كل شيء في جنيف يوحي بقرب الإعلان عن التفاهم بين وزيري خارجية أميركا جون كيري وإيران محمد جواد ظريف، وأن التأخير لنهاية الشهر المقبل يتمّ على إيقاع تطورات المنطقة.

واشنطن تحتاج إلى المزيد من الوقت مع حلفائها وهم يحتاجون إلى المزيد من الوقت لمنح جوابهم النهائي، وفي الوقت المتبقي من ربع الساعة الأخير، يتصدّرون المسرح بمحاولات خلق الوقائع التي تمنحهم أوراق تفاوض أقوى، وواشنطن من خلفهم تساند وتشجع، وتقدّم الدعم وتحاول جسّ نبض إيران بمدى تأثير ما يفعلونه، لنيل حصص أفضل في التسويات.

بنيامين نتنياهو يراهن على الكونغرس الأميركي ليجعل أمن «إسرائيل» خطاً أحمر واضحاً ومتفقاً عليه كملحق لأيّ تفاهم مع إيران، والسعودية تراهن على إدخال اليمن في الفوضى، والإمساك بمفتاح الحلّ السياسي، لنيل الثمن، وتركيا تعمل على استحضار فرضيات الخيار العسكري في سورية، لتكون مرجعية لا غنى عنها في الحلّ السياسي.

التصعيد الواضح في كلّ من سورية واليمن، يتخذ شكلاً استعراضياً تركياً في الشمال السوري، بعدما تكشفت الاتفاقية التركية – الأميركية على تدريب معارضين وتسليحهم، عن محدودية لا تجعلها حدثاً يُحسب له الحساب بما هو أبعد من الكلام الإعلامي، الذي لا يغيّر في الموازين، حيث تُحضر عشرات الألوف من المقاتلين ولا أحد سيقيم حساباً لمئات تزيد هنا أو هناك، والحركة الاستعراضية المرتبطة بنقل رفات سليمان شاه، بدت هي الأخرى بقدر طابعها الاستفزازي، علامة حذر من التورّط في مواجهة عسكرية مع الجيش السوري، سواء عبر إبلاغ الجيش التركي للقنصلية السورية في إسطنبول بالعملية عشية تنفيذها، أو لكون العملية تمّت أصلاً في مناطق تحت سيطرة «داعش».

من الضفة السعودية تبدو الأمور أفضل، حيث شكل فرار الرئيس المستقيل منصور هادي وتمركزه في عدن، إمساكاً سعودياً بورقة التفاوض في مقابل ما يمسك به الثوار في صنعاء، وصار المجتمع السياسي اليمني نصفين، واحد يتمحور في صنعاء والآخر في عدن، لكن مشكلة السعودية هي في خيار الذهاب إلى المواجهة، التي يبدو انّ منصور هادي لا يملك فيها حظوظاً أكثر من المعارضة السورية، بمجموعات متفرّقة من الجيش اليمني تشبه «الجيش الحرّ»، ومؤيدين مسلحين للمواجهة مع الثوار تسيطر عليهم «القاعدة» يهدّد الدخول في المواجهة بمنحهم فرصة السيطرة على المزيد من الجغرافيا اليمنية، بينما تشكل التسوية طريقاً إلزامياً للسير بمعادلة مجلس انتقالي، وحكومة جديدة موحدة، ومجلس رئاسي بعدما تكرّس منصور هادي طرفاً مباشراً يستحيل أن يشكل رئيساً توافقياً، وهي الوصفة التي تضمّنها الإعلان الدستوري للثوار.

 

في لبنان، ترقب للمسار المتعثر للآلية الحكومية التي أرادها رئيس الحكومة تمام سلام، والتي تبدو طالعاً سيئاً على حكومته، بتوقفها عن العمل من جهة، وصعوبة عودتها إلى الإنتاجية بعد تشرذمها في ضوء الانقسام حول الآلية، من جهة مقابلة، بينما دعاة التسريع بالسير نحو التفاهمات التي تسهّل وتوصل إلى الاستحقاق الرئاسي يرون في التعثر الحكومي فرصة للدق على حديد الحوارات وهي حامية.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-02-22
  • 9161
  • من الأرشيف

حركة عسكرية استعراضية تركية....ربع الساعة الأخير فرصة أنقرة والرياض للإمساك بأوراق تفاوض

كل شيء في جنيف يوحي بقرب الإعلان عن التفاهم بين وزيري خارجية أميركا جون كيري وإيران محمد جواد ظريف، وأن التأخير لنهاية الشهر المقبل يتمّ على إيقاع تطورات المنطقة. واشنطن تحتاج إلى المزيد من الوقت مع حلفائها وهم يحتاجون إلى المزيد من الوقت لمنح جوابهم النهائي، وفي الوقت المتبقي من ربع الساعة الأخير، يتصدّرون المسرح بمحاولات خلق الوقائع التي تمنحهم أوراق تفاوض أقوى، وواشنطن من خلفهم تساند وتشجع، وتقدّم الدعم وتحاول جسّ نبض إيران بمدى تأثير ما يفعلونه، لنيل حصص أفضل في التسويات. بنيامين نتنياهو يراهن على الكونغرس الأميركي ليجعل أمن «إسرائيل» خطاً أحمر واضحاً ومتفقاً عليه كملحق لأيّ تفاهم مع إيران، والسعودية تراهن على إدخال اليمن في الفوضى، والإمساك بمفتاح الحلّ السياسي، لنيل الثمن، وتركيا تعمل على استحضار فرضيات الخيار العسكري في سورية، لتكون مرجعية لا غنى عنها في الحلّ السياسي. التصعيد الواضح في كلّ من سورية واليمن، يتخذ شكلاً استعراضياً تركياً في الشمال السوري، بعدما تكشفت الاتفاقية التركية – الأميركية على تدريب معارضين وتسليحهم، عن محدودية لا تجعلها حدثاً يُحسب له الحساب بما هو أبعد من الكلام الإعلامي، الذي لا يغيّر في الموازين، حيث تُحضر عشرات الألوف من المقاتلين ولا أحد سيقيم حساباً لمئات تزيد هنا أو هناك، والحركة الاستعراضية المرتبطة بنقل رفات سليمان شاه، بدت هي الأخرى بقدر طابعها الاستفزازي، علامة حذر من التورّط في مواجهة عسكرية مع الجيش السوري، سواء عبر إبلاغ الجيش التركي للقنصلية السورية في إسطنبول بالعملية عشية تنفيذها، أو لكون العملية تمّت أصلاً في مناطق تحت سيطرة «داعش». من الضفة السعودية تبدو الأمور أفضل، حيث شكل فرار الرئيس المستقيل منصور هادي وتمركزه في عدن، إمساكاً سعودياً بورقة التفاوض في مقابل ما يمسك به الثوار في صنعاء، وصار المجتمع السياسي اليمني نصفين، واحد يتمحور في صنعاء والآخر في عدن، لكن مشكلة السعودية هي في خيار الذهاب إلى المواجهة، التي يبدو انّ منصور هادي لا يملك فيها حظوظاً أكثر من المعارضة السورية، بمجموعات متفرّقة من الجيش اليمني تشبه «الجيش الحرّ»، ومؤيدين مسلحين للمواجهة مع الثوار تسيطر عليهم «القاعدة» يهدّد الدخول في المواجهة بمنحهم فرصة السيطرة على المزيد من الجغرافيا اليمنية، بينما تشكل التسوية طريقاً إلزامياً للسير بمعادلة مجلس انتقالي، وحكومة جديدة موحدة، ومجلس رئاسي بعدما تكرّس منصور هادي طرفاً مباشراً يستحيل أن يشكل رئيساً توافقياً، وهي الوصفة التي تضمّنها الإعلان الدستوري للثوار.   في لبنان، ترقب للمسار المتعثر للآلية الحكومية التي أرادها رئيس الحكومة تمام سلام، والتي تبدو طالعاً سيئاً على حكومته، بتوقفها عن العمل من جهة، وصعوبة عودتها إلى الإنتاجية بعد تشرذمها في ضوء الانقسام حول الآلية، من جهة مقابلة، بينما دعاة التسريع بالسير نحو التفاهمات التي تسهّل وتوصل إلى الاستحقاق الرئاسي يرون في التعثر الحكومي فرصة للدق على حديد الحوارات وهي حامية.  

المصدر : البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة