بمصيرهم الشخصي.

وبشأن توقعاته حول نتائج اللقاء المقبل في فيينا، قال الوزير الروسي إنه من الصعب التعويل على نتائج إيجابية لهذا الاجتماع، إلا في حال توصل الأطراف إلى توافق حول قوائم التنظيمات الإرهابية التي تنشط في سوريا، وماهية «المعارضة السورية المعتدلة».

واعتبر أن مهمات اجتماع لقاء فيينا المقبل تحمل طابعاً براغماتياً إلى درجة كبيرة، معرباً عن أمله في أن يطلق المشاركون خلال اللقاء جهوداً عملية لتنسيق قوائم موحدة للتنظيمات الإرهابية وفصائل المعارضة السورية.

كما أشار لافروف الى الاقتراح الروسي الخاص بإشراك جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في مفاوضات فيينا حول سوريا.

وذكَر لافروف بأن منظمة التعاون الإسلامي تضم جميع الدول الإسلامية، مشدداً على أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به هذه المنظمة في التسوية السورية، نظراً لتزايد محاولات تصوير الأحداث في سوريا وحولها على أنها نزاع بين الشيعة والسنة.

وأردف قائلا: «إنه استفزاز فاضح للغاية، يستهدف تحقيق أهداف سيئة النية، لكن كثيرين، للأسف، ينجرّون وراء هذا الاستفزاز، كما يدعمه العديد من الزعماء الدوليين ولا سيما في الغرب».

وقال لافروف إن روسيا وأرمينيا قلقتان من وضع المسيحيين في الشرق الأوسط على خلفية الأحداث الأخيرة.

وأضاف: «إننا قلقون كثيراً من مصير المسيحيين الذين يتعرضون، في ظروف الأزمة وانفلات الإرهاب، وبالدرجة الأولى انفلات ما يسمى (الدولة الإسلامية)، للاضطهاد والتمييز، إذ بات هذا التنظيم الإرهابي وأنصاره يهددون حياة المسيحيين فعلاً».

من جهته، قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف إن التعاون بين موسكو وواشنطن والرياض في محاربة تنظيم داعش ممكن.

وأوضح بوغدانوف، في مقابلة مع مجلة «راشن ريفيو»، أنه بالرغم من اختلاف المواقف بشأن حل الأزمة السورية، إلا أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ليستا موضع شك في أن أولوياتهما محاربة الإرهاب.

وأضاف بوغدانوف أن التهديد المتمثل في تنظيم «الدولة الإسلامية» اتخذ أبعاداً عالمية ولم يعد أي بلد في العالم في مأمن منه، الأمر الذي يدفع موسكو والرياض وواشنطن إلى تعاون أوثق في التعامل مع هذا التهديد.

وجدد الديبلوماسي الروسي دعوة موسكو إلى تشكيل تحالف فعال ضد الإرهاب والتطرف في سوريا يضم الجيش الحكومي وفصائل المعارضة المسلحة المعتدلة و «الجيش السوري الحر» و «وحدات حماية الشعب» الكردية.

الى ذلك، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ان اجتماع فيينا ينبغي ان يحدد قائمة المجموعات الإرهابية.

وقال ظريف، في مؤتمر صحافي مع نظيره البلجيكي ديديه ريندرز الذي يزور طهران، إن «هناك نقطتين مهمتين على جدول الأعمال المقبل في فيينا: الاولى تحديد من هي المجموعات الإرهابية، وهو امر واضح بالنسبة لنا. ثم الاتفاق على طريقة مواصلة العمل».

وتابع «هناك مبدآن بالنسبة لنا. اولاً يعود الى المجتمع الدولي محاربة الإرهاب. ثم يعود الى الشعب السوري تحديد مستقبله. لا يمكننا سوى ان نقدم مساعدتنا وليس ان نقرر» للسوريين.

وشدد ظريف على وجوب منع المجموعات الإرهابية من بيع النفط والحصول على مصادر مالية.

وأضاف متسائلاً «في نهاية المطاف يجب الإجابة على هذا السؤال: كيف تبيع المجموعات الإرهابية خاصة داعش (تنظيم الدولة الاسلامية) النفط؟ ومن يشتري هذا النفط؟ وبأي مصارف تمر عائداتها النفطية وما هي المصارف التي تحتفظ بهذا المال لهذه المجموعات؟».

وانتقد ظريف أيضاً «بعض الدول في المنطقة وخارج المنطقة التي لم تدرك بعد خطر (تنظيم) الدولة الاسلامية والتطرف وتعتقد أن بإمكانها استخدام هذه الجماعات كوسيلة».

ومن المتوقع ان تشارك إيران في اجتماع فيينا المقبل، لكن ظريف أكد أنه لا يعلم حتى الآن على اي مستوى ستشارك الجمهورية الاسلامية في هذا اللقاء.

من جهتها، اعلنت وزارة الخارجية الصينية أن بكين ستشارك في الاجتماع الوزاري الموسع حول الأزمة السورية.

  • فريق ماسة
  • 2015-11-09
  • 8679
  • من الأرشيف

موسكو: آلية فيينا أساس التسوية السورية

على وقع اشتعال الجبهات في الشمال السوري، والتي تشهد تقدّماً للجيش السوري مدعوماً بالطيران الحربي الروسي في حلب وريف اللاذقية،   واختراقات للمجموعات المسلحة في حماه، تنشغل الدوائر الديبلوماسية في التحضير لاجتماع فيينا، الهادف الى إيجاد حل سلمي للازمة السورية، والمتوقع انعقاده يوم السبت المقبل.   وإذ بدا اشتعال جبهات القتال في الميدان السوري بمثابة ورقة تفاوضية يسعى كل طرف لاستخدامها في الاجتماع الدولي لتعزيز خيارات التفاوض، فإن الجمود الميداني انعكس بدوره على الاصطفافات الدولية، بين معسكر تقوده الولايات المتحدة والسعودية ويستهدف بحث مصير الرئيس بشار الأسد، وبين معسكر تقوده روسيا وإيران اللتان تطالبان بأن تكون الأولوية لقضية الإرهاب. وبالرغم من ان المناخ العام يوحي بأن العملية التفاوضية ليست سوى خطوة في مسيرة الألف ميل للحل، بالنظر الى تناقض الأجندات السياسية، فإن الجانب الروسي، المسلّح بـ «عاصفة السوخوي»، يصر على أن لقاءات فيينا أصبحت الآلية الرئيسية للتسوية السورية، وأن المشاورات بشأنها لا ينبغي ان تقتصر على بحث مصير الأسد، وهو ما اكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم امس، في وقت دعت ايران، على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، الى ان يشكل موضوع الإرهاب الأولوية في اللقاءات الدولية. وفي تصريحات الى الصحافيين بعد محادثات أجراها مع نظيره الأرمني إدوارد نالبانديان في يريفان، قال لافروف إن «بعض شركائنا يحاولون قصر جميع المناقشات على المطالبة برحيل الأسد، وهذا ما يؤدي الى تحريف المناقشات عن مسألة التسوية»، مشيراً الى ان هؤلاء «الشركاء» الدوليين يحاولون التهرب من العمل الحقيقي ومن المفاوضات الواقعية، ويقتصر تحركهم على «دعوات عامة إلى رحيل الأسد، باعتبار أن ذلك في حد ذاته سيؤدي إلى حل جميع مشاكل سوريا تلقائياً». وأضاف لافروف أن «صيغة فيينا أصبحت اليوم رئيسية، ولو لم تكن الوحيدة لمفاوضات التسوية بين الأطراف الخارجية»، مُقرّاً في الوقت ذاته بأن «تلك اللقاءات ليست إلا بداية عملية طويلة وشاقة». واعتبر لافروف ان الأطراف الخارجية يجب أن تقوم بدور رئيسي في توفير الظروف الملائمة لوقف إراقة الدماء وحمل جميع السوريين، بمن فيهم الحكومة وأطياف المعارضة كافة، على الجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق. وشدد لافروف على أن أطراف النزاع السوري يجب أن تنطلق من الاهتمام بمستقبل دولتهم، وليس بمصيرهم الشخصي. وبشأن توقعاته حول نتائج اللقاء المقبل في فيينا، قال الوزير الروسي إنه من الصعب التعويل على نتائج إيجابية لهذا الاجتماع، إلا في حال توصل الأطراف إلى توافق حول قوائم التنظيمات الإرهابية التي تنشط في سوريا، وماهية «المعارضة السورية المعتدلة». واعتبر أن مهمات اجتماع لقاء فيينا المقبل تحمل طابعاً براغماتياً إلى درجة كبيرة، معرباً عن أمله في أن يطلق المشاركون خلال اللقاء جهوداً عملية لتنسيق قوائم موحدة للتنظيمات الإرهابية وفصائل المعارضة السورية. كما أشار لافروف الى الاقتراح الروسي الخاص بإشراك جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في مفاوضات فيينا حول سوريا. وذكَر لافروف بأن منظمة التعاون الإسلامي تضم جميع الدول الإسلامية، مشدداً على أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به هذه المنظمة في التسوية السورية، نظراً لتزايد محاولات تصوير الأحداث في سوريا وحولها على أنها نزاع بين الشيعة والسنة. وأردف قائلا: «إنه استفزاز فاضح للغاية، يستهدف تحقيق أهداف سيئة النية، لكن كثيرين، للأسف، ينجرّون وراء هذا الاستفزاز، كما يدعمه العديد من الزعماء الدوليين ولا سيما في الغرب». وقال لافروف إن روسيا وأرمينيا قلقتان من وضع المسيحيين في الشرق الأوسط على خلفية الأحداث الأخيرة. وأضاف: «إننا قلقون كثيراً من مصير المسيحيين الذين يتعرضون، في ظروف الأزمة وانفلات الإرهاب، وبالدرجة الأولى انفلات ما يسمى (الدولة الإسلامية)، للاضطهاد والتمييز، إذ بات هذا التنظيم الإرهابي وأنصاره يهددون حياة المسيحيين فعلاً». من جهته، قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف إن التعاون بين موسكو وواشنطن والرياض في محاربة تنظيم داعش ممكن. وأوضح بوغدانوف، في مقابلة مع مجلة «راشن ريفيو»، أنه بالرغم من اختلاف المواقف بشأن حل الأزمة السورية، إلا أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ليستا موضع شك في أن أولوياتهما محاربة الإرهاب. وأضاف بوغدانوف أن التهديد المتمثل في تنظيم «الدولة الإسلامية» اتخذ أبعاداً عالمية ولم يعد أي بلد في العالم في مأمن منه، الأمر الذي يدفع موسكو والرياض وواشنطن إلى تعاون أوثق في التعامل مع هذا التهديد. وجدد الديبلوماسي الروسي دعوة موسكو إلى تشكيل تحالف فعال ضد الإرهاب والتطرف في سوريا يضم الجيش الحكومي وفصائل المعارضة المسلحة المعتدلة و «الجيش السوري الحر» و «وحدات حماية الشعب» الكردية. الى ذلك، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ان اجتماع فيينا ينبغي ان يحدد قائمة المجموعات الإرهابية. وقال ظريف، في مؤتمر صحافي مع نظيره البلجيكي ديديه ريندرز الذي يزور طهران، إن «هناك نقطتين مهمتين على جدول الأعمال المقبل في فيينا: الاولى تحديد من هي المجموعات الإرهابية، وهو امر واضح بالنسبة لنا. ثم الاتفاق على طريقة مواصلة العمل». وتابع «هناك مبدآن بالنسبة لنا. اولاً يعود الى المجتمع الدولي محاربة الإرهاب. ثم يعود الى الشعب السوري تحديد مستقبله. لا يمكننا سوى ان نقدم مساعدتنا وليس ان نقرر» للسوريين. وشدد ظريف على وجوب منع المجموعات الإرهابية من بيع النفط والحصول على مصادر مالية. وأضاف متسائلاً «في نهاية المطاف يجب الإجابة على هذا السؤال: كيف تبيع المجموعات الإرهابية خاصة داعش (تنظيم الدولة الاسلامية) النفط؟ ومن يشتري هذا النفط؟ وبأي مصارف تمر عائداتها النفطية وما هي المصارف التي تحتفظ بهذا المال لهذه المجموعات؟». وانتقد ظريف أيضاً «بعض الدول في المنطقة وخارج المنطقة التي لم تدرك بعد خطر (تنظيم) الدولة الاسلامية والتطرف وتعتقد أن بإمكانها استخدام هذه الجماعات كوسيلة». ومن المتوقع ان تشارك إيران في اجتماع فيينا المقبل، لكن ظريف أكد أنه لا يعلم حتى الآن على اي مستوى ستشارك الجمهورية الاسلامية في هذا اللقاء. من جهتها، اعلنت وزارة الخارجية الصينية أن بكين ستشارك في الاجتماع الوزاري الموسع حول الأزمة السورية.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة