فيما بدأ العد التنازلي للأيام العشرة الأخيرة من شهر حزيران، وقرب حلول الموعد المقرر لنهاية التفاوض بين إيران ومجموعة الخمسة زائداً واحداً حول الملف النووي الإيراني، قال مسؤولون في مجلس الأمن القومي الأميركي في جلسات استماع أمام الكونغرس أن تقييم إيران كدولة داعمة لمنظمات إرهابية لم يتغير، وأن حلف أميركا مع دول الخليج لن يتغير، ولا تتوقع واشنطن من طهران الكثير، لكن ذلك كله يجب ألا يؤثر في الجاهزية لتوقيع التفاهم النووي مع إيران الذي تتضاءل حوله مساحات الخلاف باستثناء توضيح المخاوف القديمة من مشاريع إيرانية سابقة لامتلاك سلاح نووي، وهو أمر لا يعطل فرص التوقيع ويمكن متابعته من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبالتزامن كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخاطب الرئيس الأميركي باراك أوباما عبر قوله، إن توقيع التفاهم النووي مع إيران سيسجل في خانة الرئيس أوباما كصانع للسلام ومسؤول قادر على اتخاذ قرارات صعبة تجعل العالم أكثر استقراراً.

 فرص التفاهم النووي الإيراني، وفقاً للمصادر الأميركية والإيرانية، لا تعني توقع الحلحلة في الملفات الإقليمية العالقة، على رغم المساعي المبذولة لنصب منصات التفاوض وتعثرها مراراً، بسبب عجز حلفاء واشنطن عن التأقلم مع خسارتهم للكثير من فرص الإمساك بأوراق القوة.

السعودية تنجح بإفشال الحل في اليمن، وتفويت فرص التوصل للهدنة، لكنها لا تملك بديلاً تقدمه لحلفائها اليمنيين ولا لنفسها للخروج من المأزق المفتوح في حرب أطلقت رصاصتها الأولى وتعجز عن تحقيق أهدافها من جهة وعن وقفها من جهة مقابلة، وكل يوم إضافي فيها يعمق المأزق أكثر، بمزيد من التقدم لخصومها في اليمن نحو مزيد من المواقع على حساب حلفائها، وداخل خطوط حدودها، فيعود المتفاوضون اليمنيون من حيث أتوا فارغي الأيدي، ولا يبدو واضحاً متى تنضج فرص دعوتهم مرة أخرى، قبل أن تنضج فرصة التيقن من عدم الوقوع بالفشل مجدداً.

 روسيا تدخل على الخط بتشجيع فرص الحلول، ووزير خارجيتها سيرغي لافروف يحث المبعوث الأممي إسماعيل شيخ أحمد على مواصلة جهوده وطلب معونة مجلس الأمن وأعضائه الدائمين، الذين لا يملكون حق التخلي عن مسؤولياتهم أمام حرب صار طابعها التدميري والموت المجاني الذي تتسبب به عبثاً يجب أن يتوقف، فيما كان الرئيس الروسي قد أكد على ضرورة الإسراع بالوصول لتسوية منصفة للمسألة اليمنية تزيل الكثير من عناصر التوتر في منطقة الشرق الأوسط وتسهل طريق التسويات في ملفات أخرى.

 كما السعودية لا تزال تكابر وتراهن على المجهول منذ شهرين تاريخ أول هدنة يمنية كرست فشل الحرب، «إسرائيل» تأمل أن تقع في حضنها ورقة الحظ الأخيرة التي تراهن عليها في محافظة السويداء السورية، حيث تفاجأت ومعها شركاؤها في الرهان، بقوة التلاحم بين الجيش السوري والشعب في السويداء على رغم المساعي والنداءات التي يوجهها النائب اللبناني وليد جنبلاط لتحييد المحافظة وسلخها عن سائر الجغرافيا السورية ووضعها في حضانة أميركية أردنية تعرف «إسرائيل» أنها ورقة في رصيدها، لذلك واصلت الصحافة «الإسرائيلية» حملات التحضير والتحريض والإيحاء، فنقلت صحيفة «هآرتس» منتصف ليل أمس توقعات دراماتيكية على الحدود تتمثل بهجرة عشرات ألوف المواطنين من أبناء السويداء جراء أحداث دموية تخلق وضعاً استثنائياً يستحيل على «إسرائيل» تجاهله ملمحة لفرص تدخل عسكري عبر الحدود.

 المشهد في السويداء بدا مغايراً للإيحاءات «الإسرائيلية» التي وضعتها مصادر عسكرية في دائرة الحرب النفسية، مؤكدة متانة الوضع العسكري الذي يقيمه الجيش والمقاومة واللجان الشعبية على مختلف محاور المواجهة مع «جبهة النصرة» و«داعش»، وحلفائهما، بينما كانت جبهات الشمال السوري تشهد تقدماً يحرزه الجيش السوري في قرى ريف إدلب، وفي المقابل إصابات قاتلة تلحقها المقاومة بقادة «داعش» في القلمون. وكان الرئيس الروسي يسجل خوفه من أن يؤدي التباطؤ في تزخيم فرص الحل السياسي في سورية إلى وضع شبيه بالوضع في ليبيا، داعياً إلى الإسراع بمبادرات عبر صيغ الحوار بين الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة السلمية، مجدداً موقف بلاده في الوقوف مع الرئيس الأسد.

 على مستوى الموقف الروسي وبعد التشوش الذي تركه ما نشر على لسان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف حول النظرة الروسية لترشيح العماد ميشال عون للرئاسة اللبنانية، نفت موسكو عبر إبلاغ مصادر لبنانية معنية عدم دقة الكلام المنسوب لبوغدانوف وتأكيد أن الموقف الروسي لم يتغير وهو رفض الدخول في أسماء المرشحين للرئاسة سلباً أو إيجاباً، ودعوة الأفرقاء اللبنانيين إلى الإسراع بإنجاز الاستحقاق الرئاسي وتعزيز فرص التوافق في ما بينهم، مع القناعة بأن زمن الحديث في الرئاسة وعنها يبدو أنه لم يحن بعد، وأن كل ما يجري تداوله لا يخرج عن كونه محاولة لتسجيل النقاط في لعبة تجاذبات داخلية يتم الزج بموقف روسيا ضمنها بحسابات لا علاقة لروسيا بها.

 لبنان المنشغل بالبحث عن حل لمشكلة الفشل الحكومي، فاجأته أحداث مخيم عين الحلوة، ومخاطر تجددها، والخوف من أن تكون أكبر من حوادث خرجت عن السيطرة، لتظهر كمشروع فتنة يلاقي محاولات تمدد المسلحين التابعين لـ«جبهة النصرة» المحاصرين في عرسال.الملف الرئاسي غير مطروح

  • فريق ماسة
  • 2015-06-19
  • 13179
  • من الأرشيف

واشنطن تستعد لتوقيع التفاهم مع إيران ... وموسكو متمسكة بحلفها مع الأسد ..و«إسرائيل» تتحدث عن مفاجآت حدودية

فيما بدأ العد التنازلي للأيام العشرة الأخيرة من شهر حزيران، وقرب حلول الموعد المقرر لنهاية التفاوض بين إيران ومجموعة الخمسة زائداً واحداً حول الملف النووي الإيراني، قال مسؤولون في مجلس الأمن القومي الأميركي في جلسات استماع أمام الكونغرس أن تقييم إيران كدولة داعمة لمنظمات إرهابية لم يتغير، وأن حلف أميركا مع دول الخليج لن يتغير، ولا تتوقع واشنطن من طهران الكثير، لكن ذلك كله يجب ألا يؤثر في الجاهزية لتوقيع التفاهم النووي مع إيران الذي تتضاءل حوله مساحات الخلاف باستثناء توضيح المخاوف القديمة من مشاريع إيرانية سابقة لامتلاك سلاح نووي، وهو أمر لا يعطل فرص التوقيع ويمكن متابعته من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبالتزامن كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخاطب الرئيس الأميركي باراك أوباما عبر قوله، إن توقيع التفاهم النووي مع إيران سيسجل في خانة الرئيس أوباما كصانع للسلام ومسؤول قادر على اتخاذ قرارات صعبة تجعل العالم أكثر استقراراً.  فرص التفاهم النووي الإيراني، وفقاً للمصادر الأميركية والإيرانية، لا تعني توقع الحلحلة في الملفات الإقليمية العالقة، على رغم المساعي المبذولة لنصب منصات التفاوض وتعثرها مراراً، بسبب عجز حلفاء واشنطن عن التأقلم مع خسارتهم للكثير من فرص الإمساك بأوراق القوة. السعودية تنجح بإفشال الحل في اليمن، وتفويت فرص التوصل للهدنة، لكنها لا تملك بديلاً تقدمه لحلفائها اليمنيين ولا لنفسها للخروج من المأزق المفتوح في حرب أطلقت رصاصتها الأولى وتعجز عن تحقيق أهدافها من جهة وعن وقفها من جهة مقابلة، وكل يوم إضافي فيها يعمق المأزق أكثر، بمزيد من التقدم لخصومها في اليمن نحو مزيد من المواقع على حساب حلفائها، وداخل خطوط حدودها، فيعود المتفاوضون اليمنيون من حيث أتوا فارغي الأيدي، ولا يبدو واضحاً متى تنضج فرص دعوتهم مرة أخرى، قبل أن تنضج فرصة التيقن من عدم الوقوع بالفشل مجدداً.  روسيا تدخل على الخط بتشجيع فرص الحلول، ووزير خارجيتها سيرغي لافروف يحث المبعوث الأممي إسماعيل شيخ أحمد على مواصلة جهوده وطلب معونة مجلس الأمن وأعضائه الدائمين، الذين لا يملكون حق التخلي عن مسؤولياتهم أمام حرب صار طابعها التدميري والموت المجاني الذي تتسبب به عبثاً يجب أن يتوقف، فيما كان الرئيس الروسي قد أكد على ضرورة الإسراع بالوصول لتسوية منصفة للمسألة اليمنية تزيل الكثير من عناصر التوتر في منطقة الشرق الأوسط وتسهل طريق التسويات في ملفات أخرى.  كما السعودية لا تزال تكابر وتراهن على المجهول منذ شهرين تاريخ أول هدنة يمنية كرست فشل الحرب، «إسرائيل» تأمل أن تقع في حضنها ورقة الحظ الأخيرة التي تراهن عليها في محافظة السويداء السورية، حيث تفاجأت ومعها شركاؤها في الرهان، بقوة التلاحم بين الجيش السوري والشعب في السويداء على رغم المساعي والنداءات التي يوجهها النائب اللبناني وليد جنبلاط لتحييد المحافظة وسلخها عن سائر الجغرافيا السورية ووضعها في حضانة أميركية أردنية تعرف «إسرائيل» أنها ورقة في رصيدها، لذلك واصلت الصحافة «الإسرائيلية» حملات التحضير والتحريض والإيحاء، فنقلت صحيفة «هآرتس» منتصف ليل أمس توقعات دراماتيكية على الحدود تتمثل بهجرة عشرات ألوف المواطنين من أبناء السويداء جراء أحداث دموية تخلق وضعاً استثنائياً يستحيل على «إسرائيل» تجاهله ملمحة لفرص تدخل عسكري عبر الحدود.  المشهد في السويداء بدا مغايراً للإيحاءات «الإسرائيلية» التي وضعتها مصادر عسكرية في دائرة الحرب النفسية، مؤكدة متانة الوضع العسكري الذي يقيمه الجيش والمقاومة واللجان الشعبية على مختلف محاور المواجهة مع «جبهة النصرة» و«داعش»، وحلفائهما، بينما كانت جبهات الشمال السوري تشهد تقدماً يحرزه الجيش السوري في قرى ريف إدلب، وفي المقابل إصابات قاتلة تلحقها المقاومة بقادة «داعش» في القلمون. وكان الرئيس الروسي يسجل خوفه من أن يؤدي التباطؤ في تزخيم فرص الحل السياسي في سورية إلى وضع شبيه بالوضع في ليبيا، داعياً إلى الإسراع بمبادرات عبر صيغ الحوار بين الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة السلمية، مجدداً موقف بلاده في الوقوف مع الرئيس الأسد.  على مستوى الموقف الروسي وبعد التشوش الذي تركه ما نشر على لسان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف حول النظرة الروسية لترشيح العماد ميشال عون للرئاسة اللبنانية، نفت موسكو عبر إبلاغ مصادر لبنانية معنية عدم دقة الكلام المنسوب لبوغدانوف وتأكيد أن الموقف الروسي لم يتغير وهو رفض الدخول في أسماء المرشحين للرئاسة سلباً أو إيجاباً، ودعوة الأفرقاء اللبنانيين إلى الإسراع بإنجاز الاستحقاق الرئاسي وتعزيز فرص التوافق في ما بينهم، مع القناعة بأن زمن الحديث في الرئاسة وعنها يبدو أنه لم يحن بعد، وأن كل ما يجري تداوله لا يخرج عن كونه محاولة لتسجيل النقاط في لعبة تجاذبات داخلية يتم الزج بموقف روسيا ضمنها بحسابات لا علاقة لروسيا بها.  لبنان المنشغل بالبحث عن حل لمشكلة الفشل الحكومي، فاجأته أحداث مخيم عين الحلوة، ومخاطر تجددها، والخوف من أن تكون أكبر من حوادث خرجت عن السيطرة، لتظهر كمشروع فتنة يلاقي محاولات تمدد المسلحين التابعين لـ«جبهة النصرة» المحاصرين في عرسال.الملف الرئاسي غير مطروح

المصدر : الماسة السورية / البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة