دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
كتب تايلور لاك، مراسل صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور"، عما أسماه "قوة الحلف بين السعودية ومصر وأثرها على دولة قطر"، التي قال إنها لم تعد قاعدة مناسبة لإقامة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى.
وكتب لاك معلقا على الإشاعات التي قالت إن مسؤول المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل قد غادر دولة قطر، وإنه "فقد قاعدة عملياته السياسية في الدوحة، ويشكل رحيله تحولا جيوسياسيا مهما في المنطقة".
ويقول الكاتب: "في الوقت الذي تم فيه التعتيم على رحيل مشعل إلى تركيا، في نهاية كانون الأول/ ديسمبر، عندما نفى المسؤولون في (حماس) ودولة قطر الأخبار، إلا أن ملجأ مشعل وقاعدة عملياته السياسية، منذ أن غادر دمشق في كانون الثاني/ يناير 2012 قد انتهى، كما يقول مسؤولون في (حماس ومراقبون)، بسبب الضغوط التي تعرضت لها قطر من جيرانها في الخليج".
ويشير لاك إلى أن أهم قوة أدت دورا في رحيل مشعل هي المحور السعودي المصري، المعادي وبشكل متزايد لجماعة الإخوان المسلمين، التي خرجت من معطفها حركة حماس الفلسطينية.
وتذكر الصحيفة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أطاح بالإخوان المسلمين والرئيس المنتخب محمد مرسي، قد ضيق على حكومة حماس في غزة. فيما وضعت السعودية جماعة الإخوان المسلمين على قائمة "المنظمات الإرهابية"، وهو موقف تبنته فيما بعد كل من البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة.
ويلفت التقرير إلى أن قطر قضت معظم العقد الماضي وهي تقدم الدعم للإخوان المسلمين والحركات الإسلامية الأخرى؛ من أجل دعم الأجندة السياسية لها. ومن هنا فإن تحول قطر باتجاه كل من السعودية ومصر يعبر عن موقف براغماتي، كما يقول مراقبون.
وينقل الكاتب عن الخبير في الحركات الإسلامية حسن أبو هنية، قوله: "في الوقت الحالي تهب الرياح في صالح السعودية، وتتحرك قطر معها".
ويبين الكاتب أنه مع بداية الربيع العربي عام 2011، كانت قطر على ما يبدو تحصد ثمار استثمارها، حيث إن العديد من الحركات الإسلامية وصلت إلى السلطة في عدد من دول شمال أفريقيا، خاصة الإخوان المسلمين في مصر.
ويضيف أنه بوصول الإخوان إلى الحكم في مصر، وغيرهم من الحركات الإسلامية في معظم أنحاء دول الربيع العربي، تحولت قطر إلى القوة المهيمنة وصانعة الملوك، وأدت دور الوسيط بين الحكومات الغربية والملكيات العربية، وحماس تحديدا.
ويوضح التقرير أن القيادة القطرية وجدت نفسها في وضع جيد، في ما يتعلق بحركة حماس، التي رفضت عدة دول عربية التعاون معها. وبعد أن غيرت الحركة مقر إقامتها من دمشق إلى قطر، حاولت الدوحة استخدام حضور الحركة على أراضيها في مبادراتها الدبلوماسية.
وتفيد الصحيفة بأن قطر أدت دورا في الصراع العربي- الإسرائيلي، وحاولت عقد مصالحة بين الحركة ومنافستها حركة فتح. بل إن الأمير الحالي الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قاد جهودا شخصية لعقد مصالحة بين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وخالد مشعل.
ويستدرك الكاتب بأن انقلاب الجيش المصري، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أدى إلى تقوية المحاور المعادية للإسلاميين، ووضع قطر على الطرف الخاسر، حيث إنها وجدت نفسها عرضة للضغوط من جاراتها دول الخليج.
ويشير لاك إلى الأزمة الخليجية- الخليجية في نيسان/ إبريل 2013، عندما قامت البحرين والإمارات العربية والسعودية بسحب سفرائها من الدوحة؛ بسبب دعم الأخيرة للإخوان المسلمين. واتهمت هذه الدول قطر بالتاثير على "أمن المنطقة" و"التدخل في شؤون أعضاء في مجلس التعاون الخليجي"، وهددت أيضا بتعليق عضوية قطر في المجلس.
ويورد التقرير أن قطر استطاعت تخفيف حدة الضغط عليها وتجاوز الخلاف مع جيرانها الخليجيين، حيث إنها حافظت على مسافة في علاقاتها مع الإخوان المسلمين وبقية الجماعات الإسلامية الأخرى.
وتستدرك الصحيفة بأن تراجع تأثير الإخوان المسلمين وصعود السعودية جعل قطر تبحث إعادة تحالفاتها، كما يقول مراقبون، واتخذت قرارا يعبر عن الواقعية السياسية بتقوية علاقاتها مع المحور السعودي المصري، وإبعاد نفسها عن الجماعات المرتبطة بها. ويقول أبو هنية: "تتحرك قطر ببطء، وتقوم بتعديل سياساتها كل يوم، بحسب المناخ السياسي".
ويجد الكاتب أنه مع استقرار نظام السيسي، فقد قررت قطر إصلاح علاقاتها مع مصر، التي تعد شريكا تجاريا كبيرا، ووافقت على المصالحة، التي قادها شخصيا الملك عبدالله...
ويشير التقرير إلى أنه في محادثات المصالحة، التي عقدت في كانون الأول/ ديسمبر، تركزت المحادثات بين المشاركين على هدفين رئيسين، وهما مصير معتقلي الجزيرة الثلاثة، واستمرار منح قطر ملجأ آمنا لقادة الإخوان وحماس. ومن هنا فقد كان التخلي عن "حماس" الطلب الأساسي من قطر شرطا لإصلاح العلاقات. وظهرت نتائج تعديل الموقف القطري بناء على التحالفات الجديدة بشكل واضح.
ويتابع بأنه في كانون الأول/ ديسمبر طردت قطر سبعة من قادة الإخوان المسلمين، وكان من بينهم الداعية وجدي غنيم، الذي قال: "تعرضت قطر لضغوط خارجية لاتخاذ قرارات لم تكن ترغب بها ضد الإخوان المسلمين".
وبعد أسابيع، قام المسؤولون القطريون بوضع سلسلة من القيود على قيادة حماس، ما يعني أن الملاحقة قد توسعت خارج مصر، وأن فرع الحركة الفلسطيني "حماس" لم يعد يتحرك بحرية، بحسب الصحيفة.
وتقول "ساينس مونيتور" إنه بحسب مسؤولين في حركة حماس، فقد منعت المخابرات القطرية المكتب السياسي من استقبال وفود سياسية في الدوحة، وذلك في كانون الأول/ ديسمبر، و"نصحت بشدة" مسؤولي حركة حماس بعدم السفر والاتصال بالمسؤولين الإيرانيين.
ويبين الكاتب أن الملاحقة زادت عندما قامت السلطات الأمنية في قطر باعتقال مسؤولين في "حماس" نهاية كانون الأول/ ديسمبر، واتهمتهم بالقيام "بتعاملات اقتصادية ونقدية غير قانونية". وقال مسؤولون في "حماس" إن الاعتقال أرسل رسالة واضحة، مفادها أنه "يُرحب بمسؤولي حماس في قطر، لكن ليس بنشاطهم السياسي".
وينقل التقرير عن "أبو حمزة"، وهو مسؤول من حماس، انتقل من دمشق ويعيش الآن في عمان، قوله: "كانت هناك ضغوط واضحة من الخارج حتى تغير قطر سياستها". وبيّن أن عشرين مسؤولا من حركة حماس سافروا إلى تركيا خلال الشهر الماضي. ويضيف: "قد يرحب بنا دائما ضيوفا، ولكن ليس باستطاعتنا ممارسة النشاط السياسي والمالي واللوجستي في قطر".
ويجد لاك أن هذه الأجواء غير الواضحة هي التي دفعت مشعل ومجموعة من مستشاريه المقربين إلى مغادرة الدوحة في نهاية كانون الأول/ ديسمبر، والتوجه إلى إسطنبول دون ضجة.
وتذكر الصحيفة أن قادة "حماس" لم يقدموا الكثير حول مدة إقامة مشعل في تركيا، حيث إن عزت الرشق، أحد مسؤولي حماس الكبار، نفى التقارير التي قالت إن الدوحة طلبت من مشعل مغادرة قطر.
ويشير الكاتب إلى أنه بدلا من ذلك، فقد أثنى المسؤولون في "حماس" على "المناخ السياسي المفتوح"، وشكر مشعل تركيا شخصيا في اجتماع لحزب العدالة والتنمية الحاكم "للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية".
وتلفت "ساينس مونيتور" إلى تأكيد وزير الخارجية القطري خالد العطية، في تصريحات له، عدم صحة الإشاعات التي تحدثت عن انتهاء علاقات قطر مع حماس. وقال العطية إن "خالد مشعل هو ضيف عزيز على قطر".
ويخلص الكاتب إلى أنه من خلال البيانات المتناقضة، ظهرت رسالة واحدة بارزة وواضحة، وهي أن شهر العسل بين قطر وحماس قد انتهى رسميا.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة