دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
دعا الملتقى الاقتصادي العمالي إلى ترسيخ وتعزيز الاعتماد على الذات والسعى لتنمية الموارد الطبيعية للحد من الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب الإرهابية والعقوبات المفروضة على سورية منذ أربع سنوات وهو ما يحتم تغيير السياسات النقدية والاقتصادية.
اعتبر المشاركون في الملتقى الذى عقد اليوم في مبنى الاتحاد العام لنقابات العمال تحت عنوان “الواقع الاقتصادي وتعزيز مقومات الصمود” أن هذه السياسات سببت “تدنى مستوى معيشة المواطن وارتفاعا كبيرا فى الأسعار وزادت من الاحتكار” لذلك ينبغى البحث عن السبل الكفيلة باعادة التوازن للاقتصاد الوطني من خلال وضع سياسات زراعية واضحة ومجدية تركز على ضرورة استثمار المناطق الزراعية الآمنة وتفعيل دور الصناعة الوطنية ومساعدتها على استئناف عجلة الإنتاج لتوفير مختلف مستلزمات الشعب السوري.
ورأى المشاركون أن السياسات الاقتصادية التي كانت توضع خلال السنوات الماضية لم تكن تنفذ بالشكل المطلوب معتبرين أن اقتصاد السوق الاجتماعي الذي أقر في المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي “لم يكن واضحا ولو طبق بالشكل الصحيح لكان خير من أنصف الطبقة الفقيرة والمتوسطة”.
وفى تحليل للواقع الاقتصادي الحالي قدم الدكتور غسان ابراهيم أستاذ جامعي عرضا عن تأثيرات الحرب والعقوبات في مسيرة الاقتصاد الوطني موضحا أن الفارق بين العقوبات الاقتصادية والحرب بالنسبة لأى اقتصاد في العالم يكمن في الدرجة وليس النوع لأن العقوبات هي أحد أنواع الحروب لكن “نتائجها بطيئة لا تؤدى إلى تدمير مقدرات الاقتصاد بشكل مباشر بعكس الحرب العسكرية التي تعمل على تدمير واسع في مختلف بنى ومقدرات الدولة”.
واعتبر ابراهيم أن العقوبات الاقتصادية قد يكون لها تأثير إيجابي في الدول كونها تسهم في توسيع اعتمادها على مواردها وتعزيز اقتصادها وقدراتها المحلية وهذا ما حصل مع إيران لافتا إلى أن صمود سورية جعل الحرب الإرهابية عليها تطول لهذا يجب علينا السعى لجعل العقوبات تصب في مصلحة اقتصادنا الوطني.
إلى ذلك أشار الدكتور منير الحمش إلى أهمية السياسات الاقتصادية المتبعة خلال فترة الحرب فى تقوية وتعزيز صمود الشعب مبينا أن الاقتصاد الوطني هو الرديف الطبيعي للقوات المسلحة لذا من الواجب التعامل معه على أنه اقتصاد حرب علما أن هذه الحقيقية غابت عن الكثيرين.
بدوره قدم عمر حورية عضو مكتب تنفيذى في الاتحاد العام لنقابات العمال عرضا عن واقع الطبقة العاملة في ظل الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية أكد فيه أن الإرهاب استهدف الطبقة العاملة ومكاسبها كونها الحامل الاقتصادي والسياسي للاقتصاد الوطنى مشيرا إلى أن الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية رفعت نسب البطالة بين العمال.
وأشار حورية إلى أن البطالة ارتفعت أيضا في أوساط العاملين بالصناعة التحويلية وأصحاب الحرف والعاملين في أنشطة النقل والشحن والبناء والأنشطة المرتبطة بها وخاصة في محافظات حلب وريف حمص وريف دمشق والعاملين في الزراعة والأنشطة الزراعية في المحافظات الشمالية والشرقية والمناطق التي توجد فيها التنظيمات الإرهابية المسلحة.
وفي كلمة له خلال افتتاح أعمال الملتقى أكد شعبان عزوز عضو القيادة القطرية رئيس مكتب العمال القطري أن أعداء سورية خططوا منذ اللحظات الأولى للحرب لتدمير جيشها واقتصادها من خلال استهداف المعامل والشركات وحقول النفط وصوامع الحبوب والسكك الحديدية وغيرها.
وشدد عزوز على ضرورة الاستفادة من تجارب الآخرين وتعزيز الصمود الوطني وطرح الأفكار التي تسهم فى التخفيف من معاناة المواطن وتعزيز موارد الدولة للوصول إلى التعافي المأمول والتفكير في إعادة إعمار ما دمرته الحرب الإرهابية عبر إعادة النظر في السياسات المالية والنقدية بما يتوافق مع طموح المواطن ويعزز منعة الوطن.
من جهته بين جمال القادري رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في كلمة له أن الاستهداف الممنهج لقاعدة سورية الاقتصادية المتينة وتقطيع أوصال الاقتصاد واستهداف العمال والتلاعب بالنقد الوطني والمضاربة على الليرة شكلت في مجملها إجراءات عدوانية إجرامية هدفت إلى تفشيل الاقتصاد الوطني وتجويع الشعب السوري كثمن لصموده في وجه المؤامرة.
وأوضح القادري أن الهدف من الملتقى مناقشة الواقع الاقتصادي والمعيشي لأوسع شرائح المجتمع وأكثرها فقرا والتركيز على الإجراءات الكفيلة لحل مشاكلها وتعزيز صمود هذه الشريحة وتسليط الضوء على الزوايا غير المرئية في الخارطة الاقتصادية لتصحيحها.
ودعا وزير الصناعة كمال طعمة في مداخلة له إلى ضرورة تكامل الافكار والأدوار بهدف دعم الاقتصاد الوطني وتقويته لافتا إلى أن قطاعي الصناعة والزراعة هما الحاملان الرئيسيان للاقتصاد ما يتطلب العمل لزيادة الإنتاج فيهما بشتى الوسائل واتباع سياسة اقتصادية من شانها تعزيز مقومات الصمود.
وأشار طعمة إلى أن تدمير آلاف المنشآت والمعامل في القطاع الصناعي العام والخاص من قبل التنظيمات الإرهابية المسلحة كانت الغاية منه زعزعة الاقتصاد وتجويع الشعب السوري مبينا أنه في منطقة الشيخ نجار الصناعية تم تدمير 1100 منشأة كانت ترفد السوق الداخلية والخارجية بمختلف المنتجات اللازمة وتصدر الفائض للحصول على القطع الأجنبي الذي يدعم الاقتصاد الوطني و65 شركة ومعملا ومحلجا في القطاع العام.
وأكد وزير الصناعة على العمل الجاد لإعادة تأهيل هذه الشركات التي تم ترميم عدد منها حيث دخلت مرحلة الإنتاج كما يتم العمل على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وإعادة إحياء المدن الصناعية المدمرة.
وفي مداخلة لوزير المالية الدكتور اسماعيل اسماعيل أكد أنه “بعد أكثر من أربع سنوات من الحرب على سورية ما زلنا نمتلك مخازين استراتيجية من الرز والسكر وغيرها من المنتجات الأساسية للمواطن ويقوم القطاع العام بمشاركة القطاع الخاص بتأمينها” مشيرا إلى أنه لولا وجود مؤسسات التدخل الإيجابي لكان الوضع أصعب بكثير مما هو عليه.
وفي رده على المداخلات التي انتقدت السياسة النقدية أوضح الدكتور أديب ميالة حاكم مصرف سورية المركزي أن “سورية استطاعت وبإمكانيات محدودة تجاوز العقوبات المجحفة المفروضة عليها وما زلنا حتى هذا التاريخ نستطيع تحريك أموالنا في الخارج وتمويل المستوردات لتلبية احتياجات الشعب”.
وبين ميالة أن جلسات التدخل التي كان يعقدها المركزي من أجل الحفاظ على سعر الليرة “كانت لحماية سعر الصرف” رافضا تحميل أي فريق اقتصادي تداعيات ما يجري لأن الأزمة في سورية مخطط لها أن تكون على هذا الشكل منذ اليوم الأول وكانت السيناريوهات مكتوبة في جميع المراحل التي مررنا بها.
وقال ميالة إن “من أهم أولويات السياسة النقدية تأمين احتياجات الاقتصاد الوطني والحفاظ على سعر صرف الليرة واستقراره عند مستويات متوازنة لأن هناك تدميرا ممنهجا للاقتصاد الوطني بكل مكوناته وللبنى الاقتصادية والناتج الوطني” لكن رغم ذلك سيبقى الاقتصاد السوري صامدا بسبب صمود الشعب السوري بكل فئاته وعلى رأسه الجيش العربي السوري.
من جهته دعا الدكتور حيان سلمان معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في رده على المحاضرين إلى “التعاون مع أصحاب القرار واقتراح الآليات والحلول التي من شأنها تدعيم الاقتصاد وتعزيز مقومات الصمود وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وتقليل معدل البطالة والتضخم وزيادة معدل متوسط دخل الفرد” لافتا إلى أن الصادرات السورية تراجعت بسبب الحرب والعقوبات الاقتصادية من 569 مليارا إلى نحو 77 مليارا عام 2013 فيما ارتفعت عام 2014 قليلا.
إلى ذلك أوضح الدكتور ياسر حورية رئيس جامعة الشام الخاصة أن مواقف سورية السياسية الداعمة للمقاومة وللقضايا العربية ولا سيما القضية الفلسطينية ورفضها الرضوخ للدول الكبرى التي تآمرت على سورية بالتعاون مع بعض دول المنطقة أحد أهم الأسباب التي جعلت تلك الدول “تشن هذه الحرب القذرة عبر دعمها للتنظيمات الإرهابية وارسالها إلى سورية بعد أن اكتشفت أن الاحتلال المباشر للعراق لم يجد نفعا” مؤكدا أن ما يجري في المنطقة من حروب غايته تقسيم المنطقة وتجزئتها لحماية الكيان الصهيوني.
وفي مداخلة للدكتور عبد القادر عزوز أستاذ جامعي بين “أن كل فترة زمنية تحتاج إلى وسائل معالجة جديدة بسبب وجود جملة من العوامل والظروف تؤثر على صناع القرار في الاقتصاد” مشيرا إلى إعادة منح قروض تشغيلية لتفعيل العملية الإنتاجية والبحث عن الوسائل الكفيلة بزيادة النمو الاقتصادي مع الحفاظ على العدالة الاجتماعية وخلق صناعات وتفعيل مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي وتعميق ثقافة العمل وتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية لدفع عملية النمو الاقتصادي التي تشكل حصانة ومنعة للاقتصاد.
وضمن هذا الإطار أكدت الدكتورة سهام دنون الخبيرة الاقتصادية “الحاجة لمعرفة كيف يمكن أن نتحول إلى مرحلة التنمية الاقتصادية ووضع برنامج لتجاوز العقوبات والتوسع في زراعة مساحات جديدة من القمح في أماكن آمنة لحماية الأمن الغذائي والتوجه نحو الصناعات التي تقوي اقتصادنا تبعدنا عن الاستيراد ولا سيما الدوائية الغذائية والحربية كون سورية دولة مستهدفة وتعيش حربا طويلة”.
بدوره اعتبر عمر بكداش أمين عام الحزب الشيوعي السوري أن هناك تناقضا بين سياسة سورية الوطنية الداعمة للمقاومة وقوى التحرر في العالم والسياسة الاقتصادية المطبقة كونها أعطت الأولوية لقطاعات غير منتجة على حساب القطاعات الإنتاجية وتسبب في ضرب الانتاج الوطني وزيادة الفقر.
في جلستيه الثانية والثالثة: الملتقى الاقتصادي العمالي يؤكد أهمية التدخل الإيجابي للدولة للتخفيف على أصحاب الدخل المحدود
وفي الجلستين الثانية والثالثة بالملتقى أجمع المشاركون على أهمية التدخل الإيجابي للدولة للتخفيف ما أمكن على أصحاب الدخل المحدود الذين تأثروا كثيرا من الحرب الشرسة التي تتعرض لها سورية.
وخلال الملتقى الذي أقامه اتحاد العمال اليوم تحت عنوان “الواقع الاقتصادي وتعزيز مقومات الصمود” دعا المشاركون الحكومة الى تشجيع القدرات الإنتاجية الزراعية والصناعية والعمل على زيادة الصادرات واتباع سياسات غير تقليدية في معالجة الأزمة ووضع اليات مناسبة لضبط الأسعار المرتفعة بالأسواق وطالبوا بتحصيل الضرائب الحقيقية من الجميع وتخفيضها قدر المستطاع عن أصحاب الدخل المحدود.
وقدم الدكتور قحطان السيوفي عرضا تحت عنوان “التدخل الإيجابي للدولة لمواجهة تداعيات الأزمة” أشار فيه إلى أن “الحرب والعقوبات الاقتصادية الظالمة التي فرضت على سورية أدت إلى تراجع الدخل القومي ونقص الموارد العامة ما انعكس سلبا على القوة الشرائية لليرة السورية وعلى المستوى المعيشي للمواطن”.
وعرض السيوفي مجموعة من المقترحات التي من الممكن أن تسهم في تعزيز التدخل الإيجابي للدولة لمواجهة تداعيات الأزمة من أهمها أن تخرج الحكومة بسياساتها وإجراءاتها الاقتصادية والمالية والضريبية والنقدية عن الأساليب التقليدية وتشكيل خلية أزمة اقتصادية تتبع لجهة عليا لتقديم المقترحات لتفعيل تدخل الدولة واستخدام ادوات السياسة المالية وخاصة الضريبية لتطول الأرباح الكبيرة التي تحققها بعض الفعاليات في ظروف الأزمة.
من جهته أوضح رئيس اتحاد غرف التجارة السورية محمد غسان القلاع أن المنعكسات السلبية الشديدة التي تعرض لها الاقتصاد السوري خلال فترة الحرب المفروضة على سورية “من أقسى ما تعرض له الاقتصاد في تاريخه الحديث حيث أدى إلى تراجع حاد لمستويات النمو في جميع القطاعات الاقتصادية”.
وأشار القلاع إلى أهمية اعادة بناء الاقتصاد السوري الذي بدأ مرحلة التعافي على أسس جديدة واعتماد سياسات زراعية ومائية أكثر توفيرا وانتاجية وقيمة مضافة.
بدوره قدم بسام جبلاوي عرضا عن تعزيز دور الطبقة العاملة في مسيرة الصمود أكد فيه أهمية الروح المعنوية في تحقيق النصر وخاصة في هذه الظروف الاستثنائية التي تتعرض لها سورية واهمية التمسك بالوطن ومبادئه واتقان العمل وتحمل المسؤولية.
ودعا جبلاوي الى حشد جميع طاقات الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدعم اقتصادنا الوطني وصمود قواتنا المسلحة في وجه التحديات والعقوبات والحصار الاقتصادي المفروض على سورية.
من جانبه طالب رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية فارس الشهابي الحكومة “بإيقاف الإجراءات القانونية ضد المتخلفين والمتعثرين عن سداد القروض والرسوم وذلك لحماية منشاتهم من البيع بالمزاد العلني لأصحاب الأموال المشبوهة ومنح اتحاد الغرف الصناعية التمويل اللازم من أجل الإسهام المباشر والسريع في إعادة تأهيل المنشآت الصناعية وإصلاح البنية التحتية وإعادة تأهيل الموارد البشرية ومنح قروض تشغيلية لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة والمنشات الحرفية وإعفاء المعامل خلال فترة الأزمة من رسوم التأمينات الاجتماعية”.
ودعا الشهابي إلى وقف استيراد السلع التي تنتج في سورية وإلى التمسك ببرامج الرقابة على المستوردات وتوسيع عملها والى منح المنشات الصناعية إعفاءات ضريبية في مرحلة التأسيس حتى خمس سنوات من تاريخ البدء بالبناء.
بدوره اعتبر الدكتور شادي بيطار في عرضه عن السياسات المالية والنقدية ان التأثير على سعر صرف العملات “يعد أمرا طبيعيا في عرف علم الاقتصاد بحيث يكون الإجراء في هذه الحال بتدخل المصرف المركزي عبر أدواته التقليدية المتعارف عليها في كل انظمة النقد العالمية للتصدي لهذه التغيرات سواء من خلال تحريك أسعار الفائدة أو احتياط القطع الأجنبي” مشيرا إلى أن مصرف سورية المركزي عمد منذ بداية الأزمة إلى التدخل في السوق واتخذ العديد من القرارات الهادفة إلى ضبط سعر صرف الليرة السورية.
وأضاف بيطار بالمقابل كان هناك عدد من قرارات المركزي التي أثارت جدلا واسعا كالمزادات التي قام بها في بداية الأزمة والسماح لكل مواطن بشراء عشرة آلاف دولار شهريا.
ودعا بيطار إلى إعادة النظر في السياسة النقدية الحالية بحيث يكون هدفها استهداف التضخم وليس سعر الصرف ووضع نظم متطورة للمعلومات المالية والنقدية من خلال التقاص الالكتروني بشكل يحول دون قيام التجار بسحب أموالهم نقدا من أي مصرف وإصدار سندات حكومية لتمويل عجز الموازنة عوضا عن الاقتراض وتوفير المال اللازم لمشروعات الخريجين الشباب وتشجيع الاستثمار في قطاع الاقتصاد المعرفي.
حضر الملتقى وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وحشد من الدكاترة والخبراء الاقتصاديين وعدد من ممثلي الأحزاب الوطنية المعارضة وأعضاء المكتب التنفيذي في الاتحاد العام لنقابات العمال.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة