في 26 آذار الماضي أطلقت المملكة العربيّة السعوديّة عمليّة عسكريّة جويّة-بحرّية في اليمن، وفي 21 نيسان الماضي أعلنت إنتهاء هذه العمليّة، والبدء بعمليّة جديدة تحمل إسم "إعادة الأمل". لكن وبعد مرور عشرة أيّام على هذا الإعلان تبدو المعركة العسكريّة مُستمرّة ولو باسم آخر! فما الذي يحصل، وكيف يُمكن أن تتطوّر الأمور الميدانية، وإلى متى من المُتوقّع أن تستمرّ الحرب في اليمن؟

بالنسبة إلى ما يحصل فهو إستمرار للضغط العربي، بقيادة سعوديّة، على كلّ من جماعة "أنصار الله" المُسلّحة وعلى الوحدات العسكريّة في الجيش اليمني المُوالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، والذي كان قد تنحّى تحت وطأة التظاهرات الشعبيّة المناهضة لحكمه. وهذا الضغط الميداني مُرشّح للإستمرار في المدى المنظور حيث أنّ "قوات التحالف" مُصرّة على تبديل موازين القوى الميدانية، عبر العمل على ثلاثة محاور، هي:

أوّلاً: مُواصلة الحصار البحري على الموانئ اليمنية، وعبر متابعة فرض الحظر الجوّي على طائرات مُعيّنة، بموازاة الإغارة على المطارات اليمنيّة، وذلك لمنع وصول أيّ إمدادات لوجستيّة للجماعات المناهضة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وللقوى الإقليميّة التي تدعمه.

ثانياً: مُواصلة الغارات الجويّة والقصف البحري والبرّي عندما تدعو الحاجة، على القوى العسكرية النظامية والميليشياويّة التي تُقاتل القوى المدعومة من السعودية، وذلك بهدف متابعة تدمير الأسلحةومخازن الذخيرة والآليات والتحصينات التابعة لقوات صالح وللميليشيات "الحوثيّة"، إلى أن تتمكّن القوات المدعومة من "قوات التحالف" من قلب الأمور ميدانياً وتوسيع مناطق سيطرتها.

ثالثاً:مُواصلة دورات تدريبيّة سريعة لمجموعات من رجال القبائل المعارضة للرئيس السابق صالح وللحوثيّين، ومدّها بالسلاح وبالذخائر لتمكينها من القتال بفعاليّة أكبر ضد خصومها. وكذلك مُتابعة العمل على إستمالة قبائل جديدة إلى جانب "قوات التحالف"، ومُتابعة العمل على إحداث مزيد من الإنشقاقات عن الوحدات العسكرية النظامية التي لا تزال موالية للرئيس السابق صالح.

وبالنسبة إلى الإتجاه الذي يُمكن أن تسلكه الأمور، الإحتمالات مفتوحة لأنّ لا بوادر لأي تراجع طوعي لجماعة "أنصار الله" المُسلّحة، ولا لقوّات الرئيس السابق صالح، عن المناطق التي سيطروا عليها بقوّة السلاح، بل إنّ هجمات هؤلاء مُستمرّة في مختلف أنحاء اليمن حيث توجد قوى مناهضة لهم. أكثر من ذلك، وبحسب معلومات متقاطعة، يبدو أنّ مرحلة عدم الردّ على الغارات السعودية–العربيّة إنتهت، حيث بدأ الحوثيّون بشنّ حرب إستنزاف ضد الجيش السعودي على الحدود المُشتركة بين البلدين، عبر تفجير عبوة هنا، وقصف موقع حدودي هناك، وشن هجوم على دوريّة هنالك، إلخ. والأكيد أنّ تحوّل جماعة "أنصار الله" إلى مرحلة هجمات الإستنزاف ضد الجيش السعودي، سيرفع من وتيرة التوتّر، وسيرفع أيضاً من إحتمال حصول عمليّات توغّل برّية سعودية، خاصة إنّ توفّرت قوى يمنيّة حليفة للسعودية مُستعدّة للسيطرة والإنتشار الميداني في أيّ منطقة قد يتمّ إقتحامها.

وبالنسبة إلى المدّة التي من المُتوقّع أن تستغرقها الحرب المفتوحة في اليمن، منذ أشهر طويلة، ولو بصيغ متباينة وتحت أسماء مختلفة، فهي يُمكن أن تكون قصيرة جداً، أو طويلة جداً. فمسألة وقف الحرب مُرتبطة بنضوج ظروف تسوية سياسيّة يُحاول أكثر من طرف إقليمي ودولي العمل على إنضاجها. وطالما أنّ إيران تواصل دعمها لجماعة "أنصار الله"، وطالما أنّ مصالح هؤلاء في السيطرة الميدانية وفي رفض الإعتراف بشرعيّة الرئيس هادي لا تزال متقاطعة مع مصالح الرئيس اليمني السابق صالح، لا مجال لوقف الحرب. ومن دون أن يعود للملكة العربيّة السعودية كلمتها ونفوذها، ولو جزئياً في اليمن، لا مجال لوقف الحرب أيضاً. وبالتالي، وفي الوقت الذي لا تترك السعودية وسيلة لإستمالة أكبر عدد من اليمنيّين، من تقديم المساعدات الميدانية العادية وصولاً إلى الترويج لإحتمال إنضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي، للخروج من أزماته الإقتصادية والإجتماعية والسياسيّة وغيرها، المواجهة العسكرية على أرض اليمن ستستمرّ إلى حين رضوخ "الحوثيّين" ومعهم من تبقّى من قوات عسكرية موالية للرئس السابق صالح، لاتفاق تسوية يُعيد السعودية والقوى السياسيّة التي تدور في فلكها بقوّة إلى الحكم. وحتى الساعة لا بوادر لحصول ذلك، بل العكس هو السائد، حيث تتواصل المعارك العنيفة، في ظلّ تعثّر محاولات التهدئة السياسيّة، مع وجود مخاوف جدّية من أن تتوسّع رقعة الحرب وأن تشهد تطوّرات دراماتيكية في ظلّ النية الإيرانية المُتصاعدة برفع مُستوى المواجهة ردّاً على إستمرار الحملة العسكريّة في اليمن.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-04-30
  • 11539
  • من الأرشيف

حرب اليمن ستستمرّ حتى تحقيق هذا الهدف...

في 26 آذار الماضي أطلقت المملكة العربيّة السعوديّة عمليّة عسكريّة جويّة-بحرّية في اليمن، وفي 21 نيسان الماضي أعلنت إنتهاء هذه العمليّة، والبدء بعمليّة جديدة تحمل إسم "إعادة الأمل". لكن وبعد مرور عشرة أيّام على هذا الإعلان تبدو المعركة العسكريّة مُستمرّة ولو باسم آخر! فما الذي يحصل، وكيف يُمكن أن تتطوّر الأمور الميدانية، وإلى متى من المُتوقّع أن تستمرّ الحرب في اليمن؟ بالنسبة إلى ما يحصل فهو إستمرار للضغط العربي، بقيادة سعوديّة، على كلّ من جماعة "أنصار الله" المُسلّحة وعلى الوحدات العسكريّة في الجيش اليمني المُوالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، والذي كان قد تنحّى تحت وطأة التظاهرات الشعبيّة المناهضة لحكمه. وهذا الضغط الميداني مُرشّح للإستمرار في المدى المنظور حيث أنّ "قوات التحالف" مُصرّة على تبديل موازين القوى الميدانية، عبر العمل على ثلاثة محاور، هي: أوّلاً: مُواصلة الحصار البحري على الموانئ اليمنية، وعبر متابعة فرض الحظر الجوّي على طائرات مُعيّنة، بموازاة الإغارة على المطارات اليمنيّة، وذلك لمنع وصول أيّ إمدادات لوجستيّة للجماعات المناهضة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وللقوى الإقليميّة التي تدعمه. ثانياً: مُواصلة الغارات الجويّة والقصف البحري والبرّي عندما تدعو الحاجة، على القوى العسكرية النظامية والميليشياويّة التي تُقاتل القوى المدعومة من السعودية، وذلك بهدف متابعة تدمير الأسلحةومخازن الذخيرة والآليات والتحصينات التابعة لقوات صالح وللميليشيات "الحوثيّة"، إلى أن تتمكّن القوات المدعومة من "قوات التحالف" من قلب الأمور ميدانياً وتوسيع مناطق سيطرتها. ثالثاً:مُواصلة دورات تدريبيّة سريعة لمجموعات من رجال القبائل المعارضة للرئيس السابق صالح وللحوثيّين، ومدّها بالسلاح وبالذخائر لتمكينها من القتال بفعاليّة أكبر ضد خصومها. وكذلك مُتابعة العمل على إستمالة قبائل جديدة إلى جانب "قوات التحالف"، ومُتابعة العمل على إحداث مزيد من الإنشقاقات عن الوحدات العسكرية النظامية التي لا تزال موالية للرئيس السابق صالح. وبالنسبة إلى الإتجاه الذي يُمكن أن تسلكه الأمور، الإحتمالات مفتوحة لأنّ لا بوادر لأي تراجع طوعي لجماعة "أنصار الله" المُسلّحة، ولا لقوّات الرئيس السابق صالح، عن المناطق التي سيطروا عليها بقوّة السلاح، بل إنّ هجمات هؤلاء مُستمرّة في مختلف أنحاء اليمن حيث توجد قوى مناهضة لهم. أكثر من ذلك، وبحسب معلومات متقاطعة، يبدو أنّ مرحلة عدم الردّ على الغارات السعودية–العربيّة إنتهت، حيث بدأ الحوثيّون بشنّ حرب إستنزاف ضد الجيش السعودي على الحدود المُشتركة بين البلدين، عبر تفجير عبوة هنا، وقصف موقع حدودي هناك، وشن هجوم على دوريّة هنالك، إلخ. والأكيد أنّ تحوّل جماعة "أنصار الله" إلى مرحلة هجمات الإستنزاف ضد الجيش السعودي، سيرفع من وتيرة التوتّر، وسيرفع أيضاً من إحتمال حصول عمليّات توغّل برّية سعودية، خاصة إنّ توفّرت قوى يمنيّة حليفة للسعودية مُستعدّة للسيطرة والإنتشار الميداني في أيّ منطقة قد يتمّ إقتحامها. وبالنسبة إلى المدّة التي من المُتوقّع أن تستغرقها الحرب المفتوحة في اليمن، منذ أشهر طويلة، ولو بصيغ متباينة وتحت أسماء مختلفة، فهي يُمكن أن تكون قصيرة جداً، أو طويلة جداً. فمسألة وقف الحرب مُرتبطة بنضوج ظروف تسوية سياسيّة يُحاول أكثر من طرف إقليمي ودولي العمل على إنضاجها. وطالما أنّ إيران تواصل دعمها لجماعة "أنصار الله"، وطالما أنّ مصالح هؤلاء في السيطرة الميدانية وفي رفض الإعتراف بشرعيّة الرئيس هادي لا تزال متقاطعة مع مصالح الرئيس اليمني السابق صالح، لا مجال لوقف الحرب. ومن دون أن يعود للملكة العربيّة السعودية كلمتها ونفوذها، ولو جزئياً في اليمن، لا مجال لوقف الحرب أيضاً. وبالتالي، وفي الوقت الذي لا تترك السعودية وسيلة لإستمالة أكبر عدد من اليمنيّين، من تقديم المساعدات الميدانية العادية وصولاً إلى الترويج لإحتمال إنضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي، للخروج من أزماته الإقتصادية والإجتماعية والسياسيّة وغيرها، المواجهة العسكرية على أرض اليمن ستستمرّ إلى حين رضوخ "الحوثيّين" ومعهم من تبقّى من قوات عسكرية موالية للرئس السابق صالح، لاتفاق تسوية يُعيد السعودية والقوى السياسيّة التي تدور في فلكها بقوّة إلى الحكم. وحتى الساعة لا بوادر لحصول ذلك، بل العكس هو السائد، حيث تتواصل المعارك العنيفة، في ظلّ تعثّر محاولات التهدئة السياسيّة، مع وجود مخاوف جدّية من أن تتوسّع رقعة الحرب وأن تشهد تطوّرات دراماتيكية في ظلّ النية الإيرانية المُتصاعدة برفع مُستوى المواجهة ردّاً على إستمرار الحملة العسكريّة في اليمن.  

المصدر : ناجي س. البستاني - النشرة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة