دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
عندما يعلن متحدث باسم شركة “ميترو جيت” الروسية، مشغلة الطائرة المنكوبة التي تحطمت بعد 23 دقيقة من اقلاعها من مطار شرم الشيخ، في شبه جزيرة سيناء، ان الطائرة كانت في حالة تقنية ممتازة، واكد انه يستبعد تماما حصول عطل فني او تقني، او خطأ في القيادة، وان السبب الوحيد المحتمل هو “عمل خارجي” فإنه يشير بأصابع الاتهام الى احتمالات حدوث عمل تخريبي ادى الى تفجيرها في الجو.
الكسندر سميرنوف، مدير عام الشركة، اكد مثل هذا الاحتمال عندما قال “انه منذ بداية الكارثة فقد الطاقم السيطرة بالكامل على الطائرة ولم يتم ارسال اي رسالة طلبا للمساعدة، مما يعني ان تدخلا خارجيا ادى الى سقوطها”.
مثل هذه التلميحات، وما سبقها من تأكيد فيكتور سورتشينكو رئيس خبراء الطيران الروسي الذين يحققون بالكارثة، بان الطائرة المنكوبة “انشطرت في الجو” لاسباب مجهولة، ما يبرر تناثر الحطام على مساحة تزيد عن عشرين كيلومترا، ينفي شبهة العطل الفني، ويرجح نظرية التفجير التي يتعاطى معها الخبراء بحذر شديد، بحكم طبيعة عملهم التي تحتم الدقة التامة في مثل هذه الظروف قبل اصدار اي احكام قاطعة.
السلطات المصرية الروسية حصلت على الصندوقين الاسودين، كما ان الخبراء من البلدين فحصوا الحطام، ولاحظ بعض الصحافيين الذين زاروا الموقع ان بعض امتعة الركاب كانت متفحمة.
واذا كان عامل التفجير مستبعدا كليا، فلماذا اقدمت شركات طيران عربية وعالمية مثل “لوفتهانزا”، و”إير فرانس″، والامارات، على منع طائراتها من التحليق فوق صحراء سيناء بعد ساعات معدودة من حادث سقوط الطائرة؟
نعود الى البيان الذي اصدرته “ولاية سيناء” التابعة لتنظيم “الدولة الاسلامية” التي اعلنت عن مسؤوليتها عن تفجير الطائرة انتقاما لضحايا التدخل الروسي العسكري في سورية، وهو البيان الذي حاولت جهات عديدة التقليل من شأنه بحجة ان الطائرة كانت على ارتفاع يزيد عن ثلاثين الف قدم، الامر الذي يعني امكانية اسقاطها بصاروخ مستبعدة لان تنظيم “الدولة”، لا يملك مثل هذه الصواريخ.
اللافت ان هناك احتمال آخر جرى تجاهلة كليا لحساسيته، وهو تهريب قنبلة موقوته الى الطائرة في مطار شرم الشيخ، من خلال اختراق امني، سواء في حقيبة، او على شكل حزام ناسف فجره احد الركاب الروس في عملية انتحارية؟
في جريمة ارهابية مثل هذه، تقع في منطقة ملتهبة من العالم مثل منطقة الشرق الاوسط من السذاجة استبعاد اي من الاحتمالات.
نأمل ان يكون احتمال التفجير، او العامل الخارجي مثلما قال رئيس الشركة التي تملك الطائرة المنكوبة غير صحيح، والشيء نفسه نقوله عن بيان “الدولة الاسلامية” الذي تبنى المسؤولية، لان الصاق هذا العمل الاجرامي بالمسلمين ستكون له تبعات خطيرة على مصر بالذات، وصناعة السياحة فيها، وسمعة مطاراتها واجراءاتها الامنية المتبعة.
من الصعب تبرئة “الدولة الاسلامية” من هذا العمل، او تنظيم “ولاية سيناء” التابع لها، لانهما لو امتلكا الامكانيات لن يترددا في الاقدام عليه، وما هو اخطر منه، وصورة الاسلام التي يؤمنون بها، ويحرصون عليها، غير تلك التي يؤمن بها، ويحرص عليها، الغالبية الساحقة من المسلمين، فـ”الدولة الاسلامية” تعتمد القتل بأبشع الوسائل لرعايا خصومها منهاجا تعتز به وتفتخر، ومن النادر ان تعد بشيء ولا تنفذه، او تتبنى مسؤولية عمل وحشي ويتبين عدم صحة ما تقول.
فهل هي صدفة ان يأتي هذا التفجير في الذكرى السنوية الاولى لاعلان جماعة “انصار بيت المقدس″ تقديم البيعة لزعيم “الدولة الاسلامية” ابو بكر البغدادي، وتأسيس “ولاية سيناء” كاحدى ولاياتها؟
المنطقة تعيش حالة من العنف والارهاب غير مسبوقة في وحشيتها ونزعتها الانتقامية الثأرية، ومرة اخرى ندعو ان يكون سقوط هذه الطائرة الروسية نتيجة خلل تقني وليس عملا ارهابيا.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة