دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لم يعد يخفى على أحد استخدام الحكومات الغربية للجهاديين.
بهم، أطاح حلف شمال الأطلسي بالعقيد معمر القذافي، مستخدماً عناصر القاعدة بوصفهم القوة الوحيدة التابعة له على الأرض. وبعناصر جبهة النصرة استبدلت إسرائيل قوات الأمم المتحدة في هضبة الجولان.
فهل تخلت قوات التحالف الدولي ضد داعش عن تدمر، فقط لتلحق الأذى بسورية؟
مع ذلك، حتى لو فهمنا أسرار المصالح الغربية، إلا أننا لن نفهم لماذا وكيف يمكن لجهاديين وضع أنفسهم، باسم القرآن الكريم، في خدمة العم سام.
يتساءل المرء منا في غالب الأحيان ماذا فعلت وزارة الدفاع الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية حتى تمكنت من السيطرة على ملايين المسلمين وإرسال جزء منهم للقتال دفاعا عن مصالح العم سام؟
لاشك أن بعض قادتهم، هم مجرد عملاء مأجورين، غير أن الجهاديين بمجملهم يعتقدون أنهم يقاتلون ويقتلون كي يصعدوا إلى الجنة.
الجواب بمنتهى السذاجة: إذا انطلقنا من خطاب جماعة الإخوان المسلمين، يغدو من الممكن الهرب من الواقع الإنساني، وإرسال هؤلاء الرجال ليقتلوا أي شخص بمجرد أن يجري التلويح بوشاح أحمر أمام أعينهم.
رسميا، الامارة الإسلامية لا تعترف بسلطة أيمن الظواهري، وهي بالتالي منفصلة عن تنظيم القاعدة. بيد أنه في كثير من الأماكن، ولاسيما في القلمون، لا يزال من الصعب التمييز بينهم نظرا لأن نفس الجهاديين من الطرفين يضعون نفس الشعارين في آن واحد.
يمكننا الاعتراض بكل تأكيد، والقول إن هذا الشجار من فعل أشخاص: أبو بكر البغدادي يرغب في أن يكون قائدا مكان القائد.
حتى لو كانت المنظمتان تمارسان نفس الأساليب، إلا أنهما تختلفان بشدة في خطاب كل منهما.
النقطة الوحيدة المشتركة بينهما تتمثل في شعارات «جماعة الإخوان المسلمين»: «القرآن دستورنا» و«الإسلام هو الحل».
حياة التقوى هي بمنتهى البساطة، على الرغم من أن الخالق جعلنا أذكياء، إلا أننا وفي جميع الأحوال نطبق كلام اللـه وكأننا آلات صماء. وعندما لا يكون هناك علاج لظرف ما في الكتاب، يكفي تحطيم كل شيء، وذبح أولئك الذين يشككون بذلك. والنتيجة كانت دائماً كارثية، لأن المنظمتين لم تكونا قادرتين في أي مكان على إرساء دعائم بدايات مبكرة للمجتمع المثالي الذي تنشدانه. تاريخهما صنع لهما الاختلاف.
فبين عام 1979 حتى 1995، أي منذ عملية وكالة الاستخبارات المركزية في أفغانستان حتى المؤتمر العربي الشعبي والإسلامي في الخرطوم، كان مرتزقة أسامة بن لادن يقاتلون الاتحاد السوفييتي بمساعدة الولايات المتحدة.
ومن عام 1995 حتى 2011، أي منذ مؤتمر الخرطوم إلى عملية «ترايدنت نبتون»، كانت القاعدة تعتمد خطابا معاديا «لليهود والصليبيين» في الوقت الذي كانت تواصل فيه حربها ضد روسيا في يوغسلافيا والشيشان.
ومنذ عام 2011، أي منذ «الربيع العربي»، أصبحت القاعدة تدعم حلف شمال الأطلسي في ليبيا وإسرائيل وصولا إلى حدود الجولان السوري.
بشكل عام، لم يتابع الرأي العام الغربي هذه التطورات. فظل مقتنعا بخطر التوسع الأسطوري للروس، ومصرا على اتهام الجهاديين بهجمات 11 أيلول. لم يستوعب ما حصل في ليبيا، أو على الحدود مع إسرائيل، محتفظا بفكرة خاطئة عن أن القاعدة منظمة إرهابية معادية للامبريالية.
أما العرب، فهم لا يستندون في تحليلاتهم إلى الحقائق، بقدر ما يختارون، حسب الحالة، الواقع أو الدعاية الغربية بشكل يمكنهم من اختلاق قصص رومنسية.
من ناحيتها، الامارة الإسلامية أبعد ما تكون عن القرآن، وأقرب ما تكون من المحافظين الجدد. فهي تؤكد أن الأولوية في أعدائها للمسلمين الشيعة وحلفائهم. متناسية الحقبة البوسنية حين كان فيلق ابن لادن العربي مدعوماً من قبل الولايات المتحدة، والسعودية، وإيران في نفس الوقت.
لكن من هم حلفاء الشيعة؟
الجمهورية العربية السورية (العلمانية) والجهاد الإسلامي الفلسطيني (السنية).
بعبارة أخرى، تقاتل الإمارة الإسلامية بالدرجة الأولى محور المقاومة المعادي للامبريالية.
فعليا، هي تؤكد تحالفها الوثيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل في مشروع «الشرق الأوسط الكبير»، رغم ادعائها أنهم أعداؤها «نظرياً».
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة