الحوار الذي تستعدّ موسكو لاستضافته بعد شهر بين كلّ من الحكومة السورية ووفد معارض، يتموضع تحت سقف البحث عن مصالحة وطنية مع الدولة،بعنوان أولوية الحرب على الإرهاب، بعدما تولت مصر وراثة دور أنقرة والدوحة والرياض في فك وتركيب المعارضة، لترتيب البيت المعارض بما يتناسب مع العناوين الجديدة، من دون أن يكون بعد ثمة خريطة طريق واضحة لبلوغ التسوية التي يُفترض أن تحمل تزامناً بين إقفال حدود دول الجوار لسورية أمام تسريب السلاح والمسلحين من جهة، وظهور حكومة وحدة وطنية سورية تضمّ بعض رموز المعارضة الجديدة، من جهة ثانية، وتشهد فكفكة المناخات الدولية والإقليمية المعادية لسورية ديبلوماسياً واقتصادياً من جهة ثالثة.

بالتزامن مع تحضير المنصات وتجهيز الهوائيات، يبدو الارتباك الأميركي عائقاً أمام إقلاع التسويات المرتقبة على رغم نضوج معطياتها، وسبب الارتباك خشية أميركية على مكانة متداعية مع تصاعد الدور الروسي، فتتحوّل إجراءات وسياسات الحصار لروسيا مصدر تفخيخ وتخريب للتسويات، كما ينتج الارتباك من كلفة التسويات في زمن التنافس الداخلي الانتخابي ومعه شروط التسويات المتصلة بالعقوبات والقوانين الصادرة عن الكونغرس، ومن جهة مقابلة يرتب الوضع الحرج لحلفاء واشنطن بنتيجة أي تسوية سبباً للتردّد والارتباك، بينما الحرب على «داعش» لا تنتظر نضج من في البيت الأبيض ليخطو الخطوة الحاسمة نحو حلف يتناسب مع المهمة، بعد فشل الحلف الذي تشكل من حواضر البيت تلافياً للنتائج المترتبة على الحلف الجدي الفعال ودور الشركاء الجدد، خصوم الأمس حلفاء الغد.

في مواجهة هذا الارتباك الأميركي وتداعياته من ازدواج المواجهة والتفاوض، وإعداد منصات التسويات، تبلورت إرادة روسية إيرانية عراقية سورية بالتعاون مع قدرة المقاومة الاستراتيجية، خوض الحرب على «داعش» من دون الالتفات إلى ما تفكر به واشنطن وما تحضره في هذا السياق، وتمّ البدء بمرحلة جديدة تشهد سورية والعراق نتائجها، في الغارات التي كثفها الجيش السوري في الرقة ودير الزور، والهجمات البرية الفعالة التي بدأها الجيش العراقي وبدأت إنجازاتها بالظهور في محافظة صلاح الدين بعد استرجاع مدينة بلد والدخول إلى الضلوعية.

الاستعداد للتفاوض الصعب عبّر عنه رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني في كلامه من بيروت بنفي أيّ تفاهمات مع أميركا، وأيّ تحالف حول الحرب على الإرهاب، وتأكيده أنّ ما يجري على الجبهة السورية في الأمن والسياسة والاقتصاد هو تفاهم روسي إيراني سوري، وأنّ ترميم ما تصدع في حلف المقاومة من علاقة بحركة حماس يبدو على سكة الحلحلة، لأن مشوار فلسطين هو الأساس، والمشوار طويل، والتفاوض شائك ومعقد ويستدعي الحفاظ على كل أوراق القوة، وفي هذا السياق يبدو أن تتويج هذا الترميم والحشد سيتمثل بزيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل قريباً إلى طهران، بناء على وساطة من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي رعى زيارة الوفد القيادي لحماس برئاسة محمد نصر إلى إيران، والإفراج عن موازنات مجمدة لحركة حماس من الدعم الإيراني منذ الخلاف على تموضع حماس في الأزمة السورية.

في لبنان، يبدو حزب الله الشريك اللبناني في الحلف الدولي الإقليمي، الذي يواجه الهجمة والارتباك الأميركيين، مستمراً بمدّ الجسور وإعداد المنصات لكن بلا أوهام حول سرعة النتائج، مع جرعة تحذير من التفاؤل المفرط بالحلول، فما يدور على مجمل الساحات يوحي بالمواجهة المستمرة ولو لتحسين الأوضاع التفاوضية، وتبدو المؤشرات المحيطة بوضع الحزب في هذه المعادلات مدعاة للحذر سواء ما يتصل بملف المحكمة الدولية، أو ملف تصنيفه أو تصنيف ما سُمّي بجناحه العسكري على لوائح الإرهاب، أو المواجهة مع «داعش» و«النصرة» في عرسال وجرود السلسلة الشرقية.

  • فريق ماسة
  • 2014-12-28
  • 12008
  • من الأرشيف

مصر بدلاً من أنقرة والدوحة والرياض لترتيب الوفد السوري المعارض إلى موسكو

الحوار الذي تستعدّ موسكو لاستضافته بعد شهر بين كلّ من الحكومة السورية ووفد معارض، يتموضع تحت سقف البحث عن مصالحة وطنية مع الدولة،بعنوان أولوية الحرب على الإرهاب، بعدما تولت مصر وراثة دور أنقرة والدوحة والرياض في فك وتركيب المعارضة، لترتيب البيت المعارض بما يتناسب مع العناوين الجديدة، من دون أن يكون بعد ثمة خريطة طريق واضحة لبلوغ التسوية التي يُفترض أن تحمل تزامناً بين إقفال حدود دول الجوار لسورية أمام تسريب السلاح والمسلحين من جهة، وظهور حكومة وحدة وطنية سورية تضمّ بعض رموز المعارضة الجديدة، من جهة ثانية، وتشهد فكفكة المناخات الدولية والإقليمية المعادية لسورية ديبلوماسياً واقتصادياً من جهة ثالثة. بالتزامن مع تحضير المنصات وتجهيز الهوائيات، يبدو الارتباك الأميركي عائقاً أمام إقلاع التسويات المرتقبة على رغم نضوج معطياتها، وسبب الارتباك خشية أميركية على مكانة متداعية مع تصاعد الدور الروسي، فتتحوّل إجراءات وسياسات الحصار لروسيا مصدر تفخيخ وتخريب للتسويات، كما ينتج الارتباك من كلفة التسويات في زمن التنافس الداخلي الانتخابي ومعه شروط التسويات المتصلة بالعقوبات والقوانين الصادرة عن الكونغرس، ومن جهة مقابلة يرتب الوضع الحرج لحلفاء واشنطن بنتيجة أي تسوية سبباً للتردّد والارتباك، بينما الحرب على «داعش» لا تنتظر نضج من في البيت الأبيض ليخطو الخطوة الحاسمة نحو حلف يتناسب مع المهمة، بعد فشل الحلف الذي تشكل من حواضر البيت تلافياً للنتائج المترتبة على الحلف الجدي الفعال ودور الشركاء الجدد، خصوم الأمس حلفاء الغد. في مواجهة هذا الارتباك الأميركي وتداعياته من ازدواج المواجهة والتفاوض، وإعداد منصات التسويات، تبلورت إرادة روسية إيرانية عراقية سورية بالتعاون مع قدرة المقاومة الاستراتيجية، خوض الحرب على «داعش» من دون الالتفات إلى ما تفكر به واشنطن وما تحضره في هذا السياق، وتمّ البدء بمرحلة جديدة تشهد سورية والعراق نتائجها، في الغارات التي كثفها الجيش السوري في الرقة ودير الزور، والهجمات البرية الفعالة التي بدأها الجيش العراقي وبدأت إنجازاتها بالظهور في محافظة صلاح الدين بعد استرجاع مدينة بلد والدخول إلى الضلوعية. الاستعداد للتفاوض الصعب عبّر عنه رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني في كلامه من بيروت بنفي أيّ تفاهمات مع أميركا، وأيّ تحالف حول الحرب على الإرهاب، وتأكيده أنّ ما يجري على الجبهة السورية في الأمن والسياسة والاقتصاد هو تفاهم روسي إيراني سوري، وأنّ ترميم ما تصدع في حلف المقاومة من علاقة بحركة حماس يبدو على سكة الحلحلة، لأن مشوار فلسطين هو الأساس، والمشوار طويل، والتفاوض شائك ومعقد ويستدعي الحفاظ على كل أوراق القوة، وفي هذا السياق يبدو أن تتويج هذا الترميم والحشد سيتمثل بزيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل قريباً إلى طهران، بناء على وساطة من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي رعى زيارة الوفد القيادي لحماس برئاسة محمد نصر إلى إيران، والإفراج عن موازنات مجمدة لحركة حماس من الدعم الإيراني منذ الخلاف على تموضع حماس في الأزمة السورية. في لبنان، يبدو حزب الله الشريك اللبناني في الحلف الدولي الإقليمي، الذي يواجه الهجمة والارتباك الأميركيين، مستمراً بمدّ الجسور وإعداد المنصات لكن بلا أوهام حول سرعة النتائج، مع جرعة تحذير من التفاؤل المفرط بالحلول، فما يدور على مجمل الساحات يوحي بالمواجهة المستمرة ولو لتحسين الأوضاع التفاوضية، وتبدو المؤشرات المحيطة بوضع الحزب في هذه المعادلات مدعاة للحذر سواء ما يتصل بملف المحكمة الدولية، أو ملف تصنيفه أو تصنيف ما سُمّي بجناحه العسكري على لوائح الإرهاب، أو المواجهة مع «داعش» و«النصرة» في عرسال وجرود السلسلة الشرقية.

المصدر : البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة