بدا الرئيس السوري في أكثر حالاته ارتياحاً منذ بدء الأزمة السورية حتى الآن. بدا أكثر تحدياً لخصومه، وأكثر اختصاراً لما يريد قوله للداخل السوري والخارج الإقليمي والدولي. صوّب الأسد بكثافة نارية نحو بعض الخصوم واكتفى برشقات تكاد لا تُذكر نحو خصوم آخرين. ربما هي تطورات الموقف المحيط بسورية تقتضي ذلك. ظهر الأسد في خطابه أنه يُجيد التعامل مع اللحظة الراهنة ويملك من الدبلوماسية ما يكفي لتطويع كلامه بما يناسب مقتضيات المرحلة. وجه الأسد كان مبتسماً دون جهد الابتسامة، ممزوجاً بهدوء يفوق ما كان يظهر في الخطابات السابقة.

 نيران الأسد كانت ثقيلة نحو أجزاء من معارضة الخارج، وصفهم بالعبيد والأتباع والمتآمرين والخونة وقال أنهم سيُرمون من أسيادهم في القمامة وأن الشعب السوري سيرميهم في مزبلة التاريخ. معنى ذلك أنه لن يتشارك معهم في مستقبل سورية. هو موقف لا ينفصل عن الوقائع السياسية المحيطة بسورية ولا ينفصل عن قبول الخارج الدولي والاقليمي برغبة الأسد تلك. ودون أن يذكر كلمة "التقسيم"، أعلن الأسد رفضه لأية حلول من هذا المبدأ عندما قال: أن حصة أي سوري هي كل سورية ... سورية الواحدة الموحدة.

بشكل واضح ولأول مرة وضع الأسد الحرب على بلاده كحرب دولية، أي أنها ليست بين سورية ودول معادية لها بل بين محور دولي ومحور آخر. كأنه يقولها بوضوح لا لُبس فيه أنها حرب روسيا وإيران والصين وحزب الله وسورية ضد منظومة أخرى تقودها واشنطن. لم يأتِ الأسد على ذكر دول الاقليم المشتبكة معه، غابت السعودية وتركيا وأنقرة عن خطابه، تجاهله أو تجنّبه الحديث عن هذه الدول هذه المرة ربما يرتبط بإفساح المجال أمام مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن حول إقامة تحالف إقليمي يضم تلك الدول وسورية لمحاربة الإرهاب. ربما هو ترطيب سياسي أو تجاهل مطلق. العلم عند الأسد فقط.

  • فريق ماسة
  • 2015-07-27
  • 10383
  • من الأرشيف

الرئيس الأسد يقصف المعارضة سياسياً ويرطّب إقليمياً ويزج موسكو وطهران في عمق المعركة

بدا الرئيس السوري في أكثر حالاته ارتياحاً منذ بدء الأزمة السورية حتى الآن. بدا أكثر تحدياً لخصومه، وأكثر اختصاراً لما يريد قوله للداخل السوري والخارج الإقليمي والدولي. صوّب الأسد بكثافة نارية نحو بعض الخصوم واكتفى برشقات تكاد لا تُذكر نحو خصوم آخرين. ربما هي تطورات الموقف المحيط بسورية تقتضي ذلك. ظهر الأسد في خطابه أنه يُجيد التعامل مع اللحظة الراهنة ويملك من الدبلوماسية ما يكفي لتطويع كلامه بما يناسب مقتضيات المرحلة. وجه الأسد كان مبتسماً دون جهد الابتسامة، ممزوجاً بهدوء يفوق ما كان يظهر في الخطابات السابقة.  نيران الأسد كانت ثقيلة نحو أجزاء من معارضة الخارج، وصفهم بالعبيد والأتباع والمتآمرين والخونة وقال أنهم سيُرمون من أسيادهم في القمامة وأن الشعب السوري سيرميهم في مزبلة التاريخ. معنى ذلك أنه لن يتشارك معهم في مستقبل سورية. هو موقف لا ينفصل عن الوقائع السياسية المحيطة بسورية ولا ينفصل عن قبول الخارج الدولي والاقليمي برغبة الأسد تلك. ودون أن يذكر كلمة "التقسيم"، أعلن الأسد رفضه لأية حلول من هذا المبدأ عندما قال: أن حصة أي سوري هي كل سورية ... سورية الواحدة الموحدة. بشكل واضح ولأول مرة وضع الأسد الحرب على بلاده كحرب دولية، أي أنها ليست بين سورية ودول معادية لها بل بين محور دولي ومحور آخر. كأنه يقولها بوضوح لا لُبس فيه أنها حرب روسيا وإيران والصين وحزب الله وسورية ضد منظومة أخرى تقودها واشنطن. لم يأتِ الأسد على ذكر دول الاقليم المشتبكة معه، غابت السعودية وتركيا وأنقرة عن خطابه، تجاهله أو تجنّبه الحديث عن هذه الدول هذه المرة ربما يرتبط بإفساح المجال أمام مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن حول إقامة تحالف إقليمي يضم تلك الدول وسورية لمحاربة الإرهاب. ربما هو ترطيب سياسي أو تجاهل مطلق. العلم عند الأسد فقط.

المصدر : القدس العربي / كامل صقر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة