دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بعد ثماني سنوات عجاف قرر توني بلير مغادرة المشهد السياسي للصراع العربي ـ الإسرائيلي من جهة اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط بإعلان استقالته عنها كمبعوث للجنة،
تاركًا هذا الملف الثقيل الذي يعد بمثابة شهادة تاريخية على فشل بلير طوال الثماني سنوات واستغلاله هذا المنصب في تمضية مصالحه الشخصية وقيامه بمهمة التغطية على جرائم الحرب والإرهاب التي يرتكبها صباح مساء كيان الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، حيث انتحل بلير من خلال هذا المنصب أكثر من وظيفة تارة بصفته مبعوثًا للجنة الرباعية ولا يمارس مهامها إلا إذا كان هناك أمر ما لا يسير في صالح كيان الاحتلال الإسرائيلي، وتارة ثانية المخطط للدسائس الخبيثة والتآمر، وتارة أخرى وظيفة سمسار (لأن صفة رجل أعمال كبيرة عليه لطبيعة الأدوار الخطيرة التي لعبها) وهي الوظيفة التي حصد عبرها ملايين الدولارات ونمَّى مشاريعه التجارية والاستثمارية.
وفي عهد بلير لم يكن للجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط أي دور إيجابي على الإطلاق، فهي عمليًّا غير موجودة، وقد جيء بتوني بلير إلى هذا المنصب للجنة الرباعية مكافأة له من قبل اليمينيين الجدد والصهاينة وتحديدًا من قبل صديقه الرئيس الأميركي جورج بوش “الصغير” على دوره الكبير في خداع الرأي العام البريطاني والعالمي لتبرير غزو العراق حين كان يشغل منصب رئيس وزراء بريطانيا، وحتى لا يأفل نجمه في سماء العالم المشحونة بالتآمر والحرب على الإسلام تحت شعار ما يسمى “الحرب على الإرهاب”.
وليس مبالغة القول، إن العرب لدغوا ـ ولا يزالون يلدغون ـ من جحر القضية الفلسطينية، ولكن للأسف لم يستوعبوا الدرس بعد، فاللجنة الرباعية كما خريطة الطريق، كما مؤتمر أنابوليس للسلام، كما “حل الدولتين”، ليست سوى شعارات وواجهات ووسائل ابتزاز يتم عبرها جر العرب والفلسطينيين إلى حتفهم ويتم بها ابتزازهم، فقد تولى توني بلير رئاسة اللجنة الرباعية لسلام الشرق الأوسط وهو على علم أن واشنطن قد جردت هذه اللجنة من أية صلاحيات أو هوامش للعمل على ملف السلام إلا وفق الرؤية الأميركية، ومع ذلك قبل بلير بتولي المهمة ليسهم بذلك في نهج التسويف والمماطلة الذي يؤطر سلوك ما يسمى المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية.
ولذلك فإن رحيل شاهد الزور هذا لن يلحق بالقضية الفلسطينية أي أذى بل على العكس تمامًا سيخلصها من منافق كبير وسمسار آخر من بين العديد من السماسرة الذين تاجروا بهذه القضية بمن فيهم من أبناء جلدتنا من عرب وفلسطينيين، وقد تتغير الوجوه والمسميات واللجان والمؤتمرات، لكنها لن تخرج عن الإرادة الإسرائيلية ـ الأميركية، ولن تصب في صالح القضية الفلسطينية أو الصراع العربي ـ الإسرائيلي ما دام أصحاب القضية مشغولين بإنجاح المؤامرة الصهيو ـ غربية وهي “قتل الكل بالكل”.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة