جلس القيصر واثقاً، نبرة رصينة هادئة ساقت كلماته حول سوريا، رسائل متعددة لكل الخصوم، دمشق لن تكون كـ "سرت وبنغازي أو بغداد"، كيف لا وللتاريخ لغته الأقوى التي أثبتت بأن العلاقات السورية ـ الروسية حيكت باحترافية حتى باتت حلفاً وثيقاً.

خلال الجلسة العامة لمنتدى بطربسبورغ الاقتصادي أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداد موسكو للعمل مع الرئيس بشار الأسد من أجل تمهيد الطريق إلى الإصلاح السياسي في هذا البلد، محذراً من تكرار سيناريو العراق وليبيا في سوريا.

كلام القيصر كان كامل الدسم، لا سيما عندما لفت إلى أن الأمم المتحدة تحدثت مؤخراً عن احتمال إقامة تعاون مع السيد الرئيس بشار الأسد في مكافحة "داعش" والجماعات الإرهابية الأخرى في المنطقة.

ما أراد بوتين توضيحه للجميع، هو أن القرار الروسي واضح وثابت، وعلى كل الجهات التي تعمد إلى بث شائعات وترويج مزاعم حول تغير محتمل في الموقف الروسي من سوريا، أن تمل من محاولاتها العبثية، لأن موسكو اتخذت موقفاً يحمي أمنها القومي في سوريا، وذلك لا يمكن شراؤه لا بالمال ولا بالاتفاقيات، في إشارة أو تلميح غير معلن للنظام السعودي الذي حاول مراراً تقديم عروض مغرية لموسكو مقابل تخلٍ عن حليفتها دمشق.

كما كان لافتاً هو تطرق الرئيس الروسي إلى فكرة تعاون أممي مع السيد الرئيس بشار الأسد في مكافحة داعش، وأن الهيئة الأممية عادت لتتحدث عن ذلك التعاون، بعد مضي زمن على إعلان التحالف الدولي الذي لم يستطع كبح داعش، بالتالي فقد أراد بوتين إفهام الأنظمة الخليجية بأن من تحاربونه في دمشق بات قريباً من توقيع اتفاق تعاون مع الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب؟

إن صح ذلك فإن ذلك بطبيعة الحال لن يكون إلا بموافقة أمريكية على اعتبار أن الأمم المتحدة تابعة لواشنطن، فهل نربط ذلك أيضاً بما أعلنه البنتاغون من أن سير خطة التدريب الأمريكية لما تُسمى بالمعارضة المعتدلة يسير ببطء؟ هل إعلان وزارة الدفاع الأمريكية هو تمهيد للأنظمة الخليجية والجماعات المسلحة بأن الفشل بات نتيجة حتمية وبرنامج التدريب ذاك لن ينجح بسبب عدم ضمان "اعتدال" من سيتم تدريبهم؟

  • فريق ماسة
  • 2015-06-22
  • 5339
  • من الأرشيف

القيصر والكلام المليء بالدسم

 جلس القيصر واثقاً، نبرة رصينة هادئة ساقت كلماته حول سوريا، رسائل متعددة لكل الخصوم، دمشق لن تكون كـ "سرت وبنغازي أو بغداد"، كيف لا وللتاريخ لغته الأقوى التي أثبتت بأن العلاقات السورية ـ الروسية حيكت باحترافية حتى باتت حلفاً وثيقاً. خلال الجلسة العامة لمنتدى بطربسبورغ الاقتصادي أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداد موسكو للعمل مع الرئيس بشار الأسد من أجل تمهيد الطريق إلى الإصلاح السياسي في هذا البلد، محذراً من تكرار سيناريو العراق وليبيا في سوريا. كلام القيصر كان كامل الدسم، لا سيما عندما لفت إلى أن الأمم المتحدة تحدثت مؤخراً عن احتمال إقامة تعاون مع السيد الرئيس بشار الأسد في مكافحة "داعش" والجماعات الإرهابية الأخرى في المنطقة. ما أراد بوتين توضيحه للجميع، هو أن القرار الروسي واضح وثابت، وعلى كل الجهات التي تعمد إلى بث شائعات وترويج مزاعم حول تغير محتمل في الموقف الروسي من سوريا، أن تمل من محاولاتها العبثية، لأن موسكو اتخذت موقفاً يحمي أمنها القومي في سوريا، وذلك لا يمكن شراؤه لا بالمال ولا بالاتفاقيات، في إشارة أو تلميح غير معلن للنظام السعودي الذي حاول مراراً تقديم عروض مغرية لموسكو مقابل تخلٍ عن حليفتها دمشق. كما كان لافتاً هو تطرق الرئيس الروسي إلى فكرة تعاون أممي مع السيد الرئيس بشار الأسد في مكافحة داعش، وأن الهيئة الأممية عادت لتتحدث عن ذلك التعاون، بعد مضي زمن على إعلان التحالف الدولي الذي لم يستطع كبح داعش، بالتالي فقد أراد بوتين إفهام الأنظمة الخليجية بأن من تحاربونه في دمشق بات قريباً من توقيع اتفاق تعاون مع الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب؟ إن صح ذلك فإن ذلك بطبيعة الحال لن يكون إلا بموافقة أمريكية على اعتبار أن الأمم المتحدة تابعة لواشنطن، فهل نربط ذلك أيضاً بما أعلنه البنتاغون من أن سير خطة التدريب الأمريكية لما تُسمى بالمعارضة المعتدلة يسير ببطء؟ هل إعلان وزارة الدفاع الأمريكية هو تمهيد للأنظمة الخليجية والجماعات المسلحة بأن الفشل بات نتيجة حتمية وبرنامج التدريب ذاك لن ينجح بسبب عدم ضمان "اعتدال" من سيتم تدريبهم؟

المصدر : عربي برس/ علي مخلوف


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة