" السلام لا يدفع الفواتير: التربح من الحروب في الشرق الأوسط،" هكذا عنون شريف نشاشيبي الصحفي المقيم في لندن ومحلل الشئون العربية مقالة له في صحيفة " ميدل إيست آي " البريطانية...........

" السلام لا يدفع الفواتير: التربح من الحروب في الشرق الأوسط،" هكذا عنون شريف نشاشيبي الصحفي المقيم في لندن ومحلل الشئون العربية مقالة له في صحيفة " ميدل إيست آي " البريطانية والتي راح يسلط فيها الضوء على استغلال القوى الكبرى في العالم للصراعات في المنطقة بهدف جني المليارات من صفقات بيع الأسلحة للأطراف المتناحرة.

وإلى نص المقالة:

قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في التاسع من أبريل الجاري إن بلاده سوف تدعم أي دولة في الشرق الأوسط تشعر  بتهديدات من إيران، مؤكدا على أن واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما سعت طهران إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.

ومن السذاجة الاعتقاد بأن هذا نوع من " الإيثار الأمريكي". فالمسألة برمتها تتعلق بالفوائد الاقتصادية التي تتأتى من ذلك، ولاسيما في شكل مبيعات الأسلحة.

فالحرب في النهاية- أو حتى مجرد التهديد بها- عملية مربحة ولاسيما بالنسبة لموردي الأسلحة.

إن صادرت الأسلحة تقدم فوائد اقتصادية كبيرة جدا، والتي يمكن ترجمتها إلى " فوائد سياسية، محليا ومن حيث ممارسة النفوذ والتأثير مع العملاء".

وتعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ فترة طويلة مسرحا للتصارع والتقاتل- والتي غالبا ما تندلع على جبهات عدة- بين معظم الأسواق المربحة.

ومع ذلك، زادت وتيرة شراء الأسلحة حتى بلغت مستويات صاروخية في السنوات الأخيرة في الوقت الذي تتنامى فيه الاضطرابات والقلاقل وتنشب الحروب بين الدول أو حتى الصراعات الأهلية داخل الدولة الواحدة.

وتحتل الولايات المتحدة الأمريكية تقريبا نصف مبيعات الأسلحة إلى دول الشرق الأوسط، تليها روسيا ثم المملكة المتحدة.

وقفزت مبيعات الأسلحة إلى الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بنسبة 71% خلال السنوات الخمس الماضية، لتمثل بذلك ما نسبته 54% من واردات الشرق الأوسط. وأصبحت السعودية والإمارات تمثلان ثاني ورابع أكبر مستورد للأسلحة في العالم على الترتيب.

في غضون ذلك، تحتل كل من الجزائر وجارتها المغرب  المركزين الأول والثاني على الترتيب في قائمة أكبر الدول المستوردة للسلاح في أفريقيا، حيث زادت واردات الثانية بمعدل 11 مرة خلال الفترة ذاتها.

وقال بيتر ويزمان كبير الباحثين في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إن " الدول الخليجية، جنبا إلى جنب مع مصر والعراق وإسرائيل وتركيا... من المقرر أن تتلقى طلبيات كبيرة لشراء الأسلحة في السنوات المقبلة."

 فالدول التي طالما تعالت صرخاتها لإدانة الصراعات الإقليمية- الولايات المتحدة وروسيا والصين والدول الأوروبية-  هي نفسها التي تغذي وتشعل فتيل تلك الصراعات من خلال بيع أسلحة بمليارات الدولارات إلى الأطراف المتناحرة.

وبناء عليه فإن التظاهر بالولاء لطرف على حساب الأخر أو حتى المطالبة بإتباع السبل الدبلوماسية ما هي إلى نفاق يخفي خلفه حقيقية واحدة مفادها أن الحرب ما هي إلا "بزنس" تسعى  الدول الكبرى إلى جني المليارات من ورائه.

إن موردي السلاح يحصلون على أكبر قدر من الفائدة من زعزعة الاستقرار والاضطرابات في هذه المنطقة أو تلك من العالم، وهو السبب الكافي لحض الدول المتصارعة على شراء الأسلحة من الدول الكبرى وبكميات ضخمة.

فالولايات المتحدة، على سبيل المثال لا الحصر، كانت الرابح الأكبر من الحرب الإيرانية-العراقية في ثمانينيات القرن الماضي- حيث قامت بتسليح الطرفين لتشعل بذلك نار حرب استمرت على مدار عقد من الزمان تقريبا.

وبالمثل، فإن الربيع العربي والتوترات الأيديولوجية بين الدول العربية السنية وإيران حققت بلا أدنى شك طفرة اقتصادية للدول الكبرى التي تمسحا دموعها – الأشبه بدموع التماسيح- بـ يد وتوقع بالأخرى عقود الأسلحة مع أطراف الصراع.

ولعل أحدث مثال على ذلك يتجلى في "عاصفة الحزم" التي قادتها مؤخرا المملكة العربية السعودية على معاقل الحوثيين في اليمن.

وقد استفادت صناعة الأسلحة الروسية من الاضطرابات في كل من مصر وسوريا، بالإضافة إلى التهديدات الأمريكية والإسرائيلية بشن عمل عسكري محتمل ضد إيران، حيث زادت صادرات الأسلحة الروسية إلى دمشق منذ اندلاع الثورة بها في مارس 2011.

وفي الوقت ذاته، تعد موسكو هي المزور الرئيسي للسلاح إلى طهران التي تشهد تنامي مضطردا في نفقات التسليح في ظل تورطها الواضح في الصراعات الدائرة في سوريا والعراق. وقامت روسيا مؤخرا بتسليم إيران نظام صواريخ " إس-300" المتطورة جدا، بالرغم من اعتراضات واشنطن وتل أبيب القوية.

وتستفيد روسيا أيضا من فتور العلاقات المصرية-الأمريكية في أعقاب الخفض الجزئي جانب واشنطن للمساعدات العسكرية التي تمنحها للقاهرة على خلفية وسائل القمح التي تتبعها السلطات المصرية ضد المعارضين، ما جعل مصر التي تشهده تصاعدا في وتيرة العنف- ولاسيما في سيناء- تولي وجهها سريعا إلى الدب الروسي لملء الفراغ الذي أحدثته واشنطن.

وما بين هذا وذاك، تتنافس الولايات المتحدة وروسيا على بيع الأسلحة إلى العراق التي تخوض حربا دروس ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا بـ " داعش". و زادت مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى بغداد بمعدل ثلاثة أضعاف في العام الماضي إلى 15 مليارات دولار.

وفي النهاية، فإن السلام والهدوء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي مسألة غير مربحة بالطبع للقوى الكبرى. وبالطبع لن يقول موردي الأسلحة ذلك، ولكن السلام لا يدفع الفواتير.

  

  • فريق ماسة
  • 2015-04-25
  • 10643
  • من الأرشيف

ميدل إيست آي: "السلام لا يدفع الفواتير".. الغرب يجني المليارات من حروب الشرق الأوسط

" السلام لا يدفع الفواتير: التربح من الحروب في الشرق الأوسط،" هكذا عنون شريف نشاشيبي الصحفي المقيم في لندن ومحلل الشئون العربية مقالة له في صحيفة " ميدل إيست آي " البريطانية........... " السلام لا يدفع الفواتير: التربح من الحروب في الشرق الأوسط،" هكذا عنون شريف نشاشيبي الصحفي المقيم في لندن ومحلل الشئون العربية مقالة له في صحيفة " ميدل إيست آي " البريطانية والتي راح يسلط فيها الضوء على استغلال القوى الكبرى في العالم للصراعات في المنطقة بهدف جني المليارات من صفقات بيع الأسلحة للأطراف المتناحرة. وإلى نص المقالة: قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في التاسع من أبريل الجاري إن بلاده سوف تدعم أي دولة في الشرق الأوسط تشعر  بتهديدات من إيران، مؤكدا على أن واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما سعت طهران إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. ومن السذاجة الاعتقاد بأن هذا نوع من " الإيثار الأمريكي". فالمسألة برمتها تتعلق بالفوائد الاقتصادية التي تتأتى من ذلك، ولاسيما في شكل مبيعات الأسلحة. فالحرب في النهاية- أو حتى مجرد التهديد بها- عملية مربحة ولاسيما بالنسبة لموردي الأسلحة. إن صادرت الأسلحة تقدم فوائد اقتصادية كبيرة جدا، والتي يمكن ترجمتها إلى " فوائد سياسية، محليا ومن حيث ممارسة النفوذ والتأثير مع العملاء". وتعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ فترة طويلة مسرحا للتصارع والتقاتل- والتي غالبا ما تندلع على جبهات عدة- بين معظم الأسواق المربحة. ومع ذلك، زادت وتيرة شراء الأسلحة حتى بلغت مستويات صاروخية في السنوات الأخيرة في الوقت الذي تتنامى فيه الاضطرابات والقلاقل وتنشب الحروب بين الدول أو حتى الصراعات الأهلية داخل الدولة الواحدة. وتحتل الولايات المتحدة الأمريكية تقريبا نصف مبيعات الأسلحة إلى دول الشرق الأوسط، تليها روسيا ثم المملكة المتحدة. وقفزت مبيعات الأسلحة إلى الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بنسبة 71% خلال السنوات الخمس الماضية، لتمثل بذلك ما نسبته 54% من واردات الشرق الأوسط. وأصبحت السعودية والإمارات تمثلان ثاني ورابع أكبر مستورد للأسلحة في العالم على الترتيب. في غضون ذلك، تحتل كل من الجزائر وجارتها المغرب  المركزين الأول والثاني على الترتيب في قائمة أكبر الدول المستوردة للسلاح في أفريقيا، حيث زادت واردات الثانية بمعدل 11 مرة خلال الفترة ذاتها. وقال بيتر ويزمان كبير الباحثين في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إن " الدول الخليجية، جنبا إلى جنب مع مصر والعراق وإسرائيل وتركيا... من المقرر أن تتلقى طلبيات كبيرة لشراء الأسلحة في السنوات المقبلة."  فالدول التي طالما تعالت صرخاتها لإدانة الصراعات الإقليمية- الولايات المتحدة وروسيا والصين والدول الأوروبية-  هي نفسها التي تغذي وتشعل فتيل تلك الصراعات من خلال بيع أسلحة بمليارات الدولارات إلى الأطراف المتناحرة. وبناء عليه فإن التظاهر بالولاء لطرف على حساب الأخر أو حتى المطالبة بإتباع السبل الدبلوماسية ما هي إلى نفاق يخفي خلفه حقيقية واحدة مفادها أن الحرب ما هي إلا "بزنس" تسعى  الدول الكبرى إلى جني المليارات من ورائه. إن موردي السلاح يحصلون على أكبر قدر من الفائدة من زعزعة الاستقرار والاضطرابات في هذه المنطقة أو تلك من العالم، وهو السبب الكافي لحض الدول المتصارعة على شراء الأسلحة من الدول الكبرى وبكميات ضخمة. فالولايات المتحدة، على سبيل المثال لا الحصر، كانت الرابح الأكبر من الحرب الإيرانية-العراقية في ثمانينيات القرن الماضي- حيث قامت بتسليح الطرفين لتشعل بذلك نار حرب استمرت على مدار عقد من الزمان تقريبا. وبالمثل، فإن الربيع العربي والتوترات الأيديولوجية بين الدول العربية السنية وإيران حققت بلا أدنى شك طفرة اقتصادية للدول الكبرى التي تمسحا دموعها – الأشبه بدموع التماسيح- بـ يد وتوقع بالأخرى عقود الأسلحة مع أطراف الصراع. ولعل أحدث مثال على ذلك يتجلى في "عاصفة الحزم" التي قادتها مؤخرا المملكة العربية السعودية على معاقل الحوثيين في اليمن. وقد استفادت صناعة الأسلحة الروسية من الاضطرابات في كل من مصر وسوريا، بالإضافة إلى التهديدات الأمريكية والإسرائيلية بشن عمل عسكري محتمل ضد إيران، حيث زادت صادرات الأسلحة الروسية إلى دمشق منذ اندلاع الثورة بها في مارس 2011. وفي الوقت ذاته، تعد موسكو هي المزور الرئيسي للسلاح إلى طهران التي تشهد تنامي مضطردا في نفقات التسليح في ظل تورطها الواضح في الصراعات الدائرة في سوريا والعراق. وقامت روسيا مؤخرا بتسليم إيران نظام صواريخ " إس-300" المتطورة جدا، بالرغم من اعتراضات واشنطن وتل أبيب القوية. وتستفيد روسيا أيضا من فتور العلاقات المصرية-الأمريكية في أعقاب الخفض الجزئي جانب واشنطن للمساعدات العسكرية التي تمنحها للقاهرة على خلفية وسائل القمح التي تتبعها السلطات المصرية ضد المعارضين، ما جعل مصر التي تشهده تصاعدا في وتيرة العنف- ولاسيما في سيناء- تولي وجهها سريعا إلى الدب الروسي لملء الفراغ الذي أحدثته واشنطن. وما بين هذا وذاك، تتنافس الولايات المتحدة وروسيا على بيع الأسلحة إلى العراق التي تخوض حربا دروس ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا بـ " داعش". و زادت مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى بغداد بمعدل ثلاثة أضعاف في العام الماضي إلى 15 مليارات دولار. وفي النهاية، فإن السلام والهدوء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي مسألة غير مربحة بالطبع للقوى الكبرى. وبالطبع لن يقول موردي الأسلحة ذلك، ولكن السلام لا يدفع الفواتير.   

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة