لا يختلف اثنان اليوم على أن عاصفة السوخوي تشكل نقطة تحوّل مفصلية في مسار الأزمة السورية في بعديها الداخلي والخارجي في آنٍ معاً، عادة تشّكل الحسابات الخارجية الشغل الشاغل لصانع القرار السياسي قبل أن يذهب هذا الأخير إلى حسم خياراته بالقيام بتدخل عسكري خارجي وفي الأمر ما يدعو إليه فأيّ خلل يمكن أن تحوي تلك الحسابات من شأنه أن يؤدي إلى نتائج عكسية إن لم يكن إلى أكثر من ذلك بكثير كحدوث حروب إقليمية أو حروب بالوكالة تقوم عبرها جهات خارجية بدعم فصائل داخلية لمواجهة ذلك التدخل على نحو ما يمكن أن تفعله السعودية وتركيا (مثلاً) في مواجهة عاصفة سوخوي أقله فيما يشاع حالياً والذي من المرجح أن يبقى في طور الإشاعة لانعدام القدرة التي تستلزم تحويل هذه الأخيرة إلى واقع على الأرض على الرغم من وجود حالة اكتفاء ذاتي تدل عليها حالة الاحتقان القصوى التي تمرّ بها القيادتان التركية والسعودية والتي يمكن أن يعبّر عنها –ويختصرها- أفضل تعبير التصريح الذي حمل مرارة بالغة بين ثناياه ذلك الذي أدلى به أحمد داوود أوغلو 21/10/2015 في أعقاب سماعه بنبأ زيارة الرئيس الأسد إلى موسكو (جرت الزيارة 20/10/2015) والذي قال فيه «أتمنى أن يبقى هنالك ولا يعود إلى دمشق».

 

في الآن ذاته تحظى الحسابات الداخلية (في عملية اتخاذ القرار السابق) بأهمية أقل حيث تتم عملية إجرائها في عزّ حدوث الأعمال العسكرية، حتى بنك الأهداف الذي يكون موضوعاً مسبقاً يمكن له أن يتغيّر تبعاً لتغير الأولويات بالنسبة لتلك الأهداف والتي يمكن أن يتقدم فيها هدف على آخر آنياً على الرغم من ورود الهدف الذي تقدّم برقم متأخر على لوائح بنك الأهداف، المتغيرات الآنية يحددها أمر القتال اليومي الصادر عن القيادة العسكرية ولذلك فإن موضوع الحسابات الداخلية يبقى شائكاً وغامضاً بعض الشيء.

بعد مرور 28 يوماً على بدء عاصفة السوخوي تبدو واضحة حالة التخبط التي تشهدها ساحة «الفصائل المعارضة» وهي حالة من المقدّر لها أن تزداد في المراحل اللاحقة ما لم يتم حسم الأولوية ولم تكن بين أمرين ملحين فرضا نفسيهما بقوة على تلك «الفصائل»: الأول الاستجابة لسيل التوجيهات والأوامر التي تتوارد من جهات إقليمية حددّت على رأس أهدافها إفشال التدخل الروسي ومنعه من تحقيق أهدافه، الثاني الاستجابة للتحديات الميدانية التي فرضها الجيش السوري الذي استطاع فرض إيقاعه على الميدان عبر إشعاله لخمس جبهات كبرى في آن واحد في تكتيك يهدف إلى حرمان الفصائل المسلحة من القيام بمساندة بعضها البعض عبر إجبارها بالدفاع عن نفسها أولاً، في خطوة مهمة أراد منها جيش الفتح (تأسس 25/3/2015 وتسيطر عليه جبهة النصرة وحركة أحرار الشام) الدخول في امتحان للقوة صعب أعلن هذا الأخير 13/10/2015 عن «غزوة حماة» التي أراد أن يقول عبرها إن «فصائل المعارضة» ليست بوارد الانكفاء إلى الوراء على الرغم من زخم الهجوم الذي تتعرض له مختلف جبهاتها، وهو جيش الفتح سيندفع إلى الهجوم على الرغم من عدم مواءمة العديد من الظروف والتي يأتي في مقدمها الخلاف على الجغرافيا المختارة فتركيا مثلاً تريد حماة وهي تعطي الأولوية لمعركة حلب، هذا إضافة إلى وجود العديد من القنابل الموقوتة التي تمثلها الخلافات فيما بين الفصائل التي أدت إلى وأد الغزوة في مهدها وقبيل أن تنطلق.

قرأت الفصائل المسلحة هذا الفشل السابق بأنه ناجم عن تجاهله لأولوية مواجهة التدخل الروسي الأمر الذي دفعها إلى الإعلان عن تشكيل كيان سياسي عسكري تحت مسمى «هيئة التحرير الوطنية»، والذي حددت مهامه بالتصدي للغزو الروسي بالدرجة الأولى.

فحافظت حركة أحرار الشام مرة أخرى على الهيئة انطلاقاً من أن تجربة كهذه من شأنها أن تقضي على تجربة ناجحة كجيش الفتح، وكذلك من الخشية في أن يؤدي الوليد الجديد (الهيئة) إلى تصاعد حدة التوتر مع جبهة النصرة القائم أصلاً، مع الإشارة إلى أن جبهة النصرة كانت قد استثنيت من المشاورات التي سبقت طرح تلك الأفكار (وفي أول تشرين الأول 2015 أعلن عن تأسيس سرايا أهل الشام التي ضمت جميع فصائل المعارضة الموجودة في القلمون باستثناء جبهة النصرة) على الرغم من الآثار السلبية لتلك الخلافات على حركة أحرار الشام إلا أن الخطر الأكبر كان يأتي من حالة الانقسام الداخلي التي فرضتها تلك الدعوات ففي الوقت الذي قام فيه الجناح السياسي بزعامة هاشم الشيخ بتأييدها نرى أن الجناح العسكري بقيادة أبو صالح الطحان المحسوب على تيار القاعدة قد رفضها بشدة، ليتأكد سريعاً أن تيار الرفض هو الأقوى بما لا يقاس نظراً لكونه مدعوماً بالتيار الذي يتزعمه (لبيب نحاس) الرجل النافذ داخل الحركة والذي يشغل منصب مسؤول العلاقات الخارجية كما تطلق عليه الحركة وكذلك من (لواء الحق) الذي يعتبر أحد أكبر الألوية المؤسسة لحركة أحرار الشام.

أدى الفشل من جديد في إنشاء «هيئة التحرير» إلى الدفع نحو تأسيس (غرفة عمليات موحدة) التي اعترضت عليها أيضاً حركة أحرار الشام لتبرر رفضها السابق بالقول إنها تخشى من تكرار حالة الفشل الذي كان بانتظار الإعلان عن (غرفة عمليات دمشق الكبرى) التي لم تستمر لأكثر من أسبوع واحد (تشرين الثاني 2013).

من الممكن رصد حالة سعي لفصائل المعارضة نحو إنشاء كيانات جدية (تعززت هذه الحالة بعد عاصفة السوخوي) باندماج فصيلين أو أكثر فيما بينهما فقد أعلن في 7/9/2015 عن تأسيس (جيش الغوطة) الذي نتج عن الاندماج بين جيش الإسلام بزعامة زهران علوش وبين فيلق الرحمن بزعامة عبد الناصر شمير الذي اضطر كما يبدو إلى الاستقواء بجيش الإسلام على جبهة النصرة بعد تصاعد حدة الخلاف فيما بينه وبينها.

وفي 17/10/2015 أعلن عن الاندماج بين أحرار الشام وبين «ألوية توحيد العاصمة» الأمر الذي اضطرت إليه الحركة -كما يبدو- على خلفية فقدانها لأي وجود لها في الريف الدمشقي بعد أن فقدت آخر مواقعها في هزيمة الزبداني (نيسان 2015).

إلا أن الحدث الأهم كان في الإعلان عن تأسيس «جيش الشام» في 10 تشرين الأول 2015 حيث تتأتى أهمية ذلك الحدث من عوامل عديدة أهمها ثلاثة:

الأول: أنه احتوى على فصائل عدة كانت تعيش صراعاً داخلياً يحول بينها وبين الحسم في اتخاذ القرار.

الثاني: أن هذه الخطوة هي الأولى بعد حدوث عاصفة السوخوي.

الثالث: احتواء الكيان الجديد على أسماء لامعة في عالم «الجهادية» الأمر الذي يكسبها خصوصية هامة قد تشكل أرضية خصبة لإنتاج المزيد من المواليد الجدد.

ومن تلك الأسماء اللامعة: أبو محمد الصادق (اسمه نضال حسن) الذي تم تعيينه قبل شهر فقط كمفتي عام لحركة أحرار الشام فيما يتبدى أن التحاق هذا الأخير بجيش الشام ناتج عن محاولة منه للتخلص من سلاسل «القاعدة» وكذلك من المفهوم المتخلف (كما يقول هو) للسلفية الجهادية الذي فرضه مجيء الأمير العام الجديد للحركة أبو يحيى الحموي (اسمه الحقيقي مهند المصري تم تعيينه كأمير على الحركة 14/9/2015) ومنها أيضاً أبو العباس الشامي (اسمه محمد أيمن أبو التوت) الذي كان قد تم عزله من منصبه كمفتي عام لحركة أحرار الشام ليتم تعيين أبو محمد الصادق كبديل عنه 17/9/2015 حيث من المرجح أن يكون قد وجد في الكيان الجديد استعادة لنفوذ كان قد بدأ يتضاءل منذ أواخر العام 2014 قبل أن ينعدم تماماً أيلول 2015.

ومنها أيضاً: يامن الناصر وهو أيضاً من قيادات الحركة المحسوبين على التيار المعادي لتنظيم القاعدة والتي تطرح فكرة استنساخ نموذج حركة طالبان الأفغانية ككيان عسكري وسياسي في سورية، ثم تبعه قائد آخر عسكري هو أبو حمص رتيان الذي انشق في ظاهرة فريدة مع فصيله كاملاً (أنصار السنة) وانضم إلى جيش الشام فور الإعلان عن تأسيسه ليتبعه في اليوم التالي أبو أنس سراقب (وهو قائد عسكري أيضاً اسمه الحقيقي محمد حجي).

هناك اليوم حالة تناقض صارخة فيما بين توجه الإرادتين الإقليمية والدولية من جهة وبين توجه الإرادات في فصائل المعارضة السورية ففي حين تتوجه الأولى نحو إمكان «بعث» الجيش الحر من جديد لنزع البساط من تحت أقدام الروس في سورية نرى أن الثانية تتجه نحو النقيض تماماً وهو دليل على أن المناخات السائدة في أوساط تلك الفصائل باتت تتحكم بها حركات السلفية الجهادية تماماً حيث من الواضح أن الأخيرة قد اتخذت قراراً بالقضاء على أي نموات مجاورة.

  • فريق ماسة
  • 2015-10-26
  • 14654
  • من الأرشيف

تداعيات عاصفة السوخوي على الفصائل المسلحة

لا يختلف اثنان اليوم على أن عاصفة السوخوي تشكل نقطة تحوّل مفصلية في مسار الأزمة السورية في بعديها الداخلي والخارجي في آنٍ معاً، عادة تشّكل الحسابات الخارجية الشغل الشاغل لصانع القرار السياسي قبل أن يذهب هذا الأخير إلى حسم خياراته بالقيام بتدخل عسكري خارجي وفي الأمر ما يدعو إليه فأيّ خلل يمكن أن تحوي تلك الحسابات من شأنه أن يؤدي إلى نتائج عكسية إن لم يكن إلى أكثر من ذلك بكثير كحدوث حروب إقليمية أو حروب بالوكالة تقوم عبرها جهات خارجية بدعم فصائل داخلية لمواجهة ذلك التدخل على نحو ما يمكن أن تفعله السعودية وتركيا (مثلاً) في مواجهة عاصفة سوخوي أقله فيما يشاع حالياً والذي من المرجح أن يبقى في طور الإشاعة لانعدام القدرة التي تستلزم تحويل هذه الأخيرة إلى واقع على الأرض على الرغم من وجود حالة اكتفاء ذاتي تدل عليها حالة الاحتقان القصوى التي تمرّ بها القيادتان التركية والسعودية والتي يمكن أن يعبّر عنها –ويختصرها- أفضل تعبير التصريح الذي حمل مرارة بالغة بين ثناياه ذلك الذي أدلى به أحمد داوود أوغلو 21/10/2015 في أعقاب سماعه بنبأ زيارة الرئيس الأسد إلى موسكو (جرت الزيارة 20/10/2015) والذي قال فيه «أتمنى أن يبقى هنالك ولا يعود إلى دمشق».   في الآن ذاته تحظى الحسابات الداخلية (في عملية اتخاذ القرار السابق) بأهمية أقل حيث تتم عملية إجرائها في عزّ حدوث الأعمال العسكرية، حتى بنك الأهداف الذي يكون موضوعاً مسبقاً يمكن له أن يتغيّر تبعاً لتغير الأولويات بالنسبة لتلك الأهداف والتي يمكن أن يتقدم فيها هدف على آخر آنياً على الرغم من ورود الهدف الذي تقدّم برقم متأخر على لوائح بنك الأهداف، المتغيرات الآنية يحددها أمر القتال اليومي الصادر عن القيادة العسكرية ولذلك فإن موضوع الحسابات الداخلية يبقى شائكاً وغامضاً بعض الشيء. بعد مرور 28 يوماً على بدء عاصفة السوخوي تبدو واضحة حالة التخبط التي تشهدها ساحة «الفصائل المعارضة» وهي حالة من المقدّر لها أن تزداد في المراحل اللاحقة ما لم يتم حسم الأولوية ولم تكن بين أمرين ملحين فرضا نفسيهما بقوة على تلك «الفصائل»: الأول الاستجابة لسيل التوجيهات والأوامر التي تتوارد من جهات إقليمية حددّت على رأس أهدافها إفشال التدخل الروسي ومنعه من تحقيق أهدافه، الثاني الاستجابة للتحديات الميدانية التي فرضها الجيش السوري الذي استطاع فرض إيقاعه على الميدان عبر إشعاله لخمس جبهات كبرى في آن واحد في تكتيك يهدف إلى حرمان الفصائل المسلحة من القيام بمساندة بعضها البعض عبر إجبارها بالدفاع عن نفسها أولاً، في خطوة مهمة أراد منها جيش الفتح (تأسس 25/3/2015 وتسيطر عليه جبهة النصرة وحركة أحرار الشام) الدخول في امتحان للقوة صعب أعلن هذا الأخير 13/10/2015 عن «غزوة حماة» التي أراد أن يقول عبرها إن «فصائل المعارضة» ليست بوارد الانكفاء إلى الوراء على الرغم من زخم الهجوم الذي تتعرض له مختلف جبهاتها، وهو جيش الفتح سيندفع إلى الهجوم على الرغم من عدم مواءمة العديد من الظروف والتي يأتي في مقدمها الخلاف على الجغرافيا المختارة فتركيا مثلاً تريد حماة وهي تعطي الأولوية لمعركة حلب، هذا إضافة إلى وجود العديد من القنابل الموقوتة التي تمثلها الخلافات فيما بين الفصائل التي أدت إلى وأد الغزوة في مهدها وقبيل أن تنطلق. قرأت الفصائل المسلحة هذا الفشل السابق بأنه ناجم عن تجاهله لأولوية مواجهة التدخل الروسي الأمر الذي دفعها إلى الإعلان عن تشكيل كيان سياسي عسكري تحت مسمى «هيئة التحرير الوطنية»، والذي حددت مهامه بالتصدي للغزو الروسي بالدرجة الأولى. فحافظت حركة أحرار الشام مرة أخرى على الهيئة انطلاقاً من أن تجربة كهذه من شأنها أن تقضي على تجربة ناجحة كجيش الفتح، وكذلك من الخشية في أن يؤدي الوليد الجديد (الهيئة) إلى تصاعد حدة التوتر مع جبهة النصرة القائم أصلاً، مع الإشارة إلى أن جبهة النصرة كانت قد استثنيت من المشاورات التي سبقت طرح تلك الأفكار (وفي أول تشرين الأول 2015 أعلن عن تأسيس سرايا أهل الشام التي ضمت جميع فصائل المعارضة الموجودة في القلمون باستثناء جبهة النصرة) على الرغم من الآثار السلبية لتلك الخلافات على حركة أحرار الشام إلا أن الخطر الأكبر كان يأتي من حالة الانقسام الداخلي التي فرضتها تلك الدعوات ففي الوقت الذي قام فيه الجناح السياسي بزعامة هاشم الشيخ بتأييدها نرى أن الجناح العسكري بقيادة أبو صالح الطحان المحسوب على تيار القاعدة قد رفضها بشدة، ليتأكد سريعاً أن تيار الرفض هو الأقوى بما لا يقاس نظراً لكونه مدعوماً بالتيار الذي يتزعمه (لبيب نحاس) الرجل النافذ داخل الحركة والذي يشغل منصب مسؤول العلاقات الخارجية كما تطلق عليه الحركة وكذلك من (لواء الحق) الذي يعتبر أحد أكبر الألوية المؤسسة لحركة أحرار الشام. أدى الفشل من جديد في إنشاء «هيئة التحرير» إلى الدفع نحو تأسيس (غرفة عمليات موحدة) التي اعترضت عليها أيضاً حركة أحرار الشام لتبرر رفضها السابق بالقول إنها تخشى من تكرار حالة الفشل الذي كان بانتظار الإعلان عن (غرفة عمليات دمشق الكبرى) التي لم تستمر لأكثر من أسبوع واحد (تشرين الثاني 2013). من الممكن رصد حالة سعي لفصائل المعارضة نحو إنشاء كيانات جدية (تعززت هذه الحالة بعد عاصفة السوخوي) باندماج فصيلين أو أكثر فيما بينهما فقد أعلن في 7/9/2015 عن تأسيس (جيش الغوطة) الذي نتج عن الاندماج بين جيش الإسلام بزعامة زهران علوش وبين فيلق الرحمن بزعامة عبد الناصر شمير الذي اضطر كما يبدو إلى الاستقواء بجيش الإسلام على جبهة النصرة بعد تصاعد حدة الخلاف فيما بينه وبينها. وفي 17/10/2015 أعلن عن الاندماج بين أحرار الشام وبين «ألوية توحيد العاصمة» الأمر الذي اضطرت إليه الحركة -كما يبدو- على خلفية فقدانها لأي وجود لها في الريف الدمشقي بعد أن فقدت آخر مواقعها في هزيمة الزبداني (نيسان 2015). إلا أن الحدث الأهم كان في الإعلان عن تأسيس «جيش الشام» في 10 تشرين الأول 2015 حيث تتأتى أهمية ذلك الحدث من عوامل عديدة أهمها ثلاثة: الأول: أنه احتوى على فصائل عدة كانت تعيش صراعاً داخلياً يحول بينها وبين الحسم في اتخاذ القرار. الثاني: أن هذه الخطوة هي الأولى بعد حدوث عاصفة السوخوي. الثالث: احتواء الكيان الجديد على أسماء لامعة في عالم «الجهادية» الأمر الذي يكسبها خصوصية هامة قد تشكل أرضية خصبة لإنتاج المزيد من المواليد الجدد. ومن تلك الأسماء اللامعة: أبو محمد الصادق (اسمه نضال حسن) الذي تم تعيينه قبل شهر فقط كمفتي عام لحركة أحرار الشام فيما يتبدى أن التحاق هذا الأخير بجيش الشام ناتج عن محاولة منه للتخلص من سلاسل «القاعدة» وكذلك من المفهوم المتخلف (كما يقول هو) للسلفية الجهادية الذي فرضه مجيء الأمير العام الجديد للحركة أبو يحيى الحموي (اسمه الحقيقي مهند المصري تم تعيينه كأمير على الحركة 14/9/2015) ومنها أيضاً أبو العباس الشامي (اسمه محمد أيمن أبو التوت) الذي كان قد تم عزله من منصبه كمفتي عام لحركة أحرار الشام ليتم تعيين أبو محمد الصادق كبديل عنه 17/9/2015 حيث من المرجح أن يكون قد وجد في الكيان الجديد استعادة لنفوذ كان قد بدأ يتضاءل منذ أواخر العام 2014 قبل أن ينعدم تماماً أيلول 2015. ومنها أيضاً: يامن الناصر وهو أيضاً من قيادات الحركة المحسوبين على التيار المعادي لتنظيم القاعدة والتي تطرح فكرة استنساخ نموذج حركة طالبان الأفغانية ككيان عسكري وسياسي في سورية، ثم تبعه قائد آخر عسكري هو أبو حمص رتيان الذي انشق في ظاهرة فريدة مع فصيله كاملاً (أنصار السنة) وانضم إلى جيش الشام فور الإعلان عن تأسيسه ليتبعه في اليوم التالي أبو أنس سراقب (وهو قائد عسكري أيضاً اسمه الحقيقي محمد حجي). هناك اليوم حالة تناقض صارخة فيما بين توجه الإرادتين الإقليمية والدولية من جهة وبين توجه الإرادات في فصائل المعارضة السورية ففي حين تتوجه الأولى نحو إمكان «بعث» الجيش الحر من جديد لنزع البساط من تحت أقدام الروس في سورية نرى أن الثانية تتجه نحو النقيض تماماً وهو دليل على أن المناخات السائدة في أوساط تلك الفصائل باتت تتحكم بها حركات السلفية الجهادية تماماً حيث من الواضح أن الأخيرة قد اتخذت قراراً بالقضاء على أي نموات مجاورة.

المصدر : عبد المنعم علي عيسى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة