أعرب المشاركون في المؤتمر الدولي الإخاء الإسلامي المسيحي الذي دعت إليه وزارة الأوقاف والكنائس المسيحية في سورية عن رفضهم وبشدة لجميع الذرائع التي يستند إليها الكنيست الإسرائيلي لتهويد الجولان السوري المحتل معتبرين جميع القرارات الصادرة بما فيها الاستفتاء الأخير لاغية وباطلة بموجب القانون الدولي والشرعية الدولية.

ورفض المشاركون في ختام أعمال المؤتمر أمس سياسة الترهيب والانتقام ضد المواطنين الفلسطينيين مؤكدين ضرورة لفت نظر المجتمع الدولي إلى خطر عمليات الاستيطان الأيديولوجي وتهويد الأراضي العربية المحتلة وتزوير الآثار المسيحية والإسلامية في القدس الشريف.

وأيد المشاركون كامل الإجراءات المنصوص عليها في القانون الدولي لحق العودة الفلسطينية داعين الهيئات الأممية إلى مساندة الفلسطينيين من أجل استرجاع أراضيهم المغتصبة منذ الاحتلال الإسرائيلي وحتى اليوم كما دعوا محافل النظام الدولي إلى ضرورة التمييز في استعمال القوة بين الإرهاب المجرم والمقاومة المشروعة مؤكدين أن الصراع العربي الصهيوني ليس صراعاً بين الأديان وإن الإرهاب الإسرائيلي المستتر بالدين اليهودي هو المصدر الوحيد للعنف المنظم ضد المسيحية والإسلام.

ورحب المؤتمرون في توصياتهم بدعوة مؤتمر السينودس من أجل الشرق والبلاد العربية إلى الإخاء الإسلامي المسيحي والعيش المشترك ونبذ التعصب والعنف والإرهاب والاضطهاد واستغلال الآخر ونداء السينودس إلى الأسرة الدولية ولا سيما منظمة الأمم المتحدة من أجل تحقيق السلام العادل في المنطقة وتطبيق قرارات مجلس الأمن واتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية لإنهاء الاحتلال في مختلف الأراضي العربية مؤكدين رفض أساقفة الكنائس عمليات تهويد القدس ودعوتهم إلى مقاومتها والتصدي لسياسة الأمر الواقع التي تنتهجها إسرائيل لتغيير التركيبة الديموغرافية للقدس ونزع الطابع العربي عنها.

ورأى المشاركون في المؤتمر في تأكيد السينودس على أهمية اللغة العربية كلغة رسمية في السينودس والتوصية باستخدامها في الدوائر الرومانية في دولة الفاتيكان خطوة نوعية باتجاه التعاون المثمر والتكافل الحضاري بين المسيحية العربية والمسيحية الغربية وما يترتب عليه من التأسيس الموضوعي لحوار الحضارات والثقافات والأديان.

وأكد المؤتمرون في توصياتهم أن فكرة التناقض بين الإسلام والمسيحية هي من الأفكار السياسية المخادعة التي بذرتها حروب الفرنجة لتبرير عدوانها على الشرق مطالبة المرجعيات والمؤسسات المسيحية والإسلامية مواجهة هذا التضليل وتداعياته السلبية على الخطاب الديني.

واعتبروا أن المجال الثقافي الحيوي للمسيحية والإسلام هو الانتماء المشترك للعروبة بوصفها حضارة إنسانية جامعة وعلى مرتكز الهوية داعين إلى تصحيح مفهومات الاستشراق والاستغراب وإنهاء منطق الأحكام المسبقة ضد العرب والإسلام محرمين التنازع واستخدام العنف بجميع أشكاله واعتبار التسامح الديني فضيلة إسلامية ومسيحية عليا تبنى على حرية المعتقد وعلى وجوب الاحترام المتبادل والاعتراف بالحق في الاختلاف والتنوع.

وجاء في التوصيات أن ما يسمى بمصطلح الأقليات الدينية هو من المصطلحات الأجنبية الوافدة ولا يعبر في واقعه العربي عن شيء من التمييز بين المذاهب والأديان حيث المجتمع بمختلف فئاته متجذر بهوية وطنية واحدة وانتماء حضاري واحد داعية إلى تجديد الوعي المعرفي والموضوعي بجوهر المسيحية العربية والإسلام وتوحيد البرامج التربوية لرعاية الناشئة والشباب ودورهم المستقبلي الواعد في القيم والأخلاق والتنمية.

ولفت المؤتمرون إلى ضرورة تشكيل الصيغ والأطر الملائمة لمعالجة جميع القضايا المتصلة بهموم المسيحيين ومواجعهم في فلسطين والعراق خاصة مشيرين إلى أن عجز الأمم المتحدة عن تنفيذ عشرات القرارات المتصلة بالحقوق المسيحية والإسلامية في فلسطين ولبنان وسورية والجولان تستدعي وقفة مسيحية إسلامية من أجل استرداد الحقوق وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.

وأدان المؤتمرون النزعات العدوانية والأفعال الإجرامية بين الدول والجماعات والأفراد مؤكدين أن زرع الكيان الصهيوني في فلسطين هو الخطر الوحيد على الوحدة المسيحية الإسلامية محملين الكيان الصهيوني الإرهابي في فلسطين مسؤولية تهجير المسيحيين والمسلمين من أرضهم كما حملوا الاحتلال في العراق مسؤولية الأعمال الإرهابية ضد المساجد والكنائس والحسينيات.

ودعا المشاركون في المؤتمر إلى معالجة الأوضاع الداخلية للمسلمين والمسيحيين وحل مشكلاتهم من خلال الحوار والعمل المشترك بعيداً عن أي تدخل خارجي طامع في استغلال الأخطاء التي يرتكبها البعض هنا أو هناك لتخريب السلم الأهلي مستنكرين ما يتعرض له المسيحيون والمسلمون تحت نير الاحتلال في العراق وفلسطين من ضغوط نفسية واقتصادية وسياسية ودينية تعمل على تهجيرهم وإجبارهم على ترك ديارهم مؤكدين أن ظاهرة العنف المستشرية في كل مكان تقريباً من العالم لا تمت إلى الأخلاق المسيحية والإسلامية بأي صلة.

وأعرب المؤتمرون عن رفضهم للمقولات والإيديولوجيات القائلة بصراع الأديان والحضارات وأكدوا على وجوب التآخي والتعايش والحوار تحت سماء العلم الواحد والوطن الواحد محذرين من الرواج المفرط للفضائيات الدينية التي تنزلق إلى إثارة الفتن الطائفية والتحريض المذهبي وداعين إلى ميثاق شرف إعلامي ديني يهيب بالجهات المختصة العمل على إغلاق جميع الوسائل الإعلامية التي تعبث بأمن المجتمع ووحدته الوطنية.

وأكد المؤتمرون في توصياتهم على وضع القيم الإيمانية المسيحية الإسلامية، لتكون موضوع دراسات ومؤتمرات وندوات ولقاءات مسيحية إسلامية مع برامج تحمل فكراً أكاديمياً روحيا إيمانيا تكون مشتركة بين المواطنين مسيحيين ومسلمين.

وكان الميتروبوليت عمانوئيل أداماكيس ممثل بطريرك استانبول للروم الأرثوذوكس والمطران نيفون ممثل بطريرك رومانيا الأرثوذوكس والمطران بورفيوروس ممثل رئيس أساقفة قبرص للروم الأرثوذوكس والأرشمنديت جورجيوس ساكور ممثل أساقفة أثينا واليونان للروم الأرثوذوكس والمطران الياس شقور مطران القدس للروم الكاثوليك والشيخ الدوكالي محمد العالم الأمين العام المساعد للهيئة العامة للأوقاف وشؤون الزكاة في ليبيا والأرشمنديت الكساندر اليسيس ممثل البطريرك كيريل بطريرك روسيا للروم الأرثوذوكس والمطران سيبوه ممثل طهران للأرمن الأرثوذوكس تحدثوا عن أهمية الحوار والإخاء الإسلامي المسيحي لمواجهة التحديات والأخطار التي تهدد القيم والمبادئ التي جاءت بها الشرائع السماوية.

وناقش المؤتمرون موضوعات العيش المشترك الإسلامي المسيحي وسلام العالم من سلام القدس ورسالة الشرائع السماوية في نبذ العنف والتطرف.

وقال البطريرك غريغوريوس الثالث لحام بطريرك انطاكية وسائر المشرق والقدس للروم الملكيين الكاثوليك في محاضرة له حول أبعاد مقررات السينودس إن السينودس من أجل الشرق الأوسط جاء لأجل البلاد العربية وهو سينودس الكنيسة في المحيط الإسلامي وسينودس للمسيحيين والمسلمين معا في المشرق العربي وحدث كبير وهام جدا حيث كان منبرا للكنائس الشرقية ولقضايا الشرق الأوسط والوجود المسيحي في الشرق الأوسط.

وأشار البطريرك لحام إلى الرسالة التي أرسلها بعد نهاية سينودس روما إلى الملوك ورؤساء الدول العربية قال فيها إن اللغة العربية كانت لغة رسمية في السينودس وقدمت توصية باستخدامها في الدوائر الرومانية في دولة الفاتيكان وهذا انجاز كبير و هدية للعالم العربي من بطاركة وأساقفة الشرق العربي لأنهم يعتبرون بحق أن اللغة العربية هي لغة حضارتنا وإيماننا ومجتمعنا.

وكان الحوار الإسلامي المسيحي بأهميته وضرورته الملحة وتطويره ودعمه موجودا إضافة إلى مضامين المواطنة وحقوق الإنسان والمرأة والحرية الدينية ونبذ التطرف والإرهاب والاضطهاد واستغلال الآخر ومناقشة الحروب المتتالية في المنطقة والتي تفاقمت بسبب الصراع العربي الإسرائيلي وما سببه من ظهور صورة الإنسان العربي المسلم وحتى المسيحي وكأنه يولد إنسانا إرهابيا وأصوليا وكأن الدين أصبح سبب العنف والإرهاب والدين منه براء.

وأضاف أن المشاركين في السينودس اعتبروا أن الدواء الناجع لكل الآفات هو الحوار المسيحي الإسلامي وأن نجاح تجربتنا الفريدة في العيش المشترك هو ضمانة نجاح الحوار كما كان السلام الشجاع حاضرا في السينودس.

وأكد ضرورة التفتيش عن القيم الإيمانية المسيحية الإسلامية وجعلها موضوع دراسات ومؤتمرات وتكريس فكرة عقد سينودس مسيحي إسلامي في الشرق الأوسط وسينودس لكل الكنائس في الشرق الأوسط.

وتطرق البطريرك لحام إلى النداء الختامي للسينودس وما ورد فيه من أفكار تتعلق بموضوع المؤتمر ومنها أن السلام العادل هو المخرج الوحيد لخير المنطقة وأن تطور مجتمعنا المسيحي الإيماني مرتبط بتطور مجتمعنا الإسلامي الإيماني معتبرا أنه من الضروري البحث بعمق في الأسباب التي أدت إلى إلصاق تهم العنف والتطرف والإرهاب بالإسلام وهي ليست من الإسلام في شيء و تشكل الخطر الأكبر عليه وتقدم الوقود لنار تطبخ عليها إسرائيل مؤامراتها في المنطقة.

وكانت فعاليات المؤتمر بدأت بمشاركة وفود أكثر من ثلاثين دولة في قصر المؤتمرات بدمشق.

وقال الدكتور محمد عبد الستار السيد وزير الأوقاف إن الإخاء الإسلامي المسيحي في سورية حقيقة تاريخية وضرورة اجتماعية عاشها المواطنون في مختلف الحقب وخلال ما واجهته سورية من تحديات والشواهد الحية على ذلك كثيرة تحفل بها كتب التاريخ وهي تطبيق لما جاء في القرآن الكريم والإنجيل المقدس من نصوص تدعو إلى المحبة والوئام وإلى العمل معا لخير الإنسانية وسعادتها.

وأضاف وزير الأوقاف أن الرسالتين الإسلامية والمسيحية أرستا قواعد العدل بين الناس وحرمتا الظلم بكل أنواعه وأشكاله وأن التعريف الذي تلتقي عليه المسيحية والإسلام للعدل والحق في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية هو أن يأخذ كل إنسان حقه على نحو ثابت ودائم مادام أهلا لهذا الحق وقد ربى الإسلام والمسيحية المؤمنين على هذه الأخلاقية الحضارية ويشهد التاريخ على دفاع أبناء الديانتين عن الحق والعدل عاملين على أن يعم العدل بين البشر جميعا وأن يكون هو المرجعية الوحيدة التي تؤطر علاقات البشر بين بعضهم بعضا.

وأشار الوزير السيد إلى أن الحضارة العربية التي بناها المسلمون والمسيحيون تشكل تجربة حضارية رائدة في التسامح والتكامل الحضاري الإنساني وأن هذا ما يؤهلها لتلعب دورها الرائد الذي يعد نموذجا فريدا لحوار الحضارات ومثل هذا التسامح والتكامل في تاريخنا الإسلامي الحضاري لا يزال واقعا معاشا خاصة في سورية.

ودعا وزير الأوقاف المسلمين والمسيحيين للوقوف معا في وجه كل أشكال الإرهاب العالمي بدءا من إرهاب الدولة المنظم الذي يمارسه الكيان الصهيوني مرورا بأشكال الإرهاب الفكري والاقتصادي والثقافي وصولا إلى إرهاب الأفراد المجرم وذلك كله وفق تعريف علمي موضوعي واضح لمعنى الإرهاب وأشكاله ومضامينه التي تروع الآمنين وتقتل الأبرياء وذلك تمييزا للإرهاب المدان عن المقاومة والنضال المشروع ضد قوى ظالمة تحتل أراضي الآخرين وتصادر حرياتهم وتدنس مقدساتهم وتسلب مقدراتهم وخيراتهم ولاسيما ما نراه اليوم في أرض فلسطين من محاولات لفرض يهودية الدولة وتهويد القدس الشريف وتغيير المعالم الحضارية والتاريخية لها وما نراه في العراق من قتل وتشريد وتدمير للمساجد والكنائس.

  • فريق ماسة
  • 2010-12-15
  • 13843
  • من الأرشيف

مؤتمر الإخاء الإسلامي المسيحي يناقش أهمية الإخاء و الوحدة لمواجهة الأخطار و التحديات

أعرب المشاركون في المؤتمر الدولي الإخاء الإسلامي المسيحي الذي دعت إليه وزارة الأوقاف والكنائس المسيحية في سورية عن رفضهم وبشدة لجميع الذرائع التي يستند إليها الكنيست الإسرائيلي لتهويد الجولان السوري المحتل معتبرين جميع القرارات الصادرة بما فيها الاستفتاء الأخير لاغية وباطلة بموجب القانون الدولي والشرعية الدولية. ورفض المشاركون في ختام أعمال المؤتمر أمس سياسة الترهيب والانتقام ضد المواطنين الفلسطينيين مؤكدين ضرورة لفت نظر المجتمع الدولي إلى خطر عمليات الاستيطان الأيديولوجي وتهويد الأراضي العربية المحتلة وتزوير الآثار المسيحية والإسلامية في القدس الشريف. وأيد المشاركون كامل الإجراءات المنصوص عليها في القانون الدولي لحق العودة الفلسطينية داعين الهيئات الأممية إلى مساندة الفلسطينيين من أجل استرجاع أراضيهم المغتصبة منذ الاحتلال الإسرائيلي وحتى اليوم كما دعوا محافل النظام الدولي إلى ضرورة التمييز في استعمال القوة بين الإرهاب المجرم والمقاومة المشروعة مؤكدين أن الصراع العربي الصهيوني ليس صراعاً بين الأديان وإن الإرهاب الإسرائيلي المستتر بالدين اليهودي هو المصدر الوحيد للعنف المنظم ضد المسيحية والإسلام. ورحب المؤتمرون في توصياتهم بدعوة مؤتمر السينودس من أجل الشرق والبلاد العربية إلى الإخاء الإسلامي المسيحي والعيش المشترك ونبذ التعصب والعنف والإرهاب والاضطهاد واستغلال الآخر ونداء السينودس إلى الأسرة الدولية ولا سيما منظمة الأمم المتحدة من أجل تحقيق السلام العادل في المنطقة وتطبيق قرارات مجلس الأمن واتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية لإنهاء الاحتلال في مختلف الأراضي العربية مؤكدين رفض أساقفة الكنائس عمليات تهويد القدس ودعوتهم إلى مقاومتها والتصدي لسياسة الأمر الواقع التي تنتهجها إسرائيل لتغيير التركيبة الديموغرافية للقدس ونزع الطابع العربي عنها. ورأى المشاركون في المؤتمر في تأكيد السينودس على أهمية اللغة العربية كلغة رسمية في السينودس والتوصية باستخدامها في الدوائر الرومانية في دولة الفاتيكان خطوة نوعية باتجاه التعاون المثمر والتكافل الحضاري بين المسيحية العربية والمسيحية الغربية وما يترتب عليه من التأسيس الموضوعي لحوار الحضارات والثقافات والأديان. وأكد المؤتمرون في توصياتهم أن فكرة التناقض بين الإسلام والمسيحية هي من الأفكار السياسية المخادعة التي بذرتها حروب الفرنجة لتبرير عدوانها على الشرق مطالبة المرجعيات والمؤسسات المسيحية والإسلامية مواجهة هذا التضليل وتداعياته السلبية على الخطاب الديني. واعتبروا أن المجال الثقافي الحيوي للمسيحية والإسلام هو الانتماء المشترك للعروبة بوصفها حضارة إنسانية جامعة وعلى مرتكز الهوية داعين إلى تصحيح مفهومات الاستشراق والاستغراب وإنهاء منطق الأحكام المسبقة ضد العرب والإسلام محرمين التنازع واستخدام العنف بجميع أشكاله واعتبار التسامح الديني فضيلة إسلامية ومسيحية عليا تبنى على حرية المعتقد وعلى وجوب الاحترام المتبادل والاعتراف بالحق في الاختلاف والتنوع. وجاء في التوصيات أن ما يسمى بمصطلح الأقليات الدينية هو من المصطلحات الأجنبية الوافدة ولا يعبر في واقعه العربي عن شيء من التمييز بين المذاهب والأديان حيث المجتمع بمختلف فئاته متجذر بهوية وطنية واحدة وانتماء حضاري واحد داعية إلى تجديد الوعي المعرفي والموضوعي بجوهر المسيحية العربية والإسلام وتوحيد البرامج التربوية لرعاية الناشئة والشباب ودورهم المستقبلي الواعد في القيم والأخلاق والتنمية. ولفت المؤتمرون إلى ضرورة تشكيل الصيغ والأطر الملائمة لمعالجة جميع القضايا المتصلة بهموم المسيحيين ومواجعهم في فلسطين والعراق خاصة مشيرين إلى أن عجز الأمم المتحدة عن تنفيذ عشرات القرارات المتصلة بالحقوق المسيحية والإسلامية في فلسطين ولبنان وسورية والجولان تستدعي وقفة مسيحية إسلامية من أجل استرداد الحقوق وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. وأدان المؤتمرون النزعات العدوانية والأفعال الإجرامية بين الدول والجماعات والأفراد مؤكدين أن زرع الكيان الصهيوني في فلسطين هو الخطر الوحيد على الوحدة المسيحية الإسلامية محملين الكيان الصهيوني الإرهابي في فلسطين مسؤولية تهجير المسيحيين والمسلمين من أرضهم كما حملوا الاحتلال في العراق مسؤولية الأعمال الإرهابية ضد المساجد والكنائس والحسينيات. ودعا المشاركون في المؤتمر إلى معالجة الأوضاع الداخلية للمسلمين والمسيحيين وحل مشكلاتهم من خلال الحوار والعمل المشترك بعيداً عن أي تدخل خارجي طامع في استغلال الأخطاء التي يرتكبها البعض هنا أو هناك لتخريب السلم الأهلي مستنكرين ما يتعرض له المسيحيون والمسلمون تحت نير الاحتلال في العراق وفلسطين من ضغوط نفسية واقتصادية وسياسية ودينية تعمل على تهجيرهم وإجبارهم على ترك ديارهم مؤكدين أن ظاهرة العنف المستشرية في كل مكان تقريباً من العالم لا تمت إلى الأخلاق المسيحية والإسلامية بأي صلة. وأعرب المؤتمرون عن رفضهم للمقولات والإيديولوجيات القائلة بصراع الأديان والحضارات وأكدوا على وجوب التآخي والتعايش والحوار تحت سماء العلم الواحد والوطن الواحد محذرين من الرواج المفرط للفضائيات الدينية التي تنزلق إلى إثارة الفتن الطائفية والتحريض المذهبي وداعين إلى ميثاق شرف إعلامي ديني يهيب بالجهات المختصة العمل على إغلاق جميع الوسائل الإعلامية التي تعبث بأمن المجتمع ووحدته الوطنية. وأكد المؤتمرون في توصياتهم على وضع القيم الإيمانية المسيحية الإسلامية، لتكون موضوع دراسات ومؤتمرات وندوات ولقاءات مسيحية إسلامية مع برامج تحمل فكراً أكاديمياً روحيا إيمانيا تكون مشتركة بين المواطنين مسيحيين ومسلمين. وكان الميتروبوليت عمانوئيل أداماكيس ممثل بطريرك استانبول للروم الأرثوذوكس والمطران نيفون ممثل بطريرك رومانيا الأرثوذوكس والمطران بورفيوروس ممثل رئيس أساقفة قبرص للروم الأرثوذوكس والأرشمنديت جورجيوس ساكور ممثل أساقفة أثينا واليونان للروم الأرثوذوكس والمطران الياس شقور مطران القدس للروم الكاثوليك والشيخ الدوكالي محمد العالم الأمين العام المساعد للهيئة العامة للأوقاف وشؤون الزكاة في ليبيا والأرشمنديت الكساندر اليسيس ممثل البطريرك كيريل بطريرك روسيا للروم الأرثوذوكس والمطران سيبوه ممثل طهران للأرمن الأرثوذوكس تحدثوا عن أهمية الحوار والإخاء الإسلامي المسيحي لمواجهة التحديات والأخطار التي تهدد القيم والمبادئ التي جاءت بها الشرائع السماوية. وناقش المؤتمرون موضوعات العيش المشترك الإسلامي المسيحي وسلام العالم من سلام القدس ورسالة الشرائع السماوية في نبذ العنف والتطرف. وقال البطريرك غريغوريوس الثالث لحام بطريرك انطاكية وسائر المشرق والقدس للروم الملكيين الكاثوليك في محاضرة له حول أبعاد مقررات السينودس إن السينودس من أجل الشرق الأوسط جاء لأجل البلاد العربية وهو سينودس الكنيسة في المحيط الإسلامي وسينودس للمسيحيين والمسلمين معا في المشرق العربي وحدث كبير وهام جدا حيث كان منبرا للكنائس الشرقية ولقضايا الشرق الأوسط والوجود المسيحي في الشرق الأوسط. وأشار البطريرك لحام إلى الرسالة التي أرسلها بعد نهاية سينودس روما إلى الملوك ورؤساء الدول العربية قال فيها إن اللغة العربية كانت لغة رسمية في السينودس وقدمت توصية باستخدامها في الدوائر الرومانية في دولة الفاتيكان وهذا انجاز كبير و هدية للعالم العربي من بطاركة وأساقفة الشرق العربي لأنهم يعتبرون بحق أن اللغة العربية هي لغة حضارتنا وإيماننا ومجتمعنا. وكان الحوار الإسلامي المسيحي بأهميته وضرورته الملحة وتطويره ودعمه موجودا إضافة إلى مضامين المواطنة وحقوق الإنسان والمرأة والحرية الدينية ونبذ التطرف والإرهاب والاضطهاد واستغلال الآخر ومناقشة الحروب المتتالية في المنطقة والتي تفاقمت بسبب الصراع العربي الإسرائيلي وما سببه من ظهور صورة الإنسان العربي المسلم وحتى المسيحي وكأنه يولد إنسانا إرهابيا وأصوليا وكأن الدين أصبح سبب العنف والإرهاب والدين منه براء. وأضاف أن المشاركين في السينودس اعتبروا أن الدواء الناجع لكل الآفات هو الحوار المسيحي الإسلامي وأن نجاح تجربتنا الفريدة في العيش المشترك هو ضمانة نجاح الحوار كما كان السلام الشجاع حاضرا في السينودس. وأكد ضرورة التفتيش عن القيم الإيمانية المسيحية الإسلامية وجعلها موضوع دراسات ومؤتمرات وتكريس فكرة عقد سينودس مسيحي إسلامي في الشرق الأوسط وسينودس لكل الكنائس في الشرق الأوسط. وتطرق البطريرك لحام إلى النداء الختامي للسينودس وما ورد فيه من أفكار تتعلق بموضوع المؤتمر ومنها أن السلام العادل هو المخرج الوحيد لخير المنطقة وأن تطور مجتمعنا المسيحي الإيماني مرتبط بتطور مجتمعنا الإسلامي الإيماني معتبرا أنه من الضروري البحث بعمق في الأسباب التي أدت إلى إلصاق تهم العنف والتطرف والإرهاب بالإسلام وهي ليست من الإسلام في شيء و تشكل الخطر الأكبر عليه وتقدم الوقود لنار تطبخ عليها إسرائيل مؤامراتها في المنطقة. وكانت فعاليات المؤتمر بدأت بمشاركة وفود أكثر من ثلاثين دولة في قصر المؤتمرات بدمشق. وقال الدكتور محمد عبد الستار السيد وزير الأوقاف إن الإخاء الإسلامي المسيحي في سورية حقيقة تاريخية وضرورة اجتماعية عاشها المواطنون في مختلف الحقب وخلال ما واجهته سورية من تحديات والشواهد الحية على ذلك كثيرة تحفل بها كتب التاريخ وهي تطبيق لما جاء في القرآن الكريم والإنجيل المقدس من نصوص تدعو إلى المحبة والوئام وإلى العمل معا لخير الإنسانية وسعادتها. وأضاف وزير الأوقاف أن الرسالتين الإسلامية والمسيحية أرستا قواعد العدل بين الناس وحرمتا الظلم بكل أنواعه وأشكاله وأن التعريف الذي تلتقي عليه المسيحية والإسلام للعدل والحق في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية هو أن يأخذ كل إنسان حقه على نحو ثابت ودائم مادام أهلا لهذا الحق وقد ربى الإسلام والمسيحية المؤمنين على هذه الأخلاقية الحضارية ويشهد التاريخ على دفاع أبناء الديانتين عن الحق والعدل عاملين على أن يعم العدل بين البشر جميعا وأن يكون هو المرجعية الوحيدة التي تؤطر علاقات البشر بين بعضهم بعضا. وأشار الوزير السيد إلى أن الحضارة العربية التي بناها المسلمون والمسيحيون تشكل تجربة حضارية رائدة في التسامح والتكامل الحضاري الإنساني وأن هذا ما يؤهلها لتلعب دورها الرائد الذي يعد نموذجا فريدا لحوار الحضارات ومثل هذا التسامح والتكامل في تاريخنا الإسلامي الحضاري لا يزال واقعا معاشا خاصة في سورية. ودعا وزير الأوقاف المسلمين والمسيحيين للوقوف معا في وجه كل أشكال الإرهاب العالمي بدءا من إرهاب الدولة المنظم الذي يمارسه الكيان الصهيوني مرورا بأشكال الإرهاب الفكري والاقتصادي والثقافي وصولا إلى إرهاب الأفراد المجرم وذلك كله وفق تعريف علمي موضوعي واضح لمعنى الإرهاب وأشكاله ومضامينه التي تروع الآمنين وتقتل الأبرياء وذلك تمييزا للإرهاب المدان عن المقاومة والنضال المشروع ضد قوى ظالمة تحتل أراضي الآخرين وتصادر حرياتهم وتدنس مقدساتهم وتسلب مقدراتهم وخيراتهم ولاسيما ما نراه اليوم في أرض فلسطين من محاولات لفرض يهودية الدولة وتهويد القدس الشريف وتغيير المعالم الحضارية والتاريخية لها وما نراه في العراق من قتل وتشريد وتدمير للمساجد والكنائس.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة