ثمة نقاش جدي يدور في الغرب حالياً للخروج من المأزق السوري، فمعظم الدول الغربية المنخرطة في الحرب على سورية سلّمت بأن «إسقاط النظام السوري» كان رهاناً خاسراً،

ولم تعد تخفي أهمية التعاون الأمني مع دمشق كأولوية للاستفادة من المعطيات والمعلومات التي تملكها الأجهزة السورية المختصة حول ملف «الجهاديين».

واللافت للانتباه أن النقاش الغربي تخطى عنوان: «لن يسقط»، فالرئيس السابق لمجلس الاستخبارات الوطني في وكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA «غراهام فولر» نصح الغربيين بمواجهة المد الإرهابي على قاعدة: «ســوف نخســر قليـلاً إن تعاملنـا مع الرئيـس الأسد، ولكننـا بالتأكيـد سـنربح كثيـراً».

فالكابوس الليبي بات يؤرق الدول الأوروبية لكونه لا يبعد سوى300 كلم عن جزيرة صقلية الإيطالية، كما أن الوثائق المنشورة في «التلغراف» البريطانية توضح نية التنظيم الإرهابي استخدام الأراضي الليبية كبوابة لشن هجمات إرهابية «في كل أنحاء جنوب أوروبا» (داعش يخطط لمهاجمة سفن الشحن البحري، التي تعبر البحر المتوسط نحو أوروبا والعكس.. وكان قد هدد في وقت سابق بإرسال نصف مليون مهاجر من ليبيا إلى قلب أوروبا في قوارب صغيرة).

وفي هذا الإطار، أكدت معلومات صحفية أن موفدين أمنيين من إسبانيا وبلجيكا وإيطاليا والبرتغال واليونان وقبرص زاروا العاصمة السورية مؤخراً بهدف تفعيل العلاقات الثنائية، بالتوازي مع تزايد دعوات الانفتاح على سورية على أساس أن الحوار مع الحكومة السورية «يمثل عنصر قوة»، وهذا الخيار المتضمن:(تأييد جهود «دي ميستورا» لإنجاح الحل السياسي، ودعم جهود محاربة «داعش»، والاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية وعدم إقرار عقوبات إضافية على الدولة السورية) مدعوم من بلدان عدة كالسويد والنرويج وسويسرا والدنمارك ورومانيا وبلغاريا والنمسا وجمهورية التشيك التي رفضت الاستجابة للضغوط الأميركية ولم تسحب سفيرها من دمشق.

ولذلك لا يجب النظر إلى الاستدارة الأوروبية حيال سورية من زاوية واحدة لكونها تعكس المخاوف الغربية من التنظيمات المتطرفة المتعطشة لسفك الدماء والتي «سئم» صانعوها في واشنطن من التغطية على جرائمها أمام الرأي العام الأميركي على ذمة السفير السابق «روبرت فورد»، بل يجب النظر إليها أيضاً من خلال أهمية الدور السوري في فضح الأخطاء السياسية التي اقترفتها إدارة أوباما حين قسمت الإرهاب إلى «جيد وسيئ» لتبرير تدخلها السافر بالشأن السوري تحت شعار: «معارضة معتدلة» اتضح للعالم بأسره أنها لم تكن سوى «فانتازيا» وهيئة «ضعيفة ومفككة وموالية لجبهة النصرة وغير جديرة بالثقة»!!

فالخارجية الأميركية بتاريخ 18 الشهر الجاري أقرت بأن (ما يزيد على 20 ألف مواطن من أكثر من مئة دولة يشاركون في القتال إلى جانب مسلحي المجموعات المتطرفة في سورية والعراق.. وأضافت إن المقاتلين الأجانب كثفوا مشاركتهم في صفوف تنظيم «الدولة الإسلامية» ويمكن أن يشكلوا خطراً عقب عودتهم إلى بلادهم)، وهذا دليل جديد على حجم التورط الأميركي في دعم الإرهاب بالشرق الأوسط.

في الواقع، لقد أرادت واشنطن إيقاع المنطقة بمصيدة إرهابييها لتصفية دولها الواحدة تلو الأخرى بحروب تدمير ذاتية، ولم يكن بحسبانها أن حليفتها «إسرائيل» ستقع بمصيدة مخططها الشيطاني، فرهانها الخاسر في سورية خلق معادلات جديدة في قضية الصراع العربي الصهيوني، إذ إن كيان الاحتلال لن يقوى على تحمل أربع سنوات من «التغيير الذي سيطال قارات العالم» ولن تنفعه مواجهة مصير الفناء المحتوم «بمزيد من التسلح»، في حين نجح تيار المقاومة في تغيير قواعد الاشتباك إلى درجة من الممكن أن يحدث فيها أي تطور نوعي بأي لحظة.. وهذا ما يلمسه المستوطنون جيداً وخاصةً شمال فلسطين المحتلة.

  • فريق ماسة
  • 2015-02-22
  • 10194
  • من الأرشيف

الرهان الخاسر والمعادلات الجديدة

ثمة نقاش جدي يدور في الغرب حالياً للخروج من المأزق السوري، فمعظم الدول الغربية المنخرطة في الحرب على سورية سلّمت بأن «إسقاط النظام السوري» كان رهاناً خاسراً، ولم تعد تخفي أهمية التعاون الأمني مع دمشق كأولوية للاستفادة من المعطيات والمعلومات التي تملكها الأجهزة السورية المختصة حول ملف «الجهاديين». واللافت للانتباه أن النقاش الغربي تخطى عنوان: «لن يسقط»، فالرئيس السابق لمجلس الاستخبارات الوطني في وكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA «غراهام فولر» نصح الغربيين بمواجهة المد الإرهابي على قاعدة: «ســوف نخســر قليـلاً إن تعاملنـا مع الرئيـس الأسد، ولكننـا بالتأكيـد سـنربح كثيـراً». فالكابوس الليبي بات يؤرق الدول الأوروبية لكونه لا يبعد سوى300 كلم عن جزيرة صقلية الإيطالية، كما أن الوثائق المنشورة في «التلغراف» البريطانية توضح نية التنظيم الإرهابي استخدام الأراضي الليبية كبوابة لشن هجمات إرهابية «في كل أنحاء جنوب أوروبا» (داعش يخطط لمهاجمة سفن الشحن البحري، التي تعبر البحر المتوسط نحو أوروبا والعكس.. وكان قد هدد في وقت سابق بإرسال نصف مليون مهاجر من ليبيا إلى قلب أوروبا في قوارب صغيرة). وفي هذا الإطار، أكدت معلومات صحفية أن موفدين أمنيين من إسبانيا وبلجيكا وإيطاليا والبرتغال واليونان وقبرص زاروا العاصمة السورية مؤخراً بهدف تفعيل العلاقات الثنائية، بالتوازي مع تزايد دعوات الانفتاح على سورية على أساس أن الحوار مع الحكومة السورية «يمثل عنصر قوة»، وهذا الخيار المتضمن:(تأييد جهود «دي ميستورا» لإنجاح الحل السياسي، ودعم جهود محاربة «داعش»، والاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية وعدم إقرار عقوبات إضافية على الدولة السورية) مدعوم من بلدان عدة كالسويد والنرويج وسويسرا والدنمارك ورومانيا وبلغاريا والنمسا وجمهورية التشيك التي رفضت الاستجابة للضغوط الأميركية ولم تسحب سفيرها من دمشق. ولذلك لا يجب النظر إلى الاستدارة الأوروبية حيال سورية من زاوية واحدة لكونها تعكس المخاوف الغربية من التنظيمات المتطرفة المتعطشة لسفك الدماء والتي «سئم» صانعوها في واشنطن من التغطية على جرائمها أمام الرأي العام الأميركي على ذمة السفير السابق «روبرت فورد»، بل يجب النظر إليها أيضاً من خلال أهمية الدور السوري في فضح الأخطاء السياسية التي اقترفتها إدارة أوباما حين قسمت الإرهاب إلى «جيد وسيئ» لتبرير تدخلها السافر بالشأن السوري تحت شعار: «معارضة معتدلة» اتضح للعالم بأسره أنها لم تكن سوى «فانتازيا» وهيئة «ضعيفة ومفككة وموالية لجبهة النصرة وغير جديرة بالثقة»!! فالخارجية الأميركية بتاريخ 18 الشهر الجاري أقرت بأن (ما يزيد على 20 ألف مواطن من أكثر من مئة دولة يشاركون في القتال إلى جانب مسلحي المجموعات المتطرفة في سورية والعراق.. وأضافت إن المقاتلين الأجانب كثفوا مشاركتهم في صفوف تنظيم «الدولة الإسلامية» ويمكن أن يشكلوا خطراً عقب عودتهم إلى بلادهم)، وهذا دليل جديد على حجم التورط الأميركي في دعم الإرهاب بالشرق الأوسط. في الواقع، لقد أرادت واشنطن إيقاع المنطقة بمصيدة إرهابييها لتصفية دولها الواحدة تلو الأخرى بحروب تدمير ذاتية، ولم يكن بحسبانها أن حليفتها «إسرائيل» ستقع بمصيدة مخططها الشيطاني، فرهانها الخاسر في سورية خلق معادلات جديدة في قضية الصراع العربي الصهيوني، إذ إن كيان الاحتلال لن يقوى على تحمل أربع سنوات من «التغيير الذي سيطال قارات العالم» ولن تنفعه مواجهة مصير الفناء المحتوم «بمزيد من التسلح»، في حين نجح تيار المقاومة في تغيير قواعد الاشتباك إلى درجة من الممكن أن يحدث فيها أي تطور نوعي بأي لحظة.. وهذا ما يلمسه المستوطنون جيداً وخاصةً شمال فلسطين المحتلة.

المصدر : الوطن / باسمة حامد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة