فيما يواصل حزب الله تقدّمه في جرود القلمون، تُصرّ «جبهة النصرة» على أن مجريات المعركة في صالحها. مجريات الميدان تفتح الباب أمام أكثر من سيناريو: تسوية لانسحاب المسلّحين أو «معركة عرسال 2» بتوقيع تنظيم «داعش»

حقّق مقاتلو حزب الله تقدماً غير متوقع في جرود القلمون. خلال أيام قليلة، تمكنوا من السيطرة على معظم الجرود. لم يثبت مسلّحو الفصائل المسلحة في أي من معاقلهم. أخلوا مراكزهم في المنطقة الجنوبية من جرود القلمون حيث كانت بقعة سيطرتهم وانهزموا سريعاً من دون أي مقاومة تُذكر. تخلّوا عن نقاط استراتيجية، حتى بدت معركة جرود القلمون، التي طُبّل لها وزُمِّر، أقرب إلى كذبة لا يمكن مقارنتها بمعركة القصير أو يبرود.

هنا لا مكان لخيانات «الجيش الحر» أو شراء حزب الله للمجموعات وغيرها من الأقاويل التي جرى تداولها في المعركتين السابقتين. استُعيض عن ذلك بتبادل الاتهامات. تبرّر «النصرة» تراجعها بـ «خيانة تنظيم الدولة الذي شتّت صف المجاهدين»، علماً أن القتال بين التنظيمين بدأ بعد انسحاب الفصائل المنضوية في لواء «جيش الفتح»، بحسب مصادر مقربة من التنظيم.

بدا كل وعيد المسلّحين في الفترة السابقة كلاماً في الهواء. لم يُقدّم إعلان «جيش الفتح» أو يؤخر في المعادلة شيئاً. لا مفخخات ولا «استشهاديين» ولا من يحزنون. لم يستثمر مسلّحو المغاور الجغرافيا ولا صواريخ الكونكورس، كما فعلوا في الفضاء الافتراضي. وخلت الجرود منهم، حتى كاد «طلب الشهادة» يُصبح استثناء في «ساحات الجهاد». الخسائر لدى الطرفين لم تتجاوز الستين مقاتلاً (من حزب الله والنصرة)، رقمٌ لا يصلح أن يُذكر كحصيلة لـ «معركة كُبرى»، كما اصطُلح على تسميتها. هكذا تبدو الصورة، أقلّه في منظار معسكر الجيش السوري وحزب الله.

ولكن، في المقلب الآخر، لا تزال «النصرة» تؤكّد أن مجريات الميدان في صالحها وأن «انتصارات الحزب إعلامية فقط». مصادر مقربة من «الجبهة» تصرّ على أن «المعركة لم تُحسم بعد، وأنها معركة استنزاف لا حسم». وتقلل من أهمية التلال التي خسرتها، متحدثة عن عشرات التلال الأخرى ومئات الكيلومترات من الجرود التي لا تزال تحت سيطرتها. حتى تلة موسى، تقول المصادر إنها «تبعد أربع تلال عن الجبة.

وأن شباب النصرة لا يزالون يقاتلون في جرود الجبّة وعسال الورد». وتلفت مصادر المعارضة المسلّحة إلى إن «ورقة القوة، أي العسكريين المخطوفين، لم تُستخدم بعد، بل اكتُفي بالتلويح بها مع بدء المعركة. وهذا خير دليل أن المبادرة لا تزال في أيدينا». مصادر «جيش الفتح» تبرّر إخلاء مراكز استراتيجية بالقول: «كُنّا ننسحب حيث نجد أنفسنا نُستنزف». ويؤكد أبو مصعب اللبناني، من «جبهة النصرة»، بأن تسجيلات مصوّرة ستنشر قريباً «توثّق كميناً للنصرة لعناصر مهاجمة من الحزب وقع على مساحة ثلاثة كيلومترات تم تفخيخها من جرود بريتال باتجاه الجبة يظهر زيف إعلان الحزب عن خسائره».

ومع اندلاع القتال بين الفصائل المسلحة في الجرود، وأمام الواقع المستجد جرّاء خسارتهم نقاطاً استراتيجية، بات مسار المعركة مختلفاً. فقد انسحب المسلّحون باتجاه الشمال، أي لناحية جرود عرسال. وبدأ الحديث عن «معركة عرسال 2». ففي هذه الناحية، يبسط تنظيم «الدولة» سيطرته على جرود قارة. ومن جهة الشمال، يُسيطر على وادي ميرا وصولاً إلى جرود عرسال. وهذه البقعة لا تزال هادئة. وإزاء ذلك، برزت فرضية تقول إن «حزب الله دفع المسلّحين نحو الجرود اللبنانية بهجومه عليهم من الجنوب، ولو أراد إبعادهم عن عرسال لشنّ هجوماً معاكساً». علماً أن مصادر «النصرة» تؤكد أن الهجوم الذي شُنّ على الجبة جنوباً بدأه مقاتلوها، وأن الحزب، بالتالي، لم يختر فتح الجبهة، كي يُقال إن غاية الهجوم حشر المسلّحين في جرود عرسال.

على الأرض، يضيق الخناق على الفصائل المسلّحة، وبات مسلّحوها محصورين في بقعة جغرافية تصغر تدريجياً. وبالتالي، يجري تداول سيناريوات عدة للأيام المقبلة. أحدها يستند إلى معلومات تتحدث عن مفاوضات بدأت للوصول الى تسوية تفتح الطريق لانسحاب المسلّحين إلى العمق السوري بضمانات من حزب الله. وهنا يُحكى عن انقسامات في الفصائل بين مؤيد ورافض. وإذا فشل هذا الخيار، فإن السيناريو الثاني يتمثل بدخول عرسال مجدداً، وهو ما ترفضه «النصرة»، رأس حربة المجموعات المقاتلة في القلمون، باعتباره خطيئة ارتكبتها بدخولها في آب الماضي إلى جانب مسلّحي «الدولة» الذين اجتاحوا البلدة اللبنانية. مصادر إسلامية تشير الى معلومات عن استعداد مسلحي «الدولة» للهجوم على عرسال مجدداً لأكثر من اعتبار، أحدها ضمان خط الإمداد، والثاني تحقيق نصر مواز لتقدّم حزب الله عبر السيطرة على بلدة لبنانية، وبالتالي، استدراج الحزب الى مواجهة داخل عرسال لتقديرهم بأن الجيش سيكون عاجزاً عن مواجهتهم، ما يعني اشعال فتنة طائفية في الداخل اللبناني.

على الصعيد الميداني، سيطر الجيش السوري ومقاتلو حزب الله على غالبية سلسلة تلال الباروح الإستراتيجية، التي ترتفع 2450 متراً عن سطح البحر، وهي عبارة عن مجموعة تلال تبلغ مساحتها التقريبية 20 كلم مربع، من بينها «مرصد الزلازل»، بعد اشتباكات استمرت منذ أول من أمس. كذلك سيطرت القوات المهاجمة على كامل مرتفع ضهر الهوا شمال شرق بلدة يونين اللبنانية، والذي تبلغ مساحته 6 كلم مربع. ويتضمن المرتفع تلالاً عدة، أهمها تلة الراية (2330 م) التي تشرف بشكل مباشر على جرود عرسال، إضافة إلى بعض معابر المسلحين غير الشرعية من جرد عرسال إلى جرود راس المعرة السورية.

  • فريق ماسة
  • 2015-05-14
  • 12734
  • من الأرشيف

مسلحو القلمون: هزيمة ومكابرة وتبادل اتهامات

فيما يواصل حزب الله تقدّمه في جرود القلمون، تُصرّ «جبهة النصرة» على أن مجريات المعركة في صالحها. مجريات الميدان تفتح الباب أمام أكثر من سيناريو: تسوية لانسحاب المسلّحين أو «معركة عرسال 2» بتوقيع تنظيم «داعش» حقّق مقاتلو حزب الله تقدماً غير متوقع في جرود القلمون. خلال أيام قليلة، تمكنوا من السيطرة على معظم الجرود. لم يثبت مسلّحو الفصائل المسلحة في أي من معاقلهم. أخلوا مراكزهم في المنطقة الجنوبية من جرود القلمون حيث كانت بقعة سيطرتهم وانهزموا سريعاً من دون أي مقاومة تُذكر. تخلّوا عن نقاط استراتيجية، حتى بدت معركة جرود القلمون، التي طُبّل لها وزُمِّر، أقرب إلى كذبة لا يمكن مقارنتها بمعركة القصير أو يبرود. هنا لا مكان لخيانات «الجيش الحر» أو شراء حزب الله للمجموعات وغيرها من الأقاويل التي جرى تداولها في المعركتين السابقتين. استُعيض عن ذلك بتبادل الاتهامات. تبرّر «النصرة» تراجعها بـ «خيانة تنظيم الدولة الذي شتّت صف المجاهدين»، علماً أن القتال بين التنظيمين بدأ بعد انسحاب الفصائل المنضوية في لواء «جيش الفتح»، بحسب مصادر مقربة من التنظيم. بدا كل وعيد المسلّحين في الفترة السابقة كلاماً في الهواء. لم يُقدّم إعلان «جيش الفتح» أو يؤخر في المعادلة شيئاً. لا مفخخات ولا «استشهاديين» ولا من يحزنون. لم يستثمر مسلّحو المغاور الجغرافيا ولا صواريخ الكونكورس، كما فعلوا في الفضاء الافتراضي. وخلت الجرود منهم، حتى كاد «طلب الشهادة» يُصبح استثناء في «ساحات الجهاد». الخسائر لدى الطرفين لم تتجاوز الستين مقاتلاً (من حزب الله والنصرة)، رقمٌ لا يصلح أن يُذكر كحصيلة لـ «معركة كُبرى»، كما اصطُلح على تسميتها. هكذا تبدو الصورة، أقلّه في منظار معسكر الجيش السوري وحزب الله. ولكن، في المقلب الآخر، لا تزال «النصرة» تؤكّد أن مجريات الميدان في صالحها وأن «انتصارات الحزب إعلامية فقط». مصادر مقربة من «الجبهة» تصرّ على أن «المعركة لم تُحسم بعد، وأنها معركة استنزاف لا حسم». وتقلل من أهمية التلال التي خسرتها، متحدثة عن عشرات التلال الأخرى ومئات الكيلومترات من الجرود التي لا تزال تحت سيطرتها. حتى تلة موسى، تقول المصادر إنها «تبعد أربع تلال عن الجبة. وأن شباب النصرة لا يزالون يقاتلون في جرود الجبّة وعسال الورد». وتلفت مصادر المعارضة المسلّحة إلى إن «ورقة القوة، أي العسكريين المخطوفين، لم تُستخدم بعد، بل اكتُفي بالتلويح بها مع بدء المعركة. وهذا خير دليل أن المبادرة لا تزال في أيدينا». مصادر «جيش الفتح» تبرّر إخلاء مراكز استراتيجية بالقول: «كُنّا ننسحب حيث نجد أنفسنا نُستنزف». ويؤكد أبو مصعب اللبناني، من «جبهة النصرة»، بأن تسجيلات مصوّرة ستنشر قريباً «توثّق كميناً للنصرة لعناصر مهاجمة من الحزب وقع على مساحة ثلاثة كيلومترات تم تفخيخها من جرود بريتال باتجاه الجبة يظهر زيف إعلان الحزب عن خسائره». ومع اندلاع القتال بين الفصائل المسلحة في الجرود، وأمام الواقع المستجد جرّاء خسارتهم نقاطاً استراتيجية، بات مسار المعركة مختلفاً. فقد انسحب المسلّحون باتجاه الشمال، أي لناحية جرود عرسال. وبدأ الحديث عن «معركة عرسال 2». ففي هذه الناحية، يبسط تنظيم «الدولة» سيطرته على جرود قارة. ومن جهة الشمال، يُسيطر على وادي ميرا وصولاً إلى جرود عرسال. وهذه البقعة لا تزال هادئة. وإزاء ذلك، برزت فرضية تقول إن «حزب الله دفع المسلّحين نحو الجرود اللبنانية بهجومه عليهم من الجنوب، ولو أراد إبعادهم عن عرسال لشنّ هجوماً معاكساً». علماً أن مصادر «النصرة» تؤكد أن الهجوم الذي شُنّ على الجبة جنوباً بدأه مقاتلوها، وأن الحزب، بالتالي، لم يختر فتح الجبهة، كي يُقال إن غاية الهجوم حشر المسلّحين في جرود عرسال. على الأرض، يضيق الخناق على الفصائل المسلّحة، وبات مسلّحوها محصورين في بقعة جغرافية تصغر تدريجياً. وبالتالي، يجري تداول سيناريوات عدة للأيام المقبلة. أحدها يستند إلى معلومات تتحدث عن مفاوضات بدأت للوصول الى تسوية تفتح الطريق لانسحاب المسلّحين إلى العمق السوري بضمانات من حزب الله. وهنا يُحكى عن انقسامات في الفصائل بين مؤيد ورافض. وإذا فشل هذا الخيار، فإن السيناريو الثاني يتمثل بدخول عرسال مجدداً، وهو ما ترفضه «النصرة»، رأس حربة المجموعات المقاتلة في القلمون، باعتباره خطيئة ارتكبتها بدخولها في آب الماضي إلى جانب مسلّحي «الدولة» الذين اجتاحوا البلدة اللبنانية. مصادر إسلامية تشير الى معلومات عن استعداد مسلحي «الدولة» للهجوم على عرسال مجدداً لأكثر من اعتبار، أحدها ضمان خط الإمداد، والثاني تحقيق نصر مواز لتقدّم حزب الله عبر السيطرة على بلدة لبنانية، وبالتالي، استدراج الحزب الى مواجهة داخل عرسال لتقديرهم بأن الجيش سيكون عاجزاً عن مواجهتهم، ما يعني اشعال فتنة طائفية في الداخل اللبناني. على الصعيد الميداني، سيطر الجيش السوري ومقاتلو حزب الله على غالبية سلسلة تلال الباروح الإستراتيجية، التي ترتفع 2450 متراً عن سطح البحر، وهي عبارة عن مجموعة تلال تبلغ مساحتها التقريبية 20 كلم مربع، من بينها «مرصد الزلازل»، بعد اشتباكات استمرت منذ أول من أمس. كذلك سيطرت القوات المهاجمة على كامل مرتفع ضهر الهوا شمال شرق بلدة يونين اللبنانية، والذي تبلغ مساحته 6 كلم مربع. ويتضمن المرتفع تلالاً عدة، أهمها تلة الراية (2330 م) التي تشرف بشكل مباشر على جرود عرسال، إضافة إلى بعض معابر المسلحين غير الشرعية من جرد عرسال إلى جرود راس المعرة السورية.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة