فيما كان التفاهم الأميركي – التركي على تدريب وتسليح مجموعات من المعارضة السورية، يشكل فضيحة مدوية في كشف مسرحية الحرب على «داعش»،حيث الحضن التركي الدافئ مصدر القوة الوحيد، وحيث العتب الأميركي كان يوحي بخلاف ضمني على ملف «داعش»، فجاء الاتفاق الذي يعرف العسكريون أنه لن يقدّم ولن يؤخر، وهو يقوم على تدريب ألف وخمسمئة عنصر خلال سنة سيجهز منهم ثلاثمئة خلال ستة شهور، لكنه يكشف الحرص الأميركي على دور تركيا في المنطقة، ومن ضمن الدور رعايتها لـ»داعش»، والبوابة السورية هنا هي رسالة لمن يهمّه الأمر بأنّ الدور التركي على رغم التعامل العلني مع «داعش»، بل ربما بسبب هذه الرعاية، لا يزال يحظى بالمباركة والدعم الأميركيين.

 سورية قد لا تكون معنية بالرسالة، وهي أصلاً لا تحتاج تأكيداً على الموقف الأميركي، فهي في حال حرب مع الدور الأميركي، الذي لا يزال يجاهر بالعدوانية ضدّ الدولة السورية في كلّ مناسبة، رغم أنها معنية ميدانياً في كيفية ردع هذا التمادي للمخلب التركي، بعدما أجبر على الظهور علناً في معارك ريف حلب الشمالي، ولا يبدو اتفاق التدريب والتسليح، لاسم سوري وهمي إلا للتغطية على هذا الحضور التركي المباشر في الحرب، وهو حضور كانت تسعى سورية إلى جعله مكشوفاً ليتمّ التعامل معه كما جرى مع الحضور «الإسرائيلي» جنوباً، برسائل الردع المناسبة التي تضمن تسهيل الوجبة الثانية من معارك الشمال أسوة بمعارك الجنوب، وبالتالي إسقاط الحزام الأمني التركي والحزام الأمني «الإسرائيلي».

 المعني المباشر بالرسالة الأميركية هو مصر التي وصلتها قبلها رسالتان أميركيتان قاسيتان، بالنسبة إلى حليف تتوقع دعمه، فالرسالة الأولى كانت إحباط المساعي المصرية للحصول على دعم مجلس الأمن الدولي لمواجهة «داعش» في ليبيا، تحت عنوان تحالف خاص بالحرب على الإرهاب في ليبيا، فجاء الردّ الأميركي، لم يحن وقت الخيار العسكري بعد هناك، بخلاف الموقف الروسي الذي بادر إلى الدعم وإبداء الاستعداد لتولي مهمة الحصار البحري على السواحل الليبية، وجاءت الرسالة الأميركية القاسية الثانية إلى مصر بتحديد واشنطن لأولويتها في ليبيا بحلّ سياسي يدمج «الإخوان المسلمين» بالحكم، وهم جماعة تركيا التي لأجل إيصالهم إلى الحكم، كان تحريك تركيا لـ»داعش» لتوجيه الرسائل الدموية إلى مصر.

 ثبت للمتابعين، أنّ بعضاً من الرسالة التركية إلى مصر كان يحظى بالرضا الأميركي، لجلب مصر إلى بيت طاعة التحالف الذي تقوده واشنطن وتحدّد أولوياته، ورفضت مصر الانضواء فيه لإصرارها على تصنيف «الإخوان المسلمين»، الذين تقودهم تركيا، على رأس قوائم الإرهاب، واضحة الرسالة إلى مصر لتطويعها، ومنعها من ممارسة سياسة فيها قدر من الاستقلالية، بل إفهامها أنّ مكانة تركيا لا تزال متقدمة على حلفاء واشنطن من العرب.

 مصر في قلب التحدّي، ومجلس التعاون الخليجي يتخلى عنها في اللحظة الحرجة، عندما أرادت عزل قطر التي تطاولت بدعم أميركي على مصر وحرمتها من تقديم طلبها باسم المجموعة العربية في الأمم المتحدة.

 بالتوازي مع التعالي والجبروت الأميركي تجاه الحليف المصري، نعومة وسلاسة مع قادة شرق أوكرانيا وثوار اليمن، فالنصائح هنا وهناك هي بتسهيل الحلول، وعدم التوقف أمام التفاصيل، لأنّ واشنطن لا تستطيع تقديم دعم يغيّر موازين القوى.

  • فريق ماسة
  • 2015-02-20
  • 9590
  • من الأرشيف

فضيحة الحرب على «داعش»: أميركا تنتصر لتركيا في وجه مصر

فيما كان التفاهم الأميركي – التركي على تدريب وتسليح مجموعات من المعارضة السورية، يشكل فضيحة مدوية في كشف مسرحية الحرب على «داعش»،حيث الحضن التركي الدافئ مصدر القوة الوحيد، وحيث العتب الأميركي كان يوحي بخلاف ضمني على ملف «داعش»، فجاء الاتفاق الذي يعرف العسكريون أنه لن يقدّم ولن يؤخر، وهو يقوم على تدريب ألف وخمسمئة عنصر خلال سنة سيجهز منهم ثلاثمئة خلال ستة شهور، لكنه يكشف الحرص الأميركي على دور تركيا في المنطقة، ومن ضمن الدور رعايتها لـ»داعش»، والبوابة السورية هنا هي رسالة لمن يهمّه الأمر بأنّ الدور التركي على رغم التعامل العلني مع «داعش»، بل ربما بسبب هذه الرعاية، لا يزال يحظى بالمباركة والدعم الأميركيين.  سورية قد لا تكون معنية بالرسالة، وهي أصلاً لا تحتاج تأكيداً على الموقف الأميركي، فهي في حال حرب مع الدور الأميركي، الذي لا يزال يجاهر بالعدوانية ضدّ الدولة السورية في كلّ مناسبة، رغم أنها معنية ميدانياً في كيفية ردع هذا التمادي للمخلب التركي، بعدما أجبر على الظهور علناً في معارك ريف حلب الشمالي، ولا يبدو اتفاق التدريب والتسليح، لاسم سوري وهمي إلا للتغطية على هذا الحضور التركي المباشر في الحرب، وهو حضور كانت تسعى سورية إلى جعله مكشوفاً ليتمّ التعامل معه كما جرى مع الحضور «الإسرائيلي» جنوباً، برسائل الردع المناسبة التي تضمن تسهيل الوجبة الثانية من معارك الشمال أسوة بمعارك الجنوب، وبالتالي إسقاط الحزام الأمني التركي والحزام الأمني «الإسرائيلي».  المعني المباشر بالرسالة الأميركية هو مصر التي وصلتها قبلها رسالتان أميركيتان قاسيتان، بالنسبة إلى حليف تتوقع دعمه، فالرسالة الأولى كانت إحباط المساعي المصرية للحصول على دعم مجلس الأمن الدولي لمواجهة «داعش» في ليبيا، تحت عنوان تحالف خاص بالحرب على الإرهاب في ليبيا، فجاء الردّ الأميركي، لم يحن وقت الخيار العسكري بعد هناك، بخلاف الموقف الروسي الذي بادر إلى الدعم وإبداء الاستعداد لتولي مهمة الحصار البحري على السواحل الليبية، وجاءت الرسالة الأميركية القاسية الثانية إلى مصر بتحديد واشنطن لأولويتها في ليبيا بحلّ سياسي يدمج «الإخوان المسلمين» بالحكم، وهم جماعة تركيا التي لأجل إيصالهم إلى الحكم، كان تحريك تركيا لـ»داعش» لتوجيه الرسائل الدموية إلى مصر.  ثبت للمتابعين، أنّ بعضاً من الرسالة التركية إلى مصر كان يحظى بالرضا الأميركي، لجلب مصر إلى بيت طاعة التحالف الذي تقوده واشنطن وتحدّد أولوياته، ورفضت مصر الانضواء فيه لإصرارها على تصنيف «الإخوان المسلمين»، الذين تقودهم تركيا، على رأس قوائم الإرهاب، واضحة الرسالة إلى مصر لتطويعها، ومنعها من ممارسة سياسة فيها قدر من الاستقلالية، بل إفهامها أنّ مكانة تركيا لا تزال متقدمة على حلفاء واشنطن من العرب.  مصر في قلب التحدّي، ومجلس التعاون الخليجي يتخلى عنها في اللحظة الحرجة، عندما أرادت عزل قطر التي تطاولت بدعم أميركي على مصر وحرمتها من تقديم طلبها باسم المجموعة العربية في الأمم المتحدة.  بالتوازي مع التعالي والجبروت الأميركي تجاه الحليف المصري، نعومة وسلاسة مع قادة شرق أوكرانيا وثوار اليمن، فالنصائح هنا وهناك هي بتسهيل الحلول، وعدم التوقف أمام التفاصيل، لأنّ واشنطن لا تستطيع تقديم دعم يغيّر موازين القوى.

المصدر : الماسة السورية/ البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة