دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لمرتين متتاليتين هبّت العاصفة على لبنان، والثالثة على الطريق، والجليد سيغطي مساحات واسعة من المناطق اللبنانية، والعاصفة بطبيعتها كما سائر العواصف التي تضرب لبنان، ذات منشأ ومدى إقليميّين، تبدأ من تركيا وتنتهي بفلسطين.
سورية في قلب العاصفة، جغرافيتها ومواطنوها، وخصوصاً النازحين منهم، الذين غرّر بهم خلال بدايات الأزمة بوعود المنّ والسلوى، وتُركوا يلاقون مصيرهم، ولا من يسأل إلا للمتاجرة بتقارير البكائيات الفضائية التي يموّلها ذات مموّلي الجماعات المسلحة، وذات الذين يبخلون بأموالهم على النازحين، وذات الذين يمنعون دول الجوار التي تستضيف أغلبهم من التنسيق مع الحكومة السورية، لتأمين عودة كريمة لمن باتت مناطق سكنهم الأصلية آمنة، أو الذين يمكن استيعابهم في مراكز إيواء أشدّ أمناً وكرامة إنسانية من تلك المعتقلات الجماعية التي ينتظرون فيها الموت البطيء.
الحقد والكيد اللذان حرّكا كثيراً من السياسة نحو سورية، وبرّرا للكثيرين في العالم والجوار مدّ اليد للإرهاب، يصنعان مسرحاً جديداً في العالم والمنطقة. قال بسمارك إنّ الحقد أسوأ موجه في السياسة، ربما كان قصده أن يقرأه الملك السعودي الذي واجهت حكومته أول من أمس أولى طلائع عاصفة اقتراب «داعش» من الحدود مع العراق، وهي هجمات كما قالت مصادر سعودية أمنية لوكالات الأنباء يتوقع لها أن تتصاعد، ويخشى معها، كما قال القادة الأمنيون السعوديون، من دواعش الداخل، الذين ليسوا صناعة الاستخبارات السورية بالتأكيد، كما يحبّ الوزير أشرف ريفي أو زميله أحمد فتفت أن يصدّقا وأن يصدّقهما الآخرون.
كان في ودّ بسمارك ربما أن يسمعه رجب أردوغان وداود أوغلو، مع الهجوم الإرهابي الذي تعرّضت له الشرطة التركية، لكن الأقربين أوْلى بالسماع، فهل سمع فرانسوا هولاند وهو يبشر ويحذر من أنّ حادي عشر من أيلول شامل ومستمرّ يهدّد الغرب ويجتاح دوله، أنّ طابخ السم آكله، وأنّ الذين ضربوا في فرنسا هم الذين وقف وزير خارجيته لوران فابيوس على الحدود التركية السورية يتفقد معسكراتهم ويسميهم أبطال الحرية؟
«داعش»، مشروع يلفظ أنفاسه في المنطقة حيث ولد، فيسعى إلى التمدّد حيث المناعة أقلّ وأدنى، إلى الأردن، إلى السعودية، إلى فرنسا وتركيا.
العالم يدقّ جرس الخطر، لكن هل بات يدرك اليوم ولو بعد فوات أوان كثير، أنّ وحش الإرهاب لا يمكن تشغيله في الوقت الإضافي وبالفاتورة، وأنّ الحرب على الإرهاب لا تستقيم مع مواصلة الحرب على الدولة السورية، النموذج الفعلي للدولة التعدّدية التشاركية بين الديانات، التي تشكل النقيض الجدي لمشروع الإرهاب، والتي تملك وحدها بنك المعلومات اللازم والعزيمة والجيش والبنية الشعبية، التي تتشكل منها وحدها عناصر الفوز في هذه الحرب!
بين سورية والحرب على الإرهاب تتركز عيون العالم، وخياراته، وكيفية الجمع والضرب والقسمة، ولبنان من ضمن المعنيين بالخيارات.
لا يزال لبنان يتلمّس الطريق، يقع في الحفرة ويحاول النهوض، مقيّداً بمراضاة وحسابات خارج، خارج يضعه في عين العاصفة ويتركه وقت الشدّة وحده.
مثلما كان حوار تيار المستقبل بحسب الرئيس نبيه بري، وفقاً لما نقل عنه زواره، شبكة الأمان التي ستبقى الأهمّ للأمن الوطني ولاستقبال الإيجابيات المتوقعة نحو الاستحقاقات المقبلة، فهذا الحوار هو منصة العزل للإرهاب عن البيئة الحاضنة التي كان يسعى إليها، وبحرمان الإرهاب من هذه البيئة يستطيع الجيش اللبناني أن يحقق النصر منفرداً على كل مكوّنات «القاعدة»، ولذلك يضع بري وفقاً لزواره ثنائية تسليح الجيش وتنشيط الحوار بين المستقبل وحزب الله وتدعيمه، كرمحين للحرب على الإرهاب والفوز بها.
يؤكد زوار بري نقلاً عنه أنه يدرك أهمية تبريد التوترات المتصلة بالعلاقة بين لبنان وسورية، لأنّ اللعب بخيوط التوترات يستنفر كلّ عناصر إضعاف الموقف اللبناني في وجه الإرهاب، ويتسبّب بضرب كلّ منجزات التهدئة التي تتحقق بين الأطراف اللبنانية على أكثر من صعيد، عدا عن الضرر الذي يلحقه بالعلاقة بين البلدين.
ينفي بري لزواره نهائياً أيّ صحة للكلام عن فرض سمة دخول على السوريين الراغبين بزيارة لبنان عبر الحدود. يقول لزواره بنبرة استنكار، إنه استوضح فوراً من وزير الشؤون الاجتماعية ومن مدير عام الأمن العام طبيعة الإجراءات المتخذة، عندما سمع سؤالاً من ممثلة المفوضية الأوروبية بهذا الصدد، وهو يجزم أن لا تأشيرة دخول تفرض على السوريين، وأنّ ما يقوم به الأمن العام اللبناني لا يتعارض مع مبدأ التنقل من دون تأشيرة بين البلدين، وهو يتضمن الحصول على معلومات من الوافدين تحدّد وجهتهم وغرض زيارتهم وبعض التفاصيل الضرورية أمنياً.
المصدر :
الماسة السورية/ النباء
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة