في مثل هذا اليوم بعد أسبوع سيحلّ الثلاثون من حزيران، الموعد المرتقب لحسم الملف النووي الإيراني بإعلان التوصل إلى التفاهم، أو الفشل ووقف التفاوض،  طالما أنّ التمديد في حال وروده سيكون تمديداً تقنياً صرفاً لا يتعدّى الأيام، وسيعني ضمناً التوصل إلى التفاهم، الذي وضع له إطار مبادئ تفصيلي وتمّ توقيعه، قبل ثلاثة شهور، بما لا يدع مجالاً للحديث عن تمديد تفاوضي على المبادئ، ويسمح حصراً بتمديد أساسه الاتفاق والحاجة إلى بعض الوقت لصياغات نهائية لبعض البنود، ما يعني خلافاً لحال مفاوضات فيينا التي انتهت في الرابع والعشرين من تشرين الثاني العام الماضي من دون اتفاق، وتوّجت بتمديد لسبعة شهور تنتهي في الثلاثين من هذا الشهر، وانتهى قسمها الأول نهاية آذار الماضي بتوقيع الاتفاق الإطار، فيومها كانت فرضيتا التوصل إلى اتفاق أو الفشل متساويتين.

- في حال عدم توقيع التفاهم فالوضع العالمي والإقليمي سيدخل تعقيداً يشبه الدخول في نفق مظلم، كما لو أنّ حرباً عالمية ستقع غداً، ستعود واشنطن ودول الغرب للعقوبات المشدّدة ضدّ إيران، ستلجأ إيران إلى الإعلان عن العودة إلى التخصيب العالي النسبة، وتخزين ما تقوم بتخصيبه، وسيكون شهراً واحداً أو أقل أو أكثر بقليل كافياً لامتلاك إيران ما يكفي لتصنيع قنبلة لا تزال إيران تعلن أنها لا تريد امتلاكها، وتجعل من التحريم الديني والأخلاقي سبباً لعدم السعي إلى امتلاكها، وسيزداد التوتر والتهديد، وربما التحرّشات العسكرية، وبعض المناوشات، ما يجعل إيران تقترب أكثر وأكثر من الإعلان عن حقها في امتلاك القنبلة منعاً للتعرّض لأيّ عدوان، ويقترب أكثر احتمال السماع عن تجربة إيران لأول صاروخ برأس نووي، صاروخ تمتلك منه إيران الآلاف، ويصل مداه إلى ما يعادل أبعد عواصم الدول الغربية ويحتاج إلى كمية أقلّ مما تحتاج القنبلة من اليورانيوم المخصب، ويكفهر الجو الدولي وتتمّ العودة إلى المفاوضات، لكن للاعتراف بإيران دولة نووية عسكرية، وربما لا ترضى إيران بأقلّ من عضوية دائمة في مجلس الأمن، فيقول العقل الأميركي لمن أوصل المفاوضات إلى الفشل: ماذا فعلت بنا أيها الأحمق؟

- الاحتمال الثاني في حال الفشل هو تصاعد التوترات الإقليمية المحيطة بإيران وحلفائها، وعودة واشنطن لحشد وتنشيط وتحفيز جبهة الحلفاء الغاضبين أصلاً من الاتفاق، وتشتعل المواجهات الأشدّ قسوة من العراق إلى اليمن إلى سورية ولبنان، وربما تدخل جبهات أخرى مثل الكويت والإمارات في مناوشات إقليمية تغيّر خريطة الجغرافيا الإقليمية، ومثلها في البحر الأحمر مناوشات ربما تصل إلى أريتريا والسودان ومصر وسواها، ولكن يجري ذلك بعدما تصدّعت العلاقات الأميركية مع كلّ من «إسرائيل» وتركيا والسعودية، أبرز حلفاء أميركا في المنطقة، وبعدما استنزف هؤلاء قدراتهم وطاقاتهم، فتركيا غرقت في مشاكل داخلية تجعلها أعجز من ذي قبل على دخول حرب، والسعودية تفشل في حرب اليمن التي استهلكت مهابتها وقدراتها ومكانتها، وتعاني مجموعة من التنازعات القاتلة داخلياً، وتأكلها «داعش» و«القاعدة» من قلب البيت، و«إسرائيل» فشلت في تعديل موازين الردع مع حزب الله، والمعارضة السورية صارت في خبر كان ولم يتبقّ إلا «داعش» و«النصرة» في الميدان، وهما أيضاً ليسا في أفضل حالاتهما، وحتى لو توّجت واشنطن المواجهة بخيار الحرب المباشرة، فسيكون تعليق العقل الأميركي على من أوصل التفاوض إلى الفشل: إذا كنت تريد خيار المواجهة، ألا تعلم أنّ ظروفها الأفضل كانت قبل سنتين، يوم جاءت الأساطيل الأميركية لضرب سورية، تحت غطاء اتهامها باستخدام السلاح الكيماوي، وكان كلّ الحلفاء في جاهزية وحالة معنوية ومادية تتيح الترسمل على حال الحرب، ولم تكن متفرّعات «القاعدة» هي الوريث الوحيد لأيّ نصر تحلم واشنطن في إنجازه، ويقول العقل الأميركي لصاحب خيار الفشل: ألم تقم حساباتك جيداً يوم دخلت في الاشتباك مع «إسرائيل» وتركيا والسعودية واستنزفت قواها، ألا تعلم كلّ ذلك أيها الغبي، حتى جئت إلى الحرب بعد فوات الأوان، ومن يضمن أن تخرج منتصراً وقد سمعك الناس تقول إنّ الحرب ستكون أصعب وأسوأ من حربي العراق وأفغانستان معاً بمئة مرة، وقد رآك الناس تنكفئ منهما مهزوماً، فلماذا تعيد الكرة، إلا إذا كانت هذه هي طريقتك الوحيدة لامتلاك شجاعة الذهاب إلى التوقيع كحلّ للخروج من الحرب بعد التورّط بها، ومناشدة الحلفاء لك بإيجاد أيّ حلّ مهما كان الثمن لأنهم معاندون ولا يفهمون إلا إذا تورّطوا وخسروا؟

- يبقى احتمال النجاح بإنهاء التفاوض في نهاية الشهر وإعلان التفاهم مثل اليوم بعد أسبوع أو بعد حين قليل، فعندها ستدخل المنطقة مرحلة جديدة كلياً، ستتحرّر إيران من خطاب دولي يلاحقها كدولة خارجة على القانون وتستردّ أرصدة مجمّدة بمئة وخمسين مليار دولار، وتستعيد مكانتها في السوق العالمية للنفط والغاز بإنتاج أربعة أمثال ما تنتج وتبيع اليوم، وتنفتح أسواق العالم أمامها وتتدفق عليها الاستثمارات، وفي السياسة ستكون الحرب على الإرهاب عنوان الشراكة المسموحة والمطلوبة بين واشنطن وطهران في المنطقة، بينما حلفاء واشنطن التركي والسعودي و«الإسرائيلي» يواجهون سوء الحظ والطالع، وينتظرون الأسوأ، فهم قد عانوا وفقدوا الكثير وخسروا الحروب أمام حلفاء إيران، وإيران محاصرة ومعاقبة وملاحقة، فكيف الحال وإيران في أحسن حال، سيتعزز الافتراق بين أميركا والحلفاء وتتعزّز القناعة لدى واشنطن، بأنّ الاحتفاظ بهذه الدول في خانة الحلفاء يستدعي تغيير حكامها، وبأنّ التعاون مع إيران وحلفائها موضعياً وحيث يمكن ليس حراماً إذا كان الامتناع مراعاة لخاطر حلفاء لا يستحقون المراعاة، وستدخل المنطقة مرحلة من الفك والتركيب للحكومات الموالية لواشنطن، ومقابلها الانتصارات لحلفاء طهران حيث تختلط المواجهة مع حلفاء واشنطن بالحرب على الإرهاب، أيّ حيث حصان السعودية وتركيا و«إسرائيل» هو «داعش» و«النصرة» و«القاعدة»، كما هي الحال في سورية والعراق واليمن، وسيتحسّس حلفاء الحلفاء في كلّ مكان كما في لبنان رقابهم، فهل يفعلون باكراً؟

- في كلّ احتمال طريق نهاية يلاقي الآخر، والملتقى هو بالعودة إلى التفاوض لكن في ظروف أسوأ لواشنطن وأشدّ سواداً لحلفائها، فمن هو الغبي والأحمق الذي يضيّع فرصة التوقيع على التفاهم في موعده، وظروفه الأفضل، ولو بدأ تحسّس الرقاب باكراً، لأن الفارق كبير بين تحسّس الرقاب تحسّباً لأن تصفعا وبين تحسّسها تحسّباً لأن تقطعا.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-06-22
  • 9662
  • من الأرشيف

ماذا سيحدث بعد أسبوع؟

في مثل هذا اليوم بعد أسبوع سيحلّ الثلاثون من حزيران، الموعد المرتقب لحسم الملف النووي الإيراني بإعلان التوصل إلى التفاهم، أو الفشل ووقف التفاوض،  طالما أنّ التمديد في حال وروده سيكون تمديداً تقنياً صرفاً لا يتعدّى الأيام، وسيعني ضمناً التوصل إلى التفاهم، الذي وضع له إطار مبادئ تفصيلي وتمّ توقيعه، قبل ثلاثة شهور، بما لا يدع مجالاً للحديث عن تمديد تفاوضي على المبادئ، ويسمح حصراً بتمديد أساسه الاتفاق والحاجة إلى بعض الوقت لصياغات نهائية لبعض البنود، ما يعني خلافاً لحال مفاوضات فيينا التي انتهت في الرابع والعشرين من تشرين الثاني العام الماضي من دون اتفاق، وتوّجت بتمديد لسبعة شهور تنتهي في الثلاثين من هذا الشهر، وانتهى قسمها الأول نهاية آذار الماضي بتوقيع الاتفاق الإطار، فيومها كانت فرضيتا التوصل إلى اتفاق أو الفشل متساويتين. - في حال عدم توقيع التفاهم فالوضع العالمي والإقليمي سيدخل تعقيداً يشبه الدخول في نفق مظلم، كما لو أنّ حرباً عالمية ستقع غداً، ستعود واشنطن ودول الغرب للعقوبات المشدّدة ضدّ إيران، ستلجأ إيران إلى الإعلان عن العودة إلى التخصيب العالي النسبة، وتخزين ما تقوم بتخصيبه، وسيكون شهراً واحداً أو أقل أو أكثر بقليل كافياً لامتلاك إيران ما يكفي لتصنيع قنبلة لا تزال إيران تعلن أنها لا تريد امتلاكها، وتجعل من التحريم الديني والأخلاقي سبباً لعدم السعي إلى امتلاكها، وسيزداد التوتر والتهديد، وربما التحرّشات العسكرية، وبعض المناوشات، ما يجعل إيران تقترب أكثر وأكثر من الإعلان عن حقها في امتلاك القنبلة منعاً للتعرّض لأيّ عدوان، ويقترب أكثر احتمال السماع عن تجربة إيران لأول صاروخ برأس نووي، صاروخ تمتلك منه إيران الآلاف، ويصل مداه إلى ما يعادل أبعد عواصم الدول الغربية ويحتاج إلى كمية أقلّ مما تحتاج القنبلة من اليورانيوم المخصب، ويكفهر الجو الدولي وتتمّ العودة إلى المفاوضات، لكن للاعتراف بإيران دولة نووية عسكرية، وربما لا ترضى إيران بأقلّ من عضوية دائمة في مجلس الأمن، فيقول العقل الأميركي لمن أوصل المفاوضات إلى الفشل: ماذا فعلت بنا أيها الأحمق؟ - الاحتمال الثاني في حال الفشل هو تصاعد التوترات الإقليمية المحيطة بإيران وحلفائها، وعودة واشنطن لحشد وتنشيط وتحفيز جبهة الحلفاء الغاضبين أصلاً من الاتفاق، وتشتعل المواجهات الأشدّ قسوة من العراق إلى اليمن إلى سورية ولبنان، وربما تدخل جبهات أخرى مثل الكويت والإمارات في مناوشات إقليمية تغيّر خريطة الجغرافيا الإقليمية، ومثلها في البحر الأحمر مناوشات ربما تصل إلى أريتريا والسودان ومصر وسواها، ولكن يجري ذلك بعدما تصدّعت العلاقات الأميركية مع كلّ من «إسرائيل» وتركيا والسعودية، أبرز حلفاء أميركا في المنطقة، وبعدما استنزف هؤلاء قدراتهم وطاقاتهم، فتركيا غرقت في مشاكل داخلية تجعلها أعجز من ذي قبل على دخول حرب، والسعودية تفشل في حرب اليمن التي استهلكت مهابتها وقدراتها ومكانتها، وتعاني مجموعة من التنازعات القاتلة داخلياً، وتأكلها «داعش» و«القاعدة» من قلب البيت، و«إسرائيل» فشلت في تعديل موازين الردع مع حزب الله، والمعارضة السورية صارت في خبر كان ولم يتبقّ إلا «داعش» و«النصرة» في الميدان، وهما أيضاً ليسا في أفضل حالاتهما، وحتى لو توّجت واشنطن المواجهة بخيار الحرب المباشرة، فسيكون تعليق العقل الأميركي على من أوصل التفاوض إلى الفشل: إذا كنت تريد خيار المواجهة، ألا تعلم أنّ ظروفها الأفضل كانت قبل سنتين، يوم جاءت الأساطيل الأميركية لضرب سورية، تحت غطاء اتهامها باستخدام السلاح الكيماوي، وكان كلّ الحلفاء في جاهزية وحالة معنوية ومادية تتيح الترسمل على حال الحرب، ولم تكن متفرّعات «القاعدة» هي الوريث الوحيد لأيّ نصر تحلم واشنطن في إنجازه، ويقول العقل الأميركي لصاحب خيار الفشل: ألم تقم حساباتك جيداً يوم دخلت في الاشتباك مع «إسرائيل» وتركيا والسعودية واستنزفت قواها، ألا تعلم كلّ ذلك أيها الغبي، حتى جئت إلى الحرب بعد فوات الأوان، ومن يضمن أن تخرج منتصراً وقد سمعك الناس تقول إنّ الحرب ستكون أصعب وأسوأ من حربي العراق وأفغانستان معاً بمئة مرة، وقد رآك الناس تنكفئ منهما مهزوماً، فلماذا تعيد الكرة، إلا إذا كانت هذه هي طريقتك الوحيدة لامتلاك شجاعة الذهاب إلى التوقيع كحلّ للخروج من الحرب بعد التورّط بها، ومناشدة الحلفاء لك بإيجاد أيّ حلّ مهما كان الثمن لأنهم معاندون ولا يفهمون إلا إذا تورّطوا وخسروا؟ - يبقى احتمال النجاح بإنهاء التفاوض في نهاية الشهر وإعلان التفاهم مثل اليوم بعد أسبوع أو بعد حين قليل، فعندها ستدخل المنطقة مرحلة جديدة كلياً، ستتحرّر إيران من خطاب دولي يلاحقها كدولة خارجة على القانون وتستردّ أرصدة مجمّدة بمئة وخمسين مليار دولار، وتستعيد مكانتها في السوق العالمية للنفط والغاز بإنتاج أربعة أمثال ما تنتج وتبيع اليوم، وتنفتح أسواق العالم أمامها وتتدفق عليها الاستثمارات، وفي السياسة ستكون الحرب على الإرهاب عنوان الشراكة المسموحة والمطلوبة بين واشنطن وطهران في المنطقة، بينما حلفاء واشنطن التركي والسعودي و«الإسرائيلي» يواجهون سوء الحظ والطالع، وينتظرون الأسوأ، فهم قد عانوا وفقدوا الكثير وخسروا الحروب أمام حلفاء إيران، وإيران محاصرة ومعاقبة وملاحقة، فكيف الحال وإيران في أحسن حال، سيتعزز الافتراق بين أميركا والحلفاء وتتعزّز القناعة لدى واشنطن، بأنّ الاحتفاظ بهذه الدول في خانة الحلفاء يستدعي تغيير حكامها، وبأنّ التعاون مع إيران وحلفائها موضعياً وحيث يمكن ليس حراماً إذا كان الامتناع مراعاة لخاطر حلفاء لا يستحقون المراعاة، وستدخل المنطقة مرحلة من الفك والتركيب للحكومات الموالية لواشنطن، ومقابلها الانتصارات لحلفاء طهران حيث تختلط المواجهة مع حلفاء واشنطن بالحرب على الإرهاب، أيّ حيث حصان السعودية وتركيا و«إسرائيل» هو «داعش» و«النصرة» و«القاعدة»، كما هي الحال في سورية والعراق واليمن، وسيتحسّس حلفاء الحلفاء في كلّ مكان كما في لبنان رقابهم، فهل يفعلون باكراً؟ - في كلّ احتمال طريق نهاية يلاقي الآخر، والملتقى هو بالعودة إلى التفاوض لكن في ظروف أسوأ لواشنطن وأشدّ سواداً لحلفائها، فمن هو الغبي والأحمق الذي يضيّع فرصة التوقيع على التفاهم في موعده، وظروفه الأفضل، ولو بدأ تحسّس الرقاب باكراً، لأن الفارق كبير بين تحسّس الرقاب تحسّباً لأن تصفعا وبين تحسّسها تحسّباً لأن تقطعا.  

المصدر : ناصر قنديل


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة