دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تحت عنوان، («الأخبار» تعتذر من الشعب السوري)، قالت جريدة الأخبار اللبنانية بأن الكاتب والمحلل السياسي «ناهض حتر» تعدى على المبادئ الأخلاقية والسياسية التي تعمل الجريدة تحت سقفها.
واعتذرت الجريدة من قرائها الذين مسّهم وأهانهم محتوى المقال المنشور "بخطأ تحريري فادح" في 9 أيلول 2015، في زاويته الصحفية «بهدوء»، تحت عنوان «بدء المرحلة الأولى للحل السياسي في سوريا».
يبدو أنّ السطور الأخيرة، هي التي جعلت المقال يتعدى "سقف" الجريدة، حين قال الكاتب : «كذلك، فإذا استثنينا المضامين فعلا من الاضطهاد الإرهابي لأبناء المكونات السورية غير الوهابية، فيمكننا القول إن معظم اللاجئين السوريين خارج وطنهم هم من الفئات غير القادرة على التعايش مع التعددية والنمط الحضاري الخاص بسوريا. وهكذا، فإن خساراتهم لا تعد نزيفا ديموغرافيا، في حين ينبغي إيقاف نزيف الكتلة الوطنية المدنية، التي تئن من الهاونات وانقطاع الكهرباء والماء والغلاء وانخفاض المستوى المعيشي حتى اليأس.»
على موقع «سيريانديز سياسي»، ردّ ناهض حتر على اعتذار الأخبار، متسائلا: ما هي "المبادئ"... لمن الإعتذار؟. في ردّه يقول ما يعتبره الأسباب الحقيقية وراء "اعتذار" الأخبار: «لعل التزامي، غير الملتبس، بالخط السياسي السوري، وبمصالح سوريا الاستراتيجية التي هي، عندي، فوق كل المصالح الأخرى، هو السبب الرئيسي في الخلاف الذي نشب، منذ وقت، مع الزميل إبراهيم الأمين(رئيس تحرير جريدة الأخبار)، وتناول قضايا الموقف من الإسلام السياسي وحركة حماس والمبادرة الإيرانية ». و يشير إلى أن الأمين لم يقدم اعتذاراً للجيش العربي السوري الذي تعرض للإساءة لمرات عديدة على صفحات "الأخبار".
حتى يكتمل المشهد، علينا أن نعود إلى ما قاله الكاتب والمحلل السياسي ناهض حتّر على شاشة الإخبارية السورية في 6 أيلول 2015، أي قبل ثلاثة ايام من نشر المقال.
عن المصالحة السعودية السورية، قال حتّر، بأنه هناك اعتراض إيراني على إمكانية المصالحة عن طريق روسيا. أما عن الخطر الذي تشعر به السعودية والخليج عموما من لإيران، يقول : أنا اتفهم ذلك ، لا اؤيده بل أتفهمه، وهم يحتاجون الى ضمانات، فقد سبق لإيران أن قصفت السعودية والكويت خلال الحرب الإيرانية- العراقية. ثم يحمّل الخليج مسؤولية تدميرهم لضماناتهم، عندما تآمروا على العراق، الذي كان يؤمن توازنا استراتيجيا في الخليج بين العرب وإيران، وهم يتآمرون الآن على سوريا التي تؤمن التوازن الاستراتيجي أيضا مع إيران.
عن المقاربة الروسية لحلّ الأزمة في سوريا، يقول بأنه لا مكان لتركيا أو إيران في حل الأزمة السورية. فالحل السياسي في سوريا سيستبعد الطرفين المتصارعين تركيا وإيران. تحييد إيران يعني أنه لن يكون لها مكان خاص في سوريا نتيجة هذه الحرب. أما عن العلاقة الروسية السورية فيقول بحماس شديد: "أنا أرحب بالجيش الأحمر في سوريا"، فوجوده في سوريا بشكل "نصف علني" هو رسالة إلى الأتراك بأنه لم يعد لكم مكان في سوريا، وبأن روسيا هي الحليف الأول لسوريا ولا يمكن أن تقبل شريكا في "حبّ" سوريا، التي هي جزء من تقليد روسي قديم يعود إلى الإمبراطورة كاترينا التي كانت تقول "أن مفتاح غرفة نومي موجود في دمشق!".
آراء ناهض حتّر في لقاء الإخبارية، تجاوزت في وضوحها وصراحتها، "سقف" الأخبار اللبنانية ومبادئها "الأخلاقية والسياسية". إيران لا تريد المصالحة السعودية – السورية عن طريق روسيا، وهو "يتفهم" المخاوف الخليجية من إيران، ويلومهم على تآمرهم على "عراق صدام حسين" التي كانت تؤمن توازنا وردعا استراتيجيا بوجه النفوذ الإيراني. وكذلك يعبّر بوضوح عن انحيازه المطلق إلى علاقة روسية سورية، وعدم كسب إيران أي "مكان خاص" في سوريا بنتيجة الحرب.
هذا يجعلنا نتساءل، هل كانت «الأخبار» تعتذر من "الشعب السوري" بسبب مقال ناهض حتر، أم كانت تعتذر من إيران على ما قاله على شاشة الإخبارية السورية!؟
المصدر :
م. سامر عبد الكريم منصور
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة