من زمان لاحظ صادق جلال العظم اننا نمتطي الليموزين ونحن حفاة، حفاة الرأس على الاقل، والى جانبنا العنزة العزيزة، ربما بأحمر الشفاه، وبالوجه الــذي خلــقت به. اما المرأة التي دون العنزة مقاما ً فتقبع في الخلف، ليس خلف النقاب فحسب بل وخلف قرون من القهر والذل والوأد في مقصورات الف ليلة وليلة...

 وكتب عن العربي الذي فرض عليه التقوقع العقائدي والثقافي، انه النصف الانسان والنصف اللاإنسان. كان هذا نوعا من الشيزوفرانيا (الفصام) الذي لم يتمكن سيغمند فرويد، بنظرياته الفذة، من التعرف عليه.

 هكذا يرى حكام ووزراء وكتّاب ان انقاذ ليبيا، وانقاذ اليمن، وانقاذ العراق، لايمكن ان يتحقق الا ببناء جيش يقضي على الظواهر البربرية التي عاثت في الارض فساداً...

الكتّاب، بالمناسبة، لا يجدون انظمة ديكتاتورية الا في سوريا وفي العراق واليمن. اما الدول الاخرى فتعاني من فائض الديمقراطية، وفائض العدالة، وفائض الشفافية. التمسح بالبلاط ممكن، ولطالما دخل في ادبياتنا الا اذا كنا نريد ان تكون نهايتنا مثل نهاية ابن المقفع قطعا قطعا في النار. ولكن هل تصل العبودية الى حد العثور على اليوتوبيا في انظمة القرون الوسطى؟

الحاجة الى الجيش في كل من الدول التي حطمتها الفوضى، وسواء كانت عشوائية ام مبرمجة. وبالصوت العالي نراهن على الجيش المصري في التصدي للمغول الجدد، فيما ندعو الى تقويض الجيش السوري الذي هو جيش سوريا وجيش العرب وليس جيش الشخص او جيش النظام، والا لكان تفكك من زمان...

هو الجيش الذي وصل الى ضفاف طبريا، وكاد يشق اسرائيل الى نصفين لو لم يفعل انور السادات ما فعل ان بتواطؤ مع هنري كيسنجر او خوفا مما سمعه من السفير الاميركي في القاهرة من ان غولدا مئير طلبت وضع الرؤوس النووية قيد الاستعداد قبل قيام الجسر الجوي بينها وبين شاه ايران (مذكرات الرئيس ريتشارد نيكسون).

يحكى عن انشقاقات. ما هو العدد، وقد شاهدنا اولئك الضباط الذين لا يساوون ثمن الاحذية التي ينتعلونها حين طرحوا انفسهم في سوق النخاسة ليتحولوا على وجه السرعة الى مرتزقة او الى مهربين او الى قطاع طرق؟

لو كان الجيش السوري طائفيا لما صمد يوما واحدا، يوما واحدا فقط، في وجه عشرات الآلاف الذين وفدوا من اصقاع الدنيا لقتاله، ولما وقف في وجه الاغراءات الهائلة التي وضعت امامه، ولما استطاع الاستمرار لمدة اربع سنوات يخوض كل اشكال الحروب التي لا علاقة لها بالفلسفة الكلاسيكية التي تبنى على اساسها الجيوش...

ليقولوا لنا اي جيش في العالم واجه كل تلـك الامـواج العاتية، وبقي في كل مكان من ارضه، ونحن الذين نعلم اي دور اضطلعت به انـقرة لاقامة امارة الرقة على حدودها، وكيف انها حاولت اقامة امارة اللاذقية قبل ان يأتي من يهدد بقصف اسطنبول وما وراء اسطنبول...

بغض النظر عن اي تجاوزات قد يأتي بها الواقع الميداني، لطالما كان الجيش السوري جيش العرب، ومفخرة العرب. اذاً لمصلحة من الاصرار (الاصرار العبثي) على تفكيكه، وهو وحده الذي يواجه بالكفاءة العالية، وبالاداء العالي وبالرغم من كل تلك الظروف الهائلة، البربرية التي نعلم جميعا داخل اي اجهزة استخبارات تم تصنيعها ولاي هدف تم تسويقها..

لن يكون الجيش السوري جيش رجب طيب اردوغان ولا جيش بنيامين نتنياهو. هو جيش يوسف العظمة، وجيش كل القامات الشاهقة في دنيا العرب والتي تواجه الخطة التلمودية، من زئيف جابوتنسكي الى افيغدور ليبرمان، مرورا بتيودور هرتزل، ومن جون فوستر دالاس حتى لوران فابيوس مرورا بانتوني ايدن وغي موليه...

ولكن ألم يطرح بعض العرب، وبالتنسيق الاستخباراتي مع الاتراك كما مع الاسرائيليين، بدعة احلال «جبهة النصرة»، وبتلك الايديولوجيا الهمجية، محل الجيش السوري، وانطلاقا من جبهة الجنـوب، وما ادراك ما جبهة الجنوب وحيث التقاطع بين البلاط الهاشمي وبلاطات اخرى لم ترَ حتى الان ان تفكيك سوريا يعني تفكيك المنطقة كلها او اندثارها...

ليس دفاعا عن الشخص ولا عن النظام بل دفاعا عن الارض، واهل الارض. هوذا الجيش الذي يحتاج اليه العرب اذا كانوا يعون اي اعصار ذاك الذي يدق الابواب!

  • فريق ماسة
  • 2015-02-20
  • 11292
  • من الأرشيف

ذاك الجيش السوري .....

من زمان لاحظ صادق جلال العظم اننا نمتطي الليموزين ونحن حفاة، حفاة الرأس على الاقل، والى جانبنا العنزة العزيزة، ربما بأحمر الشفاه، وبالوجه الــذي خلــقت به. اما المرأة التي دون العنزة مقاما ً فتقبع في الخلف، ليس خلف النقاب فحسب بل وخلف قرون من القهر والذل والوأد في مقصورات الف ليلة وليلة...  وكتب عن العربي الذي فرض عليه التقوقع العقائدي والثقافي، انه النصف الانسان والنصف اللاإنسان. كان هذا نوعا من الشيزوفرانيا (الفصام) الذي لم يتمكن سيغمند فرويد، بنظرياته الفذة، من التعرف عليه.  هكذا يرى حكام ووزراء وكتّاب ان انقاذ ليبيا، وانقاذ اليمن، وانقاذ العراق، لايمكن ان يتحقق الا ببناء جيش يقضي على الظواهر البربرية التي عاثت في الارض فساداً... الكتّاب، بالمناسبة، لا يجدون انظمة ديكتاتورية الا في سوريا وفي العراق واليمن. اما الدول الاخرى فتعاني من فائض الديمقراطية، وفائض العدالة، وفائض الشفافية. التمسح بالبلاط ممكن، ولطالما دخل في ادبياتنا الا اذا كنا نريد ان تكون نهايتنا مثل نهاية ابن المقفع قطعا قطعا في النار. ولكن هل تصل العبودية الى حد العثور على اليوتوبيا في انظمة القرون الوسطى؟ الحاجة الى الجيش في كل من الدول التي حطمتها الفوضى، وسواء كانت عشوائية ام مبرمجة. وبالصوت العالي نراهن على الجيش المصري في التصدي للمغول الجدد، فيما ندعو الى تقويض الجيش السوري الذي هو جيش سوريا وجيش العرب وليس جيش الشخص او جيش النظام، والا لكان تفكك من زمان... هو الجيش الذي وصل الى ضفاف طبريا، وكاد يشق اسرائيل الى نصفين لو لم يفعل انور السادات ما فعل ان بتواطؤ مع هنري كيسنجر او خوفا مما سمعه من السفير الاميركي في القاهرة من ان غولدا مئير طلبت وضع الرؤوس النووية قيد الاستعداد قبل قيام الجسر الجوي بينها وبين شاه ايران (مذكرات الرئيس ريتشارد نيكسون). يحكى عن انشقاقات. ما هو العدد، وقد شاهدنا اولئك الضباط الذين لا يساوون ثمن الاحذية التي ينتعلونها حين طرحوا انفسهم في سوق النخاسة ليتحولوا على وجه السرعة الى مرتزقة او الى مهربين او الى قطاع طرق؟ لو كان الجيش السوري طائفيا لما صمد يوما واحدا، يوما واحدا فقط، في وجه عشرات الآلاف الذين وفدوا من اصقاع الدنيا لقتاله، ولما وقف في وجه الاغراءات الهائلة التي وضعت امامه، ولما استطاع الاستمرار لمدة اربع سنوات يخوض كل اشكال الحروب التي لا علاقة لها بالفلسفة الكلاسيكية التي تبنى على اساسها الجيوش... ليقولوا لنا اي جيش في العالم واجه كل تلـك الامـواج العاتية، وبقي في كل مكان من ارضه، ونحن الذين نعلم اي دور اضطلعت به انـقرة لاقامة امارة الرقة على حدودها، وكيف انها حاولت اقامة امارة اللاذقية قبل ان يأتي من يهدد بقصف اسطنبول وما وراء اسطنبول... بغض النظر عن اي تجاوزات قد يأتي بها الواقع الميداني، لطالما كان الجيش السوري جيش العرب، ومفخرة العرب. اذاً لمصلحة من الاصرار (الاصرار العبثي) على تفكيكه، وهو وحده الذي يواجه بالكفاءة العالية، وبالاداء العالي وبالرغم من كل تلك الظروف الهائلة، البربرية التي نعلم جميعا داخل اي اجهزة استخبارات تم تصنيعها ولاي هدف تم تسويقها.. لن يكون الجيش السوري جيش رجب طيب اردوغان ولا جيش بنيامين نتنياهو. هو جيش يوسف العظمة، وجيش كل القامات الشاهقة في دنيا العرب والتي تواجه الخطة التلمودية، من زئيف جابوتنسكي الى افيغدور ليبرمان، مرورا بتيودور هرتزل، ومن جون فوستر دالاس حتى لوران فابيوس مرورا بانتوني ايدن وغي موليه... ولكن ألم يطرح بعض العرب، وبالتنسيق الاستخباراتي مع الاتراك كما مع الاسرائيليين، بدعة احلال «جبهة النصرة»، وبتلك الايديولوجيا الهمجية، محل الجيش السوري، وانطلاقا من جبهة الجنـوب، وما ادراك ما جبهة الجنوب وحيث التقاطع بين البلاط الهاشمي وبلاطات اخرى لم ترَ حتى الان ان تفكيك سوريا يعني تفكيك المنطقة كلها او اندثارها... ليس دفاعا عن الشخص ولا عن النظام بل دفاعا عن الارض، واهل الارض. هوذا الجيش الذي يحتاج اليه العرب اذا كانوا يعون اي اعصار ذاك الذي يدق الابواب!

المصدر : الديار/ نبيه برجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة