المشهد لا يقتصر على قتل قاييل لهابيل. هابيل يقتل قاييل. هنا يبدأ تاريخ العرب. هنا ينتهي تاريخ العرب. الاحرى هنا ينتهي ...العرب!

ما يحدث في الغرف المقفلة، استخباراتيا وديبلوماسيا واستراتيجيا اكثر بكثير من ان يكون اللامعقول. تنظيم (داعش) ليس سوى احد تجليات العقل (اللاعقل) العربي.

اعجز بكثير من ان يضعوا استراتيجية ما، سوى استراتيجية البسوس.

حتى الان الذين في مهب الريح، وفي مهب التاريخ (واللاتاريخ)، وفي مهب المصالح، لم يكتفوا بكل الدم الذي ذهب هباء في سوريا، ان لم تكن سوريا قد تحولت الى هباء، ولا في حفر الخنادق داخل الشخصية العراقية. لا ثقافة سوى ثقافة العباءة و الخنجر...

لا بأس ان تقدم سوريا هدية الى تركيا وحتى الى "اسرائيل"، وفي وضح النهار، والمهم الا تبقى في قبضة ايران، ودون ان نفكر ولو في لحظة واحدة، وقد جلسنا مع مناحيم بيغن ومع ارييل شارون ومع بنيامين نتنياهو، ان نجلس مع حسن روحاني او مع محمد جواد ظريف...

يقول لنا صحافي تركي ان ما يحدث بالقفازات الحريرية، حول سوريا والعراق و اليمن، اشد هولا بما يفعله داعش بالسواطير او بالمطارق.

ليست الهامات وحدها التي تهوي. ليست التماثيل وحدها التي تتحطم. ثمة دول تتداعى، ومجتمعات تتفكك. كيف يمكن ان تكون تركيا البديل، وقد وضعتنا على قارعة العدم لاربعة قرون، او ان تكون "اسرائيل" البديل وهي التي تنفذ وصايا يهوه في ان نكون عبيدا للهيكل؟

سوريا الى المجهول. العراق الى المجهول. اليمن الى المجهول. ليبيا الى المجهول. من يتصور ان مصر، دولتنا المركزية، وهي ام العرب قبل ان تكون ام الدنيا، لا تندفع بمشكلاتها، وازماتها، التي اكثر من ان تكون هائلة، نحو داعشية ما اذا ما استمرت لعبة الدومينو في ايقاعها الحالي...

الكثيرون مقتنعون بأن عبد الفتاح السيسي لا يملك شخصية المخلص (جمال عبد الناصر لا يتكرر يا جماعة). ولكن عودوا الى تجربة محمد مرسي، والى مواقف محمد مرسي. هل هي شخصية رئيس الدولة ام شخصية مصاصي الدماء وبكل ما اوتي مصاص الدماء من...غباء.

 

 

السيسي ابن المؤسسة العسكرية في مصر. انقذنا من حكم «الاخوان المسلمين»، على امل الا يذهب به بعيدا منطق العسكرتاريا ويتحول الى ديكتاتور ما دامت لوثة الفراعنة قد لاحقت حتى انور السادات وحتى حسني مبارك..

ولكن الم نلاحظ في الايام الاخيرة كيف ان اعلاميين عربا حاولوا، وبكل الوسائل، استدراجه الى موقف معاد للدولة في سوريا، ولرئاسة الدولة في سوريا (بما تعنيه في هذا الوقت بالذات). بقي الرجل متماسكا وافهم من يريد ان يفهم ان سقوط سوريا يعني «سقوطنا جميعا».

لا بل ان زملاء مصريين يتحدثون عن اغراءات خيالية قدمت للرجل من اجل ان ينخرط في اللعبة اياها. بلغة مهذبة قال لهم اننا جميعا في مركب واحد ويغرق. وقيل لنا ايضا انه كان يزمع التوجه الى طهران او دعوة حسن روحاني الى القاهرة من اجل وقف الصراع، او على الاقل من اجل اعادة النظر في قواعد الاشتباك او في قواعد اللعبة حتى لا يبقى الاندفاع نحو الهاوية..

ثمة من هدد بوقف المساعدات والى حد الضغط للمصالحة، وبالتالي للتنسيق الاستراتيجي، مع رجب طيب اردوغان باعتبار ان ايران (الدولة العظمى!!) هي التي تهدد الوجود العربي. هل كان يعرب بن قحطان يشق الطريق، او يشق التاريخ، بعكاز خشبي؟

لنلاحظ ما قاله عضو مجلس الشورى السعودي عبد الله العسكر «هناك فكرة تدور في الافق لتشكيل حلف جديد في المنطقة يضم السعودية وتركيا ومصر ليضيف «لا نستغرب ان تقوم الرياض بدور في تقريب وجهات النظر بين السيسي واردوغان لان الخلاف مع تركيا ليس على استراتيجيات بل على تفاصيل بسيطة، واعادة النظر فيها ممكنة».

تفاصيل بسيطة؟! الم يتم ضبط السلطان العثماني، وبالجرم المشهود، وامام الملأ، وهو يعمل لوضع اليد (وعبر النيو عثمانية) على سوريا والعراق ومصر، وبالتالي الخليج؟

ذاك الحلف الذي كنا قد تحدثنا عنه في مقالة اخيرة يعني الاصرار على الذهاب بالمنطقة العربية الى الانهيار. نواجه ايران التي نتهمها بالايدي الملطخة، بغسل ايدي تركيا التي اكثر من ان تكون ملطخة، فلماذا لا نفكر بطريقة اخرى، اي بالخيار الديبلوماسي مع الايرانيين بعدما كنا قد سلكنا هذا الطريق حتى مع الاسرائيليين؟

ايها السادة هناك من يرى ان بقاءه (في الف ليلة وليلة) رهن ببقاء... الدم!!

 

 

  • فريق ماسة
  • 2015-03-04
  • 10665
  • من الأرشيف

هنا ينتهي تاريخ العرب

المشهد لا يقتصر على قتل قاييل لهابيل. هابيل يقتل قاييل. هنا يبدأ تاريخ العرب. هنا ينتهي تاريخ العرب. الاحرى هنا ينتهي ...العرب! ما يحدث في الغرف المقفلة، استخباراتيا وديبلوماسيا واستراتيجيا اكثر بكثير من ان يكون اللامعقول. تنظيم (داعش) ليس سوى احد تجليات العقل (اللاعقل) العربي. اعجز بكثير من ان يضعوا استراتيجية ما، سوى استراتيجية البسوس. حتى الان الذين في مهب الريح، وفي مهب التاريخ (واللاتاريخ)، وفي مهب المصالح، لم يكتفوا بكل الدم الذي ذهب هباء في سوريا، ان لم تكن سوريا قد تحولت الى هباء، ولا في حفر الخنادق داخل الشخصية العراقية. لا ثقافة سوى ثقافة العباءة و الخنجر... لا بأس ان تقدم سوريا هدية الى تركيا وحتى الى "اسرائيل"، وفي وضح النهار، والمهم الا تبقى في قبضة ايران، ودون ان نفكر ولو في لحظة واحدة، وقد جلسنا مع مناحيم بيغن ومع ارييل شارون ومع بنيامين نتنياهو، ان نجلس مع حسن روحاني او مع محمد جواد ظريف... يقول لنا صحافي تركي ان ما يحدث بالقفازات الحريرية، حول سوريا والعراق و اليمن، اشد هولا بما يفعله داعش بالسواطير او بالمطارق. ليست الهامات وحدها التي تهوي. ليست التماثيل وحدها التي تتحطم. ثمة دول تتداعى، ومجتمعات تتفكك. كيف يمكن ان تكون تركيا البديل، وقد وضعتنا على قارعة العدم لاربعة قرون، او ان تكون "اسرائيل" البديل وهي التي تنفذ وصايا يهوه في ان نكون عبيدا للهيكل؟ سوريا الى المجهول. العراق الى المجهول. اليمن الى المجهول. ليبيا الى المجهول. من يتصور ان مصر، دولتنا المركزية، وهي ام العرب قبل ان تكون ام الدنيا، لا تندفع بمشكلاتها، وازماتها، التي اكثر من ان تكون هائلة، نحو داعشية ما اذا ما استمرت لعبة الدومينو في ايقاعها الحالي... الكثيرون مقتنعون بأن عبد الفتاح السيسي لا يملك شخصية المخلص (جمال عبد الناصر لا يتكرر يا جماعة). ولكن عودوا الى تجربة محمد مرسي، والى مواقف محمد مرسي. هل هي شخصية رئيس الدولة ام شخصية مصاصي الدماء وبكل ما اوتي مصاص الدماء من...غباء.     السيسي ابن المؤسسة العسكرية في مصر. انقذنا من حكم «الاخوان المسلمين»، على امل الا يذهب به بعيدا منطق العسكرتاريا ويتحول الى ديكتاتور ما دامت لوثة الفراعنة قد لاحقت حتى انور السادات وحتى حسني مبارك.. ولكن الم نلاحظ في الايام الاخيرة كيف ان اعلاميين عربا حاولوا، وبكل الوسائل، استدراجه الى موقف معاد للدولة في سوريا، ولرئاسة الدولة في سوريا (بما تعنيه في هذا الوقت بالذات). بقي الرجل متماسكا وافهم من يريد ان يفهم ان سقوط سوريا يعني «سقوطنا جميعا». لا بل ان زملاء مصريين يتحدثون عن اغراءات خيالية قدمت للرجل من اجل ان ينخرط في اللعبة اياها. بلغة مهذبة قال لهم اننا جميعا في مركب واحد ويغرق. وقيل لنا ايضا انه كان يزمع التوجه الى طهران او دعوة حسن روحاني الى القاهرة من اجل وقف الصراع، او على الاقل من اجل اعادة النظر في قواعد الاشتباك او في قواعد اللعبة حتى لا يبقى الاندفاع نحو الهاوية.. ثمة من هدد بوقف المساعدات والى حد الضغط للمصالحة، وبالتالي للتنسيق الاستراتيجي، مع رجب طيب اردوغان باعتبار ان ايران (الدولة العظمى!!) هي التي تهدد الوجود العربي. هل كان يعرب بن قحطان يشق الطريق، او يشق التاريخ، بعكاز خشبي؟ لنلاحظ ما قاله عضو مجلس الشورى السعودي عبد الله العسكر «هناك فكرة تدور في الافق لتشكيل حلف جديد في المنطقة يضم السعودية وتركيا ومصر ليضيف «لا نستغرب ان تقوم الرياض بدور في تقريب وجهات النظر بين السيسي واردوغان لان الخلاف مع تركيا ليس على استراتيجيات بل على تفاصيل بسيطة، واعادة النظر فيها ممكنة». تفاصيل بسيطة؟! الم يتم ضبط السلطان العثماني، وبالجرم المشهود، وامام الملأ، وهو يعمل لوضع اليد (وعبر النيو عثمانية) على سوريا والعراق ومصر، وبالتالي الخليج؟ ذاك الحلف الذي كنا قد تحدثنا عنه في مقالة اخيرة يعني الاصرار على الذهاب بالمنطقة العربية الى الانهيار. نواجه ايران التي نتهمها بالايدي الملطخة، بغسل ايدي تركيا التي اكثر من ان تكون ملطخة، فلماذا لا نفكر بطريقة اخرى، اي بالخيار الديبلوماسي مع الايرانيين بعدما كنا قد سلكنا هذا الطريق حتى مع الاسرائيليين؟ ايها السادة هناك من يرى ان بقاءه (في الف ليلة وليلة) رهن ببقاء... الدم!!    

المصدر : نبيه البرجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة