كلّ المؤشرات المحيطة بمساحات المواجهة المفتوحة في المنطقة لا تشير إلى نضوج فرقاء المثلث السعودي التركي «الإسرائيلي» للتسويات، التي يؤذن باقترابها النضوج الذي يسير به الملف النووي نحو التوقيع مع الإعلانات المتطابقة من الفرقاء بتقدّم عملية الصياغة إلى مراحل النهاية للاتفاق النهائي.

اكتفت السعودية بإعلان وقف حربها المفتوحة على اليمن وتحويلها حرب استنزاف، وهي تعلم استحالة تمكين جماعاتها في اليمن بمن فيهم تنظيم «القاعدة» من تحقيق مكاسب في الحرب وهي في وتيرتها الأدنى، بعدما عجزوا عن ذلك والحرب في وتيرتها القصوى، لكن يبدو أنّ الإصرار السعودي يقوم على ثنائية الضغط لربط التسوية بموازين تعزز موقعها مع إيران، عبر عربدة الوصاية البحرية والجوية على اليمن، خصوصاً في شأن المساعدات الإنسانية والتحكم بمساراتها ومصادرها، وما ترمز إليه في المرجعية الإقليمية للحدث اليمني، ومن جهة مقابلة، ممارسة الضغوط لربط كلّ مسعى للتسوية بمبادرتها لاستضافة الحوار، وتأكيد الصفة الخليجية للرعاية. فتعقدت المبادرات التي تقودها باكستان وعُمان، وتصاعدت التوترات بين السعودية وإيران على خلفية منع طائرات إيرانية تحمل المساعدات إلى اليمن من عبور الأجواء اليمنية وبلوغ مطار صنعاء، والموقف الإيراني بأنّ التصعيد السعودي لن يمرّ من دون ردّ وجواب مناسبين.

على الجبهة «الإسرائيلية» مع المقاومة يكتنف الغموض، مدى صحة ما تداولته وسائل الإعلام عن غارات «إسرائيلية» في القلمون قبل يومين، على الحدود اللبنانية ـ السورية، وغارة على الحدود السورية من جبهة الجولان مع فلسطين المحتلة، ليل أمس أعلن عنها الناطق العسكري «الإسرائيلي» بصفتها صدّ لمحاولات تسلل، بينما بقيت الغارات المحكي عنها في القلمون قبل أول من أمس أشدّ غموضاً، فلا «إسرائيل» تبنّت ولا المقاومة وسورية أكدتا أو قامتا بنفي الخبر، وما يمكن أن يكون مجرّد تسريب لبالون اختبار عن غارات لم تحدث على الإطلاق، ويمكن أن يكون خبراً حقيقياً، في منطقة يصعب تأكيد أو نفي ما يجري فيها من دون إعلان مباشر من الجهات العسكرية المعنية، في الجيش السوري والمقاومة، لغياب أي وجود سكاني مدني هناك. وسواء كان الخبر مفبركاً أو واقعياً، بانتظار ما سيعلن عنه من نفي أو تأكيد أو تجاهل، فإنّ التوتر مع الإعلان «الإسرائيلي» عن الغارة ليل أمس صار ثابتاً، وربطها بمحاولة تسلل يوحي بصلتها بمشروع للردّ على الغارات التي قيل إنها استهدفت القلمون، وما يعنيه كلّ ذلك من جوّ مشحون على الجبهة المواجهة لـ«إسرائيل» والممتدة من جنوب لبنان إلى جنوب سورية، خصوصاً بعد معادلة الردع التي أرستها عملية مزارع شبعا الاستثنائية والنوعية والتي يحاول «الإسرائيلي» جاهداً التملص من قواعد الاشتباك الجديدة التي فرضتها.

يزيد من التوتر مع «إسرائيل»، وصول رهاناتها على تغيير مصير التفاهم مع إيران بواسطة المعادلات الأميركية الضاغطة على الرئيس باراك أوباما إلى سقفها بعد التسوية التي توصل إليها أوباما مع الكونغرس بالموافقة على إطلاع الكونغرس على الاتفاق النهائي واحتفاظه بحق التوقيع في النهاية من دون إذن، وكذلك وصول الرهان «الإسرائيلي» على الحرب السعودية في اليمن بالنجاح في جرّ إيران لمواجهة مباشرة تفرض على أميركا الملتزمة بحماية السعودية في وجه أيّ حرب بأن تتدخل مباشرة ويصير التفاهم في خبر كان، فلا إيران استدرجت ولا واشنطن شعرت بالتحدّي، فصار لا بدّ لـ«إسرائيل» أن تفعل شيئاً قبل التوقيع النهائي، وأن يكون بحجم يسمح بتغيير قواعد اللعبة، ولو أدّى إلى قلب الطاولة، من دون استبعاد المخاطرة «الإسرائيلية» بحرب، تنتهي بتسوية تشركها فيها واشنطن كما هو حال النتيجة التي ستترتب على الحرب السعودية في اليمن في نهاية المطاف من تفاوض إيراني سعودي، فحرب «إسرائيلية» في لبنان وسورية قد تكون مدخلاً لرسم حدود الأمن «الإسرائيلي»، بفرض تسوية ترفضها «إسرائيل» الآن، لكنها تشكل أفضل بوليصة تأمين لمستقبلها مع فشلها في تحقيق انتصارها المأمول في الحرب.

بالتوازي مع التصعيد «الإسرائيلي»، تصعيد تركي يحتضن على التوالي هجومين نوعيّين لـ«جبهة النصرة» شمال سورية، وينجح في تمكينها من دخول مدينتي إدلب وجسر الشغور، وتحقيق موقع يراهن الأتراك على حفظه ورقة تفاوضية يحجز لهم مقعداً في قطار التسويات، حيث إذا صار التوجه الدولي نحو الحسم ضدّ «جبهة النصرة» فهو يحتاج التفاوض مع تركيا، وإنْ نجحت مساعي تبييض مكانتها وتقديمها مفاوضاً يتمثل بجناح سياسي في الحلّ السياسي، كما هو المسعى التركي، تتحوّل إلى مقعد تركي في الصيغة السياسية الجديدة لسورية بعد الحرب.

محور المقاومة الذي يبدو أنه لا يزال يتصرف منذ توقيع التفاهم النووي بصيغته الأولية، وحتى موعد الاتفاق النهائي وفقاً لمعادلة الاحتواء والامتصاص للضربات، كما أظهر التعامل مع حرب اليمن، بتحويل صمود الثوار الحوثيين والجيش إلى مصدر للانتصار وإفشال الحرب السعودية بنسختها الأولى، يجد نفسه أمام مخاطر لا يمكن ردّها بمجرد الاحتواء، وفتح الطرق للتسويات خصوصاً أمام الثنائي التركي ـ السعودي، والرهان على مفعول الردع بالنسبة لـ«الإسرائيلي».

مصادر مطلعة أكدت لـ«البناء» أنّ قراراً على مستوى قوى حلف المقاومة من العراق إلى اليمن إلى سورية والمقاومة في لبنان وصولاً إلى إيران، قد اتخذ بأعلى الجاهزية للحفاظ على المكاسب المحققة ميدانياً وسياسياً، وإيصال رسائل القوة اللازمة إلى كلّ من يلزم لرسم المعادلات التي يفترض أن تحكم انخراط الأتراك والسعوديين في التسويات الإقليمية.

في سياق التصعيد، رفع جيش العدو «الإسرائيلي» من استنفار قواته في محور القطاع الشرقي، وبخاصة في محور مزارع شبعا المحتلة، ليتزامن ذلك مع تحريك دورياته المدرّعة والمشاة، على طول المنطقة الممتدّة من محور الغجر غرباً وحتى مرتفعات جبل الشيخ شرقاً، في حين كشفت فرق فنية عسكرية «إسرائيلية» بمواكبة عناصر مشاة، على جهاز الإنذار المركز قبالة بوابة العباسية.

واستهدف الجيش اللبناني تحركات وتجمّعات للمسلحين على السلسلة الشرقية بالمدفعية المتوسطة من عيار 130 ملم في جرود عرسال، كما قصف مواقعهم بالمدفعية الثقيلة والبعيدة المدى في جرود رأس بعلبك على الحدود الفاصلة بين سورية ولبنان.

وألقت استخبارات الجيش القبض على 4 سوريين وضبطت معملاً لتصنيع العبوات المتفجرة في مرأب قرب مخيم رجب للنازحين السوريين في بلدة المرج في البقاع.

  • فريق ماسة
  • 2015-04-26
  • 11410
  • من الأرشيف

حلف المقاومة يستعدّ لجولة مواجهة في شمال سورية وجنوب لبنان وعدن

كلّ المؤشرات المحيطة بمساحات المواجهة المفتوحة في المنطقة لا تشير إلى نضوج فرقاء المثلث السعودي التركي «الإسرائيلي» للتسويات، التي يؤذن باقترابها النضوج الذي يسير به الملف النووي نحو التوقيع مع الإعلانات المتطابقة من الفرقاء بتقدّم عملية الصياغة إلى مراحل النهاية للاتفاق النهائي. اكتفت السعودية بإعلان وقف حربها المفتوحة على اليمن وتحويلها حرب استنزاف، وهي تعلم استحالة تمكين جماعاتها في اليمن بمن فيهم تنظيم «القاعدة» من تحقيق مكاسب في الحرب وهي في وتيرتها الأدنى، بعدما عجزوا عن ذلك والحرب في وتيرتها القصوى، لكن يبدو أنّ الإصرار السعودي يقوم على ثنائية الضغط لربط التسوية بموازين تعزز موقعها مع إيران، عبر عربدة الوصاية البحرية والجوية على اليمن، خصوصاً في شأن المساعدات الإنسانية والتحكم بمساراتها ومصادرها، وما ترمز إليه في المرجعية الإقليمية للحدث اليمني، ومن جهة مقابلة، ممارسة الضغوط لربط كلّ مسعى للتسوية بمبادرتها لاستضافة الحوار، وتأكيد الصفة الخليجية للرعاية. فتعقدت المبادرات التي تقودها باكستان وعُمان، وتصاعدت التوترات بين السعودية وإيران على خلفية منع طائرات إيرانية تحمل المساعدات إلى اليمن من عبور الأجواء اليمنية وبلوغ مطار صنعاء، والموقف الإيراني بأنّ التصعيد السعودي لن يمرّ من دون ردّ وجواب مناسبين. على الجبهة «الإسرائيلية» مع المقاومة يكتنف الغموض، مدى صحة ما تداولته وسائل الإعلام عن غارات «إسرائيلية» في القلمون قبل يومين، على الحدود اللبنانية ـ السورية، وغارة على الحدود السورية من جبهة الجولان مع فلسطين المحتلة، ليل أمس أعلن عنها الناطق العسكري «الإسرائيلي» بصفتها صدّ لمحاولات تسلل، بينما بقيت الغارات المحكي عنها في القلمون قبل أول من أمس أشدّ غموضاً، فلا «إسرائيل» تبنّت ولا المقاومة وسورية أكدتا أو قامتا بنفي الخبر، وما يمكن أن يكون مجرّد تسريب لبالون اختبار عن غارات لم تحدث على الإطلاق، ويمكن أن يكون خبراً حقيقياً، في منطقة يصعب تأكيد أو نفي ما يجري فيها من دون إعلان مباشر من الجهات العسكرية المعنية، في الجيش السوري والمقاومة، لغياب أي وجود سكاني مدني هناك. وسواء كان الخبر مفبركاً أو واقعياً، بانتظار ما سيعلن عنه من نفي أو تأكيد أو تجاهل، فإنّ التوتر مع الإعلان «الإسرائيلي» عن الغارة ليل أمس صار ثابتاً، وربطها بمحاولة تسلل يوحي بصلتها بمشروع للردّ على الغارات التي قيل إنها استهدفت القلمون، وما يعنيه كلّ ذلك من جوّ مشحون على الجبهة المواجهة لـ«إسرائيل» والممتدة من جنوب لبنان إلى جنوب سورية، خصوصاً بعد معادلة الردع التي أرستها عملية مزارع شبعا الاستثنائية والنوعية والتي يحاول «الإسرائيلي» جاهداً التملص من قواعد الاشتباك الجديدة التي فرضتها. يزيد من التوتر مع «إسرائيل»، وصول رهاناتها على تغيير مصير التفاهم مع إيران بواسطة المعادلات الأميركية الضاغطة على الرئيس باراك أوباما إلى سقفها بعد التسوية التي توصل إليها أوباما مع الكونغرس بالموافقة على إطلاع الكونغرس على الاتفاق النهائي واحتفاظه بحق التوقيع في النهاية من دون إذن، وكذلك وصول الرهان «الإسرائيلي» على الحرب السعودية في اليمن بالنجاح في جرّ إيران لمواجهة مباشرة تفرض على أميركا الملتزمة بحماية السعودية في وجه أيّ حرب بأن تتدخل مباشرة ويصير التفاهم في خبر كان، فلا إيران استدرجت ولا واشنطن شعرت بالتحدّي، فصار لا بدّ لـ«إسرائيل» أن تفعل شيئاً قبل التوقيع النهائي، وأن يكون بحجم يسمح بتغيير قواعد اللعبة، ولو أدّى إلى قلب الطاولة، من دون استبعاد المخاطرة «الإسرائيلية» بحرب، تنتهي بتسوية تشركها فيها واشنطن كما هو حال النتيجة التي ستترتب على الحرب السعودية في اليمن في نهاية المطاف من تفاوض إيراني سعودي، فحرب «إسرائيلية» في لبنان وسورية قد تكون مدخلاً لرسم حدود الأمن «الإسرائيلي»، بفرض تسوية ترفضها «إسرائيل» الآن، لكنها تشكل أفضل بوليصة تأمين لمستقبلها مع فشلها في تحقيق انتصارها المأمول في الحرب. بالتوازي مع التصعيد «الإسرائيلي»، تصعيد تركي يحتضن على التوالي هجومين نوعيّين لـ«جبهة النصرة» شمال سورية، وينجح في تمكينها من دخول مدينتي إدلب وجسر الشغور، وتحقيق موقع يراهن الأتراك على حفظه ورقة تفاوضية يحجز لهم مقعداً في قطار التسويات، حيث إذا صار التوجه الدولي نحو الحسم ضدّ «جبهة النصرة» فهو يحتاج التفاوض مع تركيا، وإنْ نجحت مساعي تبييض مكانتها وتقديمها مفاوضاً يتمثل بجناح سياسي في الحلّ السياسي، كما هو المسعى التركي، تتحوّل إلى مقعد تركي في الصيغة السياسية الجديدة لسورية بعد الحرب. محور المقاومة الذي يبدو أنه لا يزال يتصرف منذ توقيع التفاهم النووي بصيغته الأولية، وحتى موعد الاتفاق النهائي وفقاً لمعادلة الاحتواء والامتصاص للضربات، كما أظهر التعامل مع حرب اليمن، بتحويل صمود الثوار الحوثيين والجيش إلى مصدر للانتصار وإفشال الحرب السعودية بنسختها الأولى، يجد نفسه أمام مخاطر لا يمكن ردّها بمجرد الاحتواء، وفتح الطرق للتسويات خصوصاً أمام الثنائي التركي ـ السعودي، والرهان على مفعول الردع بالنسبة لـ«الإسرائيلي». مصادر مطلعة أكدت لـ«البناء» أنّ قراراً على مستوى قوى حلف المقاومة من العراق إلى اليمن إلى سورية والمقاومة في لبنان وصولاً إلى إيران، قد اتخذ بأعلى الجاهزية للحفاظ على المكاسب المحققة ميدانياً وسياسياً، وإيصال رسائل القوة اللازمة إلى كلّ من يلزم لرسم المعادلات التي يفترض أن تحكم انخراط الأتراك والسعوديين في التسويات الإقليمية. في سياق التصعيد، رفع جيش العدو «الإسرائيلي» من استنفار قواته في محور القطاع الشرقي، وبخاصة في محور مزارع شبعا المحتلة، ليتزامن ذلك مع تحريك دورياته المدرّعة والمشاة، على طول المنطقة الممتدّة من محور الغجر غرباً وحتى مرتفعات جبل الشيخ شرقاً، في حين كشفت فرق فنية عسكرية «إسرائيلية» بمواكبة عناصر مشاة، على جهاز الإنذار المركز قبالة بوابة العباسية. واستهدف الجيش اللبناني تحركات وتجمّعات للمسلحين على السلسلة الشرقية بالمدفعية المتوسطة من عيار 130 ملم في جرود عرسال، كما قصف مواقعهم بالمدفعية الثقيلة والبعيدة المدى في جرود رأس بعلبك على الحدود الفاصلة بين سورية ولبنان. وألقت استخبارات الجيش القبض على 4 سوريين وضبطت معملاً لتصنيع العبوات المتفجرة في مرأب قرب مخيم رجب للنازحين السوريين في بلدة المرج في البقاع.

المصدر : البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة