قولوا ما شئتم في الخيال العربي، أكان يتوكأ على عكاز خشبي ام كان على ظهر ناقة...

فجأة يرتدي ثوب المهرج حين يتعلق الامر بسوريا. بعد الرهان على اميركا، وعلى تركيا، وعلى فرنسا، وعلى اسرائيل، وعلى المال، والانقـلاب، والاغتيال، وحتى على تنظيم الدولة الاسلامية و«جبهة النصرة»، وصولا الى زهران علوش (القاتل الذي تحول الى امير)، ها هي الاستراتيجية القبلية تعثر على الحل الذهبي: عبد الله الثاني وصيا على سورية...

استعادة كاريكاتورية لما جرى في العشرينات من القرن الفائت، فها ان البلاط الاردني يتصدر المشهد، وعلى رماد معاذ الكساسبة الذي لا ندري لماذا قتل بتلك الطريقة الهمجية. اكان ذلك انتقاما لابي مصعب الزرقاوي الذي دلت الاجهزة الاردنية على المكان الذي كان يختبىء فيه، ام كان رداً على تعاون الاردن مع «جبهة النصرة» بدلاً من التنظيم على الجبهة الجنوبية الشديدة الحساسية، وبعدما احتدم الصراع بين ابي بكر البغدادي وابي محمد الجولاني على من يمد يده الى بنيامين نتنياهو...

في البداية، وبعدما تبعثرت المعارضة في سورية، ان لتعدد الجهات الممولة، او لكونها توزعت بين اجهزة الاستخبارات المختلفة، او لغلبة الهاجس الشخصي، والجشع المالي، على الضمير السياسي، ثمة من اقترح تتويج العاهل الهاشمي ملكاً على سورية. الاقتراح الآن... وصياً على سورية. من هو تحت كل تلك الوصايات وصيا على سورية..

فعلاً.. الى اين تذهب بنا صاحبة الجلالة الناقة؟! دور تاريخي، وجغرافي، للملك الذي يعيش داخل القنبلة الفلسطينية. الخيال العربي الذي طالما وضع يده بيد رجب طيب اردوغان، وهو الباب العالي، لاحظ ان الرجل يقود ولا يقاد. كل ما فيه يشي بأنه يخطط لابتلاع الجميع. العاهل الهاشمي مختلف جداً عن السلطان العثماني.

دولة على خط الاحتمالات. منذ ان اعلن الملك عبد الله الاول قيامها في عام 1946 وهي تضطلع بوظائف محددة. قد يتغير المشغّل الاقليمي، بالمعايير المالية المعروفة، ولكن دائما في اطار استراتيجي لا تخرج عنه قيد انملة...

نعلم ان الملك واقعي، ويتلقى النصائح الانكليزية يوما بيوم.قيل له ان سورية محرقة، فكان اللعب تحت الطاولة، وها انهم يغرونه الان بأن السوريين عاجزون كليا عن التوافق حول التسوية. خليفة وامراء ورؤساء عصابات، وقطاع طرق، ودمى موزعة بين الفنادق والخنادق. من يستطيع ان يضع هؤلاء داخل سلة سوى صاحب الجلالة. صاحب الجلالة إن غضب...

لماذا كل ذلك الغضب. الطيار لم يكن في طائرة من الورق. اطلق صواريخه على مواقع «داعش» وحين وقع بين ايدي اولئك الوحوش ردوا على النار بالنار، وان كنا قد تأثرنا، وحتى العظم، لمشهد الشاب وللوعة ابيه الذي لعله سأل: لماذا الجبهة مع اسرائيل مقفلة، والى الابد، والجبهة مع سورية مفتوحة، وعلى الابد؟

الثأر كان ولا يزال قبلياً. كيف ارتضى الاردن ان تلاعب طائراته قوافل البرابرة، قبل ان يحرق معاذ بتلك الطريقة الراعبة، وهو الذي تبدى الآن، كما تبدى سابقا من حادثة ابي مصعب الزرقاوي، انه يعرف اين هي مخابىء قيادات «داعش» ومخازن اسلحتها، وحتى السيارات التي تستخدمها هذه القيادات.

هو اللعب بالدم السوري الذي ينفذه الغرب على الارض (العرب ليسوا سوى ادوات غرائزية). والان يرى الخيال العربي توظيف اللحظة الاردنية في ذلك الطرح الفولكلوري، اي تعيين عبدالله الثاني وصياً على سوريا...

الملك غاضب، ولا يستطيع الا ان يذهب مع العشائر الى ابعد مدى، مع ان ثمة خلايا لـ«داعش»حتى داخل العشائر وبين شيوخ العشائر...

اذا كنتم تذكرون ما قاله مظفر النواب حول خيالنا الذي تأكله الفئران (ولعله خيال الفئران). اصحاب الطرح يرون انه لاجتثاث النظام في سوريا لا بد من عملية برية ضاربة.

هكذا يوضع آلاف الجنود، ومئات الدبابات (والطائرات) تحت الراية الهاشمية التي تتقدم نحو دمشق. لا تحتاج المسألة سوى الى ساعتين او ثلاث من الزمان. زهران علوش ينتظر على ابواب المدينة ليتقدم الصفوف...

يا صاحب الجلالة، كما قال لك الانكليز «سوريا محرقة»، وكانوا قد وعدوك بالعراق وخنثوا، وها هم يعدون للحملة البرية، فيما التأجيج المذهبي، وعبر الشاشات، على اشده. لا ترتكب الغلطة التي ارتكبها اسلافك عقب الحرب العالمية الاولى. تذهب الى سوريا. تضيع هناك، وتضيع المملكة. احذر...

  • فريق ماسة
  • 2015-02-10
  • 12684
  • من الأرشيف

عبد الله الثاني وصيّـاً على سورية!!

قولوا ما شئتم في الخيال العربي، أكان يتوكأ على عكاز خشبي ام كان على ظهر ناقة... فجأة يرتدي ثوب المهرج حين يتعلق الامر بسوريا. بعد الرهان على اميركا، وعلى تركيا، وعلى فرنسا، وعلى اسرائيل، وعلى المال، والانقـلاب، والاغتيال، وحتى على تنظيم الدولة الاسلامية و«جبهة النصرة»، وصولا الى زهران علوش (القاتل الذي تحول الى امير)، ها هي الاستراتيجية القبلية تعثر على الحل الذهبي: عبد الله الثاني وصيا على سورية... استعادة كاريكاتورية لما جرى في العشرينات من القرن الفائت، فها ان البلاط الاردني يتصدر المشهد، وعلى رماد معاذ الكساسبة الذي لا ندري لماذا قتل بتلك الطريقة الهمجية. اكان ذلك انتقاما لابي مصعب الزرقاوي الذي دلت الاجهزة الاردنية على المكان الذي كان يختبىء فيه، ام كان رداً على تعاون الاردن مع «جبهة النصرة» بدلاً من التنظيم على الجبهة الجنوبية الشديدة الحساسية، وبعدما احتدم الصراع بين ابي بكر البغدادي وابي محمد الجولاني على من يمد يده الى بنيامين نتنياهو... في البداية، وبعدما تبعثرت المعارضة في سورية، ان لتعدد الجهات الممولة، او لكونها توزعت بين اجهزة الاستخبارات المختلفة، او لغلبة الهاجس الشخصي، والجشع المالي، على الضمير السياسي، ثمة من اقترح تتويج العاهل الهاشمي ملكاً على سورية. الاقتراح الآن... وصياً على سورية. من هو تحت كل تلك الوصايات وصيا على سورية.. فعلاً.. الى اين تذهب بنا صاحبة الجلالة الناقة؟! دور تاريخي، وجغرافي، للملك الذي يعيش داخل القنبلة الفلسطينية. الخيال العربي الذي طالما وضع يده بيد رجب طيب اردوغان، وهو الباب العالي، لاحظ ان الرجل يقود ولا يقاد. كل ما فيه يشي بأنه يخطط لابتلاع الجميع. العاهل الهاشمي مختلف جداً عن السلطان العثماني. دولة على خط الاحتمالات. منذ ان اعلن الملك عبد الله الاول قيامها في عام 1946 وهي تضطلع بوظائف محددة. قد يتغير المشغّل الاقليمي، بالمعايير المالية المعروفة، ولكن دائما في اطار استراتيجي لا تخرج عنه قيد انملة... نعلم ان الملك واقعي، ويتلقى النصائح الانكليزية يوما بيوم.قيل له ان سورية محرقة، فكان اللعب تحت الطاولة، وها انهم يغرونه الان بأن السوريين عاجزون كليا عن التوافق حول التسوية. خليفة وامراء ورؤساء عصابات، وقطاع طرق، ودمى موزعة بين الفنادق والخنادق. من يستطيع ان يضع هؤلاء داخل سلة سوى صاحب الجلالة. صاحب الجلالة إن غضب... لماذا كل ذلك الغضب. الطيار لم يكن في طائرة من الورق. اطلق صواريخه على مواقع «داعش» وحين وقع بين ايدي اولئك الوحوش ردوا على النار بالنار، وان كنا قد تأثرنا، وحتى العظم، لمشهد الشاب وللوعة ابيه الذي لعله سأل: لماذا الجبهة مع اسرائيل مقفلة، والى الابد، والجبهة مع سورية مفتوحة، وعلى الابد؟ الثأر كان ولا يزال قبلياً. كيف ارتضى الاردن ان تلاعب طائراته قوافل البرابرة، قبل ان يحرق معاذ بتلك الطريقة الراعبة، وهو الذي تبدى الآن، كما تبدى سابقا من حادثة ابي مصعب الزرقاوي، انه يعرف اين هي مخابىء قيادات «داعش» ومخازن اسلحتها، وحتى السيارات التي تستخدمها هذه القيادات. هو اللعب بالدم السوري الذي ينفذه الغرب على الارض (العرب ليسوا سوى ادوات غرائزية). والان يرى الخيال العربي توظيف اللحظة الاردنية في ذلك الطرح الفولكلوري، اي تعيين عبدالله الثاني وصياً على سوريا... الملك غاضب، ولا يستطيع الا ان يذهب مع العشائر الى ابعد مدى، مع ان ثمة خلايا لـ«داعش»حتى داخل العشائر وبين شيوخ العشائر... اذا كنتم تذكرون ما قاله مظفر النواب حول خيالنا الذي تأكله الفئران (ولعله خيال الفئران). اصحاب الطرح يرون انه لاجتثاث النظام في سوريا لا بد من عملية برية ضاربة. هكذا يوضع آلاف الجنود، ومئات الدبابات (والطائرات) تحت الراية الهاشمية التي تتقدم نحو دمشق. لا تحتاج المسألة سوى الى ساعتين او ثلاث من الزمان. زهران علوش ينتظر على ابواب المدينة ليتقدم الصفوف... يا صاحب الجلالة، كما قال لك الانكليز «سوريا محرقة»، وكانوا قد وعدوك بالعراق وخنثوا، وها هم يعدون للحملة البرية، فيما التأجيج المذهبي، وعبر الشاشات، على اشده. لا ترتكب الغلطة التي ارتكبها اسلافك عقب الحرب العالمية الاولى. تذهب الى سوريا. تضيع هناك، وتضيع المملكة. احذر...

المصدر : الماسة السورية / نبيه برجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة