لم تعد شجرة السرو الصغيرة تحمل أضواء وألعاباً جميلة في الزمن الداعشي، شجرة العيد في زمن داعش باتت مضرخة باللون الأحمر، "سانتاكلوز" الذي طالما حلم الأطفال بهداياه ،

بات يحمل كيساً مليئاً بالرؤوس المقطوعة، يطلق لحيته الكثة مع شوارب حليقة ويجر ورائه عربة بمدفع شيلكا، يحز رأس ضحيته على أنغام "فرانك سيناترا"، يمسح العرق عن جبينه ليرتشف بعضاً من اللبن الحلال، ثم يعاود طقوسه الحمراء، هكذا يحاول أتباع النهج "الداعشي" أن يحولوا العيد المجيد.

في فسحة من الزمن والجغرافيا، ووسط كل هذا الضجيج الدموي المحقون بالتعصب الممول من دول إقليمية وغربية، تبقى دمشق عابقةً بروح الميلاد المجيد، وكأن المسيح أقام عشائه الأخير في إحدى أزقة الشام العتيقة.

ملايين المسيحيين الذين تم تهجيرهم في العراق، والمسيحيات اللواتي تم سبيهن "داعشياً"، والأديرة التي دُمرت وحُرقت والأيقونات والتماثيل التي دُنست في سوريا، كل ذلك المشهد المشوه والطارئ على منطقة هي مسيحية بامتياز منذ القدم يتم تسييره من حيث يطل قرن الشيطان في صحراء غلب لون نفطها الأسود على ذهب رمالها.

بالتزامن مع الميلاد المجيد تستمر أمريكا بتسويق أكاذيبها حول خوفها على مسيحيي المنطقة، وتردد مراكز الأبحاث والدراسات الغربية أسطوانتها المشروخة بالخطر المحدق على الوجود الكنسي في الشرق بفعل تمدد التطرف، هو ذات التطرف الذي اتخذ شكل مظاهرات في بعض المناطق والتي رددت شعارات "المسيحي ع بيروت"، تطورت لتصبح " داعش ونصرة وغيرها من حركات التطرف"، كل ما أفضت إليه المنطقة من ويلات المتشددين كانت بأيادي أمريكية عقدت صفقتها مع الشيطان.

في سوريا تُضاء شجرة الميلاد، وتُزين بالعلم ذي النجمتين الخضراوتين، تدق أجراس الكنائس لتجيبها مآذن الشام بالتبريك، ساحات مضاءة في ليل دمشق، شبان ارتدوا زيّ "بابا نويل" وداروا على حواجز الجيش، شال على شكل العلم السوري لتدفئة كل جندي يقف في ليل بارد، وكأنها هدية من السيد المسيح في عيده لكل ممتشق لسلاحه في وجه الشر.

هي مفارقة تدل على خيارين في الحياة، الأسلوب "الداعشي" الذي أتت به رمال صحراء الربع الخال ومن ورائها واشنطن والغرب ، والأسلوب السوري في فن الحياة والتعايش، خيارين على كل منصف أن يقارن بينهما.

  • فريق ماسة
  • 2014-12-27
  • 9739
  • من الأرشيف

العيد بين سانتاكلوز الداعشي و بابا نويل السوري

لم تعد شجرة السرو الصغيرة تحمل أضواء وألعاباً جميلة في الزمن الداعشي، شجرة العيد في زمن داعش باتت مضرخة باللون الأحمر، "سانتاكلوز" الذي طالما حلم الأطفال بهداياه ، بات يحمل كيساً مليئاً بالرؤوس المقطوعة، يطلق لحيته الكثة مع شوارب حليقة ويجر ورائه عربة بمدفع شيلكا، يحز رأس ضحيته على أنغام "فرانك سيناترا"، يمسح العرق عن جبينه ليرتشف بعضاً من اللبن الحلال، ثم يعاود طقوسه الحمراء، هكذا يحاول أتباع النهج "الداعشي" أن يحولوا العيد المجيد. في فسحة من الزمن والجغرافيا، ووسط كل هذا الضجيج الدموي المحقون بالتعصب الممول من دول إقليمية وغربية، تبقى دمشق عابقةً بروح الميلاد المجيد، وكأن المسيح أقام عشائه الأخير في إحدى أزقة الشام العتيقة. ملايين المسيحيين الذين تم تهجيرهم في العراق، والمسيحيات اللواتي تم سبيهن "داعشياً"، والأديرة التي دُمرت وحُرقت والأيقونات والتماثيل التي دُنست في سوريا، كل ذلك المشهد المشوه والطارئ على منطقة هي مسيحية بامتياز منذ القدم يتم تسييره من حيث يطل قرن الشيطان في صحراء غلب لون نفطها الأسود على ذهب رمالها. بالتزامن مع الميلاد المجيد تستمر أمريكا بتسويق أكاذيبها حول خوفها على مسيحيي المنطقة، وتردد مراكز الأبحاث والدراسات الغربية أسطوانتها المشروخة بالخطر المحدق على الوجود الكنسي في الشرق بفعل تمدد التطرف، هو ذات التطرف الذي اتخذ شكل مظاهرات في بعض المناطق والتي رددت شعارات "المسيحي ع بيروت"، تطورت لتصبح " داعش ونصرة وغيرها من حركات التطرف"، كل ما أفضت إليه المنطقة من ويلات المتشددين كانت بأيادي أمريكية عقدت صفقتها مع الشيطان. في سوريا تُضاء شجرة الميلاد، وتُزين بالعلم ذي النجمتين الخضراوتين، تدق أجراس الكنائس لتجيبها مآذن الشام بالتبريك، ساحات مضاءة في ليل دمشق، شبان ارتدوا زيّ "بابا نويل" وداروا على حواجز الجيش، شال على شكل العلم السوري لتدفئة كل جندي يقف في ليل بارد، وكأنها هدية من السيد المسيح في عيده لكل ممتشق لسلاحه في وجه الشر. هي مفارقة تدل على خيارين في الحياة، الأسلوب "الداعشي" الذي أتت به رمال صحراء الربع الخال ومن ورائها واشنطن والغرب ، والأسلوب السوري في فن الحياة والتعايش، خيارين على كل منصف أن يقارن بينهما.

المصدر : عربي برس - علي مخلوف


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة