تبنى حزب الله عملية الرّد على العدوان الإسرائيلي في مزارع شبعا عبر البيان رقم واحد، متوالية البيانات هذه أفضت إلى أن الحزب لم يكتف بهذه العملية كرد على استهداف كوادره في الاعتداء الإسرائيلي في القنيطرة السورية.

 

لكن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ضمن كلمته في حفل التبريك الذي أقامه الحزب تكريماً لشهداء القنيطرة البيان رقم /2/ حينما أعلن تخلي محور المقاومة عن الالتزام بقواعد الاشتباك، فهي من وجهة نظر محور المقاومة لم تعد ملزمة بكون إسرائيل هي من تخلت عنها أولاً، وضمن هذا التوجه كشف عن وجود العميد قاسم سليماني في دمشق، وهذا ما يمكن وصفه بالخطوة الذكية لجهة إرباك إسرائيل من الناحية الإستراتيجية و الخطط العسكرية يقولون أن سليماني شارك بالتخطيط للعملية و على الأغلب هو من قاد المجموعة المنفذة لعملية "الثأر" لشهداء القنيطرة، وهذا ما زاد من فاعلية العملية من الناحية الدعائية، فالرجل – سليماني-  معروف بشكل جيد من قبل الإدارة الأمريكية و الإسرائيلية، تبعاً لجملة من المعطيات القوية منذ تسلمه قيادة فيلق القدس الإيراني الذي تتركز مهمته على دعم حركات المقاومة وخاصة حزب الله في لبنان و المقاومة الفلسطينية، كما إن قاسم سليماني بحسب ما كشف الأمين العام لحزب الله هو من دعا لتشكيل قوات الحشد الشعبي في العراق مدعوماً بفتوى من المرجعية الدينية في بغداد و ذلك بعد أن أصبح تنظيم داعش على تخوم العاصمة العراقية و قاد سليماني عمليات هذه القوات بشكل شخصي، مما أدى إلى تراجع التنظيم وتحرير مناطق كثيرة من سطوة داعش، وهذا ما أربك مخططات أمريكا في العراق و التي أعطى نائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بأن التقسيم إلى دويلات طائفية هو الحل الوحيد للعراق كي ينهي الأزمة الأمنية التي يعيشها، كل هذه المعطيات حول الرجل جعلت من الصور التي كشف عنها حزب الله – بطريقة أو بأخرى- عملية أخرى زلزلت الكيان الإسرائيلي من الداخل، وفتحت التساؤلات حول ما إذا كان العميد سليماني هو من قاد عملية مزارع شبعا أو إن كان قد شارك فيها.

 

كيف نفذت العملية ميدانياً و سياسياً..؟

 

البحث في الطريقة التي نفذ فيها حزب الله عمليته داخل مزرعة "بسطرة" وهي واحدة من مزارع منطقة شبعا اللبنانية ومن قراءة طبيعة الهدف، وما تلاه من خطاب نصر الله و ما كشف عنه من صور للعميد قاسم سليماني يقرأ التالي:

 

بعد العملية بـ 24 ساعة بدأ حزب الله بالبحث عن الهدف الاكثر مناسبة للرد، و دراسة المنطقة التي يجب أن يكون الرد فيها، و لم يكن في حسابات المقاومة أن تكون عملية الرد خارج الأراضي اللبنانية، وهذا تبعاً لقواعد الاشتباك التي لم يكن الحزب قد اعلن تخليه عنها بعد.. و وفق وجهة النظر هذه بدأت عمليات الرصد التي استخدم فيها حزب الله جهازه الاستخباري بشكل كثيف، ومن المنطقي جداً الحديث عن استخدام طائرات بدون طيار، خاصة و إن التجربة اثبتت وصول هذه الطائرة في مراحل سابقة إلى مناطق متقدمة من الأراضي الفلسطينية، ولم يكن استنفار الجهاز الإستخباري للمقاومة للبحث عن الهدف بل لتعزيز المعلومات التي يمتلكها الحزب حول تحركات الجيش الإسرائيلي في المنقطة، فالمقاومة اللبنانية لم تهمل جبهة الجنوب يوماً على الرغم من مشاركة كوادرها في العمليات الميدانية في الداخل السوري، و بحثها عن تفعيل خلايا المقاومة في الجولان السوري المحتل، و أشارت المعلومات التي حصل عليها الحزب إلى أن جيش الكيان الإسرائيلي ينفذ عمليات حفر في المنطقة بحثاً عن الأنفاق التي تربط بين أراضي الجنوب اللبناني و الأراضي المحتلة، ويبدو جلياً إن رتل الدورية التي تم استهدافها كان قد رصد خلال الأيام التي سبقت العملية، حاله كحال أكثر من دورية في المنطقة، لكن في اختيار الرتل في مزرعة بسطرة له أبعاد ثلاثة غير عملية الرد.. وهي:

 

أولاً: إرسال رد قوي إلى الكيان الإسرائيلي على عدوان القنيطرة.

 

ثانياً: إن عملية البحث عن الأنفاق غير مجدية و المقاومة في جنوب لبنان ليس بحاجة لمثل هذه الأنفاق لتنفيذ عملياتها.

 

ثالثاً: إن محور المقاومة جاهز بكل أركانه للرد على الكيان الإسرائيلي بحزم شديد.

 

، و بعد تمركز القوى المناط بها عملية مزارع شبعا في قواعدها مستخدمة صواريخ مضادة للدروع من طراز كورنيت (وهي صواريخ مضادة للدروع الدبابات و الدشم، ويعد الكورنيت من أكثر أنواع منظومة صواريخ الـ م/د تطوراً، بكونه صاروخ موجه ويمكن التحكم به أثناء التحليق من منصة الإطلاق، ويتم توجيه الصاروخ إلى الهدف عبر أشعة الليزر و زمن الوصول من قاعدة الإطلاق إلى المدى الأقصى الذي يعرف بـ 4 كم هو 12 ثانية، وتتألف مجموعة المنصة الواحدة من ست أفراد – رامي و خمسة سدنة-، و يعتبر الصاروخ كورنيت من أكثر صواريخ الـ م/د فاعلية إذا يخرق عبر حشوته الأولية سماكة 120 سم من الفولاذ الصلب، في حين تتكفل الحشوة الثانية بتفجير الهدف عبر توليد سيالة نارية تزيد درجة حرارتها عن 6000 درجة مئوية تتشكل خلال زمن لا يتجاوز نصف ثانية).

 

وهذه المعلومات هي المعروفة بشكل عام عن الكورنيت قبل أن يصل إلى حزب الله، وبما إن الكيان قال بأن الصواريخ التي استخدمت في العملية هي من طراز كورنيت من الجيل الرابع دون كشف تفاصيل، فهذا يعني قطعاً إن إسرائيل لا تمتلك معلومات دقيقة عن التعديلات التي أدخلها محور المقاومة على الصاروخ الروسي الصنع.

 

حال رصد الهدف في التوقيت المعروف عنه أعطي الأمر من غرفة عمليات المقاومة بالاشتباك، نفذت العملية في غضون دقائق، و بحسب إعلام الكيان الإسرائيلي فإن إحدى آليات "الرتل" تعرضت لإطلاق نار من مسافة قريبة، مما يعني إن قوة خاصة من حزب الله دخلت إلى مكان العملية بعد إطلاق الصواريخ و أتمت المهمة في داخل الأراضي المحتلة من مزارع شبعا، وهذا ما منح العملية صخب أكبر لدى أوساط الكيان العسكرية و الإعلامية و على هذا كان الرد الإسرائيلي فقط من باب تحميل المسؤولية لكل من لبنان و سوريا و إيران بكونهم داعمين لحزب الله، في حين اكتفت الإدارة الأمريكية بالطلب من الطرفين "ضبط النفس".

 

سياسياً العملية حملت البعد القانوني و الشرعي لجهة القوانين الدولية التي ضمنتها اتفاقية لاهي و ميثاق الأمم المتحدة باعتبار أن حزب الله نفذ العملية على أرض لبنانية محتلة، وهذا يعطي الحزب مشروعية الرّد على عدوان الكيان في القنيطرة، و هذا ما أكده مباشرة تصريح رئيس مجلس النواب اللبناني «نبيه برّي» في تصريح تلا إعلان حزب الله للعملية، لكن العملية لم تنتهي باستهداف الرتل العسكري الإسرائيلي، حيث يمكن قراءة الإعلان الرسمي من «نصر الله»  عن التخلي عن قواعد الاشتباك عملية رديفة لما حصل في جنوب لبنان، كما إن الكشف عن صور العميد سليماني خلال زيارته لـ لبنان معزياً بشهداء القنيطرة هي العملية الأكبر على المستوى الإعلامي، وهذا لا يقلل من شأن المقاومة الإسلامية في لبنان، بل يصفع إسرائيل بمدى سرعة و جدية التفاعل من قبل محور المقاومة مع الاعتداء على القنيطرة من قبل المروحيات الإسرائيلية، و الثأر لشهداء هذا العدوان يتطلب التنسيق العالي، فأجهزة الدفاع الجوي و أسلحة الصواريخ في الجيش العربي السوري و الحرس الثوري الإيراني قطعاً كانت مستعدة قبل العملية تحسباً لحماقة إسرائيلية، و هذا يعني إن على إسرائيل أن تخشى من وجود هذا التنسيق، و يمكن الجزم إن المقاومون أجادوا استخدام كل الأوراق في الرّد على إسرائيل على مستويات الميدان و الإعلام و السياسة، مما أربك الكيان الإسرائيلي و حلفيته الإستراتيجية وراعية وجوده .. أمريكا.. الأمر الذي أدخل واشنطن في محظور العمل المخابراتي لتورط نفسها بالرد على حرب المقاومة الإعلامية، فعمدت إلى الكشف عبر وسائل الإعلام بأنها اشتركت باغتيال الشهيد "عماد مغنية" خلال عملية مخابراتية فجرّت من خلالها سيارة الشهيد مغنية خلال العام 2008 في العاصمة السورية دمشق، و هذا التورط الأمريكي يأتي رداً على الكشف عن وجود العميد قاسم سليماني في لبنان، الأمر الذي يوحي بتدخله في قيادة عملية شبعا أو التخطيط لها في أقل الأحوال، فحاولت أمريكا أن تقول ما معناه «إن نسق حزب الله مع إيران فإننا ننسق مع الكيان لاستهداف كوادر القيادة في محور المقاومة»، وهذا ما يمكن اعتباره فضيحة أخلاقية أولاً من باب «الاعتراف بالقتل العمد»، و لجهة إصرارها على حماية الكيان برغم كل جرائمه بحق المدنيين في لبنان و فلسطين، إضافة إلى الاعتراف الضمني من قبل أمريكا و إسرائيل بالتخوف من وجود قاسم سليماني في لبنان، و مدى احترافية العملية التي نفذت من ناحية الدقة في اختيار الهدف و سرعة التنفيذ، و إدراك ما وراء الحدث قبل وقوعه، مما وضع أمريكا و إسرائيل أمام هذه المطبات الكبرى سياسياً و استخبارياً و قانونياً.

  • فريق ماسة
  • 2015-02-01
  • 8923
  • من الأرشيف

هل قاد قاسم سليماني عملية مزارع شبعا

تبنى حزب الله عملية الرّد على العدوان الإسرائيلي في مزارع شبعا عبر البيان رقم واحد، متوالية البيانات هذه أفضت إلى أن الحزب لم يكتف بهذه العملية كرد على استهداف كوادره في الاعتداء الإسرائيلي في القنيطرة السورية.   لكن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ضمن كلمته في حفل التبريك الذي أقامه الحزب تكريماً لشهداء القنيطرة البيان رقم /2/ حينما أعلن تخلي محور المقاومة عن الالتزام بقواعد الاشتباك، فهي من وجهة نظر محور المقاومة لم تعد ملزمة بكون إسرائيل هي من تخلت عنها أولاً، وضمن هذا التوجه كشف عن وجود العميد قاسم سليماني في دمشق، وهذا ما يمكن وصفه بالخطوة الذكية لجهة إرباك إسرائيل من الناحية الإستراتيجية و الخطط العسكرية يقولون أن سليماني شارك بالتخطيط للعملية و على الأغلب هو من قاد المجموعة المنفذة لعملية "الثأر" لشهداء القنيطرة، وهذا ما زاد من فاعلية العملية من الناحية الدعائية، فالرجل – سليماني-  معروف بشكل جيد من قبل الإدارة الأمريكية و الإسرائيلية، تبعاً لجملة من المعطيات القوية منذ تسلمه قيادة فيلق القدس الإيراني الذي تتركز مهمته على دعم حركات المقاومة وخاصة حزب الله في لبنان و المقاومة الفلسطينية، كما إن قاسم سليماني بحسب ما كشف الأمين العام لحزب الله هو من دعا لتشكيل قوات الحشد الشعبي في العراق مدعوماً بفتوى من المرجعية الدينية في بغداد و ذلك بعد أن أصبح تنظيم داعش على تخوم العاصمة العراقية و قاد سليماني عمليات هذه القوات بشكل شخصي، مما أدى إلى تراجع التنظيم وتحرير مناطق كثيرة من سطوة داعش، وهذا ما أربك مخططات أمريكا في العراق و التي أعطى نائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بأن التقسيم إلى دويلات طائفية هو الحل الوحيد للعراق كي ينهي الأزمة الأمنية التي يعيشها، كل هذه المعطيات حول الرجل جعلت من الصور التي كشف عنها حزب الله – بطريقة أو بأخرى- عملية أخرى زلزلت الكيان الإسرائيلي من الداخل، وفتحت التساؤلات حول ما إذا كان العميد سليماني هو من قاد عملية مزارع شبعا أو إن كان قد شارك فيها.   كيف نفذت العملية ميدانياً و سياسياً..؟   البحث في الطريقة التي نفذ فيها حزب الله عمليته داخل مزرعة "بسطرة" وهي واحدة من مزارع منطقة شبعا اللبنانية ومن قراءة طبيعة الهدف، وما تلاه من خطاب نصر الله و ما كشف عنه من صور للعميد قاسم سليماني يقرأ التالي:   بعد العملية بـ 24 ساعة بدأ حزب الله بالبحث عن الهدف الاكثر مناسبة للرد، و دراسة المنطقة التي يجب أن يكون الرد فيها، و لم يكن في حسابات المقاومة أن تكون عملية الرد خارج الأراضي اللبنانية، وهذا تبعاً لقواعد الاشتباك التي لم يكن الحزب قد اعلن تخليه عنها بعد.. و وفق وجهة النظر هذه بدأت عمليات الرصد التي استخدم فيها حزب الله جهازه الاستخباري بشكل كثيف، ومن المنطقي جداً الحديث عن استخدام طائرات بدون طيار، خاصة و إن التجربة اثبتت وصول هذه الطائرة في مراحل سابقة إلى مناطق متقدمة من الأراضي الفلسطينية، ولم يكن استنفار الجهاز الإستخباري للمقاومة للبحث عن الهدف بل لتعزيز المعلومات التي يمتلكها الحزب حول تحركات الجيش الإسرائيلي في المنقطة، فالمقاومة اللبنانية لم تهمل جبهة الجنوب يوماً على الرغم من مشاركة كوادرها في العمليات الميدانية في الداخل السوري، و بحثها عن تفعيل خلايا المقاومة في الجولان السوري المحتل، و أشارت المعلومات التي حصل عليها الحزب إلى أن جيش الكيان الإسرائيلي ينفذ عمليات حفر في المنطقة بحثاً عن الأنفاق التي تربط بين أراضي الجنوب اللبناني و الأراضي المحتلة، ويبدو جلياً إن رتل الدورية التي تم استهدافها كان قد رصد خلال الأيام التي سبقت العملية، حاله كحال أكثر من دورية في المنطقة، لكن في اختيار الرتل في مزرعة بسطرة له أبعاد ثلاثة غير عملية الرد.. وهي:   أولاً: إرسال رد قوي إلى الكيان الإسرائيلي على عدوان القنيطرة.   ثانياً: إن عملية البحث عن الأنفاق غير مجدية و المقاومة في جنوب لبنان ليس بحاجة لمثل هذه الأنفاق لتنفيذ عملياتها.   ثالثاً: إن محور المقاومة جاهز بكل أركانه للرد على الكيان الإسرائيلي بحزم شديد.   ، و بعد تمركز القوى المناط بها عملية مزارع شبعا في قواعدها مستخدمة صواريخ مضادة للدروع من طراز كورنيت (وهي صواريخ مضادة للدروع الدبابات و الدشم، ويعد الكورنيت من أكثر أنواع منظومة صواريخ الـ م/د تطوراً، بكونه صاروخ موجه ويمكن التحكم به أثناء التحليق من منصة الإطلاق، ويتم توجيه الصاروخ إلى الهدف عبر أشعة الليزر و زمن الوصول من قاعدة الإطلاق إلى المدى الأقصى الذي يعرف بـ 4 كم هو 12 ثانية، وتتألف مجموعة المنصة الواحدة من ست أفراد – رامي و خمسة سدنة-، و يعتبر الصاروخ كورنيت من أكثر صواريخ الـ م/د فاعلية إذا يخرق عبر حشوته الأولية سماكة 120 سم من الفولاذ الصلب، في حين تتكفل الحشوة الثانية بتفجير الهدف عبر توليد سيالة نارية تزيد درجة حرارتها عن 6000 درجة مئوية تتشكل خلال زمن لا يتجاوز نصف ثانية).   وهذه المعلومات هي المعروفة بشكل عام عن الكورنيت قبل أن يصل إلى حزب الله، وبما إن الكيان قال بأن الصواريخ التي استخدمت في العملية هي من طراز كورنيت من الجيل الرابع دون كشف تفاصيل، فهذا يعني قطعاً إن إسرائيل لا تمتلك معلومات دقيقة عن التعديلات التي أدخلها محور المقاومة على الصاروخ الروسي الصنع.   حال رصد الهدف في التوقيت المعروف عنه أعطي الأمر من غرفة عمليات المقاومة بالاشتباك، نفذت العملية في غضون دقائق، و بحسب إعلام الكيان الإسرائيلي فإن إحدى آليات "الرتل" تعرضت لإطلاق نار من مسافة قريبة، مما يعني إن قوة خاصة من حزب الله دخلت إلى مكان العملية بعد إطلاق الصواريخ و أتمت المهمة في داخل الأراضي المحتلة من مزارع شبعا، وهذا ما منح العملية صخب أكبر لدى أوساط الكيان العسكرية و الإعلامية و على هذا كان الرد الإسرائيلي فقط من باب تحميل المسؤولية لكل من لبنان و سوريا و إيران بكونهم داعمين لحزب الله، في حين اكتفت الإدارة الأمريكية بالطلب من الطرفين "ضبط النفس".   سياسياً العملية حملت البعد القانوني و الشرعي لجهة القوانين الدولية التي ضمنتها اتفاقية لاهي و ميثاق الأمم المتحدة باعتبار أن حزب الله نفذ العملية على أرض لبنانية محتلة، وهذا يعطي الحزب مشروعية الرّد على عدوان الكيان في القنيطرة، و هذا ما أكده مباشرة تصريح رئيس مجلس النواب اللبناني «نبيه برّي» في تصريح تلا إعلان حزب الله للعملية، لكن العملية لم تنتهي باستهداف الرتل العسكري الإسرائيلي، حيث يمكن قراءة الإعلان الرسمي من «نصر الله»  عن التخلي عن قواعد الاشتباك عملية رديفة لما حصل في جنوب لبنان، كما إن الكشف عن صور العميد سليماني خلال زيارته لـ لبنان معزياً بشهداء القنيطرة هي العملية الأكبر على المستوى الإعلامي، وهذا لا يقلل من شأن المقاومة الإسلامية في لبنان، بل يصفع إسرائيل بمدى سرعة و جدية التفاعل من قبل محور المقاومة مع الاعتداء على القنيطرة من قبل المروحيات الإسرائيلية، و الثأر لشهداء هذا العدوان يتطلب التنسيق العالي، فأجهزة الدفاع الجوي و أسلحة الصواريخ في الجيش العربي السوري و الحرس الثوري الإيراني قطعاً كانت مستعدة قبل العملية تحسباً لحماقة إسرائيلية، و هذا يعني إن على إسرائيل أن تخشى من وجود هذا التنسيق، و يمكن الجزم إن المقاومون أجادوا استخدام كل الأوراق في الرّد على إسرائيل على مستويات الميدان و الإعلام و السياسة، مما أربك الكيان الإسرائيلي و حلفيته الإستراتيجية وراعية وجوده .. أمريكا.. الأمر الذي أدخل واشنطن في محظور العمل المخابراتي لتورط نفسها بالرد على حرب المقاومة الإعلامية، فعمدت إلى الكشف عبر وسائل الإعلام بأنها اشتركت باغتيال الشهيد "عماد مغنية" خلال عملية مخابراتية فجرّت من خلالها سيارة الشهيد مغنية خلال العام 2008 في العاصمة السورية دمشق، و هذا التورط الأمريكي يأتي رداً على الكشف عن وجود العميد قاسم سليماني في لبنان، الأمر الذي يوحي بتدخله في قيادة عملية شبعا أو التخطيط لها في أقل الأحوال، فحاولت أمريكا أن تقول ما معناه «إن نسق حزب الله مع إيران فإننا ننسق مع الكيان لاستهداف كوادر القيادة في محور المقاومة»، وهذا ما يمكن اعتباره فضيحة أخلاقية أولاً من باب «الاعتراف بالقتل العمد»، و لجهة إصرارها على حماية الكيان برغم كل جرائمه بحق المدنيين في لبنان و فلسطين، إضافة إلى الاعتراف الضمني من قبل أمريكا و إسرائيل بالتخوف من وجود قاسم سليماني في لبنان، و مدى احترافية العملية التي نفذت من ناحية الدقة في اختيار الهدف و سرعة التنفيذ، و إدراك ما وراء الحدث قبل وقوعه، مما وضع أمريكا و إسرائيل أمام هذه المطبات الكبرى سياسياً و استخبارياً و قانونياً.

المصدر : عربي برس - محمود عبداللطيف


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة