كثيرة هي الكلمات المكتوبة والمنطوقة حول ما جرى ويجري في الجبهتين الغربية والجنوبية منذ يوم الأحد 8/2/2015، لذلك سأحاول التركيز على بعض ما لم يتم التطرق إليه أو لم يأخذ حقه من الإهتمام من بوابتي،الأداء الميداني لجبهة المقاومة، وأهداف العملية العسكرية فقط. * كيف كان الأداء الميداني لجبهة المقاومة في معركة القنيطرة-درعا:

1- القوة النارية: إستخدام باقة نارية واسعة، باستخدام المدفعية الثقيلة ومدفعية الميدان وراجمات الصواريخ، وسلاحي الدبابات والدروع الى جانب الصواريخ الميدانية التكتيكية مثل صواريخ كورنت لضرب آليات العدو وتحصيناته، وربما هي المرة الأولى التي تستخدم فيها هذه الباقة.

2- الحشد البشري: كان لافتاً إستخدام الحشد البشري الكبير نسبياً، وهذا امر جديد في التكتيكات الميدانية التي يتبعها الجيش العربي السوري وحلفائه، ويمكن فهمه من خلال مراقبة الجبهة الواسعة التي فتحها الجيش وحلفائه، وهو خيار صائب وضروري لتشتيت قوات الجماعات الارهابية المسلحة وتفكيك خطوط دفاعها، وإستغلال تراجعاتها... .

3- إلتزام الخطط: بالرغم من إستخدام سلاحي المدفعية والمدفعية الصاروخية لضرب تحصينات وتجمعات وخطوط امداد العدو، والظروف الجوية الصعبة، قام سلاح الجو بدور هام بضرب هذه المجموعات الارهابية وتكبيد مجموعات المؤازرة ومحاولات التسلل خسائر كبيرة، كما حصل في بلدة تل شهاب مثلاً، وهي المرة الأولى التي تقصف فيها هذه المنطقة منذ شهور عديدة، وهذا يظهر مرونة وكفاءة عالية، وإلتزام صارم بالخطط مهما كانت الظروف والتحديات.

 

4- الرسائل التحذيريّة: قبل التقدم باتجاه أي هدف أو جبهة يقرر الجيش العربي السوري والقوى الرديفة تطهيرها، يُستهل هذا التقدم بسجادة نارية كثيفة تغطي معظم مساحة الهدف أو الجبهة، وهذه الكثافة النارية العالية لا تتوقف أهدافها عند ضرورات ميدان المعارك؛ بل تتجاوزها لتبعث برسالة حاسمة إلى مشغلي هذه الأدوات وخصوصاً الكيان الصهيوني، أن الحسم لن يعوقه شيء حتى وإن كان حرب إقليمية معه ومع بقية حلف العدوان.

 

5 - التقدير الشامل للموقف: ان اتخاذ قرار بهذه الأهمية والخطورة يظهر بأن هناك قرار سياسي قد اتخذ وعلى أعلى المستويات، حيث قدر الموقف الميداني والسياسي في المنطقة والعالم، ووضعت السيناريوهات المختلفة لمثل هذا الحراك العسكري الواسع، ومنها الاصطدام المباشر مع العدو الصهيوني، ومن هنا فإن قراراً سياسياً تاريخياً قد اتخذ بالتهيؤ لنشوب حرب إقليمية واسعة بناءاً على تقدير موقف شامل وسليم للحرب.

 

6- عنصر المفاجأة: إن عملية واسعة وممتدة على جبهات متعددة ومساحات جغرافية كبيرة، يحتاج حتماً الى مروحة واسعة من الإستعدادات، ومنها القرار بالحسم، المعلومات الاستخبارية، حشد القوات، إصدار القرار، الشروع بالتنفيذ... والمتابعة لمجريات ميدان المعارك وتحقيق الأهداف. منذ إنطلاق العمليّة قبل أيام، ظهرت حالة الصدمة والمفاجأة التي تعيشها الجماعات الارهابية ومشغليها من خلفها، أي أن هناك نجاح يكاد يكون تاماً بالحفاظ على سرية العملية في كل مراحلها، من القرار السياسي وصولاً الى تحرك ماكينة الحسم. وليس أدل على هذا النجاح من حالة الوجوم وصمت القبور التي أصابت قادة كيان العدو من جهة، والإنهيار السريع للجماعات الارهابية المسلحة من جهة ثانية.

 

7- في وضع من الترقب والحذر الشديدين اللذين يعيشهما كيان العدو، وفي ذروة استنفاره وتأهبه على كافة المستويات، السياسية والعسكرية والاستخباراتية والشعبية وادواته الارهابية في الميدان السوري... يتم تنفيذ هذه العملية المفاجئة والصادمة للعدو، وهذا يظهر قدرة جبهة المقاومة على تنفيذ مستويات متعددة من التحركات والعمليات العسكرية سواء كانت محدودة أو واسعة، في إطار من السريّة والكفاءة العملانية الرفيعة، من عملية شبعا قبل شهر تقريباً الى هذه العملية الواسعة التي نعيش. كما يؤكد هشاشة كيان العدو وتآكل عناصر قوته وردعه، وفشله وحلفاءه وأدواته في التحسب والإستعداد لمثل هذا الخيار أو الخوف من تبعات قرار التدخل لإفشاله، ان وجد.

 

8- قدرة جبهة المقاومة – سورية، إيران، حزب الله، على الأقل- على شنّ هجوم كبير بتشكيلة واسعة من الأسلحة، والربط الفعال بين عناصرها القريبة من الميدان والبعيدة عنه بمهارة وسلاسة، وإستخدام هذه التشكيلة من الأسلحة بحرفية عالية... يظهر إنسجاماً وتكاملاً ميدانيّاً ممتازاً جداً بين قوات هذه الجبهة، ما يؤكد إستعداداً مطولاً لهذه المعركة. تعليقاً على ما سبق، يبدو بأن المرحلة الأولى من هذه العمليّة العسكرية حققت أهدافها كاملة، أو معضمها في الحد الأدنى، وأعتقد بأن زيارة العماد فهد جاسم الفريج إلى الجبهة الجنوبية قبل أيام، جاءت لتقييم حجم الإنجازات من جانب، والإستعداد للبدء بالمرحلة الثانية من جانب آخر.

 

* أهداف للعملية العسكرية لم تذكر أو كان التركيز عليها محدوداً:

 

1 - القضاء على الجيش الحر - جماعة أبو صقار– وهو ما تعتبره واشنطن وحلفائها وأدواتها معارضة معتدلة، وهذا الجيش لم يعد له وجود يذكر في أي من بقاع سورية سوى في محافظة درعا، وهو وجود قوي لأنه يراد له ذلك، حتى الفصائل الاسلامية أجبرت على العمل تحت هذا الاسم -الجيش الحر– لابقاء مقولة "المعارضة المسلحة المعتدلة" حيّة ولو في غرفة إنعاش.

 

2- إخراج المواطن السوري من حالة الإحساس بالمراوحة، وشعوره بأنه يواجه أزمة لا ضوء في نهاية النفق قد يبشر بنهايتها. وهذا الأمر كان وما يزال جزء هاماً من إستراتيجيات الحرب على سورية، حيث يصاب من يسيطر عليه اليأس بالملل ونفاذ الصبر، والشعور بأنه مأزوم وفي خطر دائم، وفقدان المبادرة والإحساس بالقيمة، وتدني القدرة على التضحية والإيثار، ويميل بشكل متزايد لإنكفاء والعزلة ليكتسب مع الوقت "مهارة" إقتناص الفرص بصرف النظر عن المنظومة القيميّة والأخلاقية، فيرتشي ويخون ويغامر... بكل شيء حتى وإن كان الوطن.

 

3- مباغتة الجماعات الإرهابية المسلحة، خصوصاً بعد إنتشارها على مساحات واسعة في ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، وسيطرتهم على مواقع مهمة مثل تل الحارة واللواء 82 دفاع جوي... بعد معارك الجبهة الواحدة والإستفراد التي خاضوها، وجرهم إلى معركة بجبهات متعددة تفوق قدرتهم على الإنتشار والصد... ما أجبر هذه الجماعات على تعويض النقص العددي بالكثافة النارية، وهنا وقعوا في الشرك الذي أعده لهم العقل العسكري السوري الفذ، أي نقص الذخائر. طالبت هذه الجماعات بالذخائر و"الفزعة" لكن شيئاً لم يصل، حيث قطعت خطوط الإمداد، وهذا يفتح الباب واسعاً أمام الجيش العربي السوري وحلفائه لخوض معارك يعاني فيها الخصم من نقص حاد بالذخائر والعناصر، يصعب عليه إن لم يكن من المستحيل، تعويضها.

 

4- نقل قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري عن السيد الخامنئي قبل أيام، أنه "أعطى الإذن لمجموعات من الشباب الإيراني للقتال إلى جانب اخوتهم العراقيين والسوريين واللبنانيين". وأضاف: "بخلاف تلك الأعداد من الشباب الذين سُمح لهم بالانضمام إلى القتال خارج إيران، فإنه ممنوع على أيّ شخص مغادرة البلاد". جاء هذا القرار عقب إستشهاد الضابط الإيراني "دادي" في قافلة المجد والشهادة في القنيطرة قبل شهر تقريباً، وحديث الرئيس بشار حافظ الأسد عن المقاومة الشعبية السورية المسلحة، وإحداثه تبدل جذري في قواعد الإشتباك مع العدو، ليأتي السيد حسن نصر الله ليتمم المعادلة ويعلن عن توحيد الجبهات. منذ اللحظات الأولى لإنطلاق معركة "شهداء القنيطرة" كانت أعلام سورية وإيران وحزب الله ترفرف واضحة في ميادين المعارك في رسالة تحد واضح لكل من كان يسترق النظر من جهة، وتعبير عن وحدة القضية والمصير من جهة ثانية، وإشهار عملي لوحدة الجبهات من جهة ثالثة، والإصرار القاطع على تغيير موازين القوى على الأرض.

 

5- لوحظ إستخدام سيارات الدفع الرباعي ودراجات نارية خاصة بشكل واضح خلال هذه المعركة، ومن مهامها نقل الجنود بشكل سريع من مكان إلى آخر وخصوصاً التلال... ربما كانت تلك بعض من الوسائل التي ستنقل عناصر جبهة المقاومة إلى جبال وتلال الجولان المحتل، تم تجريبها وإختبار جدواها في ظروف المعركة الحقيقية. * ختاماً: طلب كيان العدو رسميا منذ ثلاثة أيام إعادة قوات الفصل الدولية الى الجولان، أي أنه بات متيقناً من سقوط مشروع الجدار الطيب، ولكن ماذا لو رفضت سورية وجبهة المقاومة هذا الأمر، وأعلنت أن قواعد الاشتباك مع العدو الصهيوني تغيرت، ولن تعود إلى سابق عهدها؟. منذ اللحظة، ومع ما تحقق من نتائج وما سيتم تحقيقه قريباً، إسمحوا لي أن بأننا بتنا في مرحلة جديدة كليّاً، وخيارات العدو محدودة جداً فيها، وكذلك القدرة على التنبؤ بشكلها وتفاصيلها، لكني على يقين بأن هناك أمل ونصر أكثر دفئاً وسطوعاً في ثناياها.

  • فريق ماسة
  • 2015-02-14
  • 13323
  • من الأرشيف

معركة لجم الحدود وصناعة التحرير

كثيرة هي الكلمات المكتوبة والمنطوقة حول ما جرى ويجري في الجبهتين الغربية والجنوبية منذ يوم الأحد 8/2/2015، لذلك سأحاول التركيز على بعض ما لم يتم التطرق إليه أو لم يأخذ حقه من الإهتمام من بوابتي،الأداء الميداني لجبهة المقاومة، وأهداف العملية العسكرية فقط. * كيف كان الأداء الميداني لجبهة المقاومة في معركة القنيطرة-درعا: 1- القوة النارية: إستخدام باقة نارية واسعة، باستخدام المدفعية الثقيلة ومدفعية الميدان وراجمات الصواريخ، وسلاحي الدبابات والدروع الى جانب الصواريخ الميدانية التكتيكية مثل صواريخ كورنت لضرب آليات العدو وتحصيناته، وربما هي المرة الأولى التي تستخدم فيها هذه الباقة. 2- الحشد البشري: كان لافتاً إستخدام الحشد البشري الكبير نسبياً، وهذا امر جديد في التكتيكات الميدانية التي يتبعها الجيش العربي السوري وحلفائه، ويمكن فهمه من خلال مراقبة الجبهة الواسعة التي فتحها الجيش وحلفائه، وهو خيار صائب وضروري لتشتيت قوات الجماعات الارهابية المسلحة وتفكيك خطوط دفاعها، وإستغلال تراجعاتها... . 3- إلتزام الخطط: بالرغم من إستخدام سلاحي المدفعية والمدفعية الصاروخية لضرب تحصينات وتجمعات وخطوط امداد العدو، والظروف الجوية الصعبة، قام سلاح الجو بدور هام بضرب هذه المجموعات الارهابية وتكبيد مجموعات المؤازرة ومحاولات التسلل خسائر كبيرة، كما حصل في بلدة تل شهاب مثلاً، وهي المرة الأولى التي تقصف فيها هذه المنطقة منذ شهور عديدة، وهذا يظهر مرونة وكفاءة عالية، وإلتزام صارم بالخطط مهما كانت الظروف والتحديات.   4- الرسائل التحذيريّة: قبل التقدم باتجاه أي هدف أو جبهة يقرر الجيش العربي السوري والقوى الرديفة تطهيرها، يُستهل هذا التقدم بسجادة نارية كثيفة تغطي معظم مساحة الهدف أو الجبهة، وهذه الكثافة النارية العالية لا تتوقف أهدافها عند ضرورات ميدان المعارك؛ بل تتجاوزها لتبعث برسالة حاسمة إلى مشغلي هذه الأدوات وخصوصاً الكيان الصهيوني، أن الحسم لن يعوقه شيء حتى وإن كان حرب إقليمية معه ومع بقية حلف العدوان.   5 - التقدير الشامل للموقف: ان اتخاذ قرار بهذه الأهمية والخطورة يظهر بأن هناك قرار سياسي قد اتخذ وعلى أعلى المستويات، حيث قدر الموقف الميداني والسياسي في المنطقة والعالم، ووضعت السيناريوهات المختلفة لمثل هذا الحراك العسكري الواسع، ومنها الاصطدام المباشر مع العدو الصهيوني، ومن هنا فإن قراراً سياسياً تاريخياً قد اتخذ بالتهيؤ لنشوب حرب إقليمية واسعة بناءاً على تقدير موقف شامل وسليم للحرب.   6- عنصر المفاجأة: إن عملية واسعة وممتدة على جبهات متعددة ومساحات جغرافية كبيرة، يحتاج حتماً الى مروحة واسعة من الإستعدادات، ومنها القرار بالحسم، المعلومات الاستخبارية، حشد القوات، إصدار القرار، الشروع بالتنفيذ... والمتابعة لمجريات ميدان المعارك وتحقيق الأهداف. منذ إنطلاق العمليّة قبل أيام، ظهرت حالة الصدمة والمفاجأة التي تعيشها الجماعات الارهابية ومشغليها من خلفها، أي أن هناك نجاح يكاد يكون تاماً بالحفاظ على سرية العملية في كل مراحلها، من القرار السياسي وصولاً الى تحرك ماكينة الحسم. وليس أدل على هذا النجاح من حالة الوجوم وصمت القبور التي أصابت قادة كيان العدو من جهة، والإنهيار السريع للجماعات الارهابية المسلحة من جهة ثانية.   7- في وضع من الترقب والحذر الشديدين اللذين يعيشهما كيان العدو، وفي ذروة استنفاره وتأهبه على كافة المستويات، السياسية والعسكرية والاستخباراتية والشعبية وادواته الارهابية في الميدان السوري... يتم تنفيذ هذه العملية المفاجئة والصادمة للعدو، وهذا يظهر قدرة جبهة المقاومة على تنفيذ مستويات متعددة من التحركات والعمليات العسكرية سواء كانت محدودة أو واسعة، في إطار من السريّة والكفاءة العملانية الرفيعة، من عملية شبعا قبل شهر تقريباً الى هذه العملية الواسعة التي نعيش. كما يؤكد هشاشة كيان العدو وتآكل عناصر قوته وردعه، وفشله وحلفاءه وأدواته في التحسب والإستعداد لمثل هذا الخيار أو الخوف من تبعات قرار التدخل لإفشاله، ان وجد.   8- قدرة جبهة المقاومة – سورية، إيران، حزب الله، على الأقل- على شنّ هجوم كبير بتشكيلة واسعة من الأسلحة، والربط الفعال بين عناصرها القريبة من الميدان والبعيدة عنه بمهارة وسلاسة، وإستخدام هذه التشكيلة من الأسلحة بحرفية عالية... يظهر إنسجاماً وتكاملاً ميدانيّاً ممتازاً جداً بين قوات هذه الجبهة، ما يؤكد إستعداداً مطولاً لهذه المعركة. تعليقاً على ما سبق، يبدو بأن المرحلة الأولى من هذه العمليّة العسكرية حققت أهدافها كاملة، أو معضمها في الحد الأدنى، وأعتقد بأن زيارة العماد فهد جاسم الفريج إلى الجبهة الجنوبية قبل أيام، جاءت لتقييم حجم الإنجازات من جانب، والإستعداد للبدء بالمرحلة الثانية من جانب آخر.   * أهداف للعملية العسكرية لم تذكر أو كان التركيز عليها محدوداً:   1 - القضاء على الجيش الحر - جماعة أبو صقار– وهو ما تعتبره واشنطن وحلفائها وأدواتها معارضة معتدلة، وهذا الجيش لم يعد له وجود يذكر في أي من بقاع سورية سوى في محافظة درعا، وهو وجود قوي لأنه يراد له ذلك، حتى الفصائل الاسلامية أجبرت على العمل تحت هذا الاسم -الجيش الحر– لابقاء مقولة "المعارضة المسلحة المعتدلة" حيّة ولو في غرفة إنعاش.   2- إخراج المواطن السوري من حالة الإحساس بالمراوحة، وشعوره بأنه يواجه أزمة لا ضوء في نهاية النفق قد يبشر بنهايتها. وهذا الأمر كان وما يزال جزء هاماً من إستراتيجيات الحرب على سورية، حيث يصاب من يسيطر عليه اليأس بالملل ونفاذ الصبر، والشعور بأنه مأزوم وفي خطر دائم، وفقدان المبادرة والإحساس بالقيمة، وتدني القدرة على التضحية والإيثار، ويميل بشكل متزايد لإنكفاء والعزلة ليكتسب مع الوقت "مهارة" إقتناص الفرص بصرف النظر عن المنظومة القيميّة والأخلاقية، فيرتشي ويخون ويغامر... بكل شيء حتى وإن كان الوطن.   3- مباغتة الجماعات الإرهابية المسلحة، خصوصاً بعد إنتشارها على مساحات واسعة في ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، وسيطرتهم على مواقع مهمة مثل تل الحارة واللواء 82 دفاع جوي... بعد معارك الجبهة الواحدة والإستفراد التي خاضوها، وجرهم إلى معركة بجبهات متعددة تفوق قدرتهم على الإنتشار والصد... ما أجبر هذه الجماعات على تعويض النقص العددي بالكثافة النارية، وهنا وقعوا في الشرك الذي أعده لهم العقل العسكري السوري الفذ، أي نقص الذخائر. طالبت هذه الجماعات بالذخائر و"الفزعة" لكن شيئاً لم يصل، حيث قطعت خطوط الإمداد، وهذا يفتح الباب واسعاً أمام الجيش العربي السوري وحلفائه لخوض معارك يعاني فيها الخصم من نقص حاد بالذخائر والعناصر، يصعب عليه إن لم يكن من المستحيل، تعويضها.   4- نقل قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري عن السيد الخامنئي قبل أيام، أنه "أعطى الإذن لمجموعات من الشباب الإيراني للقتال إلى جانب اخوتهم العراقيين والسوريين واللبنانيين". وأضاف: "بخلاف تلك الأعداد من الشباب الذين سُمح لهم بالانضمام إلى القتال خارج إيران، فإنه ممنوع على أيّ شخص مغادرة البلاد". جاء هذا القرار عقب إستشهاد الضابط الإيراني "دادي" في قافلة المجد والشهادة في القنيطرة قبل شهر تقريباً، وحديث الرئيس بشار حافظ الأسد عن المقاومة الشعبية السورية المسلحة، وإحداثه تبدل جذري في قواعد الإشتباك مع العدو، ليأتي السيد حسن نصر الله ليتمم المعادلة ويعلن عن توحيد الجبهات. منذ اللحظات الأولى لإنطلاق معركة "شهداء القنيطرة" كانت أعلام سورية وإيران وحزب الله ترفرف واضحة في ميادين المعارك في رسالة تحد واضح لكل من كان يسترق النظر من جهة، وتعبير عن وحدة القضية والمصير من جهة ثانية، وإشهار عملي لوحدة الجبهات من جهة ثالثة، والإصرار القاطع على تغيير موازين القوى على الأرض.   5- لوحظ إستخدام سيارات الدفع الرباعي ودراجات نارية خاصة بشكل واضح خلال هذه المعركة، ومن مهامها نقل الجنود بشكل سريع من مكان إلى آخر وخصوصاً التلال... ربما كانت تلك بعض من الوسائل التي ستنقل عناصر جبهة المقاومة إلى جبال وتلال الجولان المحتل، تم تجريبها وإختبار جدواها في ظروف المعركة الحقيقية. * ختاماً: طلب كيان العدو رسميا منذ ثلاثة أيام إعادة قوات الفصل الدولية الى الجولان، أي أنه بات متيقناً من سقوط مشروع الجدار الطيب، ولكن ماذا لو رفضت سورية وجبهة المقاومة هذا الأمر، وأعلنت أن قواعد الاشتباك مع العدو الصهيوني تغيرت، ولن تعود إلى سابق عهدها؟. منذ اللحظة، ومع ما تحقق من نتائج وما سيتم تحقيقه قريباً، إسمحوا لي أن بأننا بتنا في مرحلة جديدة كليّاً، وخيارات العدو محدودة جداً فيها، وكذلك القدرة على التنبؤ بشكلها وتفاصيلها، لكني على يقين بأن هناك أمل ونصر أكثر دفئاً وسطوعاً في ثناياها.

المصدر : سمير الفزاع


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة