دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
منذ اليوم الأول لسقوط مدينة إدلب بيد «جبهة النصرة» اتجهت الأنظار إلى ردة فعل الجيش السوري، الذي أعلن حينها أن ما جرى هو عملية إعادة تجميع للقوات،
حيث سحب الجيش قواته والفصائل المؤازرة له من داخل مدينة إدلب إلى معسكر المسطومة، في حين تم نقل المراكز الحكومية إلى مدينة جسر الشغور، لتخلو الساحة لمعركة طاحنة تنتظرها المدينة الرازحة تحت قصف متواصل ألهبها.
وأوضح مصدر ميداني، لـ «السفير»، أن ما يجري في الوقت الحالي هو عملية قصف تمهيدي عنيف يطال مراكز المسلحين في المدينة، التي شهدت نزوح معظم سكانها إلى القرى والبلدات المجاورة منذ اختراق «النصرة» وحلفائها للمدينة قبل نحو 12 يوماً، بانتظار «ساعة الصفر» لبدء عمل عسكري لاستعادة المدينة الإستراتيجية الواقعة في الزاوية الغربية الشمالية من سوريا، والمحاذية للحدود مع تركيا، خصوصا بعد استكمال عمليات تعزيز نقاط الجيش السوري، ودراسة خطط سير العملية، من دون الاستعجال، خصوصا وأنها تشكل مواجهة مباشرة مع مسلحين يتدفقون بالآلاف من الحدود التركية المفتوحة.
وخلال الأيام الماضية عزز الجيش السوري تواجده في معسكر المسطومة، وقام بجلب قوات من حماه، كما انتقل العقيد سهيل الحسن وقواته إلى المعسكر، الأمر الذي يفسر كثافة القصف للمدينة، ويؤكد العزم على استعادتها. فالعقيد المعروف بلقب «النمر» يعتبر من أبرز الضباط السوريين الذين واجهوا «جبهة النصرة» في حلب وحماه، وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش» في ريف حمص.
ويقول المصدر «أثبت العقيد في جميع المعارك التي خاضها تفوقه على تكتيك الجهاديين. لديه خبرة كبيرة في قلب الطاولة واكتساب المعارك، ويتمتع بصبر طويل، ويعتمد على قوة نارية كبيرة لتغطية أي تحرك للمشاة».
وعلى المقلب الآخر، حاولت «جبهة النصرة» استباق أية عملية لاستعادة المدينة عن طريق مهاجمة مواقع الجيش السوري. وشن المسلحون، على مدار يومين، ما أسموه «معركة تحرير معسكر المسطومة»، حيث تمكنوا من دخول القرية لعدة ساعات، قبل أن يتبين أنهم وقعوا في فخ نصبه الجيش السوري والفصائل المؤازرة له، حيث تمكن الجيش من محاصرتهم داخل القرية وخاض معهم حرب شوارع تسببت بمقتل أكثر من 50 مسلحاً من الجبهة، وفق تأكيد مصدر ميداني، الأمر الذي أدى إلى إيقاف هجوم المسلحين وانسحاب من تبقى منهم، ليعيد الجيش السوري تمركزه على التلة الإستراتيجية التي تمثل خط الدفاع الأول عن المعسكر الذي تحتشد القوات بداخله.
إلى ذلك، تتابع «جبهة النصرة» حصارها الخانق لقريتي الفوعة وكفريا، حيث تتعرض القريتان اللتان يدافع عنهما أهاليهما إلى قصف عنيف ومتواصل، وسط تخوف مستمر من تمكن الجبهة من اختراقهما، الأمر الذي يهدد حياة 50 ألف مدني يقطن فيهما، وينذر بكارثة إنسانية، خصوصاً بعد قيام «النصرة» بنصب حواجز قريبة جداً من القريتين، واقتراب خط المواجهة إلى تخومهما سواء من جهة قرية بنش، أو حتى من مزارع بروما المتداخلة مع معرتمصرين.
وبدأت القريتان تشهدان بعض الأزمات الناجمة عن الحصار، رغم قيام طوافات الجيش السوري بإلقاء المؤن بشكل مستمر. وفي هذا السياق قال مصدر ميداني «لا يحصل السكان إلا على القليل من المساعدات نتيجة صغر مساحة القريتين، وصعوبة الخروج إلى محيطهما لانتشال ما يقع من مؤن غذائية وطبية خارج الحدود»، موضحاً أن أزمة في مادة الخبز بدأت تظهر بوضوح.
بدوره، يتابع «داعش» تكثيف هجماته على مدينة السلمية وريفها، في محاولة لاختراق المدينة التي تشكل نقطة اتصال الشمال السوري ببقية المحافظات، ويمر من خلالها طريق إمداد مدينة حلب، حيث طالت عدة قذائف متفجرة المدينة ما تسبب بمقتل ثمانية مدنيين وإصابة آخرين، بعد أيام من ارتكاب التنظيم مجزرة بحق سكان قرية المبعوجة في ريف السلمية راح ضحيتها العشرات، بينهم أطفال ونساء تعرضوا للذبح والحرق والتنكيل، من دون أن يتبع القصف أي هجوم على المدينة أو نقاط تمركز الجيش وقوات الدفاع الوطني الذي يقوم بتأمين المدينة، إضافة إلى طريق حلب، في حين كثف الطيران السوري استهدافه لمواقع تمركز مسلحي «داعش» من دون ورود معلومات من مصدر مستقل عن نتائج الاستهداف.
وعلى المقلب الآخر من البلاد، تستمر الاشتباكات في منطقة كفرشمس بريف درعا الشمالي، حيث تناقل إعلاميون تابعون إلى «جبهة النصرة» صوراً قالوا إنها لتقدمهم في البلدة التي تعد نقطة تماس بينهم وبين الجيش السوري بعد معارك عنيفة في دير العدس. وتجاور كفرشمس بلدة جدية التي تقع قرب تلالها كتيبة مدفعية تستهدف مواقع المجموعات المسلحة في عمق الريف الحوراني في انخل وجاسم والحارة.
المصدر :
السفير / علاء حلبي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة