دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
طلب المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا موعداً لزيارة دمشق بداية الأسبوع الثالث من كانون الثاني الحالي، وذلك قبل أيام من الحوار الذي تنوي المعارضة عقده في القاهرة، وعشرة أيام من موعد اللقاء المزمع التئامه في موسكو بين وفد الحكومة وشخصيات من المعارضة.
وقالت مصادر سورية، لـ «السفير»، إن دي ميستورا يرغب في مناقشة الأفكار التي سبق وطرحها في زيارته الثانية إلى دمشق خريف العام الماضي، والتي حاول مساعده السفير رمزي رمزي الخوض في «تفاصيل تنفيذها» في كانون الأول الماضي عبر لقاءات عديدة عقدها في مبنى الخارجية السورية، وأخرى في مقر إقامته في فندق «شيراتون دمشق»، وشملت معاوني وزير الخارجية إضافة إلى شخصيات من المعارضة الداخلية، وصحافيين وناشطين.
ووفقا لما نقلته «السفير» فإن رمزي لم يستطع انتزاع كلمة «اتفاق» على أي من بنود تصور البعثة الأممية لموضوع «تجميد» الصراع في حلب. ورغم أن زيارة دي ميستورا إلى دمشق كانت متوقعة بكل الأحوال بداية العام الحالي، خصوصا وأنه أخبر الجانب السوري أنه سيبقي على علاقة حيوية مع الحكومة السورية، إلا أن زيارته، في حال حصلت، ستأتي في سياق تعثر اتفاق الطرفين على أسلوب ناجع لتطبيق فكرة التجميد، علما أن دمشق أبدت موافقتها على «ما تم طرحه في زيارة دي ميستورا الثانية» وليس «في مناقشات مبعوثه»، وذلك ضمن الإطار «الذي لا يضر بسيادة سوريا، ونفوذ الدولة على أية مساحة جغرافية في البلاد»، والمقصود هنا حلب، بشكل خاص.
وأكد مصدر سوري واسع الاطلاع لـ «السفير» أنه «لم يتم الاتفاق على شيء» لاحقا، مشيراً، من دون الخوض في التفاصيل، إلى أن تصور الطرفين لفكرة التجميد لا يزال يأتي من منظورين مختلفين ومن خلفيات متضاربة.
ورفضت دمشق مجمل الأفكار التي طرحها رمزي، وطلبت من ممثل المبعوث الدولي أن يعود «للفكرة الأساس في المشروع، والتي طلبت دمشق تنفيذها، وتتمثل في انتزاع اعتراف من الدول الراعية للمجموعات المسلحة بوقف تمويلها، ودعمها». وترى القيادة السورية أن قدرة دي ميستورا على إقناع الدول الراعية للفصائل المسلحة بوقف القتال والتمويل هي «نقطة البداية»، وإن كانت تعتبرها «مهمة معقدة، ولكنها تبقى حجر الأساس».
وسبق لوزير الخارجية السوري وليد المعلم أن حدد شروط قبول التجميد، وفي بدايتها «الحصول على التزام الأطراف الأخرى بوقف القتال، إضافة لعودة المناطق الخاضعة لسلطة المعارضة إلى سيطرة الدولة».
وتعتبر «جبهة النصرة»، جناح تنظيم «القاعدة» في الشام، من أكثر الفصائل نفوذاً داخل مدينة حلب، فيما يعتبر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش» من الأكثر انتشارا في ريف المدينة، وهو ما يعيق بقوة الوصول لأية اتفاقات معها.
كما يأتي الطلب السوري في سياق استنتاج دمشق بأن «الحرب العالمية على الإرهاب» يجب أن تحظى بالمرتبة الأولى في أي اتفاق دولي معها. إلى ذلك، وفي حين أعلن «الائتلاف الوطني» و «تيار بناء الدولة السورية» مقاطعة لقاء موسكو بين المعارضة والسلطة السورية، فان «هيئة التنسيق الوطني» لم تحسم موقفها بعد.
وقال مصدر سوري، في وقت سابق لـ «السفير»، إن «دمشق كسبت العام الماضي معركة كشف الخطر الحقيقي على العالم وهو الإرهاب، وممولوه»، أما «المعركة السياسية فلا تتقدم بذات المستوى، وتحتاج وقتا أطول».
وأمس صدر عن وزارة الخارجية السورية بيان يدين فيه الهجوم على صحيفة «شارلي ايبدو» في باريس، لكنه يؤكد أن هذا الإرهاب هو «ارتداد على سياسة داعميه»، مشيراً إلى ضرورة «الالتزام بمكافحة الإرهاب بكل أشكاله، ومساءلة الدول التي قدمت ولا تزال مختلف أشكال الدعم للمجموعات الإرهابية».
وتسعى بعثة دي ميستورا إلى تجميد لمناطق النزاع في حلب، مع حفاظ قوات الأطراف المختلفة على مواقعها، وإنعاش الإدارة المحلية والتي ستحظى بنوع من الاستقلالية في إدارة شؤونها في مناطق سيطرة المعارضة، وذلك مع وعود بتقديم الأمم المتحدة تمويلا لإعادة الإعمار في المدينة، ولا سيما في قطاعي التعليم والصحة.
وتريد الحكومة السورية، من جهتها، تجميداً يحررها من معارك استعادة السيطرة على حلب من دون الالتزام بعدم خوض معارك في مناطق أخرى في الريف. وتنظر دمشق إلى التقدم الميداني الذي حققته فصائل مسلحة في اليومين الماضيين في محيط حلب، ولا سيما في البريج، كما المعارك الحاصلة حاليا هناك، على أنها تأتي في سياق واحد، يتمثل في «صعوبة فصل الميداني عن السياسي» وأنه يمثل «نوعا من الضغط الدولي» باتجاه فكرة التجميد.
و»لا تغري» الأفكار التي طرحها رمزي على دمشق، بخصوص التقدم بمشروع لـ «إعادة الإعمار» في حلب، ولا سيما أن دمشق لا تنظر إلى «فكرة إعادة الإعمار من باب المساومة السياسية والعسكرية»، ناهيك عن أن هذه المشاريع لم تطرح بصدد مناطق أخرى، كحمص وريفها، وهو ما دفع، إلى تشكيك أحد المسؤولين البارزين «بهذا الإغراء»، متسائلاً «كيف لمنظمة تعاني عجزاً في تأمين الغذاء والدواء للاجئين» أن تقوم بهذا العمل.
المصدر :
السفير / زياد حيدر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة