المعارك العنيفة مستمرة في مخيم حندرات ومزارع الملاح في حلب. سيطرة الجيش السوري على المنطقتين (في حال حدوثها) لا تعني إتمام «الطوق» حول مناطق سيطرة المسلحين في أحياء حلب الشرقية، لكنها تحظى رغم ذلك بأهمية استراتيجية ثنائية المنحى.

 «الطوق» الذي يسعى الجيش السوري وحلفاؤه إلى فرضه على مسلّحي الأحياء الشرقية في حلب لم يكتمل بعد. وعلاوةً على أن السيطرة على مخيم حندرات ليست كافيةً في حد ذاتها لإحكام الطوق، فإن الاشتباكات في المنطقة المذكورة ومحيطها لا تزال مستمرّة ما بين كرّ وفر. الجيش السوري كان قد حقّق أمس تقدماً في حندرات ومزارع الملّاح المتاخمة، قبل أن تستعيد المجموعات المسلّحة مساءً جزءاً مما خسرته.

وتحظى معارك الملاح بأهمية استراتيجية، ففي حال نجاح الجيش السوري في بسط سيطرة كاملة ومستقرّة عليها يمكنه المضيّ في بسط سيطرة مماثلة على حندرات. تبادل مربعات السيطرة يُعتبر أمراً طبيعيّاً في معارك مماثلة، لا تدور في مساحات مكشوفة، ومن الوارد أن تستمرّ المعارك أياماً عدّة في حالات كهذه، ما لم يجد أحد الطرفين نفسه مضطرّاً للانسحاب. وتدور الاشتباكات داخل مخيم حندرات من بناء إلى بناء، ما يعني تحييد سلاح الجو بنسبة كبيرة، واقتصار دوره على استهداف خطوط الإمداد. المعلومات الميدانية الواردة إلى «الأخبار» من مصادر عدّة (ومن طرفي القتال) تؤكّد أن أعداد قتلى المجموعات المسلّحة قدّرت بالعشرات خلال اليومين الأخيرين، وسط استماتة المسلّحين في محاولة إحباط تقدم الجيش. ويلعب المسلحون من أبناء الريف دوراً أساسيّاً في المعركة، فمن شأن خسارتها أن تفتح أمام الجيش خيارات عدّة على رأسها الانطلاق نحو بيانون، تمهيداً لفك الحصار عن نبل والزهراء. كذلك تتيح وضع محور الكاستيلو تحت سيطرة ناريّة للجيش السوري وحلفائه. وينبغي في هذا السياق التنويه إلى الاختلاف بين نقطة «الكاستيلو» كنقطة، ومحور الكاستيلو – حريتان – حندرات. المحور المذكور يسمى اصطلاحاً «الكاستيلو»، وهو المتنفس الحقيقي المتبقي للمسلحين، ومن شأن وضعه تحت السيطرة النارية أن يُمهد لإحكام الطوق فعليّاً.

  تنظيم «الدولة الإسلامية» يقطع يد مدنيّ في مدينة الباب امس

لكنّ السيطرة على هذا المحور لا تعتبر محطة إجبارية على طريق فك الحصار عن نبّل والزهراء. وبمعنى آخر، فإن السيطرة الفعلية والمستقرّة على حندرات تجعل الجيش مخيّراً بين الانطلاق نحو واحد من الهدفين المذكورين، أو كليهما معاً، مع الأخذ بالاعتبار أن الانطلاق نحو فك الحصار عن نبل والزهراء يتيح ضرب الخطوط الخلفية للمسلحين انطلاقاً من بيانون (في حال نجاح العملية). وثمة سيناريو محتمل، ربما عمد الجيش السوري إلى تطبيقه في مرحلة لاحقة لسيطرته على حندرات (في حال حصولها)، ويتمثل في إبقاء محور الكاستيلو تحت السيطرة النارية، من دون السعي إلى بسط السيطرة عليه. ويتيح هذا السيناريو في حال تطبيقه تفريغ أحياء حلب الشرقية من المدنيين المتبقين فيها (يقدر عددهم بـ 400 ألف)، عبر السماح لمن يرغب منهم بالنزوح. في المقابل، لا يبدو من السهل على المجموعات المسلّحة فتح جبهة بديلة عبر محاولة اقتحام أحياء حلب الغربية. فالمحاولات المتكررة للسيطرة على مبنى المخابرات الجوية باءت بالفشل، وقد عزّز الجيش وحلفاؤه أخيراً مواقعهم هناك، وأحكموا تمترسهم.

موجة جرب وقمل

في الأثناء، تفاقم انتشار جائحة الجرب والقمل بين قاطني الأحياء الشرقية في مدينة حلب. وتابع فريق الرعاية الصحية التابع لمنظمة الهلال الأحمر عمليات «الاستجابة»، في محاولة لوضع حد لانتشار الجائحة. وفي هذا السياق، أعلن الفريق نجاحه في «إدخال 1000 عبوة من غسول بنزوات البنزيل الخاصة بعلاج الجرب»، إضافة إلى «إدخال 700 عبوة أنسولين مختلط إلى أحياء حلب الشرقية حيث تمَّ تسليمها للمركز الصحي الذي يقوم بتوزيعها على المرضى بداء السكري».

تظاهرات ضدّ «نور الدين زنكي»

على صعيد آخر، شهد حي المشهد (الخاضع لسيطرة المسلحين) أمس تظاهرة قام بها ناشطون ضدّ «حركة نور الدين زنكي». وجاء ذلك على خلفية قيام مسلحي «الحركة» باختطاف «العقيد أبو أحمد عمليّات» وهو «عضو مجلس شورى اتحاد ثوار حلب». وقال ناشطون معارضون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إن «الحركة ارتكبت ممارسات مشابهة في الفترة الأخيرة، ومنها دخول مسلحيها قبل أيام إلى مدينة عندان (شمال حلب)، وقيامهم بقتل شخصين واعتقال أشخاص آخرين، من دون سبب واضح».

«تطبيق حدود» في الباب وإدلب!

إلى ذلك، عمد تنظيم «الدولة الإسلامية» أمس الى قطع يد مدنيّ في مدينة الباب (ريف حلب الشرقي). ونشر «المكتب الإعلامي لولاية حلب» التابع للتنظيم صوراً توثّق «تطبيق حدّ قطع يد سارقٍ في مدينة الباب بعد صلاة الجمعة أمام عامة المسلمين». وعلى صعيد متصل، رجم تنظيم «جند الأقصى» سيدتين حتى الموت» في محافظة إدلب. وقال«المرصد » المعارض إن التنظيم المتطرف قام بـ«تنفيذ حد الرَّجم حتى الموت بحق سيدتين كان قد اعتقلهما منذ نحو أسبوعين بتهمة «الزنا». ونقل «المرصد» عن «مصادر موثوقة» قولها إن «العملية نفذت في المنطقة الواقعة بين بلدتي سرمين والنيرب في ريف محافظة إدلب، من قبل عناصر تنظيم جند الأقصى، وذلك بأمر من المحكمة الشرعية التابعة لجند الأقصى في سرمين». وعقب تنفيذ عملية «الرجم»، نقلت «سيارة إسعاف جثتي السيدتين إلى مشفى الشفاء ببلدة سراقب، ليتسلم ذووهنَّ الجثتين ويدفنهما»، وفقاً للمصدر ذاته.

  • فريق ماسة
  • 2014-12-19
  • 10071
  • من الأرشيف

معارك كرّ وفر في حندرات: «طوق حلب» لم يـكتمل بعد

المعارك العنيفة مستمرة في مخيم حندرات ومزارع الملاح في حلب. سيطرة الجيش السوري على المنطقتين (في حال حدوثها) لا تعني إتمام «الطوق» حول مناطق سيطرة المسلحين في أحياء حلب الشرقية، لكنها تحظى رغم ذلك بأهمية استراتيجية ثنائية المنحى.  «الطوق» الذي يسعى الجيش السوري وحلفاؤه إلى فرضه على مسلّحي الأحياء الشرقية في حلب لم يكتمل بعد. وعلاوةً على أن السيطرة على مخيم حندرات ليست كافيةً في حد ذاتها لإحكام الطوق، فإن الاشتباكات في المنطقة المذكورة ومحيطها لا تزال مستمرّة ما بين كرّ وفر. الجيش السوري كان قد حقّق أمس تقدماً في حندرات ومزارع الملّاح المتاخمة، قبل أن تستعيد المجموعات المسلّحة مساءً جزءاً مما خسرته. وتحظى معارك الملاح بأهمية استراتيجية، ففي حال نجاح الجيش السوري في بسط سيطرة كاملة ومستقرّة عليها يمكنه المضيّ في بسط سيطرة مماثلة على حندرات. تبادل مربعات السيطرة يُعتبر أمراً طبيعيّاً في معارك مماثلة، لا تدور في مساحات مكشوفة، ومن الوارد أن تستمرّ المعارك أياماً عدّة في حالات كهذه، ما لم يجد أحد الطرفين نفسه مضطرّاً للانسحاب. وتدور الاشتباكات داخل مخيم حندرات من بناء إلى بناء، ما يعني تحييد سلاح الجو بنسبة كبيرة، واقتصار دوره على استهداف خطوط الإمداد. المعلومات الميدانية الواردة إلى «الأخبار» من مصادر عدّة (ومن طرفي القتال) تؤكّد أن أعداد قتلى المجموعات المسلّحة قدّرت بالعشرات خلال اليومين الأخيرين، وسط استماتة المسلّحين في محاولة إحباط تقدم الجيش. ويلعب المسلحون من أبناء الريف دوراً أساسيّاً في المعركة، فمن شأن خسارتها أن تفتح أمام الجيش خيارات عدّة على رأسها الانطلاق نحو بيانون، تمهيداً لفك الحصار عن نبل والزهراء. كذلك تتيح وضع محور الكاستيلو تحت سيطرة ناريّة للجيش السوري وحلفائه. وينبغي في هذا السياق التنويه إلى الاختلاف بين نقطة «الكاستيلو» كنقطة، ومحور الكاستيلو – حريتان – حندرات. المحور المذكور يسمى اصطلاحاً «الكاستيلو»، وهو المتنفس الحقيقي المتبقي للمسلحين، ومن شأن وضعه تحت السيطرة النارية أن يُمهد لإحكام الطوق فعليّاً.   تنظيم «الدولة الإسلامية» يقطع يد مدنيّ في مدينة الباب امس لكنّ السيطرة على هذا المحور لا تعتبر محطة إجبارية على طريق فك الحصار عن نبّل والزهراء. وبمعنى آخر، فإن السيطرة الفعلية والمستقرّة على حندرات تجعل الجيش مخيّراً بين الانطلاق نحو واحد من الهدفين المذكورين، أو كليهما معاً، مع الأخذ بالاعتبار أن الانطلاق نحو فك الحصار عن نبل والزهراء يتيح ضرب الخطوط الخلفية للمسلحين انطلاقاً من بيانون (في حال نجاح العملية). وثمة سيناريو محتمل، ربما عمد الجيش السوري إلى تطبيقه في مرحلة لاحقة لسيطرته على حندرات (في حال حصولها)، ويتمثل في إبقاء محور الكاستيلو تحت السيطرة النارية، من دون السعي إلى بسط السيطرة عليه. ويتيح هذا السيناريو في حال تطبيقه تفريغ أحياء حلب الشرقية من المدنيين المتبقين فيها (يقدر عددهم بـ 400 ألف)، عبر السماح لمن يرغب منهم بالنزوح. في المقابل، لا يبدو من السهل على المجموعات المسلّحة فتح جبهة بديلة عبر محاولة اقتحام أحياء حلب الغربية. فالمحاولات المتكررة للسيطرة على مبنى المخابرات الجوية باءت بالفشل، وقد عزّز الجيش وحلفاؤه أخيراً مواقعهم هناك، وأحكموا تمترسهم. موجة جرب وقمل في الأثناء، تفاقم انتشار جائحة الجرب والقمل بين قاطني الأحياء الشرقية في مدينة حلب. وتابع فريق الرعاية الصحية التابع لمنظمة الهلال الأحمر عمليات «الاستجابة»، في محاولة لوضع حد لانتشار الجائحة. وفي هذا السياق، أعلن الفريق نجاحه في «إدخال 1000 عبوة من غسول بنزوات البنزيل الخاصة بعلاج الجرب»، إضافة إلى «إدخال 700 عبوة أنسولين مختلط إلى أحياء حلب الشرقية حيث تمَّ تسليمها للمركز الصحي الذي يقوم بتوزيعها على المرضى بداء السكري». تظاهرات ضدّ «نور الدين زنكي» على صعيد آخر، شهد حي المشهد (الخاضع لسيطرة المسلحين) أمس تظاهرة قام بها ناشطون ضدّ «حركة نور الدين زنكي». وجاء ذلك على خلفية قيام مسلحي «الحركة» باختطاف «العقيد أبو أحمد عمليّات» وهو «عضو مجلس شورى اتحاد ثوار حلب». وقال ناشطون معارضون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إن «الحركة ارتكبت ممارسات مشابهة في الفترة الأخيرة، ومنها دخول مسلحيها قبل أيام إلى مدينة عندان (شمال حلب)، وقيامهم بقتل شخصين واعتقال أشخاص آخرين، من دون سبب واضح». «تطبيق حدود» في الباب وإدلب! إلى ذلك، عمد تنظيم «الدولة الإسلامية» أمس الى قطع يد مدنيّ في مدينة الباب (ريف حلب الشرقي). ونشر «المكتب الإعلامي لولاية حلب» التابع للتنظيم صوراً توثّق «تطبيق حدّ قطع يد سارقٍ في مدينة الباب بعد صلاة الجمعة أمام عامة المسلمين». وعلى صعيد متصل، رجم تنظيم «جند الأقصى» سيدتين حتى الموت» في محافظة إدلب. وقال«المرصد » المعارض إن التنظيم المتطرف قام بـ«تنفيذ حد الرَّجم حتى الموت بحق سيدتين كان قد اعتقلهما منذ نحو أسبوعين بتهمة «الزنا». ونقل «المرصد» عن «مصادر موثوقة» قولها إن «العملية نفذت في المنطقة الواقعة بين بلدتي سرمين والنيرب في ريف محافظة إدلب، من قبل عناصر تنظيم جند الأقصى، وذلك بأمر من المحكمة الشرعية التابعة لجند الأقصى في سرمين». وعقب تنفيذ عملية «الرجم»، نقلت «سيارة إسعاف جثتي السيدتين إلى مشفى الشفاء ببلدة سراقب، ليتسلم ذووهنَّ الجثتين ويدفنهما»، وفقاً للمصدر ذاته.

المصدر : الأخبار/ صهيب عنجريني


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة