في اليومين الماضيين، إنشغلت الأوساط السورية في الهجوم الذي شنته جبهة "النصرة" السورية، الفرع السوري لتنظيم "القاعدة"، على خطوط إمداد الجيش السوري في جسر الشغور ومحيط مدينة إدلب ومنطقة الغاب، في الوقت الذي كانت فيه المعلومات تتوارد عن إستعدادات يقوم بها الجيش لإستعادة إدلب.

 كان لافتاً إستخدام الجبهة أسلحة نوعية، لا سيما صواريخ "التاو" الأميركية الصنع، الأمر الذي طرح حوله علامات الإستفهام، خصوصاً أن "النصرة" مدرجة على لوائح واشنطن للمنظمات والجماعات الإرهابية منذ أشهر طويلة.

في هذا السياق، توضح مصادر سورية معارضة، لـ"النشرة"، أن مصدر "التاو" هو مخازن ومستودعات كتائب وفصائل المعارضة، التي هاجمتها الجبهة في السابق، لا سيما "حركة حازم" و"جبهة ثوار سوريا"، حيث تشير إلى أن واشنطن زودت من تصفهم بـ"المعارضة المعتدلة" بهذا النوع من الصواريخ، إلا أن سيطرة "النصرة" على تلك المخازن والمستودعات أوقعها بين يديه، وبالتالي تنفي أن تكون الولايات المتحدة قد قدمتها بصورة مباشرة إلى عناصر فرع "القاعدة" السوري.

وتوضح هذه المصادر أن هذا الأمر أدى إلى تراجع الدعم المقدم من قبل الدول الغربية إلى كتائب وفصائل المعارضة السورية، خوفاً من تكرار السيناريو، بالنسبة إلى سيطرة عناصر متطرفة عليها، لكنها تعتبر أن هذا الدعم لم يكن بالشكل المطلوب الذي يسمح لها أصلاً بمقاومة هجمات "النصرة" و"داعش" أو الجيش السوري.

وتشدد المصادر السورية المعارضة على أن إستخدام الجبهة لـ"التاو" في إدلب ليس الأول من نوعه، حيث تشير إلى أنها قامت بذلك في السابق خلال الهجوم على معسكر وادي الضيف، بعد أن كانت حصلت عليها قبل شهر من ذلك من "جبهة ثوار سوريا"، وتذكر أيضاً بأن الجبهة عندما عرضت "الغنائم" التي حصلت عليها من مقرات "حركة حزم"، في الفوج 46 في الريف الغربي لمحافظة حلب، ظهرت كميات من هذه الصواريخ، وكان لافتاً حينها وجود مواد غذائية عليها شعارات "لأجل الشعب السوري من الولايات المتحدة الأميركية".

وفي حين يدعو هذا التطور إلى التوقف عند مصير باقي المساعدات، التي تقدمها الدول الغربية إلى قوى في المعارضة السورية تصنفها "معتدلة"، خصوصاً أن هناك مساعٍ لرفع مستوى هذا الدعم بعد تدريب مجموعات مسلحة في دول مجاورة، خصوصاً تركيا والأردن والسعودية، تظهر المعطيات أن كميات "التاو" المستخدمة من قبل "النصرة" حتى الآن مصدرها ليس "الغنائم" فقط، لا سيما أن ما أعلنت عنه الولايات المتحدة نفسها أقل من ذلك، وبالتالي ينبغي البحث عن المصدر السري.

 

من هذا المنطلق، تؤكد مصادر سورية، لـ"النشرة"، أن هناك دعماً كبيراً حصلت عليه الجبهة خلال التجهيز لمعركة إدلب في الفترة الأخيرة، والتي تمت إدارتها من غرفة عمليات موجودة داخل الأراضي التركية، حيث تلفت إلى محاولة التمويه عبر إعلان أن المعركة قام بها ما يسمى بـ"جيش الفتح"، إلا أن الوقائع اللاحقة أظهرت أن هذا الجيش ليس إلا "النصرة" بصورة جديدة.

وتشير هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى بعض المعلومات التي تحدثت لاحقاً عن أن "الفاتح" سيكون نموذجاً جديداً لقوى معارضة تحظى بدعم وغطاء إقليمي ودولي بهدف إحداث تغيير نوعي، وتلمح إلى السعي لدفع الجبهة إلى إعلان إنفصالها عن "القاعدة" مقابل رفع مستوى الدعم العسكري والمالي، دون أن يتسبب ذلك بالإحراج لدى الداعمين، خصوصاً في ظل تصنيفها إرهابية من جانبهم ومن قبل مجلس الأمن الدولي.

بالإضافة إلى ذلك، تشدد هذه المصادر على أن دعم عناصر "النصرة" من قبل جهات خارجية ليس بالأمر السري أصلاً، والدليل تعاونها مع الجيش الإسرائيلي الذي بات معروفاً من دون أن يقدم المجتمع الدولي على أي خطوة، ناهيك عن بعض الدول العربية التي لا تزال حتى الساعة تقيم العلاقات معها، وبعضها يحصل بصورة مباشرة لا عبر وسطاء كما يتم الإدعاء، إلا أنها تعتبر أن الولايات المتحدة هي المسؤولة عن توضيح كيفية وصول الصواريخ إلى الجبهة كونها المصنع لها، وبالتالي هي تعرف لمن باعتها أو قدمتها مجاناً.

في المحصلة، هذا نموذجٌ بسيطٌ عما يجري على الأرض السورية، يشير إلى مخاطر جمّة، خصوصاً أن الدعوات لتسليح فصائل في المعارضة والقيام بتدخل عسكري لا تزال قائمة، من دون أن يكون هناك من ضمانات بعدم وصول الأسلحة والمساعدات إلى العناصر المتطرفة، التي باتت تعمل على نطاق واسع على الأرض السورية.

  • فريق ماسة
  • 2015-04-26
  • 12430
  • من الأرشيف

كيف وصلت صواريخ "التاو" الأميركية إلى جبهة "النصرة"؟

 في اليومين الماضيين، إنشغلت الأوساط السورية في الهجوم الذي شنته جبهة "النصرة" السورية، الفرع السوري لتنظيم "القاعدة"، على خطوط إمداد الجيش السوري في جسر الشغور ومحيط مدينة إدلب ومنطقة الغاب، في الوقت الذي كانت فيه المعلومات تتوارد عن إستعدادات يقوم بها الجيش لإستعادة إدلب.  كان لافتاً إستخدام الجبهة أسلحة نوعية، لا سيما صواريخ "التاو" الأميركية الصنع، الأمر الذي طرح حوله علامات الإستفهام، خصوصاً أن "النصرة" مدرجة على لوائح واشنطن للمنظمات والجماعات الإرهابية منذ أشهر طويلة. في هذا السياق، توضح مصادر سورية معارضة، لـ"النشرة"، أن مصدر "التاو" هو مخازن ومستودعات كتائب وفصائل المعارضة، التي هاجمتها الجبهة في السابق، لا سيما "حركة حازم" و"جبهة ثوار سوريا"، حيث تشير إلى أن واشنطن زودت من تصفهم بـ"المعارضة المعتدلة" بهذا النوع من الصواريخ، إلا أن سيطرة "النصرة" على تلك المخازن والمستودعات أوقعها بين يديه، وبالتالي تنفي أن تكون الولايات المتحدة قد قدمتها بصورة مباشرة إلى عناصر فرع "القاعدة" السوري. وتوضح هذه المصادر أن هذا الأمر أدى إلى تراجع الدعم المقدم من قبل الدول الغربية إلى كتائب وفصائل المعارضة السورية، خوفاً من تكرار السيناريو، بالنسبة إلى سيطرة عناصر متطرفة عليها، لكنها تعتبر أن هذا الدعم لم يكن بالشكل المطلوب الذي يسمح لها أصلاً بمقاومة هجمات "النصرة" و"داعش" أو الجيش السوري. وتشدد المصادر السورية المعارضة على أن إستخدام الجبهة لـ"التاو" في إدلب ليس الأول من نوعه، حيث تشير إلى أنها قامت بذلك في السابق خلال الهجوم على معسكر وادي الضيف، بعد أن كانت حصلت عليها قبل شهر من ذلك من "جبهة ثوار سوريا"، وتذكر أيضاً بأن الجبهة عندما عرضت "الغنائم" التي حصلت عليها من مقرات "حركة حزم"، في الفوج 46 في الريف الغربي لمحافظة حلب، ظهرت كميات من هذه الصواريخ، وكان لافتاً حينها وجود مواد غذائية عليها شعارات "لأجل الشعب السوري من الولايات المتحدة الأميركية". وفي حين يدعو هذا التطور إلى التوقف عند مصير باقي المساعدات، التي تقدمها الدول الغربية إلى قوى في المعارضة السورية تصنفها "معتدلة"، خصوصاً أن هناك مساعٍ لرفع مستوى هذا الدعم بعد تدريب مجموعات مسلحة في دول مجاورة، خصوصاً تركيا والأردن والسعودية، تظهر المعطيات أن كميات "التاو" المستخدمة من قبل "النصرة" حتى الآن مصدرها ليس "الغنائم" فقط، لا سيما أن ما أعلنت عنه الولايات المتحدة نفسها أقل من ذلك، وبالتالي ينبغي البحث عن المصدر السري.   من هذا المنطلق، تؤكد مصادر سورية، لـ"النشرة"، أن هناك دعماً كبيراً حصلت عليه الجبهة خلال التجهيز لمعركة إدلب في الفترة الأخيرة، والتي تمت إدارتها من غرفة عمليات موجودة داخل الأراضي التركية، حيث تلفت إلى محاولة التمويه عبر إعلان أن المعركة قام بها ما يسمى بـ"جيش الفتح"، إلا أن الوقائع اللاحقة أظهرت أن هذا الجيش ليس إلا "النصرة" بصورة جديدة. وتشير هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى بعض المعلومات التي تحدثت لاحقاً عن أن "الفاتح" سيكون نموذجاً جديداً لقوى معارضة تحظى بدعم وغطاء إقليمي ودولي بهدف إحداث تغيير نوعي، وتلمح إلى السعي لدفع الجبهة إلى إعلان إنفصالها عن "القاعدة" مقابل رفع مستوى الدعم العسكري والمالي، دون أن يتسبب ذلك بالإحراج لدى الداعمين، خصوصاً في ظل تصنيفها إرهابية من جانبهم ومن قبل مجلس الأمن الدولي. بالإضافة إلى ذلك، تشدد هذه المصادر على أن دعم عناصر "النصرة" من قبل جهات خارجية ليس بالأمر السري أصلاً، والدليل تعاونها مع الجيش الإسرائيلي الذي بات معروفاً من دون أن يقدم المجتمع الدولي على أي خطوة، ناهيك عن بعض الدول العربية التي لا تزال حتى الساعة تقيم العلاقات معها، وبعضها يحصل بصورة مباشرة لا عبر وسطاء كما يتم الإدعاء، إلا أنها تعتبر أن الولايات المتحدة هي المسؤولة عن توضيح كيفية وصول الصواريخ إلى الجبهة كونها المصنع لها، وبالتالي هي تعرف لمن باعتها أو قدمتها مجاناً. في المحصلة، هذا نموذجٌ بسيطٌ عما يجري على الأرض السورية، يشير إلى مخاطر جمّة، خصوصاً أن الدعوات لتسليح فصائل في المعارضة والقيام بتدخل عسكري لا تزال قائمة، من دون أن يكون هناك من ضمانات بعدم وصول الأسلحة والمساعدات إلى العناصر المتطرفة، التي باتت تعمل على نطاق واسع على الأرض السورية.

المصدر : ماهر الخطيب – النشرة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة