وجّه إغلاق المعبر الرسمي الأخير بين الأردن وسوريا عقب سيطرة مجموعات مسلحة سورية معارضة عليه أخيراً، ضربة موجعة إلى اقتصاد الأردن المتعثر أصلا وسط قلة الموارد وتراكم الديون الخارجية.

وقررت عمان في الأول من نيسان إغلاق المعبر المعروف لديها باسم "جابر" بعد سيطرة مجموعات معارضة سورية و"جبهة النصرة" (ذراع "القاعدة" في سوريا) على معبر نصيب في الجهة المقابلة من محافظة درعا (جنوب سوريا) بعد اشتباكات عنيفة مع الجيش السوري.

وجابر هو ثاني معبر رسمي يتم إغلاقه بين البلدين بعد معبر الجمرك القديم الذي كان مخصصاً لمرور الشاحنات قبل سيطرة "جبهة النصرة" وكتائب إسلامية عليه في تشرين الأول العام 2013.

ودأبت مئات الشاحنات المحملة بمختلف أنواع السلع والبضائع على المرور عبر هذا المعبر إلى المنطقة الحرة الأردنية السورية المشتركة لتنزيل بضائعها المتجهة إلى دول الخليج وأوروبا الوسطى والشرقية عبر تركيا والبحر المتوسط.

ويعد الفوسفات والبوتاس والأسمدة والأدوية والملابس والخضروات أبرز صادرت الأردن.

وفور سقوط المعبر الاستراتيجي بيد المسلحين تعرضت معظم مستودعات المنطقة الحرة إلى سلب ونهب ما حدا بمستثمرين إلى الإسراع بإرسال مئات الشاحنات بشكل يومي، لإخراج ما تبقى من بضائعهم وممتلكاتهم التي قدرتها مصادر مستقلة بنحو 90 ألف طن من الأخشاب، و45 ألف طن من الحديد، و20 ألف طن من الكبريت، و60 ألف طن من الفحم و100 ألف طن من الرخام.

ويقول رئيس هيئة مستثمري المنطقة الحرة الأردنية السورية المشتركة نبيل رمان، لوكالة "فرانس برس"، إن "معبر جابر يعد بمثابة شريان حياة بالنسبة لنا مع أوروبا ومع دول الخليج"، مشيراً إلى أن "70 في المئة مما نأكله ونستورده ونصدره كان يمر عن طريق سوريا".

وأضاف أن "الأردن بات يمر بضائقة اقتصادية لأن القطاع الخاص، الذي يعد المنشط والمحرك، أصبح الآن داخل سجن ليس باستطاعته التحرك باتجاه أوروبا".

وأوضح رمان أن "أكثر من ألف مستثمر لحقت بهم خسائر جراء إغلاق المنطقة الحرة الأردنية السورية المشتركة، منهم أكثر من 500 مستثمر أردني تقدر استثماراتهم بأكثر من مليار دولار".

وأشار إلى أن "هذه المنطقة كانت أشبه بمدينة اقتصادية فيها مصانع ومستودعات وكل هذه الأنشطة توقفت الآن"، مشيراً إلى أن "حجم البضائع التي تم السطو عليها في المنطقة تقدر بنحو مئة مليون دينار".

وذكر على سبيل المثال سرقة 350 مركبة جديدة من مجموع 20 ألف مركبة كانت في مستودعات المنطقة الحرة.

من ناحيته، شبه رئيس وزراء الأردن عبد الله النسور الوضع الاقتصادي لبلاده وكأنه يعيش تحت "حصار" بسبب أوضاع المنطقة وسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على مساحات شاسعة في سوريا والعراق المجاورتين للمملكة.

وقال النسور إن "الأردن في وضع حصار طبيعي في ظل الأحداث في المنطقة، حيث حدوده مغلقة وتأثرت سياحته وصادراته".

وبحسب نقيب أصحاب الشاحنات الأردنية محمد الداوود فإن "خسائر قطاع النقل جراء توقف النقل إلى سوريا والعراق تزيد على 350 مليون دينار (نحو 500 مليون دولار)".

وأضاف أن "نقل السلع والبضائع إلى هذين البلدين انقطع تقريباً بسبب الأوضاع الأمنية والخشية على أصحاب الشاحنات وأرواحهم وممتلكاتهم".

وأوضح الداوود أن "عمليات النقل كانت وصلت في الآونة الأخيرة إلى حدودها الدنيا قبل أن تتوقف"، مشيراً إلى أن "تنزيل السلع والبضائع كان يتم في المنطقة الفاصلة بين البلدين".

ويرى المحلل الاقتصادي مازن رشيد أن "المتضرر الأكبر من إغلاق الحدود هو الأردن، وكلما طالت فترة الإغلاق كلما كانت التأثيرات والضغوطات أكبر على اقتصاده".

وأبلغ "فرانس برس"، أن "المشكلة انه ليس بإمكاننا التحدث عن بدائل، لأن البدائل غير موجودة وان وجدت فان كلفتها ستكون مرتفعة بشكل عام".

وتابع "مر عام تقريباً على إغلاق حدود العراق ولا اعتقد أن الحدود مع سوريا ستفتح قريبا"، مشيراً إلى أن "الوضع مبهم وغير واضح وضبابي".

وأوضح أنه "كان لدى الأردن منفذان مهمان يؤثران على اقتصاده بشكل كبير هما العراق وسوريا تمر من خلالها البضائع والسلع والخضروات، وهما الان مغلقان بصورة كاملة تقريبا".

وأكد أن "تراجع الصادرات يمكن أن يفاقم العجز التجاري وبالتالي فان الأردن بحاجة لتغطية هذا العجز عن طريق الاستدانة لأنها بحاجة للتمويل لتغطية هذا العجز وسد هذه الفجوة".

وأشار إلى أن "مديونية الأردن وصلت إلى 30 مليار دولار، وهذا أكبر مستوى للمديونية منذ تأسيس المملكة وهذا دليل أن الاقتصاد يواجه مشاكل بالتمويل".

ويعاني الأردن الذي يتقاسم مع سوريا والعراق حدوداً طويلة تمتد لمئات الكيلومترات، من ظروف اقتصادية صعبة وشح في الموارد الطبيعية ودين عام تجاوز 30 مليار دولار وعجز دائم بموازنته وأعباء تفاقمت مع وجود أكثر من نصف مليون لاجئ سوري.

من جهته، يقول المحلل الاقتصادي يوسف منصور الرئيس التنفيذي لمجموعة "انفيجين" الاستشارية، لوكالة "فرانس برس": "نحن في وضع صعب وهذا سيؤدي حتماً إلى ارتفاع الأسعار". وأوضح أن "البديل كان يمكن أن يكون العراق ولكن حدود العراق هي الأخرى غير آمنة بسبب داعش".

وبحسب منصور فإن "لدى الأردن خيارين بحريين، أحدهما ميناء حيفا وميناء يافا وهو قريب ولكنه مكلف، والثاني هو ميناء العقبة (325 كيلومتراً جنوبي عمان) وهو بعيد وأجور شحنه غالية".

ويعتمد اقتصاد المملكة إلى حد ما على المساعدات، خصوصاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج.

وتستورد المملكة 98 في المئة من حاجاتها من المشتقات النفطية، وتشير الدراسات إلى أن الطلب على الكهرباء سيتضاعف بحلول العام 2020.

كما تعد المملكة واحدة من أفقر عشر دول في العالم بالمياه، إذ يتجاوز العجز المائي 500 مليون متر مكعب سنوياً بحسب تقديرات المسؤولين.

  • فريق ماسة
  • 2015-04-23
  • 10344
  • من الأرشيف

إغلاق معبر جابر يقطع "شريان حياة" الأردن مع العالم

وجّه إغلاق المعبر الرسمي الأخير بين الأردن وسوريا عقب سيطرة مجموعات مسلحة سورية معارضة عليه أخيراً، ضربة موجعة إلى اقتصاد الأردن المتعثر أصلا وسط قلة الموارد وتراكم الديون الخارجية. وقررت عمان في الأول من نيسان إغلاق المعبر المعروف لديها باسم "جابر" بعد سيطرة مجموعات معارضة سورية و"جبهة النصرة" (ذراع "القاعدة" في سوريا) على معبر نصيب في الجهة المقابلة من محافظة درعا (جنوب سوريا) بعد اشتباكات عنيفة مع الجيش السوري. وجابر هو ثاني معبر رسمي يتم إغلاقه بين البلدين بعد معبر الجمرك القديم الذي كان مخصصاً لمرور الشاحنات قبل سيطرة "جبهة النصرة" وكتائب إسلامية عليه في تشرين الأول العام 2013. ودأبت مئات الشاحنات المحملة بمختلف أنواع السلع والبضائع على المرور عبر هذا المعبر إلى المنطقة الحرة الأردنية السورية المشتركة لتنزيل بضائعها المتجهة إلى دول الخليج وأوروبا الوسطى والشرقية عبر تركيا والبحر المتوسط. ويعد الفوسفات والبوتاس والأسمدة والأدوية والملابس والخضروات أبرز صادرت الأردن. وفور سقوط المعبر الاستراتيجي بيد المسلحين تعرضت معظم مستودعات المنطقة الحرة إلى سلب ونهب ما حدا بمستثمرين إلى الإسراع بإرسال مئات الشاحنات بشكل يومي، لإخراج ما تبقى من بضائعهم وممتلكاتهم التي قدرتها مصادر مستقلة بنحو 90 ألف طن من الأخشاب، و45 ألف طن من الحديد، و20 ألف طن من الكبريت، و60 ألف طن من الفحم و100 ألف طن من الرخام. ويقول رئيس هيئة مستثمري المنطقة الحرة الأردنية السورية المشتركة نبيل رمان، لوكالة "فرانس برس"، إن "معبر جابر يعد بمثابة شريان حياة بالنسبة لنا مع أوروبا ومع دول الخليج"، مشيراً إلى أن "70 في المئة مما نأكله ونستورده ونصدره كان يمر عن طريق سوريا". وأضاف أن "الأردن بات يمر بضائقة اقتصادية لأن القطاع الخاص، الذي يعد المنشط والمحرك، أصبح الآن داخل سجن ليس باستطاعته التحرك باتجاه أوروبا". وأوضح رمان أن "أكثر من ألف مستثمر لحقت بهم خسائر جراء إغلاق المنطقة الحرة الأردنية السورية المشتركة، منهم أكثر من 500 مستثمر أردني تقدر استثماراتهم بأكثر من مليار دولار". وأشار إلى أن "هذه المنطقة كانت أشبه بمدينة اقتصادية فيها مصانع ومستودعات وكل هذه الأنشطة توقفت الآن"، مشيراً إلى أن "حجم البضائع التي تم السطو عليها في المنطقة تقدر بنحو مئة مليون دينار". وذكر على سبيل المثال سرقة 350 مركبة جديدة من مجموع 20 ألف مركبة كانت في مستودعات المنطقة الحرة. من ناحيته، شبه رئيس وزراء الأردن عبد الله النسور الوضع الاقتصادي لبلاده وكأنه يعيش تحت "حصار" بسبب أوضاع المنطقة وسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على مساحات شاسعة في سوريا والعراق المجاورتين للمملكة. وقال النسور إن "الأردن في وضع حصار طبيعي في ظل الأحداث في المنطقة، حيث حدوده مغلقة وتأثرت سياحته وصادراته". وبحسب نقيب أصحاب الشاحنات الأردنية محمد الداوود فإن "خسائر قطاع النقل جراء توقف النقل إلى سوريا والعراق تزيد على 350 مليون دينار (نحو 500 مليون دولار)". وأضاف أن "نقل السلع والبضائع إلى هذين البلدين انقطع تقريباً بسبب الأوضاع الأمنية والخشية على أصحاب الشاحنات وأرواحهم وممتلكاتهم". وأوضح الداوود أن "عمليات النقل كانت وصلت في الآونة الأخيرة إلى حدودها الدنيا قبل أن تتوقف"، مشيراً إلى أن "تنزيل السلع والبضائع كان يتم في المنطقة الفاصلة بين البلدين". ويرى المحلل الاقتصادي مازن رشيد أن "المتضرر الأكبر من إغلاق الحدود هو الأردن، وكلما طالت فترة الإغلاق كلما كانت التأثيرات والضغوطات أكبر على اقتصاده". وأبلغ "فرانس برس"، أن "المشكلة انه ليس بإمكاننا التحدث عن بدائل، لأن البدائل غير موجودة وان وجدت فان كلفتها ستكون مرتفعة بشكل عام". وتابع "مر عام تقريباً على إغلاق حدود العراق ولا اعتقد أن الحدود مع سوريا ستفتح قريبا"، مشيراً إلى أن "الوضع مبهم وغير واضح وضبابي". وأوضح أنه "كان لدى الأردن منفذان مهمان يؤثران على اقتصاده بشكل كبير هما العراق وسوريا تمر من خلالها البضائع والسلع والخضروات، وهما الان مغلقان بصورة كاملة تقريبا". وأكد أن "تراجع الصادرات يمكن أن يفاقم العجز التجاري وبالتالي فان الأردن بحاجة لتغطية هذا العجز عن طريق الاستدانة لأنها بحاجة للتمويل لتغطية هذا العجز وسد هذه الفجوة". وأشار إلى أن "مديونية الأردن وصلت إلى 30 مليار دولار، وهذا أكبر مستوى للمديونية منذ تأسيس المملكة وهذا دليل أن الاقتصاد يواجه مشاكل بالتمويل". ويعاني الأردن الذي يتقاسم مع سوريا والعراق حدوداً طويلة تمتد لمئات الكيلومترات، من ظروف اقتصادية صعبة وشح في الموارد الطبيعية ودين عام تجاوز 30 مليار دولار وعجز دائم بموازنته وأعباء تفاقمت مع وجود أكثر من نصف مليون لاجئ سوري. من جهته، يقول المحلل الاقتصادي يوسف منصور الرئيس التنفيذي لمجموعة "انفيجين" الاستشارية، لوكالة "فرانس برس": "نحن في وضع صعب وهذا سيؤدي حتماً إلى ارتفاع الأسعار". وأوضح أن "البديل كان يمكن أن يكون العراق ولكن حدود العراق هي الأخرى غير آمنة بسبب داعش". وبحسب منصور فإن "لدى الأردن خيارين بحريين، أحدهما ميناء حيفا وميناء يافا وهو قريب ولكنه مكلف، والثاني هو ميناء العقبة (325 كيلومتراً جنوبي عمان) وهو بعيد وأجور شحنه غالية". ويعتمد اقتصاد المملكة إلى حد ما على المساعدات، خصوصاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج. وتستورد المملكة 98 في المئة من حاجاتها من المشتقات النفطية، وتشير الدراسات إلى أن الطلب على الكهرباء سيتضاعف بحلول العام 2020. كما تعد المملكة واحدة من أفقر عشر دول في العالم بالمياه، إذ يتجاوز العجز المائي 500 مليون متر مكعب سنوياً بحسب تقديرات المسؤولين.

المصدر : الماسة السورية / السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة