دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أنزل الأتراك، يوم امس، «حزب العدالة والتنمية» عن عليائه، ووجهوا سلسلة صفعات للرئيس رجب طيب أردوغان.
الصفعة الاولى وفقا" لصحيفة السفير ، تمثلت في هزيمة مدوّية للحزب الإسلامي المحافظ، تبدّت في تراجع عدد مقاعده البرلمانية الى ما دون الغالبية المطلقة، ما يعني، عملياً، عدم قدرته على تشكيل حكومة حزبية بمفرده، وهو ما يجعل السيناريوهات المقبلة تتراوح بين تشكيل حكومة ائتلافية أو إجراء انتخابات نيابية مبكرة.
أما الصفعة الثانية، فتمثلت في أن الهزيمة التي تكبدها «حزب العدالة والتنمية»، بحسب ما أظهرت النتائج شبه النهائية التي نشرت ليل امس، طوت أحلام أردوغان في تحويل النظام السياسي من نظام برلماني الى نظام رئاسي، تجتمع فيه كل الصلاحيات في أيدي رئيس الجمهورية.
وأما الصفعة الثالثة، فتبدّت في تحوّل المسار التصاعدي الذي سلكه «حزب العدالة والتنمية»، ورئيسه أردوغان، منذ نحو 15 عاماً، والذي جعله يكسب كل الانتخابات البرلمانية والمحلية والرئاسية منذ العام 2002، الى مسار تنازلي، شديد المنحنى، يعكسها، بلغة الارقام، التراجع من 49.8 في المئة في آخر انتخابات برلمانية (2011)، الى ما دون الـ 41 في المئة في الانتخابات الحالية.
وتبقى الصفعة الأكثر إيلاماً، وتمثلها المفاجأة التي حققها أكراد تركيا، الممثلين سياسياً بـ«حزب الشعوب الديموقراطي»، الذي أكسبته الانتخابات الرئاسية الماضية، حين خاض رئيسه صلاح الدين ديمرطاش، جرأة مثيرة للدهشة، تبدّت في اندفاعة سياسية عبّر عنها قراره خوض الانتخابات الحالية ضمن قائمة حزبية، حصراً، أي من دون أي مرشحين مستقلين، وتجاوزهم عتبة / فخ العشرة في المئة، التي من دون الحصول عليها، كان يمكن للحزب الكردي ان يبقى خارج التمثيل البرلماني بالكامل.
وأظهرت النتائج الاولية للانتخابات، التي جرت يوم امس، بعد فرز 97 في المئة من الأصوات حصول «حزب العدالة التنمية» على نحو 40.84 في المئة من الأصوات، متراجعاً بنحو تسع نقاط عن النسبة التي حققها في آخر انتخابات تشريعية في العام 2011 (49.8 في المئة)، ما يجعله تحت العتبة الدستورية الضرورية لتشكيل حكومة أحادية بنحو 16 مقعداً.
وفي المرتبة الثانية، حل «حزب الشعب الجمهوري»، الذي نال 25.13 في المئة من الاصوات، متراجعاً بنقطة واحدة عن الانتخابات السابقة (26 في المئة)، وتلاه حزب «الحركة القومية»، الذي نال 16.43 في المئة من الاصوات، متقدماً بنحو ثلاث نقاط عن آخر نتيجة حققها في الانتخابات البرلمانية السابقة (13 في المئة).
أما المفاجأة الأهم، فتمثلت في حصول «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي على 12.84 في المئة من الاصوات، وفقاً للنتائج غير الرسمية.
ودعي نحو 54.15 مليون ناخب تركي الى الإدلاء بأصواتهم في انتخابات أمس، وبلغت نسبة المشاركة 86.39 في المئة، بواقع يقارب 46.6 مليون ناخب، توزعوا على 174 الف مركز اقتراع، فيما بلغ عدد الاصوات الصحيحة 45.3 مليوناً.
وفي حصيلة أولية، ووفقاً لهذه النتائج، يمكن رسم ملامح البرلمان التركي المقبل، ليصبح موزعاً على النحو الآتي: 258 مقعداً لـ «حزب العدالة والتنمية»، و132 مقعداً لـ «حزب الشعب الجمهوري»، و82 مقعداً لـ «الحركة القومية»، و78 مقعداً لـ «حزب الشعوب الديموقراطي».
وربما تكون عبارة «الانقلاب الكردي» التوصيف الاكثر دقة لما آلت اليه العملية الانتخابية، وذلك لسببين أساسيين، أولهما حصول «حزب الشعوب الديموقراطي» على 12.6 في المئة من الاصوات، بعدما كان تمثيل الاكراد يقتصر على المرشحين المستقلين، وثانيهما ان الاصوات التي حصل عليها الحزب الكردي أسهمت إسهاماً أساسياً في الهزيمة التي تعرض لها أردوغان وحزبه.
وفي ظل تراجع نسبة التصويت لمصلحة «حزب العدالة والتنمية»، يكون الحزب الكردي قد رسم عملياً النتائج الفعلية للانتخابات، وتداعياتها على حكم «حزب العدالة والتنمية».
وكانت السيناريوهات المتوقعة عشية الانتخابات، تشير الى انه إذا نال «حزب الشعوب الديموقراطي» عشرة في المئة أو أكثر، فسيحصل على 55 ـ 60 نائبا. وإذا فشل فسيخسر كل شيء ويبقى خارج البرلمان.
وكما ان توقعات سابقة أشارت الى انه إذا ربح الحزب الكردي، وبقيت أصوات «حزب الشعب الجمهوري» و «الحركة القومية» في معدلها الحالي، أو زادت قليلا، فإن النتائج ستكون مؤثرة جداً على «حزب العدالة والتنمية»، الذي كان يتوجب عليه أن ينال ما بين 43 و44 في المئة على الأٌقل ليضمن حصوله على عدد من النواب يعادل النصف زائدا واحدا، ما يخوله البقاء في السلطة السياسية منفرداً، وهو ما لم يستطع الحزب الاسلامي تحقيقه.
أما لو فشل «حزب الشعوب الديموقراطي» في تخطي عتبة العشرة في المئة، فقد كان ذلك سيعني ان «حزب العدالة والتنمية» تحديدا سيرث غالبية المقاعد في الدوائر التي نجح فيها الحزب الكردي، وكان سينال على الأقل 50 مقعداً من أصل المقاعد الـ50، التي كانت ستؤول للأكراد.
وفي المحصلة، فإن إخفاق «حزب العدالة والتنمية» في الوصول الى 43 ـ 44 في المئة، يعني ان تركيا أمام انقلاب سياسي كبير، يتمثل في عدم قدرة الحزب الاسلامي على تشكيل حكومة بمفرده، ما سيفرض عليه الدخول في ائتلافات مع احزاب أخرى. وفي حال الائتلاف، فلن يستطيع «حزب العدالة والتنمية» الاستمرار في سياساته الحالية لا داخليا ولا خارجياً، لأن الشريك الجديد، سيعارض العديد من هذه السياسات، ما قد يفضي الى احتمال آخر لهذا السيناريو وهو الذهاب الى انتخابات مبكرة خلال الخريف المقبل أو السنة المقبلة.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة