بعد فترة يمكن وصفها بأنها كانت مخصصة للتهدئة تجلت ملامحها في بروز موافقة أمريكية واضحة حول إشراف روسيا على جملة من اللقاءات السياسية التي تعبد الطريق لحل سياسي للأزمة السورية تمهيداً لباقي ملفات المنطقة، بدت موسكو وكأنها عرابة المرحلة بتربيتة أمريكية على الكتف الروسية.

 لكن بعد التطورات المتسارعة مؤخراً، تبين أن مرحلة التهدئة السابقة ما هي إلا إستراتيجية أمريكية لالتقاط الأنفس وإعادة ترتيب الأوراق، دون أن ينفي ذلك وجود إرادة أمريكية فعلية بالتهدئة لحد معين مع موسكو.قامت واشنطن بفرض عقوبات على شركات روسية مختصة بالتصنيع العسكري، والحجة توريد أسلحة لبلدان يُحظر عليها ذلك! الروس توعدوا بالرد، فيما برزت إحدى مظاهر الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو، ألا وهي موضوع السباق بينهما على سوق السلاح في المنطقة خصوصاً والعالم عموماً.

 بالتزامن مع ذلك، تم تحريك مبادرة أممية خاصة بالأزمة السورية، لقد قام المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بإطلاق مبادرته التي تستند على تشكيل هيئة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة، إضافة إلى مجلس عسكري مشترك، مع إقصاء 120 مسؤولاً وصولاً إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية برعاية الأمم المتحدة، فيما عاد ما يُسمى بالائتلاف المعارض على تشبثه بفكرة عدم وجود الرئيس السوري بشار الأسد في المستقبل السياسي لسوريا، فضلاً عن تعريج المبادرة ، محاولاً إيهام الرأي العام بأن المبادرة تناسبه تماماً ما يعني تسويق إنجاز سياسي وهمي قد يرفع المعنويات في هذه المرحلة.

 كما كان لافتاً من خلال ردود الفعل وجود دعوات إلى إغلاق مؤسسات استخباراتية سورية نهائياً! الأمر الذي وصفه البعض بأنه مطلب سعودي بالدرجة الأولى لما للأجهزة السورية المختصة من تأثير في مكافحة النشاط المعادي للاستخبارات السعودية في المقاوم الأول، بالتزامن مع الحرب الحاصلة في اليمن وصمود أنصار الله، والخوف من تحرك في القطيف والعوامية، وانتفاضة جديدة في البحرين، وما يحدث في لبنان، كل ذلك قد يربطه السعوديون بضرورة حل أجهزة الاستخبارات السورية التي يمكنها أن تقوم ببعض الأنشطة الخارجية على الرغم مع ما تمر به سوريا من أزمة إرهاب وخروج مناطق عن سيطرة الدولة، فإن ذلك لا يتعارض أيضاً مع نشاط خارجي في بعض الأحيان "بحسب وجهة نظر بعض المراقبين"!.

 يُضاف على ذلك أن حل عدد من الأجهزة الأمنية، قد يقود إلى حل تشكيلات عسكرية في الجيش العربي السوري، وهو سيناريو مستنسخ عمّا جرى في العراق عند احتلاله من قبل الأمريكيين.

 مع كل ما سبق لا بد من التذكير بآخر مواقف الخارجية الروسية على لسان الوزير سيرغي لافروف الذي دعا فيه ما تُسمى بالمعارضة السورية إلى التوحد فيما بينها من أجل الجلوس على طاولة حوار مع الحكومة السورية الشرعية والاتفاق على محاربة الإرهاب، فضلاً عن التأكيد بأن قرار من سيقود البلاد مرتبط بالشعب السوري لا بأية جهة خارجية أخرى، وأنه لا يحق لأحد اشتراط إقصاء احد من الساحة السياسية.

 إذاً فإن التوجه الأخير للأمريكي ومن معه، نحو تصعيد ما، جابهه تأكيد روسي على ثبات الموقف من الحليف السوري، هل سيستمر الوضع على ماهو عليه، ويبقى الرهان على الميدان الذي يضيف رصيداً إلى الموقف السياسي ويحسنه؟ ولماذا تقدم دي ميستورا بتلك المبادرة إن كان يعلم مسبقاً بالموقف الروسي الثابت من دمشق؟ وأن تلك المبادرة لن تلقى قبولاً لا من دمشق ولا من موسكو وطهران؟!.

  • فريق ماسة
  • 2015-09-04
  • 10893
  • من الأرشيف

الاستخبارات السورية شوكة في الحلق السعودي..مبادرة دي ميستورا مجرد تضييع للوقت!

بعد فترة يمكن وصفها بأنها كانت مخصصة للتهدئة تجلت ملامحها في بروز موافقة أمريكية واضحة حول إشراف روسيا على جملة من اللقاءات السياسية التي تعبد الطريق لحل سياسي للأزمة السورية تمهيداً لباقي ملفات المنطقة، بدت موسكو وكأنها عرابة المرحلة بتربيتة أمريكية على الكتف الروسية.  لكن بعد التطورات المتسارعة مؤخراً، تبين أن مرحلة التهدئة السابقة ما هي إلا إستراتيجية أمريكية لالتقاط الأنفس وإعادة ترتيب الأوراق، دون أن ينفي ذلك وجود إرادة أمريكية فعلية بالتهدئة لحد معين مع موسكو.قامت واشنطن بفرض عقوبات على شركات روسية مختصة بالتصنيع العسكري، والحجة توريد أسلحة لبلدان يُحظر عليها ذلك! الروس توعدوا بالرد، فيما برزت إحدى مظاهر الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو، ألا وهي موضوع السباق بينهما على سوق السلاح في المنطقة خصوصاً والعالم عموماً.  بالتزامن مع ذلك، تم تحريك مبادرة أممية خاصة بالأزمة السورية، لقد قام المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بإطلاق مبادرته التي تستند على تشكيل هيئة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة، إضافة إلى مجلس عسكري مشترك، مع إقصاء 120 مسؤولاً وصولاً إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية برعاية الأمم المتحدة، فيما عاد ما يُسمى بالائتلاف المعارض على تشبثه بفكرة عدم وجود الرئيس السوري بشار الأسد في المستقبل السياسي لسوريا، فضلاً عن تعريج المبادرة ، محاولاً إيهام الرأي العام بأن المبادرة تناسبه تماماً ما يعني تسويق إنجاز سياسي وهمي قد يرفع المعنويات في هذه المرحلة.  كما كان لافتاً من خلال ردود الفعل وجود دعوات إلى إغلاق مؤسسات استخباراتية سورية نهائياً! الأمر الذي وصفه البعض بأنه مطلب سعودي بالدرجة الأولى لما للأجهزة السورية المختصة من تأثير في مكافحة النشاط المعادي للاستخبارات السعودية في المقاوم الأول، بالتزامن مع الحرب الحاصلة في اليمن وصمود أنصار الله، والخوف من تحرك في القطيف والعوامية، وانتفاضة جديدة في البحرين، وما يحدث في لبنان، كل ذلك قد يربطه السعوديون بضرورة حل أجهزة الاستخبارات السورية التي يمكنها أن تقوم ببعض الأنشطة الخارجية على الرغم مع ما تمر به سوريا من أزمة إرهاب وخروج مناطق عن سيطرة الدولة، فإن ذلك لا يتعارض أيضاً مع نشاط خارجي في بعض الأحيان "بحسب وجهة نظر بعض المراقبين"!.  يُضاف على ذلك أن حل عدد من الأجهزة الأمنية، قد يقود إلى حل تشكيلات عسكرية في الجيش العربي السوري، وهو سيناريو مستنسخ عمّا جرى في العراق عند احتلاله من قبل الأمريكيين.  مع كل ما سبق لا بد من التذكير بآخر مواقف الخارجية الروسية على لسان الوزير سيرغي لافروف الذي دعا فيه ما تُسمى بالمعارضة السورية إلى التوحد فيما بينها من أجل الجلوس على طاولة حوار مع الحكومة السورية الشرعية والاتفاق على محاربة الإرهاب، فضلاً عن التأكيد بأن قرار من سيقود البلاد مرتبط بالشعب السوري لا بأية جهة خارجية أخرى، وأنه لا يحق لأحد اشتراط إقصاء احد من الساحة السياسية.  إذاً فإن التوجه الأخير للأمريكي ومن معه، نحو تصعيد ما، جابهه تأكيد روسي على ثبات الموقف من الحليف السوري، هل سيستمر الوضع على ماهو عليه، ويبقى الرهان على الميدان الذي يضيف رصيداً إلى الموقف السياسي ويحسنه؟ ولماذا تقدم دي ميستورا بتلك المبادرة إن كان يعلم مسبقاً بالموقف الروسي الثابت من دمشق؟ وأن تلك المبادرة لن تلقى قبولاً لا من دمشق ولا من موسكو وطهران؟!.

المصدر : عربي برس / علي مخلوف


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة