الحرب على اليمن، ولا سيما إذا تطوّرت واتسع نطاقها، وتحوّلت من قصف جوي إلى حرب برية، وقصف متبادل، يستهدف المنشآت، ستترتب عليها كلفة اقتصادية أعلى بكثير من كلّ الحروب التي شهدتها المنطقة. فإذا كانت حرب احتلال العراق وأفغانستان قد كلفت الولايات المتحدة وحدها حتى نهاية عام 2007 حسب كتاب حافل بالوثائق أعدّه رئيس الفريق الاقتصادي في عهد كلينتون «جوزيف ستيغليتز» ونائب وزير الخزانة الأميركية في التسعينيات، 3.5 تريليون دولار، فإنّ حرب اليمن ستكون كلفتها، إذا لم تتوقف سريعاً، أعلى بكثير، فالكلفة الأساسية لحربي أفغانستان والعراق لم تكن على غزو هذين البلدين وإسقاط النظام فيهما، فكلفة إسقاط الحكومتين لم تتجاوز في أسوأ السيناريوهات 200 مليار دولار أميركي، ولكن الكلفة الأعلى التي بلغت 3.5 تريليون دولار خلال أربع سنوات من حرب العراق، وخمس سنوات من حرب أفغانستان، كانت بسبب المقاومة التي نهضت في هاتين الدولتين ضدّ الدول الغازية.

 ومن المعروف أنّ قدرات المقاومة في هذين البلدين عند انطلاقها، كانت أقرب إلى الصفر، لأنّ الاحتلال عندما غزا البلدين صادر الأسلحة وفرض سيطرته في كلّ أنحاء البلدين.

 واضطرت المقاومة للجوء إلى الوسائل البدائية، فغالبية العبوات الناسفة كانت من صنع محلي، وهي التي كبّدت الغزاة خسائر فادحة بشرية وفرضت عليهم تحريك قوات كبيرة بما تسبّب بخسائر مالية أكبر بكثير مما كان متوقعاً.

 وفي هذين البلدين كانت المقاومة معزولة وتمثل أقلية، فكلّ دول العالم دعمت غزو أفغانستان لأنّ هذا الغزو جاء رداً على هجمات 11 أيلول في الولايات المتحدة، وكلّ دول المنطقة، بما في ذلك باكستان، دعمت الجيوش الغربية، ومع ذلك تمكنت طالبان من استنزاف جيوش «الناتو» والتسبّب بالخسائر الاقتصادية التي تجاوزت حتى عام 2007 أكثر من 3.5 تريليون دولار.

 وفي العراق أيّدت غالبية أطياف العراق الاحتلال، وشاركت في العملية السياسية، ما عدا قلة محدودة من العراقيين نهضت بمفردها بعبء المقاومة وبإمكانيات محدودة، وحتى إيران دعمت العملية السياسية في العراق التي قادتها قوات الاحتلال، ومع ذلك تسبّبت المقاومة التي كانت تحظى بدعم الأقلية بهذه الكلفة الباهظة.

 الوضع اليوم في اليمن أكثر أهمية، فالحوثيون والشعب اليمني والجيش اليمني هبّوا جميعاً للدفاع عن اليمن وفي حوزتهم قدرات عسكرية لم تتوفر للمقاومة في العراق وفي أفغانستان، ويحوزون على تأييد إقليمي على الأقلّ من إيران لم تحظ به المقاومة العراقية والأفغانية، وبالتالي ستكون قدرتهم على إلحاق الخسائر بالقوات الغازية أكبر بكثير من فعالية المقاومتين العراقية والأفغانية، وإذا ما اتسع نطاق الحرب إلى حرب برية وتقاصف متبادل سيكون هناك أضرار اقتصادية تلحق بالدول المشاركة في العدوان لم يكن بمقدور المقاومتين العراقية والأفغانية إلحاقها بالمعتدين والمحتلين.

 فهل تملك دول الخليج فائضاً مالياً يمكنها من تمويل حرب كلفتها تحسب بالتريليونات وليس بالمليارات؟

  • فريق ماسة
  • 2015-04-04
  • 11512
  • من الأرشيف

كلفة الحرب على اليمن ...بقلم حميدي العبدالله

الحرب على اليمن، ولا سيما إذا تطوّرت واتسع نطاقها، وتحوّلت من قصف جوي إلى حرب برية، وقصف متبادل، يستهدف المنشآت، ستترتب عليها كلفة اقتصادية أعلى بكثير من كلّ الحروب التي شهدتها المنطقة. فإذا كانت حرب احتلال العراق وأفغانستان قد كلفت الولايات المتحدة وحدها حتى نهاية عام 2007 حسب كتاب حافل بالوثائق أعدّه رئيس الفريق الاقتصادي في عهد كلينتون «جوزيف ستيغليتز» ونائب وزير الخزانة الأميركية في التسعينيات، 3.5 تريليون دولار، فإنّ حرب اليمن ستكون كلفتها، إذا لم تتوقف سريعاً، أعلى بكثير، فالكلفة الأساسية لحربي أفغانستان والعراق لم تكن على غزو هذين البلدين وإسقاط النظام فيهما، فكلفة إسقاط الحكومتين لم تتجاوز في أسوأ السيناريوهات 200 مليار دولار أميركي، ولكن الكلفة الأعلى التي بلغت 3.5 تريليون دولار خلال أربع سنوات من حرب العراق، وخمس سنوات من حرب أفغانستان، كانت بسبب المقاومة التي نهضت في هاتين الدولتين ضدّ الدول الغازية.  ومن المعروف أنّ قدرات المقاومة في هذين البلدين عند انطلاقها، كانت أقرب إلى الصفر، لأنّ الاحتلال عندما غزا البلدين صادر الأسلحة وفرض سيطرته في كلّ أنحاء البلدين.  واضطرت المقاومة للجوء إلى الوسائل البدائية، فغالبية العبوات الناسفة كانت من صنع محلي، وهي التي كبّدت الغزاة خسائر فادحة بشرية وفرضت عليهم تحريك قوات كبيرة بما تسبّب بخسائر مالية أكبر بكثير مما كان متوقعاً.  وفي هذين البلدين كانت المقاومة معزولة وتمثل أقلية، فكلّ دول العالم دعمت غزو أفغانستان لأنّ هذا الغزو جاء رداً على هجمات 11 أيلول في الولايات المتحدة، وكلّ دول المنطقة، بما في ذلك باكستان، دعمت الجيوش الغربية، ومع ذلك تمكنت طالبان من استنزاف جيوش «الناتو» والتسبّب بالخسائر الاقتصادية التي تجاوزت حتى عام 2007 أكثر من 3.5 تريليون دولار.  وفي العراق أيّدت غالبية أطياف العراق الاحتلال، وشاركت في العملية السياسية، ما عدا قلة محدودة من العراقيين نهضت بمفردها بعبء المقاومة وبإمكانيات محدودة، وحتى إيران دعمت العملية السياسية في العراق التي قادتها قوات الاحتلال، ومع ذلك تسبّبت المقاومة التي كانت تحظى بدعم الأقلية بهذه الكلفة الباهظة.  الوضع اليوم في اليمن أكثر أهمية، فالحوثيون والشعب اليمني والجيش اليمني هبّوا جميعاً للدفاع عن اليمن وفي حوزتهم قدرات عسكرية لم تتوفر للمقاومة في العراق وفي أفغانستان، ويحوزون على تأييد إقليمي على الأقلّ من إيران لم تحظ به المقاومة العراقية والأفغانية، وبالتالي ستكون قدرتهم على إلحاق الخسائر بالقوات الغازية أكبر بكثير من فعالية المقاومتين العراقية والأفغانية، وإذا ما اتسع نطاق الحرب إلى حرب برية وتقاصف متبادل سيكون هناك أضرار اقتصادية تلحق بالدول المشاركة في العدوان لم يكن بمقدور المقاومتين العراقية والأفغانية إلحاقها بالمعتدين والمحتلين.  فهل تملك دول الخليج فائضاً مالياً يمكنها من تمويل حرب كلفتها تحسب بالتريليونات وليس بالمليارات؟

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة