أخذت معركة الزبداني مداها مثلما اقتضت الخطط الموضوعة. وليس هناك ما هو أكثر دلالة على دخولها مسارات النهاية، سوى قيام المجموعات المسلحة،

  وعلى رأسها «جبهة النصرة»، بإشعال بلدتي كفريا والفوعة ونبل والزهراء بعيداً عن حدود لبنان... في ادلب وحلب كعمل انتقامي بحت!

 المحاولة بائسة، كما يقول مصدر مطلع على المشهد الميداني، إذ تسعى «النصرة» والجماعات المتحالفة معها الى تسويق معادلة حماية المدنيين بهجومها على كفريا والفوعة رداً على هجوم الجيش السوري و «حزب الله» على الزبداني، وهي محاولة واهية لأن المدنيين غادروا الزبداني بأسابيع قبل بدء الهجوم، وعبثاً تحاول قناتا «الجزيرة» و«العربية» الحديث عن معاناة مدنيي المدينة من دون إجراء مقابلة مع أي مدني فيها.

 وفي المقابل، فإن نحو 40 الف مدني محاصرون في كفريا والفوعة، لكن رجال «اللجان الشعبية» يدافعون عنهما ببسالة، وبدعم من سلاح الجو السوري، وأحبطوا امس الاول هجوماً كبيراً لمسلحي «القاعدة» والمتحالفين معه الذين أمطروا القريتين بمئات القذائف.

 ومهما يكن، فإن ما يجري في إدلب ليس مرتبطاً بما يجري في الزبداني التي دخلت المعركة فيها مرحلة حاسمة، دفعت تنظيم «احرار الشام»، وهو الفصيل الأكبر في المدينة الى توجيه رسائل صريحة تدعو الى التفاوض والتسوية، وهو خيار يبدو مرفوضاً من جانب الحليفين السوري واللبناني، بالنظر الى سوابق التسويات التي تمّت مع الفصائل المسلحة في الزبداني وتمّ استغلالها بخلاف الغرض منها، حيث تحولت المدينة الاستراتيجية، الى مقرّ لتهديد الحدود اللبنانية وتعزيز نفوذ المسلحين في القلمون وجرودها، بالإضافة الى استمرار ابتزاز دمشق بقطع مياه نبع عين الفيجة عنها.

 ويقول المصدر المطلع إنه تمّت السيطرة بالأمس على منطقة سهل الزبداني التي تبلغ مساحتها 10 كيلومترات مربعة، ونقلت بذلك قوات الحليفين الى طريق بردى المرتبط بالزبداني، وبذلك فقد المسلحون، وقد أحكم الطوق حولهم، منافذهم الأخيرة الضيّقة نحو بلودان ومضايا.

 وتابع إن التقدم الميداني المهم خلال الساعات الماضية، من شأنه أن يسهل لاحقاً، من خلال عملية تقطيع اوصال المناطق والقضم الميداني التدريجي، تأمين موارد المياه في عين الفيجة.

 «اكتمل الطوق تماماً»، يقول المصدر المطلع، وهو ما ينسجم تماماً مع الخطط الموضوعة بقطع أوصال المناطق التي تمركز فيها المسلّحون، مضيفاً أنه بعد عزل المدينة بالكامل نارياً في المرحلة الأولى من الهجوم الذي بدأ منذ أكثر من أسبوعين، ما يجري الآن هو ما يُسمّى بـ «التضييق الفيزيائي» للقوات.

 وأوضح المصدر أن قوات الحليفين، الجيش السوري و «حزب الله»، لا يستعجلون تقدمهم في مواجهة المسلحين المحاصرين والمضيق عليهم، الا ان ما جرى بالامس بالسيطرة على سهل الزبداني، يعني أن «العد العكسي للسيطرة الكاملة والأهم، استسلام المسلحين قد بدأ فعلياً، اذ لم يعد هناك مبررات بقاء واستمرارية لهم عسكرياً».

 وأشار المصدر الى محاولة يائسة قام بها المسلحون بهجوم على منطقة الجبل الشرقي رافقها تهليل إعلامي من وسائل اعلام عربية مؤيدة للتنظيمات المسلحة، لكن الهجوم باء بالفشل وتركوا العديد من الجثث خلفهم بعد انسحابهم.

 وبينما اكد المصدر أن خسائر المقاومة تشمل حتى الآن 15 شهيداً أعلن عنهم وجرى تشييعهم، فإن 65 قتيلاً سقطوا لفصائل مسلحة اعترفوا بهم واعلنت هوياتهم على مواقعهم الالكترونية، علماً بان تنظيمات اخرى بينها «داعش»، المتواجد ايضاً في الزبداني، لا يعلن عن قتلاه نهائياً، فيما يسود التوتر العلاقة بين «احرار الشام» و «النصرة» بسبب مبادرة الاولى الى محاولة فتح قناة اتصال مع القوات المهاجمة بهدف البحث عن مخارج وتسوية، لا يرغب الجيش والمقاومة في القبول بها نظراً الى تاريخ تعامل المسلحين مع التسويات الست السابقة التي جرى إجهاضها واستغلالها.

 وكما هو معلوم فإن المجموعات المسلحة بخسارتها الزبداني تفقد معقلاً مهماً كان يشكل نقطة ضعف وخاصرة رخوة لأمن العاصمة السورية، وإن المعركة الجارية الآن تشكل نقطة تحول في المعركة مع الفصائل التكفيرية والمسلحة، بعد حصر «الخطر القلموني» في الشهور الماضية، وستترك آثارها المباشرة على معارك الغوطتين الشرقية والغربية في محيط دمشق.

وكان مصدر عسكري سوري قد اعلن القضاء على آخر تجمعات التنظيمات إلإرهابية المنتشرة في سهل الزبداني واحكام السيطرة على طريق بردى الواقع في الجزء الجنوبي الغربي من سهل الزبداني، والذي كان يشكل شرياناً حيوياً لإمداد التنظيمات الارهابية بالأسلحة والذخيرة وتسهيل حركتها وتنقلها بين المدينة ومحيطها.

 الى ذلك، ذكر «المرصد السوري لحقوق الانسان» ان سبعة اشخاص قتلوا امس نتيجة سقوط أكثر من 300 قذيفة محلية الصنع، صاروخية ومدفعية، على بلدتي الفوعة وكفريا في محافظة ادلب في شمال غرب البلاد، والمحاصرتين منذ آذار الماضي، وان اشتباكات اندلعت لاكثر من ثماني ساعات بين القوات المدافعة عن البلدتين والمسلحين المهاجمين من «النصرة» وغيرها.

 وكان ما يسمى «جيش الفتح»، المؤلف من «جبهة النصرة» ومجموعة من الفصائل، اعلن في بيان نشره على حسابه على موقع «تويتر» بدء معركة كفريا والفوعة «لنذيقهم في الشمال ما يذيقون أهلنا في الزبداني».

 كما اصدرت «غرفة عمليات حلب»، التي تضم مجموعة من الفصائل ابرزها «حركة نور الدين الزنكي» و «لواء الحرية» و «لواء صقور الجبل»، بدورها بياناً أعلنت فيه استهداف نبل والزهراء المحاصرتين منذ العام 2013، بأكثر من 160 قذيفة، «نصرة لاهلنا في الزبداني».

 لكن المصدر المطلع قال لـ «السفير» إنه لا وجود للمدنيين في الزبداني، حيث خرجت العائلات قبل اسابيع من بدء المعارك في الرابع من الشهر الحالي، بما في ذلك عائلات المسلحين الذين غادر العديد منهم نحو بلودان ومضايا، وبالتالي فإن مبررات الاعتداء على كفريا والفوعة ونبل والزهراء، ليس لها اي منطق عسكري او انساني، متسائلاً في هذا السياق عن السبب الذي يدفع مؤيدي المسلحين في الزبداني، من وسائل اعلام عربية، الى التركيز على فكرة المدنيين، مع غياب أي وجود لهم فعلياً، والأهم إغفال وجود تنظيم «داعش» في المدينة، وخصوصاً في منطقتها الشرقية في حي الزهراء وفي مناطق شمال المدينة وشرقها؟!

  • فريق ماسة
  • 2015-07-21
  • 13796
  • من الأرشيف

الزبداني: طوق يكتمل.. وبدء العد العكسيّ للاستسلام

أخذت معركة الزبداني مداها مثلما اقتضت الخطط الموضوعة. وليس هناك ما هو أكثر دلالة على دخولها مسارات النهاية، سوى قيام المجموعات المسلحة،   وعلى رأسها «جبهة النصرة»، بإشعال بلدتي كفريا والفوعة ونبل والزهراء بعيداً عن حدود لبنان... في ادلب وحلب كعمل انتقامي بحت!  المحاولة بائسة، كما يقول مصدر مطلع على المشهد الميداني، إذ تسعى «النصرة» والجماعات المتحالفة معها الى تسويق معادلة حماية المدنيين بهجومها على كفريا والفوعة رداً على هجوم الجيش السوري و «حزب الله» على الزبداني، وهي محاولة واهية لأن المدنيين غادروا الزبداني بأسابيع قبل بدء الهجوم، وعبثاً تحاول قناتا «الجزيرة» و«العربية» الحديث عن معاناة مدنيي المدينة من دون إجراء مقابلة مع أي مدني فيها.  وفي المقابل، فإن نحو 40 الف مدني محاصرون في كفريا والفوعة، لكن رجال «اللجان الشعبية» يدافعون عنهما ببسالة، وبدعم من سلاح الجو السوري، وأحبطوا امس الاول هجوماً كبيراً لمسلحي «القاعدة» والمتحالفين معه الذين أمطروا القريتين بمئات القذائف.  ومهما يكن، فإن ما يجري في إدلب ليس مرتبطاً بما يجري في الزبداني التي دخلت المعركة فيها مرحلة حاسمة، دفعت تنظيم «احرار الشام»، وهو الفصيل الأكبر في المدينة الى توجيه رسائل صريحة تدعو الى التفاوض والتسوية، وهو خيار يبدو مرفوضاً من جانب الحليفين السوري واللبناني، بالنظر الى سوابق التسويات التي تمّت مع الفصائل المسلحة في الزبداني وتمّ استغلالها بخلاف الغرض منها، حيث تحولت المدينة الاستراتيجية، الى مقرّ لتهديد الحدود اللبنانية وتعزيز نفوذ المسلحين في القلمون وجرودها، بالإضافة الى استمرار ابتزاز دمشق بقطع مياه نبع عين الفيجة عنها.  ويقول المصدر المطلع إنه تمّت السيطرة بالأمس على منطقة سهل الزبداني التي تبلغ مساحتها 10 كيلومترات مربعة، ونقلت بذلك قوات الحليفين الى طريق بردى المرتبط بالزبداني، وبذلك فقد المسلحون، وقد أحكم الطوق حولهم، منافذهم الأخيرة الضيّقة نحو بلودان ومضايا.  وتابع إن التقدم الميداني المهم خلال الساعات الماضية، من شأنه أن يسهل لاحقاً، من خلال عملية تقطيع اوصال المناطق والقضم الميداني التدريجي، تأمين موارد المياه في عين الفيجة.  «اكتمل الطوق تماماً»، يقول المصدر المطلع، وهو ما ينسجم تماماً مع الخطط الموضوعة بقطع أوصال المناطق التي تمركز فيها المسلّحون، مضيفاً أنه بعد عزل المدينة بالكامل نارياً في المرحلة الأولى من الهجوم الذي بدأ منذ أكثر من أسبوعين، ما يجري الآن هو ما يُسمّى بـ «التضييق الفيزيائي» للقوات.  وأوضح المصدر أن قوات الحليفين، الجيش السوري و «حزب الله»، لا يستعجلون تقدمهم في مواجهة المسلحين المحاصرين والمضيق عليهم، الا ان ما جرى بالامس بالسيطرة على سهل الزبداني، يعني أن «العد العكسي للسيطرة الكاملة والأهم، استسلام المسلحين قد بدأ فعلياً، اذ لم يعد هناك مبررات بقاء واستمرارية لهم عسكرياً».  وأشار المصدر الى محاولة يائسة قام بها المسلحون بهجوم على منطقة الجبل الشرقي رافقها تهليل إعلامي من وسائل اعلام عربية مؤيدة للتنظيمات المسلحة، لكن الهجوم باء بالفشل وتركوا العديد من الجثث خلفهم بعد انسحابهم.  وبينما اكد المصدر أن خسائر المقاومة تشمل حتى الآن 15 شهيداً أعلن عنهم وجرى تشييعهم، فإن 65 قتيلاً سقطوا لفصائل مسلحة اعترفوا بهم واعلنت هوياتهم على مواقعهم الالكترونية، علماً بان تنظيمات اخرى بينها «داعش»، المتواجد ايضاً في الزبداني، لا يعلن عن قتلاه نهائياً، فيما يسود التوتر العلاقة بين «احرار الشام» و «النصرة» بسبب مبادرة الاولى الى محاولة فتح قناة اتصال مع القوات المهاجمة بهدف البحث عن مخارج وتسوية، لا يرغب الجيش والمقاومة في القبول بها نظراً الى تاريخ تعامل المسلحين مع التسويات الست السابقة التي جرى إجهاضها واستغلالها.  وكما هو معلوم فإن المجموعات المسلحة بخسارتها الزبداني تفقد معقلاً مهماً كان يشكل نقطة ضعف وخاصرة رخوة لأمن العاصمة السورية، وإن المعركة الجارية الآن تشكل نقطة تحول في المعركة مع الفصائل التكفيرية والمسلحة، بعد حصر «الخطر القلموني» في الشهور الماضية، وستترك آثارها المباشرة على معارك الغوطتين الشرقية والغربية في محيط دمشق. وكان مصدر عسكري سوري قد اعلن القضاء على آخر تجمعات التنظيمات إلإرهابية المنتشرة في سهل الزبداني واحكام السيطرة على طريق بردى الواقع في الجزء الجنوبي الغربي من سهل الزبداني، والذي كان يشكل شرياناً حيوياً لإمداد التنظيمات الارهابية بالأسلحة والذخيرة وتسهيل حركتها وتنقلها بين المدينة ومحيطها.  الى ذلك، ذكر «المرصد السوري لحقوق الانسان» ان سبعة اشخاص قتلوا امس نتيجة سقوط أكثر من 300 قذيفة محلية الصنع، صاروخية ومدفعية، على بلدتي الفوعة وكفريا في محافظة ادلب في شمال غرب البلاد، والمحاصرتين منذ آذار الماضي، وان اشتباكات اندلعت لاكثر من ثماني ساعات بين القوات المدافعة عن البلدتين والمسلحين المهاجمين من «النصرة» وغيرها.  وكان ما يسمى «جيش الفتح»، المؤلف من «جبهة النصرة» ومجموعة من الفصائل، اعلن في بيان نشره على حسابه على موقع «تويتر» بدء معركة كفريا والفوعة «لنذيقهم في الشمال ما يذيقون أهلنا في الزبداني».  كما اصدرت «غرفة عمليات حلب»، التي تضم مجموعة من الفصائل ابرزها «حركة نور الدين الزنكي» و «لواء الحرية» و «لواء صقور الجبل»، بدورها بياناً أعلنت فيه استهداف نبل والزهراء المحاصرتين منذ العام 2013، بأكثر من 160 قذيفة، «نصرة لاهلنا في الزبداني».  لكن المصدر المطلع قال لـ «السفير» إنه لا وجود للمدنيين في الزبداني، حيث خرجت العائلات قبل اسابيع من بدء المعارك في الرابع من الشهر الحالي، بما في ذلك عائلات المسلحين الذين غادر العديد منهم نحو بلودان ومضايا، وبالتالي فإن مبررات الاعتداء على كفريا والفوعة ونبل والزهراء، ليس لها اي منطق عسكري او انساني، متسائلاً في هذا السياق عن السبب الذي يدفع مؤيدي المسلحين في الزبداني، من وسائل اعلام عربية، الى التركيز على فكرة المدنيين، مع غياب أي وجود لهم فعلياً، والأهم إغفال وجود تنظيم «داعش» في المدينة، وخصوصاً في منطقتها الشرقية في حي الزهراء وفي مناطق شمال المدينة وشرقها؟!

المصدر : السفير/ خليل حرب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة