بعد توقيع تركيا اتفاقية عسكرية مع أميركا تجيز للأخيرة إقامة معسكرات تدريب على أراضيها لتنشئة مسلحين تسميهم واشنطن معارضة سورية معتدلة وتزعم أنها تعدهم لقتال «داعش» في مرحلة أولى،

 

 بعد هذا التوقيع مباشرة أقدمت تركيا على خرق السيادة السورية وتوغلت داخل الأرض السورية في عملية عسكرية قالت إنها نفذت من أجل نقل رفات سليمان شاه وإجلاء الجنود الأتراك الأربعين الذين يقومون بحمايته، الأمر الذي رفضته سورية وأدانته واحتفظت لنفسها بحق التصرف المناسب لحماية سيادتها ووحدة أراضيها.

 

لقد شكل التسلل التركي عدوانا سافرا رفع من درجة التعقيد في المشهد السوري وفتح المسرح على أكثر من احتمال، فمن هو سليمان شاه الذي لرفاته هذه الأهمية عند تركيا، أهمية تستحق المغامرة ودفع الأمور باتجاه قد ينتهي إلى حرب إقليمية كما حذر يوماً السيد حسن نصر الله، في موقف أطلقه بعد التسريب الاستخباراتي حول الإعداد التركي لعملية من هذا القبيل؟ أم إن في الأفق شيئاً آخر تحضر له تركيا بالاستناد إلى اتفاق مع أميركا؟

تزعم تركيا أن سليمان شاه هو جد عثمان مؤسس الإمبراطورية العثمانية، وبزعمها تقول إن سليمان لقي حتفه غرقا في نهر الفرات أثناء هربه من المغول الذين غزوا إمبراطوريته بغتة، وقام مرافقوه بدفنه على شط الفرات في مكان يسمى اليوم قلعة جعبر، وعندما انحلت الإمبراطورية العثمانية وخرجت سورية من يدها ووقعت تحت الانتداب الفرنسي، وقعت بين تركيا الجديدة وفرنسا المنتدبة اتفاقية منحت تركيا بموجب المادة التاسعة منها السيادة على ضريح سليمان شاه باعتباره أرضا تركية، وبمقتضى هذه الاتفاقية استمرت تركيا في القيام بأعمال حماية الضريح والسهر على المكان الذي تحول إلى مزار للأتراك، لكن بقي الوصول إليه خاضعاً للقرار السوري في الدخول والخروج.

ومع اندلاع الحريق والعدوان الذي يستهدف سورية، ووصول التنظيم الإرهابي داعش إلى المنطقة كانت المفارقة فاضحة، حيث أقدمت داعش على هدم كل ما له علاقة بالإسلام من مساجد ومزارات وأضرحة وقبور صحابة وأولياء، ولم تستثن من أعمالها الوحشية المنافية للحضارة والإنسانية سوى هذا الضريح الذي يهم أردوغان، في تصرف يعني بوضوح مدى العلاقة والارتباط الذي يجمع داعش الإرهابية بأردوغان راعي الإرهاب.

ويطرح السؤال الآن حول السبب الذي حدا بتركيا القيام بهذا العدوان على الأراضي السورية ودفع قوة عسكرية من الجيش التركي قوامها أكثر من 600 جندي وضابط تقلهم نحو 100 مركبة وعربة مدرعة أو مصفحة لاجتياز الأراضي السورية التي تفصل الضريح عن الحدود أولا ثم الوقاحة بالإعلان عن نية تركية بإعادة دفن الرفات في أرض سورية أخرى وتحت العلم التركي في عدوان ثانٍ ترتكبه؟

كثيرة هي الفرضيات التي تطرح تحديداً للأسباب ولكننا نجد أن الأرجح فيها يكون بربط العدوان التركي بتوقيع تركيا لاتفاقية التدريب مع أميركا، وإعداد تركيا نفسها لدور جديد قد يكون فيه اضطرار منها للابتعاد عن داعش وإنهاء شهر العسل معها لاعتبارات أميركية مستجدة فهل هذه هي الحقيقة؟ الأيام المقبلة قد تحمل الجواب.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-02-23
  • 10011
  • من الأرشيف

ماذا وراء العدوان التركي...ونقل رفات سليمان شاه؟

بعد توقيع تركيا اتفاقية عسكرية مع أميركا تجيز للأخيرة إقامة معسكرات تدريب على أراضيها لتنشئة مسلحين تسميهم واشنطن معارضة سورية معتدلة وتزعم أنها تعدهم لقتال «داعش» في مرحلة أولى،    بعد هذا التوقيع مباشرة أقدمت تركيا على خرق السيادة السورية وتوغلت داخل الأرض السورية في عملية عسكرية قالت إنها نفذت من أجل نقل رفات سليمان شاه وإجلاء الجنود الأتراك الأربعين الذين يقومون بحمايته، الأمر الذي رفضته سورية وأدانته واحتفظت لنفسها بحق التصرف المناسب لحماية سيادتها ووحدة أراضيها.   لقد شكل التسلل التركي عدوانا سافرا رفع من درجة التعقيد في المشهد السوري وفتح المسرح على أكثر من احتمال، فمن هو سليمان شاه الذي لرفاته هذه الأهمية عند تركيا، أهمية تستحق المغامرة ودفع الأمور باتجاه قد ينتهي إلى حرب إقليمية كما حذر يوماً السيد حسن نصر الله، في موقف أطلقه بعد التسريب الاستخباراتي حول الإعداد التركي لعملية من هذا القبيل؟ أم إن في الأفق شيئاً آخر تحضر له تركيا بالاستناد إلى اتفاق مع أميركا؟ تزعم تركيا أن سليمان شاه هو جد عثمان مؤسس الإمبراطورية العثمانية، وبزعمها تقول إن سليمان لقي حتفه غرقا في نهر الفرات أثناء هربه من المغول الذين غزوا إمبراطوريته بغتة، وقام مرافقوه بدفنه على شط الفرات في مكان يسمى اليوم قلعة جعبر، وعندما انحلت الإمبراطورية العثمانية وخرجت سورية من يدها ووقعت تحت الانتداب الفرنسي، وقعت بين تركيا الجديدة وفرنسا المنتدبة اتفاقية منحت تركيا بموجب المادة التاسعة منها السيادة على ضريح سليمان شاه باعتباره أرضا تركية، وبمقتضى هذه الاتفاقية استمرت تركيا في القيام بأعمال حماية الضريح والسهر على المكان الذي تحول إلى مزار للأتراك، لكن بقي الوصول إليه خاضعاً للقرار السوري في الدخول والخروج. ومع اندلاع الحريق والعدوان الذي يستهدف سورية، ووصول التنظيم الإرهابي داعش إلى المنطقة كانت المفارقة فاضحة، حيث أقدمت داعش على هدم كل ما له علاقة بالإسلام من مساجد ومزارات وأضرحة وقبور صحابة وأولياء، ولم تستثن من أعمالها الوحشية المنافية للحضارة والإنسانية سوى هذا الضريح الذي يهم أردوغان، في تصرف يعني بوضوح مدى العلاقة والارتباط الذي يجمع داعش الإرهابية بأردوغان راعي الإرهاب. ويطرح السؤال الآن حول السبب الذي حدا بتركيا القيام بهذا العدوان على الأراضي السورية ودفع قوة عسكرية من الجيش التركي قوامها أكثر من 600 جندي وضابط تقلهم نحو 100 مركبة وعربة مدرعة أو مصفحة لاجتياز الأراضي السورية التي تفصل الضريح عن الحدود أولا ثم الوقاحة بالإعلان عن نية تركية بإعادة دفن الرفات في أرض سورية أخرى وتحت العلم التركي في عدوان ثانٍ ترتكبه؟ كثيرة هي الفرضيات التي تطرح تحديداً للأسباب ولكننا نجد أن الأرجح فيها يكون بربط العدوان التركي بتوقيع تركيا لاتفاقية التدريب مع أميركا، وإعداد تركيا نفسها لدور جديد قد يكون فيه اضطرار منها للابتعاد عن داعش وإنهاء شهر العسل معها لاعتبارات أميركية مستجدة فهل هذه هي الحقيقة؟ الأيام المقبلة قد تحمل الجواب.  

المصدر : الوطن /ميسون يوسف


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة