تحاول "إسرائيل" أن تقنع نفسها والآخرين، بأن «رسائل الحب» الواردة إليها من شخصيات في المعارضة السورية، تعبّر عن رأي الشعب السوري.

وهي تروج لجمهورها، كما للاخرين، انه لو ترك الخيار للسوريين بعيداً عن ضغط وسيطرة النظام المعادي لها، لاختاروا الصداقة وتطلّعوا الى حسن الجوار مع «دولة الشعب اليهودي الصديق»

تقنع تل ابيب نفسها ايضاً، بان فلسطين خرجت من وجدان الشعب السوري، كما هي حال الشعوب العربية الاخرى، شأنها شأن الحكومات الصديقة و«المعتدلة»، في اكثر من دولة في العالم العربي.

 

ورواية "إسرائيل" هذه، بدأت تحفر في وعي الاسرائيليين، ليس لدى الجمهور العريض وحسب، بل ايضا لدى كتاب ومعلقي الاعلام العبري. وصول اللاجئين السوريين الى اوروبا، باعداد كبيرة نسبياً، كان فرصة لاختبار هذه الرواية، عبر اللقاء المباشر معهم، دون ضغوط من النظام ودون مخاوف. والمفاجأة كانت كبيرة بحجم الرواية نفسها: "إسرائيل" ما زالت هي العدو الرقم واحد للاجئين من سوريا.

بالنسبة للسوريين، فان الخبر عادي. لا جديد فيه، ولا يستأهل تغطية اعلامية ما. لكن بالنسبة لاسرائيل، وربطا بروايتها عن «صداقة» الشعب السوري، تستأهل عنواناً بارزاً في اعلامها. موقع «تايمز اوف إسرائيل»، لاحق اللاجئين الى مدينة ميلانو في ايطاليا، باعتباره عيّنة خارجة عن "ضغط النظام في دمشق واملاءاته"، للاستفسار عن النظرة الجديدة تجاه إسرائيل.

 

 

ما زال اللاجئون يجدون الطاقة اللازمة للتعبير عن عدائهم لـ«لاسرائيل»

 

يبدأ الموقع تقريره بالقول انه رغم الهروب من الحرب في سوريا، ورغم التعرض لصعوبات عبور المتوسط، فما زال اللاجئون السوريون يجدون الطاقة اللازمة، للتعبير عن عدائهم لـ«الدولة اليهودية». وكعينة مختارة، وصلت مراسلة الموقع، روسيلا تيركاتين، الى مخيم اللاجئين بالقرب من المحطة المركزية للقطارات في ميلانو، وتحدثت مع عدد منهم.

وتقول تيركاتين ان هذه العائلات، بمعظمها، ومن بينها عائلة محمد (سنتان)، انهت رحلة صعبة وكابوسية عبر البحر المتوسط، من سوريا الى ليبيا فايطاليا، وشابت الرحلة قسوة وجوع وعطش وخوف من الغرق، لكن «رغم قسوة المهربين الليبيين، ورغم المعاناة التي لحقت بالعائلة في سوريا بعدما اجبرهم النظام على الفرار للحفاظ على حياتهم (...)، فهذه العائلة وغيرها من اللاجئين الاخرين، الذين التقيتهم في مخيم ميلانو، ما زالوا يعدّون اسرائيل عدوهم الحقيقي».

في ردّ على سؤال عن الموقف من اسرائيل، يشير احد افراد العائلة، عدنان (21 عاما)، وكان طالباً في إحدى كليات السياحة في الجامعات السورية، انه «قبل اي شيء، نحن نحترم جميع الاديان، بما فيها اليهودية... ولدينا في سوريا جميع الاجناس والاديان، وهم يعيشون معا وكلنا اخوة.. لكنّ اسرائيل، هي عدو في نهاية المطاف، وهذا ما اعرفه وتعلمته منذ ان كنت صغيراً»، مستدركاً قوله وموضحاً: «اريد ان اؤكد شيئا، اليهود ليسوا اعدائي، الصهاينة هم اعدائي».

«ولدى تقديم نفسي على اني مراسلة وسيلة اعلامية اسرائيلية»، تضيف تيركاتين، كاد عدنان ان يقفز من مكانه، وقال «انا اكاد ارتجف. لم اقابل يهودياً من قبل. لكن هل لك ان تقولي لي عن سبب اهتمام وسيلة اعلامية اسرائيلية بقصص اللاجئين السوريين»؟ وفوجئ اكثر عندما اخبرته ان النقاش حام في تل ابيب حول استيعاب اللاجئين من سوريا، وان الجيش الاسرائيلي يقدم المساعدات الطبية على الحدود، للجرحى السوريين.

«ورغم دهشته وموقفه مني، حذرني عدنان من فضح امري وهويتي اليهودية امام اللاجئين السوريين الاخرين، وقال ان البعض منهم قد يتفاعل على نحو سيّئ جدا إذا علم انك مراسلة لوسيلة اعلامية اسرائيلية»، تضيف.

ميس (21 عاما)، من عائلة سورية اخرى في المخيم، كانت تجلس الى جانب امها واخيها، عبّرت هي الاخرى عن موقف حاد من اسرائيل، الا ان امها عناية، كانت اجابتها تلقائية وسريعة: «إسرائيل قوة استعمارية، هذا هو الامر. لقد سرقوا ارض الفلسطينيين».

أكدت ميس ان منزلها قصف ثلاث مرات، و«الطريق الذي يسلكه اخي للوصول الى الجامعة لم يعد موجودا». واضافت: «حاولنا التوجه إلى بلد عربي، لكن العرب عاملونا على نحو سيّئ جدا»، اما والدها عماد، الذي كان يعمل في زراعة الزيتون في منطقة ادلب، فاجاب انه «لم يعد لديه عمل، ولم يعد لدينا ما نقوم به».

ريما (28 عاما)، تعمل في مركز استيعاب اللاجئين في ميلانو، وهي سورية مقيمة في ايطاليا منذ مدة طويلة قبل بدء الحرب في سوريا، هي الاخرى فقدت اقرباء كثرا واصدقاء في الحرب، لكنها موجودة مع اللاجئين وتعمل في مجال الترجمة والرعاية، من قبل بلدية ميلانو.

ورغم وجودها الطويل في ايطاليا، وتعلمها في مدارسها ومؤسساتها التربوية، الا ان آراء ريما لا تختلف كثيرا عن اراء اللاجئين بشأن "اسرائيل". وبعدما عرّفت المراسلة عن نفسها وانها في مهمة استطلاع اراء اللاجئين السوريين حول اسرائيل، ترددت ريما لكنها في نهاية المطاف وافقت على الاجابة. وقالت: «بالنسبة للسوريين، إسرائيل" هي أرض فلسطينية، والفلسطينيون اقاربنا واصدقاؤنا وجيراننا، لان الكثيرين منهم لجأوا الى سوريا،" وجدتي من ناحية ابي فلسطينية، هجرت من حيفا عام 1948، وكانت في العاشرة من عمرها». الا ان ريما تعود للايضاح كي لا تفهم خطأ: «ما اقوله هنا ليس موجهاً ضد اليهود باعتبارهم يهوداً، فالقرآن امرنا بان نحترم اليهود».

وسألت المراسلة عن رأي ريما في مواضيع اخرى بشأن الشرق الاوسط والصراع الفلسطيني الاسرائيلي، فأجابت انها لا تقرأ كثيرا عن هذه المواضيع، لكن بعدما سألتها عن رأيها في حل الدولتين، دولة للشعب اليهودي ودولة للفلسطينيين، اجابت على نحو قاطع: «لا أعتقد بوجوب ان يكون لليهود دولة. فاليهودية دين لا شعب، ويمكن ان تكون يهوديا سوريا او المانيا او ايطاليا، ولا اعتقد ان هناك سببا لدولة مختصة باليهود».

  • فريق ماسة
  • 2015-09-14
  • 6560
  • من الأرشيف

(إسرائيل) متفاجئة: اللاجئون في أوروبا... مُعادون

تحاول "إسرائيل" أن تقنع نفسها والآخرين، بأن «رسائل الحب» الواردة إليها من شخصيات في المعارضة السورية، تعبّر عن رأي الشعب السوري. وهي تروج لجمهورها، كما للاخرين، انه لو ترك الخيار للسوريين بعيداً عن ضغط وسيطرة النظام المعادي لها، لاختاروا الصداقة وتطلّعوا الى حسن الجوار مع «دولة الشعب اليهودي الصديق» تقنع تل ابيب نفسها ايضاً، بان فلسطين خرجت من وجدان الشعب السوري، كما هي حال الشعوب العربية الاخرى، شأنها شأن الحكومات الصديقة و«المعتدلة»، في اكثر من دولة في العالم العربي.   ورواية "إسرائيل" هذه، بدأت تحفر في وعي الاسرائيليين، ليس لدى الجمهور العريض وحسب، بل ايضا لدى كتاب ومعلقي الاعلام العبري. وصول اللاجئين السوريين الى اوروبا، باعداد كبيرة نسبياً، كان فرصة لاختبار هذه الرواية، عبر اللقاء المباشر معهم، دون ضغوط من النظام ودون مخاوف. والمفاجأة كانت كبيرة بحجم الرواية نفسها: "إسرائيل" ما زالت هي العدو الرقم واحد للاجئين من سوريا. بالنسبة للسوريين، فان الخبر عادي. لا جديد فيه، ولا يستأهل تغطية اعلامية ما. لكن بالنسبة لاسرائيل، وربطا بروايتها عن «صداقة» الشعب السوري، تستأهل عنواناً بارزاً في اعلامها. موقع «تايمز اوف إسرائيل»، لاحق اللاجئين الى مدينة ميلانو في ايطاليا، باعتباره عيّنة خارجة عن "ضغط النظام في دمشق واملاءاته"، للاستفسار عن النظرة الجديدة تجاه إسرائيل.     ما زال اللاجئون يجدون الطاقة اللازمة للتعبير عن عدائهم لـ«لاسرائيل»   يبدأ الموقع تقريره بالقول انه رغم الهروب من الحرب في سوريا، ورغم التعرض لصعوبات عبور المتوسط، فما زال اللاجئون السوريون يجدون الطاقة اللازمة، للتعبير عن عدائهم لـ«الدولة اليهودية». وكعينة مختارة، وصلت مراسلة الموقع، روسيلا تيركاتين، الى مخيم اللاجئين بالقرب من المحطة المركزية للقطارات في ميلانو، وتحدثت مع عدد منهم. وتقول تيركاتين ان هذه العائلات، بمعظمها، ومن بينها عائلة محمد (سنتان)، انهت رحلة صعبة وكابوسية عبر البحر المتوسط، من سوريا الى ليبيا فايطاليا، وشابت الرحلة قسوة وجوع وعطش وخوف من الغرق، لكن «رغم قسوة المهربين الليبيين، ورغم المعاناة التي لحقت بالعائلة في سوريا بعدما اجبرهم النظام على الفرار للحفاظ على حياتهم (...)، فهذه العائلة وغيرها من اللاجئين الاخرين، الذين التقيتهم في مخيم ميلانو، ما زالوا يعدّون اسرائيل عدوهم الحقيقي». في ردّ على سؤال عن الموقف من اسرائيل، يشير احد افراد العائلة، عدنان (21 عاما)، وكان طالباً في إحدى كليات السياحة في الجامعات السورية، انه «قبل اي شيء، نحن نحترم جميع الاديان، بما فيها اليهودية... ولدينا في سوريا جميع الاجناس والاديان، وهم يعيشون معا وكلنا اخوة.. لكنّ اسرائيل، هي عدو في نهاية المطاف، وهذا ما اعرفه وتعلمته منذ ان كنت صغيراً»، مستدركاً قوله وموضحاً: «اريد ان اؤكد شيئا، اليهود ليسوا اعدائي، الصهاينة هم اعدائي». «ولدى تقديم نفسي على اني مراسلة وسيلة اعلامية اسرائيلية»، تضيف تيركاتين، كاد عدنان ان يقفز من مكانه، وقال «انا اكاد ارتجف. لم اقابل يهودياً من قبل. لكن هل لك ان تقولي لي عن سبب اهتمام وسيلة اعلامية اسرائيلية بقصص اللاجئين السوريين»؟ وفوجئ اكثر عندما اخبرته ان النقاش حام في تل ابيب حول استيعاب اللاجئين من سوريا، وان الجيش الاسرائيلي يقدم المساعدات الطبية على الحدود، للجرحى السوريين. «ورغم دهشته وموقفه مني، حذرني عدنان من فضح امري وهويتي اليهودية امام اللاجئين السوريين الاخرين، وقال ان البعض منهم قد يتفاعل على نحو سيّئ جدا إذا علم انك مراسلة لوسيلة اعلامية اسرائيلية»، تضيف. ميس (21 عاما)، من عائلة سورية اخرى في المخيم، كانت تجلس الى جانب امها واخيها، عبّرت هي الاخرى عن موقف حاد من اسرائيل، الا ان امها عناية، كانت اجابتها تلقائية وسريعة: «إسرائيل قوة استعمارية، هذا هو الامر. لقد سرقوا ارض الفلسطينيين». أكدت ميس ان منزلها قصف ثلاث مرات، و«الطريق الذي يسلكه اخي للوصول الى الجامعة لم يعد موجودا». واضافت: «حاولنا التوجه إلى بلد عربي، لكن العرب عاملونا على نحو سيّئ جدا»، اما والدها عماد، الذي كان يعمل في زراعة الزيتون في منطقة ادلب، فاجاب انه «لم يعد لديه عمل، ولم يعد لدينا ما نقوم به». ريما (28 عاما)، تعمل في مركز استيعاب اللاجئين في ميلانو، وهي سورية مقيمة في ايطاليا منذ مدة طويلة قبل بدء الحرب في سوريا، هي الاخرى فقدت اقرباء كثرا واصدقاء في الحرب، لكنها موجودة مع اللاجئين وتعمل في مجال الترجمة والرعاية، من قبل بلدية ميلانو. ورغم وجودها الطويل في ايطاليا، وتعلمها في مدارسها ومؤسساتها التربوية، الا ان آراء ريما لا تختلف كثيرا عن اراء اللاجئين بشأن "اسرائيل". وبعدما عرّفت المراسلة عن نفسها وانها في مهمة استطلاع اراء اللاجئين السوريين حول اسرائيل، ترددت ريما لكنها في نهاية المطاف وافقت على الاجابة. وقالت: «بالنسبة للسوريين، إسرائيل" هي أرض فلسطينية، والفلسطينيون اقاربنا واصدقاؤنا وجيراننا، لان الكثيرين منهم لجأوا الى سوريا،" وجدتي من ناحية ابي فلسطينية، هجرت من حيفا عام 1948، وكانت في العاشرة من عمرها». الا ان ريما تعود للايضاح كي لا تفهم خطأ: «ما اقوله هنا ليس موجهاً ضد اليهود باعتبارهم يهوداً، فالقرآن امرنا بان نحترم اليهود». وسألت المراسلة عن رأي ريما في مواضيع اخرى بشأن الشرق الاوسط والصراع الفلسطيني الاسرائيلي، فأجابت انها لا تقرأ كثيرا عن هذه المواضيع، لكن بعدما سألتها عن رأيها في حل الدولتين، دولة للشعب اليهودي ودولة للفلسطينيين، اجابت على نحو قاطع: «لا أعتقد بوجوب ان يكون لليهود دولة. فاليهودية دين لا شعب، ويمكن ان تكون يهوديا سوريا او المانيا او ايطاليا، ولا اعتقد ان هناك سببا لدولة مختصة باليهود».

المصدر : يحيى دبوق- الاخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة