أصبح من الممكن اعتبار مقال الـ"واشنطن بوست" عن عملية اغتيال الشهيد "عماد مغنية" والمنشور في الثلاثين من شهر كانون الثاني يناير الماضي، علامة فارقة في تاريخ الإعلام, وفي تاريخ الحروب النفسية.

المقال يتحدث عن " مشاركة اميركية كاملة مع الموساد في عملية الاغتيال الغادرة تلك" وذكرت الصحيفة الاميركية تفاصيل تمثل تسريبا يتعارض ومصالح الاميركيين في المرحلة الحالية من التفاوض مع الايرانيين.

ما حاجة اسرائيل الى مقال نشرته صحيفتين اميركيتين في وقت واحد عن عملية اغتيال الشهيد عماد مغنية؟

في الحروب "يمكن اعتبار الإعلام سلاحاً يحسم نصف المعركة".

والكلمات المفتاحية " موساد" و "سي اي ايه" و" مغنية" كافية لتحويل اي مقال الى موجة كاسحة من المعلومات المنشورة التي ستصل حتما الى رقم قياسي من القراء وسيتناقلها هؤلاء شفهيا كما ان اغلب المحللين السياسيين وبرامج الحوار السياسي ستذكرها وستصل معلومات وردت في المقال خلال ايام الى عشرات ملايين العرب والى معظم اللبنانيين والسوريين والاهم الى معظم الاسرائيليين. وهو ما حصل فعلا خصوصا مع هذا الاهتمام الهائل بالمقال من قبل الفضائيات الاسرائيلية.

 

تضمن المقال " الاسرائيلي" ما يمثل معنويا ثقلا موازيا لحرب خسرها الطرف المقاوم امام العدو. هكذا اصبح التذكير باغتيال الشهيد مغنية الأب في وقت قريب من حادثة اغتيال ولده عامل احباط للمقاومة وجمهورها في سورية ولبنان وايران وفلسطين والعراق وكل العالم العربي. احباط يظن الاسرائيلي انه يعوض خسائره ويرفع من معنويات جمهوره.

 

في إطار الحرب المفتوحة أمنياً بين الإسرائيليين والمقاومة اللبنانية ومن خلفها إيران وسورية, تقدم الصهاينة بنقطة لصالحهم, بعمل ميداني في "مزارع الأمل" السورية، حين اغتال الصهاينة بصواريخ موجهة ستة من المقاومين, وجنرالاً إيرانياً, لكن التقدم المعنوي الصهيوني لم يدم سوى عشرة أيام بالتحديد، ثم جاءهم البيان رقم "واحد" للمقاومة, معلناً عن عملية حزب الله العقابية ضدّ جيش الاحتلال في مزارع شبعا, يوم الثامن والعشرين من الشهر الماضي.

 

ثم استكمل سماحة السيد حسن نصرالله الردّ الانتقامي بالبيان رقم "اثنان" الذي غيّر من خلاله كل القواعد التي حكمت الصراع بين الصهاينة وبين المقاومة, مقدماً ضمانات, وتأميناً على حياة أفراد وقيادات المقاومة من الاغتيال والغدر الإسرائيلي.

 

"فكل عملية اغتيال لن تمرّ دون ردّ بعد اليوم"

 

وقد قرأ الخبراء الإسرائيليون بشؤون حزب الله خطاب سماحته ، نهار الجمعة في الثلاثين من شهر يناير كانون ثاني الماضي، بوصفه العلامة الفاصلة بين مرحلة سابقة وتاريخ لاحق من الصراع.

 

وضع خطاب نصرالله الإسرائيليين في مأزق أمني, وحيث أن العقل الإسرائيلي الاستعلائي رضخ لشروط اللعبة بعد عملية شبعا, ولم يردّ، لذا وجد مخططو سياسات العدو أنفسهم مضطرين للقيام بردّ فعل يعيد أرباح عملية الاغتيال في القنيطرة.

 

ولأن العمل العسكري مكلف وغير مضمون النتائج, ولأن العمل الأمني أصبح يقاس في حزب الله بالعمل العسكري المباشر, الذي يستدعي ردّاً فورياً, استخدم الإسرائيليون " الحرب النفسية" ليقصفوا بها المقاومة اعلاميا.

 

يزعم محللون اسرائيليون بين الون بن دايفيد وزفي بارئيل ان مقال الواشنطن بوست انجزه الصحافيان الذين نشراه باسمهما قبل شهرين من الان، ما يعني ان نشره لا علاقة له بعملية شبعا او بما سبقها في القنيطرة. قد يكون هذا الامر صحيحا وكذلك هي عملية شبعا الانتقامية من اسرائيل. هي عملية ولا شك ان دراساتها واعدادها يتطلب اكثر من عشرة ايام، لا بل يتطلب شهورا، ويوجد مثلها في دفاتر المقاومة ويمكن سحب اي منها من الادراج ووضعها في موضع التنفيذ فورا. كون الاعداد الطويل الامد يجيز لأي طرف يصارع طرفان ند له ان يبقى على جهوزية تامة فاذا ما احتاج الى عمل سريع فان الخطط والمعلومات واللوازم اللوجستية تكون جاهزة. هكذا يمكن القول ان مقال الواشنطن بوست اعد منذ اشهر لكنه مثل عملية شبعا سحب من الادارج وجرى نشره لحاجة اسرائيل اليه الان.

 

لكن يبدو ان خطاب السيد حسن نصرالله الأخير أجبرهم على استغلال الفرق في التوقيت بين بيروت وواشنطن, لإدخال تعديلات جوهرية على عمليتهم النفسية, التي كان يفترض أن تشكل ردّاً على عملية شبعا حصراً. لكن مقال الواشنطن بوست تحول في صيغته النهائية, ولا شك, إلى ردّ على خطاب سماحة السيد والعملية في شبعا معاً بعدما روج له الاسرائيليون عند مواطنيهم بطريقة الاستغراب والدهشة والتساؤل. طرح الاسئلة وتقديم الاقتراحات دون اظهار اجابة حاسمة هو عمل نفسي مفيد لاشغال الشارع الاسرائيلي ولتذكيره ان من قتل عماد مغنية لا تهزمه عملية مثل عملية شبعا.

 

في الشكل والمضمون، كيف تنشر صحيفة أميركية وطنية خبراً يعرف القائمون عليها أنه سوف يؤدي إلى عمليات انتقامية ضد أميركيين؟

 

فهل تعمل الواشنطن بوست ضد مصلحة واشنطن؟

 

الصحيفة هي الأقرب إلى "آيباك"، كما هي الاقدر على الوصول الى معلومات الاجهزة الامنية الاميركية. كون التيار الذي تمثله "واشنطن بوست" في الولايات المتحدة يرى تلازما لمصلحة اسرائيل مع المصلحة الاميركية فيما يتعلق بايران.

 

هكذا يمكن اختصار المقال, بأنه رد إسرائيلي على حزب الله, في ظل غياب المصلحة والقدرة على القيام بحرب واسعة لكنه في الاصل يشبه زيارة نتنياهو المقررة في الاسبوع المقبل الى واشنطن، حيث سيلقي رئيس الوزارء الصهيوني خطابا في الكونغرس يهدف من خلاله الى حشد معارضي الاتفاق بين ايران والولايات المتحدة.امر وصفه اوباما بـ " غير اللائق" واعلن خلال مقابلة بثتها سي ان ان ليل فجر الاثنين بتوقيت بيروت " انه لن يستقبل نتنياهو وسيستخدم الفيتو ضد اي قرار في الكونغرس لفرض عقوبات اضافية على ايران"

 

المقال المذكور، ان صح ان العمل عليه جار منذ اشهر، هو عملية نفسية كانت مصممة لتصيب المتشددين الايرانيين من رافضي التفاوض بجنون الانتقام من الاميركيين. ثم جاءت التطورات في القنيطرة وشبعا، فاضاف الاسرائيليون على التقرير ما يفيد في لملمة الخسائر المعنوية التي تلت رد المقاومة في شبعا.

 

مع العلم ان مصداقية تقرير الواشنطن بوست مشكوك بها وتقدم روايات غير موثقة ومنسوبة الى مصدر عمل سابقا في السي اي ايه، ومن الاخطاء التي ترد في التقرير قول المصدر " إن عماد مغنية خرج من مطعم في كفرسوسة واتجه الى سيارته فانفجرت عبوة مزروعة في الدولاب الخلفي فقتل مغنية على الفور"

 

يشهد كاتب هذا التقرير ان التحقيقات السورية التي اوردها في فيلم وثائقي تؤكد بأن الشهيد مغنية كان في زيارة لمسؤول فلسطين يسكن في مبنى قريب جدا من مخفر كفرسوسة مقابل المركز الثقافي الايراني والمدرسة الايرانية في تلك المنطقة، ولم يكن في مطعم وفي الاصل ليس في مكان الانفجار ولا في المباني الاحياء القريبة منه اي مطعم سوى طابق " فاست فود" في شام ستي سنتر وفي داماسكينو مول القريبان واللذان يبعد عنهما الانفجار مسافة ٦٠٠ متر تقريبا. الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة برس تي في باللغة الانكليزية في عام ٢٠١٣ كان قد كشف عن تورط عملاء دولة خليجية في الاغتيال حيث ساعد عملاء تلك الدولة الموساد لوجستيا ومعلوماتيا. فهل كان ذلك بأمر السي اي ايه التي تملك قدرة فرض التعاون على دول خليجية يسهل عليها اختراق سورية اكثر مما يمكن لاسرائيل؟

 

المقال أصاب في استهدافاته آخرين غير حزب الله وجمهوره. ومن بين الأهداف التي اراد الاسرائيلي تحقيقها عبر المقال:

 

- موازنة الأثر المعنوي لعملية شبعا في نفوس جنود الاحتلال ومستوطنيه.

 

- تحقيق إحساس بالتفوق لدى أنصار الحرب في أميركا, وفي الكيان الصهيوني.

 

- إحباط المقاومين, وتذكيرهم بقدرات إسرائيل التي قتلت الأب المقاوم, ثم قتلت استباقياً ولده, لأنها شعرت مسبقاً بأنه سيتحول يوماً إلى مبدع في المقاومة, مثل أبيه, في فعاليته الشخصية ضد الصهاينة.

 

- تذكير الكونغرس وأنصار إسرائيل أن حزب الله قتل أميركيين بالقدر الذي يفوق العدد الذي مات من جنود الأميركيين في عمليات داعش والقاعدة في العراق، حيث تحدث كاتب المقال مطولاً عن دور الشهيد مغنية, وحزب الله, في المقاومة العراقية ضدّ الاحتلال الأميركي.

 

- استفزاز انتقام إيراني من الأميركيين, ما يؤدي إلى الإضرار بالاتفاق المزمع عقده بين واشنطن وطهران.

 

- استجرار العداء الإيراني الجذري لأميركا, وتذكير من يهمهم الأمر في إيران بأن أميركا هي " الشيطان الأكبر" وأنها كانت كذلك ولا تزال.

 

- تذكير أعداء إيران في أميركا (وأصدقاء إسرائيل) بأن إرهابيي القاعدة وداعش ليسوا سوى " كومبارس" أمام الخطر الذي يشكله حزب الله. كما ذكر كاتب مقال الواشنطن بوست.

 

في طهران كما في أميركا هناك من لا يجدون في العلاقات الجيدة بين الأميركيين والايرانيين أمراً حسناً، وبالتأكيد فإن حجم المصالح الأميركية من الهدنة مع إيران يشكل هاجساً لإسرائيل, وهي تعمل على خربطة العلاقة الأميركية الإيرانية المستجدة بكل الوسائل.

  • فريق ماسة
  • 2015-02-01
  • 12672
  • من الأرشيف

تفاصيل آخر العمليات الأمنية الإسرائيلية ضدّ نصرالله وإيران

أصبح من الممكن اعتبار مقال الـ"واشنطن بوست" عن عملية اغتيال الشهيد "عماد مغنية" والمنشور في الثلاثين من شهر كانون الثاني يناير الماضي، علامة فارقة في تاريخ الإعلام, وفي تاريخ الحروب النفسية. المقال يتحدث عن " مشاركة اميركية كاملة مع الموساد في عملية الاغتيال الغادرة تلك" وذكرت الصحيفة الاميركية تفاصيل تمثل تسريبا يتعارض ومصالح الاميركيين في المرحلة الحالية من التفاوض مع الايرانيين. ما حاجة اسرائيل الى مقال نشرته صحيفتين اميركيتين في وقت واحد عن عملية اغتيال الشهيد عماد مغنية؟ في الحروب "يمكن اعتبار الإعلام سلاحاً يحسم نصف المعركة". والكلمات المفتاحية " موساد" و "سي اي ايه" و" مغنية" كافية لتحويل اي مقال الى موجة كاسحة من المعلومات المنشورة التي ستصل حتما الى رقم قياسي من القراء وسيتناقلها هؤلاء شفهيا كما ان اغلب المحللين السياسيين وبرامج الحوار السياسي ستذكرها وستصل معلومات وردت في المقال خلال ايام الى عشرات ملايين العرب والى معظم اللبنانيين والسوريين والاهم الى معظم الاسرائيليين. وهو ما حصل فعلا خصوصا مع هذا الاهتمام الهائل بالمقال من قبل الفضائيات الاسرائيلية.   تضمن المقال " الاسرائيلي" ما يمثل معنويا ثقلا موازيا لحرب خسرها الطرف المقاوم امام العدو. هكذا اصبح التذكير باغتيال الشهيد مغنية الأب في وقت قريب من حادثة اغتيال ولده عامل احباط للمقاومة وجمهورها في سورية ولبنان وايران وفلسطين والعراق وكل العالم العربي. احباط يظن الاسرائيلي انه يعوض خسائره ويرفع من معنويات جمهوره.   في إطار الحرب المفتوحة أمنياً بين الإسرائيليين والمقاومة اللبنانية ومن خلفها إيران وسورية, تقدم الصهاينة بنقطة لصالحهم, بعمل ميداني في "مزارع الأمل" السورية، حين اغتال الصهاينة بصواريخ موجهة ستة من المقاومين, وجنرالاً إيرانياً, لكن التقدم المعنوي الصهيوني لم يدم سوى عشرة أيام بالتحديد، ثم جاءهم البيان رقم "واحد" للمقاومة, معلناً عن عملية حزب الله العقابية ضدّ جيش الاحتلال في مزارع شبعا, يوم الثامن والعشرين من الشهر الماضي.   ثم استكمل سماحة السيد حسن نصرالله الردّ الانتقامي بالبيان رقم "اثنان" الذي غيّر من خلاله كل القواعد التي حكمت الصراع بين الصهاينة وبين المقاومة, مقدماً ضمانات, وتأميناً على حياة أفراد وقيادات المقاومة من الاغتيال والغدر الإسرائيلي.   "فكل عملية اغتيال لن تمرّ دون ردّ بعد اليوم"   وقد قرأ الخبراء الإسرائيليون بشؤون حزب الله خطاب سماحته ، نهار الجمعة في الثلاثين من شهر يناير كانون ثاني الماضي، بوصفه العلامة الفاصلة بين مرحلة سابقة وتاريخ لاحق من الصراع.   وضع خطاب نصرالله الإسرائيليين في مأزق أمني, وحيث أن العقل الإسرائيلي الاستعلائي رضخ لشروط اللعبة بعد عملية شبعا, ولم يردّ، لذا وجد مخططو سياسات العدو أنفسهم مضطرين للقيام بردّ فعل يعيد أرباح عملية الاغتيال في القنيطرة.   ولأن العمل العسكري مكلف وغير مضمون النتائج, ولأن العمل الأمني أصبح يقاس في حزب الله بالعمل العسكري المباشر, الذي يستدعي ردّاً فورياً, استخدم الإسرائيليون " الحرب النفسية" ليقصفوا بها المقاومة اعلاميا.   يزعم محللون اسرائيليون بين الون بن دايفيد وزفي بارئيل ان مقال الواشنطن بوست انجزه الصحافيان الذين نشراه باسمهما قبل شهرين من الان، ما يعني ان نشره لا علاقة له بعملية شبعا او بما سبقها في القنيطرة. قد يكون هذا الامر صحيحا وكذلك هي عملية شبعا الانتقامية من اسرائيل. هي عملية ولا شك ان دراساتها واعدادها يتطلب اكثر من عشرة ايام، لا بل يتطلب شهورا، ويوجد مثلها في دفاتر المقاومة ويمكن سحب اي منها من الادراج ووضعها في موضع التنفيذ فورا. كون الاعداد الطويل الامد يجيز لأي طرف يصارع طرفان ند له ان يبقى على جهوزية تامة فاذا ما احتاج الى عمل سريع فان الخطط والمعلومات واللوازم اللوجستية تكون جاهزة. هكذا يمكن القول ان مقال الواشنطن بوست اعد منذ اشهر لكنه مثل عملية شبعا سحب من الادارج وجرى نشره لحاجة اسرائيل اليه الان.   لكن يبدو ان خطاب السيد حسن نصرالله الأخير أجبرهم على استغلال الفرق في التوقيت بين بيروت وواشنطن, لإدخال تعديلات جوهرية على عمليتهم النفسية, التي كان يفترض أن تشكل ردّاً على عملية شبعا حصراً. لكن مقال الواشنطن بوست تحول في صيغته النهائية, ولا شك, إلى ردّ على خطاب سماحة السيد والعملية في شبعا معاً بعدما روج له الاسرائيليون عند مواطنيهم بطريقة الاستغراب والدهشة والتساؤل. طرح الاسئلة وتقديم الاقتراحات دون اظهار اجابة حاسمة هو عمل نفسي مفيد لاشغال الشارع الاسرائيلي ولتذكيره ان من قتل عماد مغنية لا تهزمه عملية مثل عملية شبعا.   في الشكل والمضمون، كيف تنشر صحيفة أميركية وطنية خبراً يعرف القائمون عليها أنه سوف يؤدي إلى عمليات انتقامية ضد أميركيين؟   فهل تعمل الواشنطن بوست ضد مصلحة واشنطن؟   الصحيفة هي الأقرب إلى "آيباك"، كما هي الاقدر على الوصول الى معلومات الاجهزة الامنية الاميركية. كون التيار الذي تمثله "واشنطن بوست" في الولايات المتحدة يرى تلازما لمصلحة اسرائيل مع المصلحة الاميركية فيما يتعلق بايران.   هكذا يمكن اختصار المقال, بأنه رد إسرائيلي على حزب الله, في ظل غياب المصلحة والقدرة على القيام بحرب واسعة لكنه في الاصل يشبه زيارة نتنياهو المقررة في الاسبوع المقبل الى واشنطن، حيث سيلقي رئيس الوزارء الصهيوني خطابا في الكونغرس يهدف من خلاله الى حشد معارضي الاتفاق بين ايران والولايات المتحدة.امر وصفه اوباما بـ " غير اللائق" واعلن خلال مقابلة بثتها سي ان ان ليل فجر الاثنين بتوقيت بيروت " انه لن يستقبل نتنياهو وسيستخدم الفيتو ضد اي قرار في الكونغرس لفرض عقوبات اضافية على ايران"   المقال المذكور، ان صح ان العمل عليه جار منذ اشهر، هو عملية نفسية كانت مصممة لتصيب المتشددين الايرانيين من رافضي التفاوض بجنون الانتقام من الاميركيين. ثم جاءت التطورات في القنيطرة وشبعا، فاضاف الاسرائيليون على التقرير ما يفيد في لملمة الخسائر المعنوية التي تلت رد المقاومة في شبعا.   مع العلم ان مصداقية تقرير الواشنطن بوست مشكوك بها وتقدم روايات غير موثقة ومنسوبة الى مصدر عمل سابقا في السي اي ايه، ومن الاخطاء التي ترد في التقرير قول المصدر " إن عماد مغنية خرج من مطعم في كفرسوسة واتجه الى سيارته فانفجرت عبوة مزروعة في الدولاب الخلفي فقتل مغنية على الفور"   يشهد كاتب هذا التقرير ان التحقيقات السورية التي اوردها في فيلم وثائقي تؤكد بأن الشهيد مغنية كان في زيارة لمسؤول فلسطين يسكن في مبنى قريب جدا من مخفر كفرسوسة مقابل المركز الثقافي الايراني والمدرسة الايرانية في تلك المنطقة، ولم يكن في مطعم وفي الاصل ليس في مكان الانفجار ولا في المباني الاحياء القريبة منه اي مطعم سوى طابق " فاست فود" في شام ستي سنتر وفي داماسكينو مول القريبان واللذان يبعد عنهما الانفجار مسافة ٦٠٠ متر تقريبا. الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة برس تي في باللغة الانكليزية في عام ٢٠١٣ كان قد كشف عن تورط عملاء دولة خليجية في الاغتيال حيث ساعد عملاء تلك الدولة الموساد لوجستيا ومعلوماتيا. فهل كان ذلك بأمر السي اي ايه التي تملك قدرة فرض التعاون على دول خليجية يسهل عليها اختراق سورية اكثر مما يمكن لاسرائيل؟   المقال أصاب في استهدافاته آخرين غير حزب الله وجمهوره. ومن بين الأهداف التي اراد الاسرائيلي تحقيقها عبر المقال:   - موازنة الأثر المعنوي لعملية شبعا في نفوس جنود الاحتلال ومستوطنيه.   - تحقيق إحساس بالتفوق لدى أنصار الحرب في أميركا, وفي الكيان الصهيوني.   - إحباط المقاومين, وتذكيرهم بقدرات إسرائيل التي قتلت الأب المقاوم, ثم قتلت استباقياً ولده, لأنها شعرت مسبقاً بأنه سيتحول يوماً إلى مبدع في المقاومة, مثل أبيه, في فعاليته الشخصية ضد الصهاينة.   - تذكير الكونغرس وأنصار إسرائيل أن حزب الله قتل أميركيين بالقدر الذي يفوق العدد الذي مات من جنود الأميركيين في عمليات داعش والقاعدة في العراق، حيث تحدث كاتب المقال مطولاً عن دور الشهيد مغنية, وحزب الله, في المقاومة العراقية ضدّ الاحتلال الأميركي.   - استفزاز انتقام إيراني من الأميركيين, ما يؤدي إلى الإضرار بالاتفاق المزمع عقده بين واشنطن وطهران.   - استجرار العداء الإيراني الجذري لأميركا, وتذكير من يهمهم الأمر في إيران بأن أميركا هي " الشيطان الأكبر" وأنها كانت كذلك ولا تزال.   - تذكير أعداء إيران في أميركا (وأصدقاء إسرائيل) بأن إرهابيي القاعدة وداعش ليسوا سوى " كومبارس" أمام الخطر الذي يشكله حزب الله. كما ذكر كاتب مقال الواشنطن بوست.   في طهران كما في أميركا هناك من لا يجدون في العلاقات الجيدة بين الأميركيين والايرانيين أمراً حسناً، وبالتأكيد فإن حجم المصالح الأميركية من الهدنة مع إيران يشكل هاجساً لإسرائيل, وهي تعمل على خربطة العلاقة الأميركية الإيرانية المستجدة بكل الوسائل.

المصدر : خضر عواركة – الديار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة