دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
رغم اتساع رقعة المعارك، والتهاب نقاط النار على امتداد الأراضي السورية، فإن المعركة التي تدور في بلدة الشيخ مسكين، تحمل أهمية خاصة بالنسبة إلى القوات السورية والمجموعات المسلحة، حيث أنها تقع وسط محافظة درعا.
لا تزال المعركة مشتعلة في عمق الشيخ مسكين بين القوات السورية والمجموعات المسلحة، وذلك بعد مرور حوالى 10 أيام على اندلاعها، فيما كانت وكالة الأنباء السورية ــ «سانا» تتحدث عن تقدم للجيش في البلدة.
وكانت الشيخ مسكين، أو عين حوران كما يسمّيها أنصار المعارضة، سقطت بيد المسلحين في 9 تشرين الثاني الماضي، وذلك إثر هجوم شنّته «جبهة ثوار سوريا» و«جبهة النصرة» وألوية «الأنفال» و«شهداء اليرموك» و«أنصار السنة» و«شباب السنة» و»سيف الله المسلول» و«فرقة حمزة». واستطاعت هذه المجموعات السيطرة على النقاط بين نوى وبلدة الشيخ مسكين والتلال الاستراتيجية المحيطة بها، وصولاً إلى عمق البلدة، وذلك بعد انسحاب القوات السورية إلى خارجها.
وقال قائد ميداني في الجيش السوري، لـ«السفير»، إن «هذه كانت الخطة»، حيث كان الجيش السوري أعلن وقتها عن مناورة في نوى وإعادة انتشار وتموضع خارج الشيخ مسكين، ما جعل المجموعات المسلحة تتأكد من أن انتصارها تحقق، معتبرة هذا الإعلان محاولة للجيش للتغطية على «هزيمته».
ويضيف القائد الميداني: إن الجيش في هذا الوقت كان يستعد لاستقدام قوات ويدعم خطوطه الخلفية بالمزيد من العناصر. أقل من عشرة أيام، وبدأ التحرك من المحاور التالية:
ـ١ محور منطقة الذنيبة في أزرع باتجاه الشيخ مسكين، مشكلاً قوس صد وهجوم شرق شمال على البلدة.
2- محور بلدة قرفة باتجاه الشيخ مسكين، مكملاً قوس الصدّ والهجوم على البلدة.
3- نقاط ارتكاز شمال البلدة، تقدمت من «اللواء 82» (أقرب قطعة عسكرية للجيش على الشيخ مسكين من الشمال).
وتابع «وصلت قوات الدعم إلى أطراف الشيخ مسكين، وانقسمت إلى مجموعات صغيرة نخبوية متعدّدة المهام، بما يتناسب مع ظرف المعركة الذي تحوّل إلى قتال ضمن الأبنية والكتل السكنية. سرعان ما سيطر الجيش السوري على نقاط مهمة داخل البلدة كمحطة الحرمون وتجمع الديري، ممهداً لتقدم واسع على الاتجاهات كافة، وكانت النتائج أعداداً كبيرة من المسلحين قتلى ومصابين، بينهم قادة في مختلف الفصائل، كمحمد عوض حسين والقيادي في النصرة السعودي أبو همام الجزراوي».
كما تقدم الجيش بشكل خاطف إلى الحي الغربي، حيث سيطر على تجمع أبنية «آل الرحال» ذات الموقع الاستراتيجي.
ماذا ردّت «ثوار سوريا» و»جبهة النصرة» وباقي الفصائل على التقدم العسكري؟
وسارعت المجموعات المسلحة إلى رفع «درجة الخطورة»، حيث طالب أتباعها بـ»الفزعة»، كما يُقال شعبياً في حوران، بالتزامن مع ضخ إعلامي قوي لدعم «معركة ادخلوا عليهم الباب» التي أعلنت عنها «النصرة» للسيطرة على الشيخ مسكين في الثالث من تشرين الثاني الماضي.
كذلك، بادرت التنظيمات المسلحة كافة في الجنوب السوري الى تقديم كل إمكانيتها اللوجستية والبشرية لإمداد نقاط المسلحين في الشيخ مسكين، بالتزامن مع تقدم الجيش السوري الأخير في البلدة.
وأشار القائد الميداني إلى أن القوات السورية قامت «بتحويل تركيز التغطية النارية من وحداتنا المتمركزة في محيط البلدة، والتي رافقت تشكيلات الاقتحام، من داخل البلدة إلى خارجها، بعد أن سيطرت على عمق الشيخ مسكين».
وأضاف «ينصب تركيزها الآن على طريق ابطع، التي تبعد ثلاثة كيلومترات إلى الجنوب، وطريق نوى التي تبعد 12 كيلومترا إلى الغرب، حيث أنها خط إمداد رئيسي»، موضحا أن «التقدم داخل البلدة مكّننا من تغطية طرق الإمداد نارياً بشكل أفضل وبتركيز أعلى، لكن ليس بالشكل المطلوب، فنحن نسعى لقطع هذين الشريانين بشكل كامل. بحسب العلم العسكري، فانه وبمجرد قطع خطوط الدعم اللوجستي تكون نصف المعركة انتهت». ويحاول الجيش السوري عبر السيطرة على الشيخ مسكين إعادة تركيز قوس الحماية الأول والأهم في الجنوب، وهو ازرع ــ الشيخ مسكين ــ نوى، والذي يمتد بطول 21 كيلومتراً، ويشكل ركيزة لعدة خطوط دفاع عن دمشق، في حال أقيمت منطقة عازلة في الجنوب أو ما يشابهها من سيناريوهات لربط المنطقة بالأراضي الأردنية وجعلها نقطة انطلاق للمسلحين.
وستتمكن وحدات الجيش، بعد الإمساك بنقطة الوصل والاتصال الأولى في سهل حوران، من التحرك غرباً باتجاه نوى أو جنوباً باتجاه ابطع وداعل، وهو ما سيؤدي بالنهاية الى إمساكه بجبهة مهمة في عمق ريف درعا.
ويعتبر مراقبون، أن سيطرة الجيش السوري على الشيخ مسكين لا تشكل انتصاراً تكتيكياً ميدانياً، بل هي إنجاز استراتيجي سيساهم بتغيير المعطيات في الجنوب.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة