تعد الكاتبة الجزائرية آسيا جبار التي توفيت الجمعة في أحد مستشفيات باريس من كبرى المناصرات لقضايا المرأة فلقبت بـ»الكاتبة المقاومة».

وجبار التي ناضلت من اجل استقلال الجزائر، كانت من بين الشخصيات الأدبية المرموقة التي تكتب باللغة الفرنسية في منطقة المغرب العربي.

ولدت آسيا جبار في 30 حزيران/يونيو 1936 في مدينة شرشال الساحلية (100 كلم غرب الجزائر) من أب معلم مدرسة تقول عنه انه كان «منفتحا» ساعدها على اكمال دراستها منذ المدرسة القرآنية إلى الجامعة في العاصمة الجزائرية قبل ان تنتقل إلى فرنسا لتكمل دراستها.

وخلال أكثر من ستين سنة من الابداع الأدبي كتبت آسيا جبار أكثر من عشرين رواية ومسرحية وديوان شعر ترجمت إلى عشرين لغة كما لها مساهمات في السينما اخراجا وتأليفا.

وقد رشحت للفوز بجائزة نوبل للأداب من دون ان تفوز بها إلا انها حازت جائزة المانيا للسلام في سنة 2000.

وقد انتخبت في العام 2005 أول شخصية عربية في الأكاديمية الفرنسية التي تضم نخبة الكتاب باللغة الفرنسية.

وكانت آسيا جبار واسمها الأصلي فاطمة الزهراء املحاين تقيم بين باريس التي تعلمت فيها الكتابة وناضلت منها من اجل استقلال الجزائر، وبين الولايات المتحدة الأمريكية حيث علمت الأدب الفرنسي في جامعة نيويورك.

ونشرت فاطمة الزهراء أول رواية لها بعنوان «العطش» تحت اسمها المستعار آسيا جبار قبل ان تبلغ العشرين من العمر وهي طالبة في المدرسة العليا للاساتذة بفرنسا وكانت تلك سابقة ايضا.

وتروي «العطش» قصة نادية المولودة من زواج مختلط بين أم فرنسية شقراء وأب جزائري بملامح عربية. ظلت تبحث عن «توازنها» وعن السعادة ليس مع زوجها ولكن مع زوج صديقتها.

ومنذ هذه الرواية، اظهرت جبار ميولها لتوظيف أكبر قدر من الشخصيات النسائية لتكون المرأة دوما البطلة ولتقف هي دوما في صف النساء المتحديات للتقاليد كما في رواياتها الثانية «المتلهفون»، حتى وصفها النقاد بـ «الاديبة المقاومة».

ظروف استعمار الجزائر ومنع تدريس اللغة العربية جعلت آسيا جبار تكتب باللغة الفرنسية التي اتقنتها منذ صباها، لكن شعرها الاسود وملامحها المغاربية جعلاها تتذكر دوما اصولها وثقافتها.

وبرز ذلك في روايتها «أطفال العالم الجديد» (1962) وقصة كفاح الشعب الجزائري من رجال ونساء من اجل الاستقلال.. لكن عناوين فصول الرواية الخمسة كلها اسماء نساء.

وبعد الاستقلال في 1962، عادت آسيا جبار إلى الجزائر لتعمل استاذة للتاريخ في جامعة الجزائر تاركة الكتابة حتى سنة 1980 عندما قررت الهجرة مرة ثانية نحو فرنسا. وهناك اصدرت اشهر اعمالها بدءا بالمجموعة القصصية «نسوة الجزائر في بيوتهن» (1980) ثم روايات «الحب..الفانتازيا» (1985) و»الظل السلطان»(1987) التي تدعو من خلالها إلى الديمقراطية وحوار الثقافات وتدافع عن حقوق المرأة.

جبار المتحدرة من قرية جزائرية والكاتبة باللغة الفرنسية ظلت بعيدة عن القارئ العربي بما ان كتبها المترجمة إلى عشرين لغة لم يتم ترجمتها إلى اللغة العربية، بحسب الناقد الادبي الجزائري عبد الكريم اوزغلة.

لكن الاديبة الجزائرية ظلت مرتبطة بأرضها وبآلام شعبها خصوصا بعد اندلاع اعمال العنف الاسلامي واستهداف المثقفين، فنشرت روايتها «بياض الجزائر» في 1996 تكريما لاصدقائها الذين اغتيلوا ومنهم الصحافي طاهر جعوط والمسرحيان عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي.

آسيا جبار سينمائية أيضا اخرجت فيلما طويلا للتلفزيون الجزائري العام 1977 بعنوان «نوبة نساء جبل شنوة» وهي منطقة قريبة من مسقط رأسها شرشال، نال جائزة النقد الدولية في مهرجان البندقية السينمائي، ثم فيلم بعنوان «الزردة او أغاني النسيان» (1982).

في 1999 انتخبت الأديبة في الاكاديمية الملكية للغة والآداب الفرنسية في بلجيكا. وبعد ست سنوات أصبحت أول شخصية من المغرب العربي تخلد في الاكاديمية الفرنسية.

وفي حفل اعتلاء مقعدها مع «الخالدين» تحدثت آسيا جبار عن «الجرح العميق» الذي تركه الاستعمار الفرنسي في بلدها الاصلي لكنها عبرت ايضا عن ارتباطها بلغة موليير.

وفي روايتها الأخيرة «لا مكان في بيت أبي» الصادرة في 2007، عادت آسيا جبار إلى سيرتها الذاتية، وذكرياتها المرتبطة بذاكرة شعبها باسلوب ممتع.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-02-07
  • 8960
  • من الأرشيف

رحيل الأديبة الجزائرية آسيا جبار كاتبة «المقاومة» و»محامية النساء»

تعد الكاتبة الجزائرية آسيا جبار التي توفيت الجمعة في أحد مستشفيات باريس من كبرى المناصرات لقضايا المرأة فلقبت بـ»الكاتبة المقاومة». وجبار التي ناضلت من اجل استقلال الجزائر، كانت من بين الشخصيات الأدبية المرموقة التي تكتب باللغة الفرنسية في منطقة المغرب العربي. ولدت آسيا جبار في 30 حزيران/يونيو 1936 في مدينة شرشال الساحلية (100 كلم غرب الجزائر) من أب معلم مدرسة تقول عنه انه كان «منفتحا» ساعدها على اكمال دراستها منذ المدرسة القرآنية إلى الجامعة في العاصمة الجزائرية قبل ان تنتقل إلى فرنسا لتكمل دراستها. وخلال أكثر من ستين سنة من الابداع الأدبي كتبت آسيا جبار أكثر من عشرين رواية ومسرحية وديوان شعر ترجمت إلى عشرين لغة كما لها مساهمات في السينما اخراجا وتأليفا. وقد رشحت للفوز بجائزة نوبل للأداب من دون ان تفوز بها إلا انها حازت جائزة المانيا للسلام في سنة 2000. وقد انتخبت في العام 2005 أول شخصية عربية في الأكاديمية الفرنسية التي تضم نخبة الكتاب باللغة الفرنسية. وكانت آسيا جبار واسمها الأصلي فاطمة الزهراء املحاين تقيم بين باريس التي تعلمت فيها الكتابة وناضلت منها من اجل استقلال الجزائر، وبين الولايات المتحدة الأمريكية حيث علمت الأدب الفرنسي في جامعة نيويورك. ونشرت فاطمة الزهراء أول رواية لها بعنوان «العطش» تحت اسمها المستعار آسيا جبار قبل ان تبلغ العشرين من العمر وهي طالبة في المدرسة العليا للاساتذة بفرنسا وكانت تلك سابقة ايضا. وتروي «العطش» قصة نادية المولودة من زواج مختلط بين أم فرنسية شقراء وأب جزائري بملامح عربية. ظلت تبحث عن «توازنها» وعن السعادة ليس مع زوجها ولكن مع زوج صديقتها. ومنذ هذه الرواية، اظهرت جبار ميولها لتوظيف أكبر قدر من الشخصيات النسائية لتكون المرأة دوما البطلة ولتقف هي دوما في صف النساء المتحديات للتقاليد كما في رواياتها الثانية «المتلهفون»، حتى وصفها النقاد بـ «الاديبة المقاومة». ظروف استعمار الجزائر ومنع تدريس اللغة العربية جعلت آسيا جبار تكتب باللغة الفرنسية التي اتقنتها منذ صباها، لكن شعرها الاسود وملامحها المغاربية جعلاها تتذكر دوما اصولها وثقافتها. وبرز ذلك في روايتها «أطفال العالم الجديد» (1962) وقصة كفاح الشعب الجزائري من رجال ونساء من اجل الاستقلال.. لكن عناوين فصول الرواية الخمسة كلها اسماء نساء. وبعد الاستقلال في 1962، عادت آسيا جبار إلى الجزائر لتعمل استاذة للتاريخ في جامعة الجزائر تاركة الكتابة حتى سنة 1980 عندما قررت الهجرة مرة ثانية نحو فرنسا. وهناك اصدرت اشهر اعمالها بدءا بالمجموعة القصصية «نسوة الجزائر في بيوتهن» (1980) ثم روايات «الحب..الفانتازيا» (1985) و»الظل السلطان»(1987) التي تدعو من خلالها إلى الديمقراطية وحوار الثقافات وتدافع عن حقوق المرأة. جبار المتحدرة من قرية جزائرية والكاتبة باللغة الفرنسية ظلت بعيدة عن القارئ العربي بما ان كتبها المترجمة إلى عشرين لغة لم يتم ترجمتها إلى اللغة العربية، بحسب الناقد الادبي الجزائري عبد الكريم اوزغلة. لكن الاديبة الجزائرية ظلت مرتبطة بأرضها وبآلام شعبها خصوصا بعد اندلاع اعمال العنف الاسلامي واستهداف المثقفين، فنشرت روايتها «بياض الجزائر» في 1996 تكريما لاصدقائها الذين اغتيلوا ومنهم الصحافي طاهر جعوط والمسرحيان عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي. آسيا جبار سينمائية أيضا اخرجت فيلما طويلا للتلفزيون الجزائري العام 1977 بعنوان «نوبة نساء جبل شنوة» وهي منطقة قريبة من مسقط رأسها شرشال، نال جائزة النقد الدولية في مهرجان البندقية السينمائي، ثم فيلم بعنوان «الزردة او أغاني النسيان» (1982). في 1999 انتخبت الأديبة في الاكاديمية الملكية للغة والآداب الفرنسية في بلجيكا. وبعد ست سنوات أصبحت أول شخصية من المغرب العربي تخلد في الاكاديمية الفرنسية. وفي حفل اعتلاء مقعدها مع «الخالدين» تحدثت آسيا جبار عن «الجرح العميق» الذي تركه الاستعمار الفرنسي في بلدها الاصلي لكنها عبرت ايضا عن ارتباطها بلغة موليير. وفي روايتها الأخيرة «لا مكان في بيت أبي» الصادرة في 2007، عادت آسيا جبار إلى سيرتها الذاتية، وذكرياتها المرتبطة بذاكرة شعبها باسلوب ممتع.  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة