أخذت روسيا والولايات المتحدة قرارا بكبح جماح الدول المحاربة في سورية, وهي فرنسا, وتركيا, والسعودية.

 

إذا علمنا بأن الموقف الفرنسي ليس مبنيا على مصالح واقعية, بقدر ماهو مبني على أوهام استعمارية وفساد حكومي, مصدره المال التركي والسعودي, لأدركنا لماذا قرر البيت الأبيض والكرملين معالجة أصل المشكلة, أي تركيا والسعودية.

 

في 23 تشرين أول-أكتوبر الماضي, استقبل الوزيران, جون كيري, وسيرغي لافروف, نظيريهما التركي والسعودي في العاصمة النمساوية فيينا.

 

لم يصدر أي نص عن ذلك اللقاء, لكن ثمة إشارات توحي بأن روسيا وجهت لهما تهديدات صريحة, ولم تدافع الولايات المتحدة عنهما.

 

مذعورة من احتمال توافق روسي – أمريكي ضد تركيا والسعودية, سارعت فرنسا إلى الدعوة إلى مأدبة “عشاء عمل” في باريس, وليس إلى “قمة دبلوماسية”, ضمت كلا من ألمانيا, والسعودية, ودولة الإمارات العربية المتحدة, وإيطاليا, والأردن, وقطر, وبريطانيا, وتركيا, والولايات المتحدة, الذين “تحدثوا” من دون أن “يقرروا” عن سورية في ذلك الاجتماع, الذي يتفق من حيث الحجم, مع “المجموعة الأساسية لأصدقاء سورية”, باستثناء مصر التي انضمت سرا إلى المعسكر السوري.

 

ولأن فرنسا كانت مكرهة على توجيه الدعوة للولايات المتحدة, فقد اختتم الاجتماع, مرة أخرى من دون نص نهائي.

 

لكننا لاحظنا مع ذلك, أن “أصدقاء سورية” الذين كان عددهم في البداية 170 دولة, صاروا 10 دول, وسيكونون قريبا, أقل من ذلك.

 

في 30 تشرين أول-أكتوبر, شكلت روسيا والولايات المتحدة تجمعا أوسع, شمل كل المشاركين في اللقاءين السابقين إضافة إلى مصر, والصين, والعراق, ولبنان, وسلطنة عمان, والاتحاد الأوروبي, والأمم المتحدة.

 

إذا كانت وسائل الإعلام قد أبهجها حضور إيران التي تم استبعادها عن أي تسوية منذ بداية النزاع, إلا أنها لم تبرز عودة مصر, ممثلة بالفريق أول السيسي الذي عاد إلى الساحة الدولية بفضل اكتشاف احتياطيات نفطية في بلاده, أو باستمرار غياب إسرائيل, القوة الإقليمية الرئيسية في المنطقة.

 

لايمكن تفسير النقطة الأخيرة إلا في حال حصول الدولة العبرية على ضمانات مسبقة من الولايات المتحدة بمواصلة واحد من أهداف حربها: إنشاء دولة استعمارية في شمال سورية.

 

طلب من جميع المشاركين التوقيع على بيان ختامي يشير في نقطته الثامنة إلى أن “العملية السياسية” وليس “العملية الانتقالية”, سوف يقودها السوريون, وهي ملك للسوريين, وأن الشعب السوري هو من سوف يقرر مستقبل سورية. لكن هذه الصياغة الثقيلة تبطل مفعول وثيقة جيفري فيلتمان التي تشكل أساس الهدف من الحرب التي يشنها صقور الولايات المتحدة, والأتراك, والفرنسيون, والسعوديون منذ أكثر من ثلاث سنوات, وهو : الاستسلام التام, وغير المشروط للجمهورية العربية السورية.

 

إعلان فيينا الذي وقعت عليه كل الدول التي شاركت في صياغة بيان جنيف عام 2012 ( الكويت التي كانت تترأس مجلس وزراء الخارجية في جامعة الدول العربية, تم استبدالها بمصر), هذه الصياغة الجديدة, تحل مكان القديمة بشكل نهائي.

  • فريق ماسة
  • 2015-11-08
  • 14509
  • من الأرشيف

تيري ميسان: صدر القرار بكبح جماح فرنسا وتركيا والسعودية

أخذت روسيا والولايات المتحدة قرارا بكبح جماح الدول المحاربة في سورية, وهي فرنسا, وتركيا, والسعودية.   إذا علمنا بأن الموقف الفرنسي ليس مبنيا على مصالح واقعية, بقدر ماهو مبني على أوهام استعمارية وفساد حكومي, مصدره المال التركي والسعودي, لأدركنا لماذا قرر البيت الأبيض والكرملين معالجة أصل المشكلة, أي تركيا والسعودية.   في 23 تشرين أول-أكتوبر الماضي, استقبل الوزيران, جون كيري, وسيرغي لافروف, نظيريهما التركي والسعودي في العاصمة النمساوية فيينا.   لم يصدر أي نص عن ذلك اللقاء, لكن ثمة إشارات توحي بأن روسيا وجهت لهما تهديدات صريحة, ولم تدافع الولايات المتحدة عنهما.   مذعورة من احتمال توافق روسي – أمريكي ضد تركيا والسعودية, سارعت فرنسا إلى الدعوة إلى مأدبة “عشاء عمل” في باريس, وليس إلى “قمة دبلوماسية”, ضمت كلا من ألمانيا, والسعودية, ودولة الإمارات العربية المتحدة, وإيطاليا, والأردن, وقطر, وبريطانيا, وتركيا, والولايات المتحدة, الذين “تحدثوا” من دون أن “يقرروا” عن سورية في ذلك الاجتماع, الذي يتفق من حيث الحجم, مع “المجموعة الأساسية لأصدقاء سورية”, باستثناء مصر التي انضمت سرا إلى المعسكر السوري.   ولأن فرنسا كانت مكرهة على توجيه الدعوة للولايات المتحدة, فقد اختتم الاجتماع, مرة أخرى من دون نص نهائي.   لكننا لاحظنا مع ذلك, أن “أصدقاء سورية” الذين كان عددهم في البداية 170 دولة, صاروا 10 دول, وسيكونون قريبا, أقل من ذلك.   في 30 تشرين أول-أكتوبر, شكلت روسيا والولايات المتحدة تجمعا أوسع, شمل كل المشاركين في اللقاءين السابقين إضافة إلى مصر, والصين, والعراق, ولبنان, وسلطنة عمان, والاتحاد الأوروبي, والأمم المتحدة.   إذا كانت وسائل الإعلام قد أبهجها حضور إيران التي تم استبعادها عن أي تسوية منذ بداية النزاع, إلا أنها لم تبرز عودة مصر, ممثلة بالفريق أول السيسي الذي عاد إلى الساحة الدولية بفضل اكتشاف احتياطيات نفطية في بلاده, أو باستمرار غياب إسرائيل, القوة الإقليمية الرئيسية في المنطقة.   لايمكن تفسير النقطة الأخيرة إلا في حال حصول الدولة العبرية على ضمانات مسبقة من الولايات المتحدة بمواصلة واحد من أهداف حربها: إنشاء دولة استعمارية في شمال سورية.   طلب من جميع المشاركين التوقيع على بيان ختامي يشير في نقطته الثامنة إلى أن “العملية السياسية” وليس “العملية الانتقالية”, سوف يقودها السوريون, وهي ملك للسوريين, وأن الشعب السوري هو من سوف يقرر مستقبل سورية. لكن هذه الصياغة الثقيلة تبطل مفعول وثيقة جيفري فيلتمان التي تشكل أساس الهدف من الحرب التي يشنها صقور الولايات المتحدة, والأتراك, والفرنسيون, والسعوديون منذ أكثر من ثلاث سنوات, وهو : الاستسلام التام, وغير المشروط للجمهورية العربية السورية.   إعلان فيينا الذي وقعت عليه كل الدول التي شاركت في صياغة بيان جنيف عام 2012 ( الكويت التي كانت تترأس مجلس وزراء الخارجية في جامعة الدول العربية, تم استبدالها بمصر), هذه الصياغة الجديدة, تحل مكان القديمة بشكل نهائي.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة