لكلّ حرب إفرازاتها على الأصعدة كافّة. في سوريا خلقت الحرب «حلولاً» و «حيلاً» للحصول على منابر إعلامية بديلة، خصوصاً أنّ السياسة والأخبار تحوّلت إلى «غذاء الشارع». البعض اختار مواقع التواصل الاجتماعي، والبعض الآخر اعتمد على المواقع الالكترونية، إلا أن تجربة فريدة في سوريا نمت وتطورت لتتحول إلى «ظاهرة»، يمكن أن نطلق عليها اصطلاحاً «محطات سلايد شو» أو الـ «تيلي راديو».

محطات الـ «سلايد شو»، تبثّ على الأقمار الصناعية، وتقدم للمشاهد نصوصاً مكتوبة مقرونة ببرامج إذاعيّة، أو أغانٍ، ما يمكن أن يشكل مزيجاً بين الإذاعة والمواقع الالكترونية. في البداية خُلقت هذه المحطات لتشكل بديلاً فضائياً عن غرف الدردشة، وتقدم شاشاتها كاملة للمتابعين لتبادل الرسائل وطلب الأغاني، إلا أنها تطورت في سوريا وأخذت مناحيَ إخبارية وسياسية.

منذ بدء الأحداث في سوريا وحتى الآن، انطلقت على القمر الصناعي «نايل سات» أكثر من 10 محطات من هذا النوع بين موالية للحكومة ومعارضة لها، لتشكّل بانطلاقها حقبة جديدة في شكل وطريقة تقديم الإعلام للمتلقي السوري. أولى القنوات وفق هذا القالب كانت إذاعة «شام إف إم» التي أطلقت شاشة ثابتة في محاولة لنقل البث الإذاعي من موجات الـ»أف أم» إلى البثّ الفضائي. ومع بداية الأحداث انطلقت أيضاً محطة أخرى حملت اسم «الخبر»، لم تعتمد على إذاعة، ولم تطلق حتى الآن بثاً برامجياً صوتياً، واقتصر اهتمامها على الموسيقى والأغاني، في حين تعرض على شاشتها الأخبار الميدانيّة والمحليّة والسياسيّة وغيرها.

يقول مدير إذاعة «شام أف أم» سامر يوسف لـ «السفير»: «عندما بدأت «شام أف أم» بثها الإذاعي كان وضع الإذاعات في سوريا متدهوراً، برغم وجود عدّة إذاعات خاصّة بالإضافة للإذاعات الحكوميّة (...) حينها كانت الإذاعات الخاصة تقلد، بشكل أعمى، الإذاعات اللبنانية. بعد عامين من البث الإذاعي، ونجاح تجربتنا الإذاعيّة التي قدمت محتوى راقياً، قررنا الانتقال للتلفزيون، وذلك لخدمة الراديو عبر الشاشة بما يتناسب ولا يتعارض مع البث الإذاعيّ».

يؤكّد يوسف أن تجربة «شام أف أم» استنسخت من قبل إذاعات أخرى، ويقول: «بعد نجاح التجربة، كثرت محطّات «سلايد شو» السورية، وشخصيّاً لا يزعجني التقليد، إذ تمّ تقليدنا كثيرا بنوعيّة المواد، والإذاعات الخاصة في سوريا قبل «شام أف أم» شيء وبعدها شيء آخر، وهذا مدعاة للسرور لأننا أصحاب قضية إعلامية وفنية وهذا دليل على نجاحنا».

يرفض يوسف أن يقيّم تجربة قنوات الـ «سلايد شو» في سوريا: «القضية باختصار ليست في طريقة البث إن كان فضائياً أو إذاعيا، المهم ما تقدم والجهد المبذول فيه والخبرة والموهبة. لا أرى تجربة الراديو المتلفز مقدّمة لقنوات فضائية متكاملة، على الأقل بالنسبة لـ «شام أف أم» لأن لكل مجال احتياجاته وأصوله، والمجالان مختلفان تماماً. مشروع القناة الفضائية مختلف عن مشروع «سلايد شو»، ونجاح هذه التجربة في جزء كبير منه ناجم عن عدم نجاح القنوات الفضائية السورية في الحصول على ثقة المشاهد السوري».

يبدو أنّ نجاح قنوات الـ «سلايد شو»، أثار القطاع العام السوري، فدخل بدوره طور هذه التجربة، فأطلقت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون إذاعة سورية على موجة «أف أم»، أتبعتها بقناة «سلايد شو» افتتحتها قبل نحو شهر، حملت اسم «سوريانا». مدير إذاعة وقناة «سوريانا» الحكومية وضاح الخاطر يقول لـ «السفير» إنّ «الهدف من القناة هو الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المتابعين»، ما يمكن أن يشكِّل إقراراً بالمساحة التي بات يحتلّها هذا النمط من الإعلام في الشارع السوري لدرجة دفعت الهيئة التي تمتلك أربع محطات فضائية ومحطتين أرضيتين، وإذاعات عدّة، للتفكير بدخول هذا المضمار.

يرفض مدير إذاعة «سوريانا» مقارنة إذاعته بأية تجربة أخرى في سوريا، مؤكّداً أنّ الهدف منها «الاقتراب من الناس وبث الأمل فيهم». وتقدّم الإذاعة والشاشة التابعة لها الأخبار بشكل متواتر، إضافة إلى تقديم برامج فنيّة وأغانٍ، ما يطابق التجربة التي قدمتها «شام أف أم».

وبعيداً عن التقليد، واستنساخ التجارب، يمكن للمتابع أن يلاحظ الانتشار الكبير لهذا النمط من المحطات السورية ومقدار متابعتها (برغم عدم وجود مقاييس عملية لرصد نسب مشاهدتها)، ما قد يعطي تصوراً عن مقدار «تعطش» المجتمع السوري للأخبار. وإضافة إلى ذلك تتميز هذه المحطات عن الفضائيات بكونها لا تحتاج إلى تكاليف عالية للبث، ولا تحتاج إلى تجهيزات فنية وتقنية معقدة، الأمر الذي يبدو أنه شجع على انتشارها بكثرة، ليبقى مضمون ما تقدمه الحكم الوحيد، ومعيار التمايز بينها.

  • فريق ماسة
  • 2015-10-25
  • 9720
  • من الأرشيف

محطات الـ«سلايد شو» السوريّة تجتاح «نايل سات»

لكلّ حرب إفرازاتها على الأصعدة كافّة. في سوريا خلقت الحرب «حلولاً» و «حيلاً» للحصول على منابر إعلامية بديلة، خصوصاً أنّ السياسة والأخبار تحوّلت إلى «غذاء الشارع». البعض اختار مواقع التواصل الاجتماعي، والبعض الآخر اعتمد على المواقع الالكترونية، إلا أن تجربة فريدة في سوريا نمت وتطورت لتتحول إلى «ظاهرة»، يمكن أن نطلق عليها اصطلاحاً «محطات سلايد شو» أو الـ «تيلي راديو». محطات الـ «سلايد شو»، تبثّ على الأقمار الصناعية، وتقدم للمشاهد نصوصاً مكتوبة مقرونة ببرامج إذاعيّة، أو أغانٍ، ما يمكن أن يشكل مزيجاً بين الإذاعة والمواقع الالكترونية. في البداية خُلقت هذه المحطات لتشكل بديلاً فضائياً عن غرف الدردشة، وتقدم شاشاتها كاملة للمتابعين لتبادل الرسائل وطلب الأغاني، إلا أنها تطورت في سوريا وأخذت مناحيَ إخبارية وسياسية. منذ بدء الأحداث في سوريا وحتى الآن، انطلقت على القمر الصناعي «نايل سات» أكثر من 10 محطات من هذا النوع بين موالية للحكومة ومعارضة لها، لتشكّل بانطلاقها حقبة جديدة في شكل وطريقة تقديم الإعلام للمتلقي السوري. أولى القنوات وفق هذا القالب كانت إذاعة «شام إف إم» التي أطلقت شاشة ثابتة في محاولة لنقل البث الإذاعي من موجات الـ»أف أم» إلى البثّ الفضائي. ومع بداية الأحداث انطلقت أيضاً محطة أخرى حملت اسم «الخبر»، لم تعتمد على إذاعة، ولم تطلق حتى الآن بثاً برامجياً صوتياً، واقتصر اهتمامها على الموسيقى والأغاني، في حين تعرض على شاشتها الأخبار الميدانيّة والمحليّة والسياسيّة وغيرها. يقول مدير إذاعة «شام أف أم» سامر يوسف لـ «السفير»: «عندما بدأت «شام أف أم» بثها الإذاعي كان وضع الإذاعات في سوريا متدهوراً، برغم وجود عدّة إذاعات خاصّة بالإضافة للإذاعات الحكوميّة (...) حينها كانت الإذاعات الخاصة تقلد، بشكل أعمى، الإذاعات اللبنانية. بعد عامين من البث الإذاعي، ونجاح تجربتنا الإذاعيّة التي قدمت محتوى راقياً، قررنا الانتقال للتلفزيون، وذلك لخدمة الراديو عبر الشاشة بما يتناسب ولا يتعارض مع البث الإذاعيّ». يؤكّد يوسف أن تجربة «شام أف أم» استنسخت من قبل إذاعات أخرى، ويقول: «بعد نجاح التجربة، كثرت محطّات «سلايد شو» السورية، وشخصيّاً لا يزعجني التقليد، إذ تمّ تقليدنا كثيرا بنوعيّة المواد، والإذاعات الخاصة في سوريا قبل «شام أف أم» شيء وبعدها شيء آخر، وهذا مدعاة للسرور لأننا أصحاب قضية إعلامية وفنية وهذا دليل على نجاحنا». يرفض يوسف أن يقيّم تجربة قنوات الـ «سلايد شو» في سوريا: «القضية باختصار ليست في طريقة البث إن كان فضائياً أو إذاعيا، المهم ما تقدم والجهد المبذول فيه والخبرة والموهبة. لا أرى تجربة الراديو المتلفز مقدّمة لقنوات فضائية متكاملة، على الأقل بالنسبة لـ «شام أف أم» لأن لكل مجال احتياجاته وأصوله، والمجالان مختلفان تماماً. مشروع القناة الفضائية مختلف عن مشروع «سلايد شو»، ونجاح هذه التجربة في جزء كبير منه ناجم عن عدم نجاح القنوات الفضائية السورية في الحصول على ثقة المشاهد السوري». يبدو أنّ نجاح قنوات الـ «سلايد شو»، أثار القطاع العام السوري، فدخل بدوره طور هذه التجربة، فأطلقت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون إذاعة سورية على موجة «أف أم»، أتبعتها بقناة «سلايد شو» افتتحتها قبل نحو شهر، حملت اسم «سوريانا». مدير إذاعة وقناة «سوريانا» الحكومية وضاح الخاطر يقول لـ «السفير» إنّ «الهدف من القناة هو الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المتابعين»، ما يمكن أن يشكِّل إقراراً بالمساحة التي بات يحتلّها هذا النمط من الإعلام في الشارع السوري لدرجة دفعت الهيئة التي تمتلك أربع محطات فضائية ومحطتين أرضيتين، وإذاعات عدّة، للتفكير بدخول هذا المضمار. يرفض مدير إذاعة «سوريانا» مقارنة إذاعته بأية تجربة أخرى في سوريا، مؤكّداً أنّ الهدف منها «الاقتراب من الناس وبث الأمل فيهم». وتقدّم الإذاعة والشاشة التابعة لها الأخبار بشكل متواتر، إضافة إلى تقديم برامج فنيّة وأغانٍ، ما يطابق التجربة التي قدمتها «شام أف أم». وبعيداً عن التقليد، واستنساخ التجارب، يمكن للمتابع أن يلاحظ الانتشار الكبير لهذا النمط من المحطات السورية ومقدار متابعتها (برغم عدم وجود مقاييس عملية لرصد نسب مشاهدتها)، ما قد يعطي تصوراً عن مقدار «تعطش» المجتمع السوري للأخبار. وإضافة إلى ذلك تتميز هذه المحطات عن الفضائيات بكونها لا تحتاج إلى تكاليف عالية للبث، ولا تحتاج إلى تجهيزات فنية وتقنية معقدة، الأمر الذي يبدو أنه شجع على انتشارها بكثرة، ليبقى مضمون ما تقدمه الحكم الوحيد، ومعيار التمايز بينها.

المصدر : السفير/ نينار الخطيب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة