دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
على وقع التنافس الحامي بين «جيش الإسلام» من جهة و «جبهة النصرة» من جهة ثانية، تتصاعد التطورات في الغوطة الشرقية، منذرة بحدوث تداعيات قد لا تنجو منها «القيادة الموحدة»، التي تُعتبر مشروع زهران علوش الأساسي، وحلم حياته في بسط هيمنته على كامل الغوطة بعد استبعاد الفصائل المنافسة له.
«القيادة الموحدة» على طريق التفكك!
وقد علمت «السفير» من مصدر في «فيلق الرحمن»، وهو أحد مكونات «القيادة العسكرية الموحدة في الغوطة الشرقية»، أن «الخلافات بدأت تتراكم داخل القيادة، وسببها الرئيسي محاولات زهران علوش الاستفراد بالقرار والهيمنة على قادة الفصائل، وإجبارهم على تقديم فروض الطاعة والولاء له، وإلا فسيكون مصيرهم كمصير غيرهم مثل جيش الأمة، الذي يقبع قادته والعشرات من عناصره في سجون التوبة».
وكشف المصدر أن «كلاً من فيلق الرحمن والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام قد جمّدا عضويتهما عملياً في القيادة الموحدة، وذلك احتجاجاً على تدهور الأوضاع في الغوطة والخشية من تصاعد الغضب الشعبي ضد القيادة». ولفت المصدر الى أن «تجميد العضوية لم يُعلن عنه رسمياً، لأن قيادة الفصيلين ارتأت ترك الباب مفتوحاً لفترة ما أمام أي محاولة لتسوية الخلافات، وإيجاد حل للعديد من القضايا العالقة، وأبرزها إدارة الأنفاق التي تعتبر المتنفس الوحيد في ظل الحصار الذي تخضع له الغوطة».
وكان كل من «فيلق الرحمن» و «أجناد الشام» قد أصدرا بياناً مشتركاً، السبت الماضي، أعلنا فيه تخليهما عن أي دور في إدارة الأنفاق، واقترحا تفويض «الهيئة العامة في الغوطة الشرقية» لاستلام الشق المدني المتعلق بالأنفاق والمعابر، وذلك بعدما كثرت الخلافات بين قادة الفصائل حول إدارة الأنفاق التي تعتبر صلة الوصل الوحيدة بين الغوطة ومحيطها لإدخال المواد والأسلحة إلى الداخل، والتي تقدّر الأموال التي تجنيها الفصائل بسببها بملايين الليرات.
«أنا إنسان.. ماني زهران»
وشهدت الغوطة، أمس الأول، خروج تظاهرات ضخمة في بلدات كفربطنا وحمورية وجسرين وحزة، شارك فيها المئات من الأهالي للتنديد بقائد «جيش الإسلام» زهران علوش، والمطالبة بإسقاطه بعدما استفحلت ممارساته الوحشية وامتلأت سجونه بأبناء المنطقة، والتشديد على استبداله بقائد آخر يتفهم معاناة الأهالي.
وكان لافتاً في هذه التظاهرات أنها استطاعت حشد أعداد كبيرة من المواطنين، بخلاف التظاهرات السابقة التي كانت تقتصر على أعداد قليلة نسبياً. كما كانت التظاهرات الجديدة منظمة جيدا، والشعارات التي رفعت خلالها، وكذلك الهتافات كانت متقنة، الأمر الذي يشير إلى وجود جهة قادرة تقف وراء تنظيم هذه التظاهرات.
وفور خروج هذه التظاهرة حاول مسلحو الغوطة وقفها ومنعها من إكمال طريقها، خشية أن يكون هدفها هو اقتحام منازل قادة الفصائل، كما حصل في تظاهرة خرجت الشهر الماضي، واقتحمت جموعها منزل قائد «فيلق الرحمن» النقيب المنشق عبد الناصر شمير (أبو النصر)، واقتياده بملابس النوم إلى «المحكمة الشرعية» لمحاكمته. وقد أصيب شمير بعدة جروح نتيجة ذلك، وسارع فور خروجه من «المحكمة» إلى إطلاق معركة جديدة في جوبر، أطلق عليها تسمية «معركة أيام بدر»، في محاولة منه لإعادة تلميع صورته.
وأطلق المسلحون النار على التظاهرة بعدما كادت تخرج عن السيطرة، كما اعتقلوا العشرات من المشاركين بها. وبحسب ناشط، رفض الكشف عن اسمه، فإن الفتى ربيع شعبان، البالغ من العمر 16 عاماً، مات تحت التعذيب في «سجن التوبة»، بعد أن اعتُقل على خلفية مشاركته في التظاهرة. وأكد الناشط أن اعتقال شعبان جاء بعدما سمعه أمنيّو زهران علوش وهو يهتف في التظاهرة «أنا إنسان.. ماني زهران»، وذلك في تحوير للعبارة الشهيرة «أنا إنسان ماني حيوان». وقد اعتبر الأمنيّون أن التلاعب بالألفاظ، ووضع اسم قائدهم زهران مكان كلمة حيوان ينطوي على إهانة كبيرة استحق بسببها الفتى أن يتعرض للتعذيب حتى الموت.
ويتّهم مقربون من «جيش الإسلام» «جبهة النصرة» بأنها تقف وراء تحريض الأهالي على التظاهر، لأنها تريد استغلال الانتصارات التي حققها «جيش الفتح في إدلب» لمدّ نفوذها على الغوطة الشرقية تحت ذريعة أنها تريد تشكيل «جيش فتح» فيها حسب قوله .
وقال الناشط براء عبد الرحمن إن «النصرة، بما حصلت عليه من ملايين الدولارات من الدعم، باتت مستعدة لفعل أي شيء لتشكيل جيش الفتح الذي حصلت على الدعم لأجله، ولو كان ذلك عن طريق تمزيق الجبهة الداخلية للغوطة وجعلها عرضة للهجمات الخارجية من قبل داعش والنظام». ولفت الناشط، في بيان منشور على صفحته في «فايسبوك»، إلى أن «جبهة النصرة تتجاهل حال جيش الفتح في إدلب والتظاهرات اليومية المناهضة له بسبب سوء إدارة المدينة وسرقة المؤسسات الحكومية والخلافات بين الفصائل».
زهران علوش يرد بتهديد جديد
وكردّ على تدهور الأوضاع في مشروع «إمارته»، وخشية من أن يفلت زمام السيطرة من يديه، أصدر زهران علوش القرار الرقم «13»، الذي عاد فيه إلى نغمة التحذير من «خوارج العصر» وضرورة القضاء عليهم واستئصالهم، رغم أنه سبق له إعلان الغوطة منطقة خالية من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش»، بعد الحملة التي شنها ضد التنظيم العام الماضي. وهو ما أثار مخاوف النشطاء من أن يكون الهدف من القرار الجديد هو تشديد القبضة الحديدية على الغوطة الشرقية، ومنع خروج أي صوت يعارض سلطة زهران علوش، التي ضاق الأهالي ذرعاً بها.
ولم يكتف القرار بتجريم الانتساب أو البيعة لتنظيم «الدولة الإسلامية»، ووضع عقوبة القتل تعزيزاً جزاءً لذلك، بل جرم أيضاً أي محاولة للتستر أو التواصل أو المساعدة، والتي تصل عقوبتها إلى السجن عشرة أعوام. كما جرّم الترويج والدعاية والدعوة لهذا المنهج الفاسد والدفاع عنه، والحكم على التورط بذلك بعقوبة لا تقل عن السجن خمس سنوات.
ونظراً للتعابير الفضفاضة المستخدمة في القرار، وإمكانية تفسيرها تفسيرا واسعا يشمل فئات عديدة، يظن ناشطون في الغوطة أن القرار ما هو إلا سيف جديد يريد زهران علوش تسليطه على أبناء الغوطة، لضمان عدم خروجهم من عباءته وبقائهم خانعين لهيمنته أطول فترة ممكنة، وكل ذلك بنفس الذريعة التي بات الجميع يستند إليها، وهي محاربة «داعش». ومن المتوقع أن تكون «جبهة النصرة» و «حزب التحرير» والمتعاطفون معهما أبرز المستهدفين في القرار الجديد، لأن الخلافات بينهما وبين «جيش الإسلام» تفاقمت في الفترة الأخيرة.
المصدر :
السفير/ عبد الله علي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة