دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
مشروعان رئيسيان شكلا عناوين الهجمة الدبلوماسية والإعلامية الدولية – الإقليمية على سورية، الأول: الدعوة إلى تنحي الرئيس الدكتور بشار الأسد وآليات المرحلة الانتقالية،
والثاني: إنشاء مناطق عازلة أو مناطق حظر جوي على حدود دول وكيانات الجوار السوري، أي رسم خطوط حمراء في الداخل السوري لا يسمح معها لسلطة الدولة وقواها الأمنية والعسكرية أو لحلفائها بتجاوزها.
أما المشروع الأول، فقد تجاوزه الواقع القائم على قدرة هذا الرئيس على الاستمرار بإدارة الدولة والإمساك بمفاصلها الأمنية والعسكرية في العاصمة دمشق والمدن الأساسية وبعض أريافها التي احتضنت الأغلبية العظمى من الشعب السوري الذي أكد بنزوحه إليها ولاءه للدولة وقيادتها حتى بدت المناطق التي يسيطر عليها ما يسمى تنظيم «داعش» وأخواته بمعظمها خالية من الوجود البشري فيما عدا المُجبرين على التعايش مع الواقع بانتظار الجيش المُخَلِص. كذلك تجاوزه الواقع السياسي الذي كان آخر تعبيراته ملاحقة وزير الخارجية الأميركية جون كيري لنظيره الإيراني محمد جواد ظريف في أروقة الأمم المتحدة في نيويورك طالباً التباحث في الموضوع السوري، في حين أعاد الأخير عليه تأكيد عدم وجود قرار لدى القيادة الإيرانية بالنقاش معه ومع إدارته حول هذا الموضوع ما دفعه إلى الطلب من ظريف الاستماع إليه فقط عارضاً التفكير بترتيب مرحلة انتقالية في السلطة السورية لمدة سنة بقيادة الرئيس الأسد نفسه.
وأما المشروع الثاني، فقد انطلق من جبهات عدة:
أولاً، الجبهة التركية: يبدو أن الرئيس التركي أردوغان وطاقمه السياسي لم يملوا من نغمة الابتزاز لراعيهم الأميركي عبر تكرار الطرح الممجوج حول مناطق آمنة أو عازلة أو حظر جوي على الحدود السورية بهدف تذكيره بوجودهم وبضرورة حفظ دورهم في أي نقاشات حول الأوضاع في سورية يمكن أن تجري بين موسكو وواشنطن، مع علم أردوغان المسبق باستحالة إنشاء هذه المناطق ورفض أكثرية المجتمع الدولي ومن ضمنه واشنطن للفكرة خوفاً من توريط الحلف الأطلسي مباشرة في هذه الحرب. واليوم تبدو الحاجة التركية إلى تكرار هذا الطرح تتصاعد بعدما فشلت أنقرة في وضع وتثبيت خطوط حمراء تُقيد الحركة الروسية في سورية تحديداً في شمالها الذي استهدفته العمليات العسكرية الروسية- السورية باعتبار تحريره من أيدي الإرهابيين المُحتلين يقطع أصابع العبث التركي في الداخل السوري ويؤسس لهزيمة هؤلاء الإرهابيين في المحافظات الأخرى بعد الإمساك بخطوط التهريب والإمداد التي تُشرف عليها المخابرات التركية. هذا عدا قطع الوصل بين هذه المخابرات وأمراء الجماعات الإرهابية الذين نصّبهم أردوغان ولاة على مناطق الشمال السوري المُحتلة. لذا من الطبيعي أن يرتفع أكثر ويزداد صراخ أردوغان وسلطته، فكل الأوهام وأضغاث الأحلام بدأت بالتساقط والانهيار فلا سلطنة عثمانية جديدة ولا سلطة «إخونجية» ممكنة في سورية.
ثانياً، الجبهة الأردنية: كثيرون حاولوا ويحاولون أن يَسُوقوا التبريرات للموقف الأردني المتذبذب تحت عنوان عدم قدرة النظام الملكي على رد المطالب الأميركية-السعودية لأسباب سياسية واقتصادية وحتى وجودية. لكن الحقيقة أن هذا النظام يعيش حالة انفصام سياسي وأخلاقي- سياسي في مقاربته للوضع السوري انطلاقاً من أن واقعه الداخلي المأزوم نتيجة التداعيات السلبية لذلك الوضع على بنيته الاجتماعية والاقتصادية يفترض تعزيز حاجته إلى رفع مستوى العلاقة مع الدولة السورية إلى أعلى مستوياتها درءاً أو على الأقل تخفيفاً لهذه السلبيات، في حين ذهب هو إلى التنازل عن سيادته الداخلية عبر إنشاء مخيمات تدريب الإرهابيين السوريين لمواجهة النظام وعن سيادته أيضاً على حدوده الدولية مع سورية والتي سعى مع حلفائه الإقليميين والدوليين إلى تحويلها إلى مناطق عازلة يسهل منها الانقضاض على العاصمة دمشق، فكانت ضربة «موك» القاصمة التي أسقطت الخطة بأكملها.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة