دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يتكون حي التضامن في جنوب دمشق من أغلبية سكانية هجَّرهم العدوان الاسرائيلي من قرى الجولان المحتل , ليحطّوا الرحال في ضواحي دمشق و يعيدوا بناء حياتهم من جديد.
تعب الآباء كثيراً كي يؤمِّنوا لأولادهم سبل الحياة و التعليم, كونهم تركوا كل شيء خلفهم في الجولان و بدأوا من الصفر مجددا كما يقال . بنوا بيوتهم الجديدة من عرق جباههم و جهود سواعدهم و عيونهم شاخصة إلى تحرير الجولان الذي لا يفارق أحاديثهم و قاسماً مشتركاً لسجل ذكرياتهم , و كون الدولة السورية بعد الحركة التصحيحية المباركة قد أمَّنت للمواطن السوري التعليم المجاني فقد بادر الآباء لتعليم أولادهم , فحصل الكثير منهم على درجات علمية مرموقة و تبوأوا مواقع هامة .
حي التضامن الذي يتكون من عدة أحياء فرعية منها شارع نسرين و الجلاء و غيرها , و قد كان عدد سكان شارع نسرين مثلا قبل الحرب على سورية بحدود ثلاثة آلاف مواطن , تضاعف هذا العدد إلى ستة آلاف بسبب تدفق المهجرين إليه من الأحياء المجاورة , لصمود أهله و استبسالهم بالدفاع عن حيهم و أصبحوا شركاء مع أهالي الحي للدفاع عنه
يقول سكان شارع نسرين: لقد تم تهجيرنا في عام 67 من الجولان من قبل العدو الصهيوني أما اليوم فلن يتم تهجيرنا مرة ثانية من قبل عملاء العدو الصهيوني , و سندافع عن حينا و بيوتنا و أعراضنا إلى آخر قطرة من دمائنا , و بالفعل قام أهالي الحي بتشكيل لجان شعبية و التي أصبحت فيما بعد تتبع للدفاع الوطني , و كان شباب هذه اللجان يتناوبون الحراسة على مدار الساعة لحماية حيهم من الارهابيين و المتسللين و قد نجحوا بذلك أيَّما نجاح .
الدولة بدورها عندما رأت صمود أهل الحي و إصرارهم على الدفاع عن حيهم أمدَّتهم بكل مقومات الصمود من السلاح و الذخيرة إلى الكهرباء و الماء و الغاز و المازوت عن طريق لجنة حي التضامن بالتعاون مع الدفاع الوطني , و بقيت الأفران الثلاثة في الحي تعمل لتأمين حاجة السكان و قد تضاعف عددها أيضا بالتناسب مع زيادة عدد سكان الحي
و الجدير بالذكر أيضا بأن مجمع مدارس التضامن لم يتوقف يوماً, و بقي الطلاب يتابعون تحصيلهم الدراسي , رغم الاعتداءات المتكررة من قبل العصابات الارهابية المجرمة , و قد تجاوز عدد قذائف الهاون المائة قذيفة على سكان الحي الصامد و كانت أضرارها محدودة بفضل الله حيث لم يتجاوز عدد الشهداء الخمسة و عدد قليل من الجرحى و أضرار مادية بشكل أكيد.
أيضاً كان من عناصر صمود هذا الحي , الخدمات الصحية الموجودة و التي واضبت على تقديم خدماتها بالتناسق مع صمود أهالي الحي و تتمثل بالأطباء و الصيادلة و مستوصف الحي.
قام عناصر الدفاع الوطني من شباب الحي الذين أشرت لهم سابقا - رغم أن عددهم لم يتجاوز 125 عنصراً - بصدِّ / 3 / محاولات للإرهابيين لاقتحام الحي الصامد , و إحدى هذه المحاولات الاجرامية كانت " عاصفة الجنوب" كما سماها الارهابيون و الجهات الداعمة لهم , اتحدت فيها أربعة ألوية للإرهابيين هي( الأنفال و أبابيل حوران و صقور الشام بالإضافة لجبهة النصرة ) و قد تم صدَّهم كما تم تكبيدهم خسائر فادحة بالأرواح تجاوزت 800 قتيل مقابل 30 شهيد من المدافعين عن الحي و فيهم الكثير من الأخوة كأولاد السيدة أم غياث الأربعة الشهداء محمود وعباس وعمار ويعرب , ولم ينل المصاب من عزيمة أم غياث.. على العكس لا تزال تشجع أبناءها الأربعة وبناتها الخمسة على مواصلة طريق أشقائهم, طريق تراه مفروضاً على كل السوريين للخروج من النفق المظلم الذي تمر به البلاد. .
و بعد هذا الصمود الاسطوري , بادر الكثيرين للانتساب للدفاع الوطني حتى وصل عددهم لما يقارب 800 عنصراً لا زالوا يحرسون أحلام الأطفال في هذا الحي الصامد , و يقوم هؤلاء الشباب الشجعان بمؤازرة الجيش العربي السوري خارج هذا الحي أيضاً
كان مخطط الارهابيين منذ بداية الحرب على سورية هو اقتحام دمشق من هذا الحي و لكن هؤلاء الصامدين, الذي كانوا لا ينامون إلا قليلاً وقى دمشق و أهلها من خطر داهم .
حي التضامن, اسم على مسمى , فقد تضامن أهله للدفاع عنه ضد الارهاب , بما يشكل قدوة لغيرهم من أحياء المدن و القرى , و لا نبالغ إذا قلنا بأن أي حي أو مدينة أو قرية دخلها هؤلاء المجرمون فقد قاموا بنهبها و تخريبها و إحراقها , و مهما بلغت تضحيات الصمود تبقى أفضل بكثير من الهجرة .
و أنا كمواطن سوري أنظر بعين الفخر و الإعجاب لهذا الحي و أهله الصامدين, وقد سقت هذا الحي مثالا أعرفه رغم أني لست من سكانه بل من حي مجاور عاث به المجرمون خراباً و تدميراً بسبب مغادرة سكانه ما أتاح للمجرمين دخوله بسهولة .
وأنا أكيد بأن هناك الكثير من أساطير الصمود في وطني الحبيب كحال حي التضامن الصامد , شكلت عنواناً من عناوين الصمود و مفردات هامة في قاموس النصر الآتي
المصدر :
يونس أحمد الناصر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة