رفع أعداء سورية والمقاومة شعار إسقاط النظام وتفكيك الدولة، وجمعوا التكفيريين الذين ابتلعوا الثورة السورية بأفعالهم غير الأخلاقية، وصنعوا محميات سياسية ورَقية، كـ"المجلس الوطني" أو "الائتلاف السوري" و"تنسيقيات الثورة"، وصنعوا بربارة اسمها "الجيش السوري الحر"، الذي ابتلعته "داعش" و"النصرة"، ولم يبق لـ"الثورة السورية" المفترَضة أي قيادة سورية، مدنية أو عسكرية.

 فشل العدوان الأميركي على سورية ومحور المقاومة، وتقلّص النفوذ الأميركي في العالم، ما اضطر أميركا أن تتراجع عن حصار كوبا بعد خمسين عاماً من الحصار، فسنحت للروس فرصة العودة إلى الساحة الدولية، نتيجة صمود محور المقاومة، وإن تلكّأ الروس في البدايات، لكنهم بعد أحداث أوكرانيا وفرض العقوبات عليهم أحسّوا بالخطر، فانخرطوا في محور مواجهة المشروع الأميركي بالتكافل مع إيران، وفي لحظة الصمود السوري والتقاط الأنفاس في العراق، والانتصار في اليمن لـ"حركة أنصار الله" وحلفائها، فبادرت روسيا وإيران لطرح مبادرة الحل السياسي في سورية، مستندة إلى إنجازات الجيش السوري مع الدفاع الوطني وحلفاؤه من حزب الله وإيران، في لحظة مفصلية من الضعف الأميركي بالتبرؤ من "داعش" ظاهرياً، وانهزام "الإخوان المسلمين" في مصر وتونس، والتخبط التركي والخوف السعودي من المدّ التكفيري.

 المبادرة الروسية - الإيرانية تهدف إلى:

 - الحفاظ على وحدة الأرض والدولة السورية، واحترام قرار الشعب السوري (بالانتخابات) بتنصيب الرئيس بشار الأسد رئيساً للجمهورية.

- جمع المعارضة الوطنية السورية التي لا ترتهن للخارج، وليست من المقاولين ونزلاء الفنادق.

 - مواجهة الإرهاب التكفيري في سورية والمنطقة.

لكن المبادرة الروسية - الإيرانية تعترضها عدة عوائق، منها:

- غياب الطرف المعارض السوري المؤهَّل لحوار النظام، أو القادر على الإمساك بالميدان أو القوى المسلحة.

- هيمنة "النصرة" و"داعش" والجماعات التكفيرية على الميدان، وإقامة "إمارات" لا وجود فيها لأي تمثيل لـ"المعارضة السورية" أو "الجيش الحر" الذي تمت تصفيته.

 

- مكابرة تركيا والسعودية وقطر، ورفضهم لأي حل سياسي يُبقي الرئيس الأسد في السلطة، لأنهم قيدوا أنفسهم بمعادلة الأسد أو أردوغان، الأسد أو الملك عبد الله، الأسد أو أمير قطر، وذهب الأمير وبقي الأسد، والظاهر أن الآخرين سيرحلون ويبقى الأسد، كما رحل ساركوزي وكلينتون والمرزوقي وغيرهم.

 - الموقف الأوروبي الضعيف، والتابع سياسياً لأميركا، أو الخاضع لابتزاز دول الخليج المالي والاقتصادي، فأصبح الموقف الغربي أو البريطاني مرتبطاً بالعطاءات المالية أو الصفقات العسكرية أو الاقتصادية.

- الرهان على الحل العسكري وتكرار تجربة الأربع سنوات الماضية مع قناعتهم باستحالة هزيمة النظام.

 إن معركة حصار وتحرير مدينة حلب ستكون المفصل الأساس في تحديد وجهة الحل السياسي وإعلان نهاية "الثورة السورية"، وبقاء عصابات مسلحة متناثرة، وقطع اليد التركية بعدما قيدت اليد الأولى بالاتفاقيات الاقتصادية مع روسيا وإيران، وقد بدأت المبادرة الروسية - الإيرانية مع بدء خطة تحرير حلب، وتم احتواء مبادرة المندوب الأممي ستيفان دي مستورا بتجميد القتال في حلب لإنقاذ المسلحين، ولن يُكتب لها النجاح إلا بالشروط السورية؛ كما حصل في حمص.

 لقد بدأت المظاهرات الشعبية ضد الجماعات المسلحة، واكتملت دائرة الانقلاب على "الثورة" ولصوصها.. وبدأت الثورة بمظاهرات ضد النظام بحجة الفساد وطلباً للإصلاح، وانتهت "الثورة" ببدء المظاهرات ضدالمسلحين، لتسهيل الحل السياسي كمعبر إلزامي لإنهاء الأزمة السورية ستفرضه تداعيات تمدد الإرهاب التكفيري خارج المنطقة، والذي بدأت إرهاصاته العالمية تظهر في أستراليا وفرنسا وأميركا والخليج..

لم تعد أميركا قائد العالم الأوحد الذي يفرض الحلول، وانتهى عصرها وبدأ زمن الأقطاب المتعددة، والنجم الأميركي إلى أفول ومعه "الربيع العربي"..

  • فريق ماسة
  • 2014-12-26
  • 6848
  • من الأرشيف

الانتصارات السورية تصنع المبادرة الروسية - الإيرانية

رفع أعداء سورية والمقاومة شعار إسقاط النظام وتفكيك الدولة، وجمعوا التكفيريين الذين ابتلعوا الثورة السورية بأفعالهم غير الأخلاقية، وصنعوا محميات سياسية ورَقية، كـ"المجلس الوطني" أو "الائتلاف السوري" و"تنسيقيات الثورة"، وصنعوا بربارة اسمها "الجيش السوري الحر"، الذي ابتلعته "داعش" و"النصرة"، ولم يبق لـ"الثورة السورية" المفترَضة أي قيادة سورية، مدنية أو عسكرية.  فشل العدوان الأميركي على سورية ومحور المقاومة، وتقلّص النفوذ الأميركي في العالم، ما اضطر أميركا أن تتراجع عن حصار كوبا بعد خمسين عاماً من الحصار، فسنحت للروس فرصة العودة إلى الساحة الدولية، نتيجة صمود محور المقاومة، وإن تلكّأ الروس في البدايات، لكنهم بعد أحداث أوكرانيا وفرض العقوبات عليهم أحسّوا بالخطر، فانخرطوا في محور مواجهة المشروع الأميركي بالتكافل مع إيران، وفي لحظة الصمود السوري والتقاط الأنفاس في العراق، والانتصار في اليمن لـ"حركة أنصار الله" وحلفائها، فبادرت روسيا وإيران لطرح مبادرة الحل السياسي في سورية، مستندة إلى إنجازات الجيش السوري مع الدفاع الوطني وحلفاؤه من حزب الله وإيران، في لحظة مفصلية من الضعف الأميركي بالتبرؤ من "داعش" ظاهرياً، وانهزام "الإخوان المسلمين" في مصر وتونس، والتخبط التركي والخوف السعودي من المدّ التكفيري.  المبادرة الروسية - الإيرانية تهدف إلى:  - الحفاظ على وحدة الأرض والدولة السورية، واحترام قرار الشعب السوري (بالانتخابات) بتنصيب الرئيس بشار الأسد رئيساً للجمهورية. - جمع المعارضة الوطنية السورية التي لا ترتهن للخارج، وليست من المقاولين ونزلاء الفنادق.  - مواجهة الإرهاب التكفيري في سورية والمنطقة. لكن المبادرة الروسية - الإيرانية تعترضها عدة عوائق، منها: - غياب الطرف المعارض السوري المؤهَّل لحوار النظام، أو القادر على الإمساك بالميدان أو القوى المسلحة. - هيمنة "النصرة" و"داعش" والجماعات التكفيرية على الميدان، وإقامة "إمارات" لا وجود فيها لأي تمثيل لـ"المعارضة السورية" أو "الجيش الحر" الذي تمت تصفيته.   - مكابرة تركيا والسعودية وقطر، ورفضهم لأي حل سياسي يُبقي الرئيس الأسد في السلطة، لأنهم قيدوا أنفسهم بمعادلة الأسد أو أردوغان، الأسد أو الملك عبد الله، الأسد أو أمير قطر، وذهب الأمير وبقي الأسد، والظاهر أن الآخرين سيرحلون ويبقى الأسد، كما رحل ساركوزي وكلينتون والمرزوقي وغيرهم.  - الموقف الأوروبي الضعيف، والتابع سياسياً لأميركا، أو الخاضع لابتزاز دول الخليج المالي والاقتصادي، فأصبح الموقف الغربي أو البريطاني مرتبطاً بالعطاءات المالية أو الصفقات العسكرية أو الاقتصادية. - الرهان على الحل العسكري وتكرار تجربة الأربع سنوات الماضية مع قناعتهم باستحالة هزيمة النظام.  إن معركة حصار وتحرير مدينة حلب ستكون المفصل الأساس في تحديد وجهة الحل السياسي وإعلان نهاية "الثورة السورية"، وبقاء عصابات مسلحة متناثرة، وقطع اليد التركية بعدما قيدت اليد الأولى بالاتفاقيات الاقتصادية مع روسيا وإيران، وقد بدأت المبادرة الروسية - الإيرانية مع بدء خطة تحرير حلب، وتم احتواء مبادرة المندوب الأممي ستيفان دي مستورا بتجميد القتال في حلب لإنقاذ المسلحين، ولن يُكتب لها النجاح إلا بالشروط السورية؛ كما حصل في حمص.  لقد بدأت المظاهرات الشعبية ضد الجماعات المسلحة، واكتملت دائرة الانقلاب على "الثورة" ولصوصها.. وبدأت الثورة بمظاهرات ضد النظام بحجة الفساد وطلباً للإصلاح، وانتهت "الثورة" ببدء المظاهرات ضدالمسلحين، لتسهيل الحل السياسي كمعبر إلزامي لإنهاء الأزمة السورية ستفرضه تداعيات تمدد الإرهاب التكفيري خارج المنطقة، والذي بدأت إرهاصاته العالمية تظهر في أستراليا وفرنسا وأميركا والخليج.. لم تعد أميركا قائد العالم الأوحد الذي يفرض الحلول، وانتهى عصرها وبدأ زمن الأقطاب المتعددة، والنجم الأميركي إلى أفول ومعه "الربيع العربي"..

المصدر : الماسة السورية/ الثبات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة