بعد أيام ستُجرى الانتخابات البرلمانية المبكرة في تركيا، نهار الأحد المقبل في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر.

وسيتوجه 54 مليون ناخب إلى مراكز الاقتراع، للتصويت لأحد الأحزاب التركية، ومنها: حزب العدالة والتنمية، حزب الشعب الجمهوري، حزب الحركة القومية، حزب الشعوب الديمقراطي، حزب السعادة، حزب تركيا المستقلة، وللمرشحين المستقلين، لفترة نيابية جديدة تبلغ أربع سنوات.

وتأتي هذه الانتخابات بعد انقضاء خمسة أشهر على آخر انتخابات نيابية أُجريت في السابع من حزيران/يونيو الماضي، حين مني حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا منذ 13 عاما، والذي يرأسه شكليا أحمد داود أوغلو، ويقوده فعليا رجب طيب أردوغان، حين مني بهزيمة نكراء، بحصوله على 40,6% من الأصوات وتراجعه بـ10 نقاط، مقارنة بالنتيجة التي حققها في 2011، ما جعله يفشل في الحصول على الغالبية المطلقة، أي على نصف المقاعد زائدا واحدا، أو 276 مقعدا، حيث لم يحصل الحزب إلا على 258 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغة 550 مقعدا.

واعتبرت هذه النتيجة خسارة شخصية لأردوغان، الذي أمل بأن يحرز حزبه الفوز الكاسح الضروري لفرض الحكم الرئاسي وامتلاك السلطة المطلقة في البلاد.

ويعزو المراقبون هزيمة الحزب في الانتخابات الفائتة إلى أنه كان مصدر أمل لدى ظهوره عام 2002، بالوعود، التي أطلقها أحمد داود أوغلو بـ"صفر مشكلات" تسببها تركيا لجيرانها. لكن تركيا بدلا من ذلك أصبحت بـ"صفر أصدقاء" الآن، ومصدرا للأزمات والمشكلات، وهي في الداخل تواجه بسبب الحزب أزمة اقتصادية وسياسية عميقة وفوضى شاملة.

كما ساهمت السياسة التسلطية والتضييق غير المسبوق على الحريات في البلاد وفضائح الفساد، التي عصفت بقيادات كبيرة في السلطة، بتراجع شعبية أردوغان، الذي يجد نفسه في مأزق كبير، بعد تدخله الفاضح في الأزمة السورية، ووعوده الجوفاء بخلع الرئيس السوري بشار الأسد خلال أسابيع معدودة والصلاة في المسجد الأموي، واتخاذه موقفا غامضا من "داعش" والتنظيمات الإرهابية. وكذلك إساءة تعامل السلطات التركية مع اللاجئين السوريين، الذين أصبحوا يمخرون عباب البحار فرارا من الجحيم التركي، وبحثا عن ملاذ آمن في أوروبا.

غير أن ما أساء لهيبة السلطان العثماني الجديد أمام مواطنيه كان التدخل الروسي الناجح في سوريا، ومهاجمة الطائرات الحربية الروسية للتنظيمات الإرهابية المرابطة على الحدود التركية-السورية، وكان ذلك محظورا على الطائرات السورية، وعجزه عن الرد على ذلك بغير التصريحات الطنانة.

يجب القول إن عناد أردوغان ورغبته بالاستئثار بالسلطة هو الذي أفشل المباحثات مع الأحزاب الأخرى لتشكيل حكومة ائتلافية قبل خمسة أشهر، وجعله يفضل إجراء انتخابات مبكرة، ويرفض منح الفرصة لكمال قليتش دار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري - ثاني أكبر حزب في البرلمان - لتشكيل حكومة ائتلافية..

وبما أن المراقبين لا يستبعدون أن تكون نتيجة الانتخابات المقبلة متقاربة مع انتخابات حزيران/يونيو، استنادا إلى استطلاعات رأي أحدها أجرته مؤسسة "جازيجي" التركية وكشف عن تراجع الحزب الحاكم 1.6 نقطة عن الانتخابات التي أُجريت في حزيران/يونيو الماضي، إلى 39.3 نقطة، فإن من المستبعد أن تحل هذه الانتخابات مسألة تشكيل الحكومة الجديدة.

ويبدو أن المواطنين الأتراك سيكونون على موعد مع انتخابات برلمانية جديدة للمرة الثالثة في العام المقبل.

وكل انتخابات وأنتم بخير!

  • فريق ماسة
  • 2015-10-27
  • 9744
  • من الأرشيف

تركيا.. ليس بالانتخابات وحدها تحيا الديمقراطية

بعد أيام ستُجرى الانتخابات البرلمانية المبكرة في تركيا، نهار الأحد المقبل في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر. وسيتوجه 54 مليون ناخب إلى مراكز الاقتراع، للتصويت لأحد الأحزاب التركية، ومنها: حزب العدالة والتنمية، حزب الشعب الجمهوري، حزب الحركة القومية، حزب الشعوب الديمقراطي، حزب السعادة، حزب تركيا المستقلة، وللمرشحين المستقلين، لفترة نيابية جديدة تبلغ أربع سنوات. وتأتي هذه الانتخابات بعد انقضاء خمسة أشهر على آخر انتخابات نيابية أُجريت في السابع من حزيران/يونيو الماضي، حين مني حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا منذ 13 عاما، والذي يرأسه شكليا أحمد داود أوغلو، ويقوده فعليا رجب طيب أردوغان، حين مني بهزيمة نكراء، بحصوله على 40,6% من الأصوات وتراجعه بـ10 نقاط، مقارنة بالنتيجة التي حققها في 2011، ما جعله يفشل في الحصول على الغالبية المطلقة، أي على نصف المقاعد زائدا واحدا، أو 276 مقعدا، حيث لم يحصل الحزب إلا على 258 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغة 550 مقعدا. واعتبرت هذه النتيجة خسارة شخصية لأردوغان، الذي أمل بأن يحرز حزبه الفوز الكاسح الضروري لفرض الحكم الرئاسي وامتلاك السلطة المطلقة في البلاد. ويعزو المراقبون هزيمة الحزب في الانتخابات الفائتة إلى أنه كان مصدر أمل لدى ظهوره عام 2002، بالوعود، التي أطلقها أحمد داود أوغلو بـ"صفر مشكلات" تسببها تركيا لجيرانها. لكن تركيا بدلا من ذلك أصبحت بـ"صفر أصدقاء" الآن، ومصدرا للأزمات والمشكلات، وهي في الداخل تواجه بسبب الحزب أزمة اقتصادية وسياسية عميقة وفوضى شاملة. كما ساهمت السياسة التسلطية والتضييق غير المسبوق على الحريات في البلاد وفضائح الفساد، التي عصفت بقيادات كبيرة في السلطة، بتراجع شعبية أردوغان، الذي يجد نفسه في مأزق كبير، بعد تدخله الفاضح في الأزمة السورية، ووعوده الجوفاء بخلع الرئيس السوري بشار الأسد خلال أسابيع معدودة والصلاة في المسجد الأموي، واتخاذه موقفا غامضا من "داعش" والتنظيمات الإرهابية. وكذلك إساءة تعامل السلطات التركية مع اللاجئين السوريين، الذين أصبحوا يمخرون عباب البحار فرارا من الجحيم التركي، وبحثا عن ملاذ آمن في أوروبا. غير أن ما أساء لهيبة السلطان العثماني الجديد أمام مواطنيه كان التدخل الروسي الناجح في سوريا، ومهاجمة الطائرات الحربية الروسية للتنظيمات الإرهابية المرابطة على الحدود التركية-السورية، وكان ذلك محظورا على الطائرات السورية، وعجزه عن الرد على ذلك بغير التصريحات الطنانة. يجب القول إن عناد أردوغان ورغبته بالاستئثار بالسلطة هو الذي أفشل المباحثات مع الأحزاب الأخرى لتشكيل حكومة ائتلافية قبل خمسة أشهر، وجعله يفضل إجراء انتخابات مبكرة، ويرفض منح الفرصة لكمال قليتش دار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري - ثاني أكبر حزب في البرلمان - لتشكيل حكومة ائتلافية.. وبما أن المراقبين لا يستبعدون أن تكون نتيجة الانتخابات المقبلة متقاربة مع انتخابات حزيران/يونيو، استنادا إلى استطلاعات رأي أحدها أجرته مؤسسة "جازيجي" التركية وكشف عن تراجع الحزب الحاكم 1.6 نقطة عن الانتخابات التي أُجريت في حزيران/يونيو الماضي، إلى 39.3 نقطة، فإن من المستبعد أن تحل هذه الانتخابات مسألة تشكيل الحكومة الجديدة. ويبدو أن المواطنين الأتراك سيكونون على موعد مع انتخابات برلمانية جديدة للمرة الثالثة في العام المقبل. وكل انتخابات وأنتم بخير!

المصدر : روسيا اليوم/ حبيب فوعاني


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة