دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
اربعون وعشرون ساعة مرّت على حادثة تفجير حافلة الزوّار اللبنانيين في العاصمة السورية دمشق، ساعات لم تكشف السلطات الرسمية حقيقة ما جرى ظهر ذلك اليوم مع حملة “عُشّاق الحسين” الدينية التي كان المشاركون فيها يتحضّرون لزيارة مقام السيدة زينب في الغوطة الغربية بعد ان إنتهوا توّاً من زيارة مقام السيدة رقية في حي العمارة بدمشق.
“الحدث نيوز”، وطوال الساعات التي مرّت، حاولت إستقاء المعلومات الحقيقية عن الحادثة من مصادرها. منذ ليل أمس الاحد، إتضحت صورة لدينا حول ما جرى مبنية على وقائع وعلى مصادر أمنية وأخرى ميدانية حلّلت مسرح الأحداث ووصلت إلى خلاصة ما حصل.. بإختصار، عملية “إنتحارية إنغماسية” هي تلك التي جرت، وهو أمر لم تكشفه السلطات السورية حفاظاً على الزوار ومنعاً لاثارة الخوف في نفوسهم.
بالعودة إلى مجرى الأحداث الذي سبق العملية، فإن موكب حملة “عُشّاق الأمام الحسين” كان مؤلفاً من 3 حافلات وصلت صباحاً إلى العاصمة دمشق عبر منطقة المصنع الحدودية. كما جرت العادة عند كل يوم أحد. توجّه الزوّار إلى مقام السيدة رقية في حي العمارة في دمشق وأدوا الشعائر المخصصة وأقاموا صلاة الضهر ومن ثم خرجوا ونيتهم التوجّه إلى مقام السيدة زينب في الغوطة الغربية للعاصمة لاستكمال الشعائر والعودة إلى بيروت.
كانت الحافلات عند قيام الزوار بشعائرهم متوقفة في كاراج منطقة البرامكة في دمشق. رُصدت المركبات هناك، وهذا ما يدل ان الجريمة نفذت عن سابق إصرار وتصميم من “جبهة النصرة” التي وعلى ما يبدو رصدت على فترات حركة الزوار اللبنانيين. الحركة الثابتة والدائمة هذه في كافة الرحلات، اي التوجّه أولاً لمقام السيدة رقية يتبعها زيارة مقام السيدة زينب يتخللها عدة توقفات وإستراحة للاليات في كاراج البرامكة، باتت روتيناً عادياً تحولت إلى ثغرة كانت الباب أمام سهولة رصد الحركة وتنفيذ العملية التي لم تحتاج إلى تخطيطٍ كبير كون الثغرات موجودة، فتحولت الباصات إلى هدفٍ متنقل يسهل الإنقضاض عليه.
أما عن سياق الهجوم، فعلمت “الحدث نيوز” من مصادر أمنية سورية، وأخرى ميدانية مطلعة، ان الهجوم، نفذ عبر إنتحاري إنغماسي من جبهة النصرة يدعى أبو العز الأنصاري، سعودي الجنسية، نعته حسابات غير رسمية تابعة لـ “النصرة”. وعن كيفية تنفيذه، فتقول المصادر، انه إنطلق من منطقة “أبو جرش” في القابون ونزل عبر حي “العدوي” إلى قرب تمثال “صلاح الدين” وقام بالاختلاط مع الزوار الذين كانوا يأخذون إستراحة وبادر لتفجير نفسه بعد ان صعد معهم إلى داخل الحافلة. وفي هذه إختلاف حول كيفية تنفيذ العملية، فقد صرّحت مصادر ميدانية أخرى لـ “الحدث نيوز”، ان الإنتحاري وعند صعود الزوار إلى الباص، بادر إلى القفز إلى داخله عبر الباب الامامي بشكلٍ مفاجيء ومن ثم بادر لتفجير نفسه داخله، وهي رواية مضافة للرواية الاولى، لكن الروايتان تكشفان ان إنتحارياً نفذ الاعتداء.
وتشير معلومات المصادر الأمنية التي حصلت عليها “الحدث نيوز”، ان الإنتحاري كان مزنراً بحزامٍ ناسف ويحمل حقيبة مفخخة، كانت خططته تفجير نفسه يلي ذلك إنفجار تلقائي للحقيبة بين يديه لحصد مزيدٍ من الاصابات، لكن ما حصل أن الإنتحاري شدّ صاعق الحزام الناسف لينفجر، لكن عطلاً ما حصل في الحقيبة حال دون إنفجارها، وحال دون مجزرة كانت يمكن ان تحصل ولاحقاً، قامت وحدات الهندسة في الجيش بتفكيكها.
وعن فرضية العبوة الناسفة او اللاصقة، فقد دحض المصدر الرواية، مشيراً ان العبوة اللاصقة التي قيل انها إستخدمت في العملية، تعتبر عبوة ذات عصفٍ مباشر، اي أنها تتسبّب بالضرر في القطر المزروعة فيه، ويتجه عصفها إلى الاعلى في حال كانت مثبتة إلى الاسفل، وينتج عنها دمارٌ في الجزء المزروعة فيه ولا تتسبّب بأضرارٍ في المحيط ابداً، وهذا النوع من العبوات مخصص لعمليات الاغتيال، ويمكن لاي آلية مستهدفة ان يلاحظ المرء ان حجم الضرر فيها يكون محصوراً في الجزء المستهدف، وتكون الالية بحال جيدة في الاجزاء البعيدة عن مكان التفجير، وعليه، يبني المصدر ان فرضية العبوة اللاصقة غير صحيحة نظراً إلى حجم الاصابات والدمار الناتج.
كما دحض في السياق مبدأ العبوة الناسفة المزروعة في حقيبة أحد الزوار دون ان يدري، مشيراً إلى ان هذه يمكن في حال إنفجارها ان تتسبّب بضرر أكبر من الذي حصل، مؤكداً ان حجم التفجير بلغ 5 كلغ، وهو زنة الحزام الناسف الذي كان بحوزة الانتحاري. أما عن تفكيك الجيش لعبوة كانت مزروعة في مكانٍ قريب من مكان حصول الاعتداء، فكشف ان هذه العبوة هي تلك التي اشرنا إليها أعلاه في الحقيبة التي كانت بحوزة الإنتحاري.
إذاً، فإن هجوماً إنتحارياً كان الذي تعرضت له الحملة في دمشق، وعليه، يمكن في السياق تحليل ان جبهة النصرة ومن معها، سعت وتسعى في الفترة الماضية والقادمة لرصد حركة الزوار من بيئة حزب الله ومحاولة إستهدافهم بعد العجر في إستهداف الداخل اللبناني، وإنتقاماً من الحزب، وايضاً من خلفيات تكفيرية.
المصدر :
الحدث نيوز
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة